الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغذاميون الجدد... دونكيشوتات ما بعد -حكاية الحداثة-

مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)

2012 / 1 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"لكل فعل ردة فعل مساوية له في القوة مقابلة له في الاتجاه"، قبل بضع سنوات أصدر معظم المستفيقين من (الصحوة!!) مقالات وروايات تشي بمعسكرهم القديم، وكان هذا إيذانا بانتهاء مرحلة من تاريخ أدلوجة تفسخت وهي تحاول لملمة شعثها حتى تاريخ كتابة هذا المقال، ومن حق بعض عرابيها القدامى الذين عجزوا عن تجاوز تلك المرحلة أن يبقوا أوفياء لماضيهم الذي صدروه لأتباعهم حتى ولو وقعوا في ما يسمى بمأزق الذباب عندما يطرق برأسه في نفس المكان أكثر من مرة رغم امتلاكه الأجنحة، دون أن يحاول البحث عن مخرج جديد، والحقيقة أن أزمة الأدلوجة الصحوية كأي أدلوجة تتغيا المدى الأقصى في شموليتها أنها تتحول إلى قيد على الأتباع، ولهذا نجد كثيرا من أبناءها ممن فكوا قيد شيوخهم الذين لقنوهم مبادئ عدم السؤال من خلال: "لا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا"، وقد طرحوا أطروحات تقدميه تتجاوز بمراحل، كثيرا من أطروحات شيوخهم.
في المقابل بدأت الموجة الليبرالية كحراك يدعمه واقع الحال العالمي، وهو نفس لسان الواقع الذي كان يلهج بدعم الإسلاميين الذين صرخوا في تلك الأيام: يا لغارات كابل وقندهار، متجاهلين ما سفك الفدائيون من اليسار العربي دماؤهم من أجله في فلسطين، فهل كان اليسار العربي أكثر قدرة على تحديد أهدافه ـ مع ما فيه من عنت ـ ممن جاء بعده؟!، ليتغيا إسلاميو السبعينات وما بعدها طريق التحالف الغربي بعدما زايد على اليسار في تحالفه الشرقي؟!
عندما بدأ تسونامي الليبرالية يكتسح العالم العربي، كان ظاهرا للعيان أنها لغة الزمن القادم، وقد تسابق عليها الكل، فحتى من جعلها تهمة وسبة، بدأ ضمناً يتعلم في الخفاء إتقان التعامل مع حقيبتها التدريبية... انتخابات، ديمقراطية، حرية... الخ مع محاولة الإسلاميين أن يلبسوها ثوبهم ليعود السؤال القديم إلى الواجهة من جديد ولكن تحت مسمى آخر، والسؤال القديم كان: هل نجح الإسلاميون في أسلمة الحداثة؟ أم أن الواقع فرض نفسه ليكتشفوا بعد تخريجات "فقه الواقع" وقطرات العرق تسيل من الجباه بحثاً في "فقه المقاصد" أن الذي حصل بكل بساطة يفرضها الواقع أكثر من فقهه، هو "حدثنة الإسلام" والسؤال الجديد الآن ينص على تغيير بسيط هو: هل ما حصل هو "أسلمة للليبرالية" أم أن الواقع يؤكد في كل لحظة أن الذي حصل ليس إلا "لبرلة للإسلام".
طبعا تلك الأسئلة ليس لها أي قيمة عند من يتعامل مع الإسلام كدين، وليس كأيديولوجيا دينية تصنع كهنتها وحراس وهمها في الفضيلة، ولكن التحزب أو التعسكر أو التموضع ضرورة مرحلية تحقق "مكتسبات وجود" لكثير من الهامشيين لأي تيار، وقد تغري غير الهامشيين ليخوضوا مع الخائضين، متناسين أن التعسكر أو التحزب لا يفيد سوى أولئك الذين تنطبق عليهم مقولة: " الحزبية تجعل الصغار كباراََ، لكنها في المقابل تجعل الكبار صغاراََ!."
كانت الملاحاة ـ التي لم تحمل ولو للحظة ما يسمى عند العقلاء "شرف الخصومة " ـ تطعن في جانبين أخلاقي وأمني، لنرى أخلاق البرنوغرافيا لكلا التيارين تطعن في بعضها تحت ظنون لمخيمات مليئة بالمردان، ليخرج الآخر بشق الجيب ولطم الخد لانتهاك النساء أعراف الحرملك التي نشأ بها وعليها، ليبدأ الحس الأمني عند ذاك تحت عناوين "معسكرات التدريب" فيرد الآخر بخيال أمني أكثر خصوبة عن "زوار السفارات"، فتزدهر قضايا الهامشيين على حساب قضايا المتن لحقوق المواطنة التي لم تبدأ لمن هم في بيوتهم، فما بالنا بالمساجين شيعة وسنة يشكون تأخر المحاكمة لسنين، ومحاكمات تشكو قلة المحامين، وإغراض بعض الإعلاميين بعناوين مقتضبة عن تفاصيل المحاكمة تعطي العاقل ضربة على رأسه ليفيق من سكرة الدعوى بإعلام حر وموضوعي، فبقدر ما ننشغل بقضايا الهامش من النسق المضمر عند عبدالله الغذامي، فإننا نتناسى قضايا المتن من ألف باء الظاهر عند عبدالرحمن الكواكبي، فمتى نفيق لندرك المسافة ما بين حكاية المساكن في فكر الغذامي ومن وراءها طواحين الهواء الدونكيشوتية، وأزمة الاستبداد في فكر الكواكبي ومن وراءها صمت السجون المطبق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشقيران: الإخوان منبع العنف في العالم.. والتنظيم اخترع جماع


.. البابا فرانسيس يلقي التحية على قادة مجموعة السبع ودول أخرى خ




.. عضو مجلس الشعب الأعلى المحامي مختار نوح يروي تجربته في تنظيم


.. كل الزوايا - كيف نتعامل مع الأضحية وفكرة حقوق الحيوان؟.. الش




.. كل الزوايا - الشيخ بلال خضر عضو مركز الأزهر للفتوى يشرح بطري