الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل العربي الأسلامي ونظرية المؤامرة

عامر الأمير

2005 / 1 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من الاحداث المهمة التي حدثت في صدر الاسلام هي ماتسميه كتب التراث الاسلامي بالفتنة الكبرى التي اطاحت بحكم عثمان بن عفان والتي كانت في حقيقتها ثورة شعبية عارمة عمت الامصار الاسلامية احتجاجا على ظلم الولاة والامراء الذين سلطهم عثمان من ابناء جلدته و قرابته الامويين على رقاب العباد فعاثوا في الارض فسادا و ملؤوا البلاد جورا و ظلما... وعندما اراد مشايخ الأسلام السلطاني ان يجدوا مبررا لهذه ( الفتنة ) وجدناهم لايعيرون اهتماما للاسباب الحقيقية للثورة ضد عثمان فتفتقت عبقريتهم عن اختراع شخصية اسطورية جعلوا منها سبب البلاء الذي اصاب الامة !!! تلك الشخصية التي عرفت باسم ابن السوداء عبدالله بن سبا اليهودي الذي تنكر بالاسلام ليهدمه من الداخل ويؤلب المسلمين على الخليفة الراشد الذي كان يسير بالناس ( سيرة حسنة ملؤها العدل والمساواة !!!) ولا ادري كيف استطاع رجل دخيل على الاسلام ان يتنقل بسرعة البرق بين الأمصار الأسلامية ويؤلب الجماهير والغوغاء على ( الخليفة المظلوم !!) والامة الاسلامية في اوج عظمتها ؟؟؟ و بدلا من البحث عن اسباب تذمر الناس من سياسة عثمان جاء العقل العربي ( بنظرية المؤامرة ) لتبرير ما حدث بشكل بعيد عن المنطق والحقيقة ولأعفاء الخليفة وأزلامه من المسؤولية !!! فهو بنظرهم صحابي جليل له صفة القداسة ولاتجوز تخطأته !!! وبعد سقوط بغداد بيد المغول وجدنا مشايخ التبرير يعلقون الهزيمة التي اطاحت بالخلافة العباسية على مشجب الوزير الشيعي ( ابن العلقمي ) متناسين استهتار خليفة المسلمين و انغماسه في اللهو والرقص والخمر في الوقت الذي تهدد جيوش المغول البلاد والعباد دون ان يتخذ هذا الخليفة الماجن مايلزم لدفع الاذى عن الرعية التي دفعت الثمن من دمائها الكثير !!! ...والى اليوم لاتزال ( نظرية المؤامرة ) تعشعش في العقل العربي وتشله عن التفكير و البحث عن الاسباب الحقيقية التي تقف وراء هزيمته و انحطاطه و تخلفه الحضاري !! فدائما هناك ( مؤامرة صهيونية صليبية كافرة !!) تستهدف هذه الامة العظيمة وتعيقها من تبوأ مركز الصدارة بين الامم بانجازاتها العلمية والحضارية .. ألسنا الامة التي فضلها الله على باقي الامم ؟؟؟ ان العقل العربي الاسلامي يتناسى ان من اهم اسباب تخلفه الحضاري هو عدم أسهامه في تشكيل الحداثة أو الدخول فيها بتمسكه الشديد بالموروث العتيق واحتكاره الحقيقة والأيمان وتعصبه ونبذه الاخر واحتقاره لقيم الحرية و الديمقراطية و حقوق الانسان وامتهانه المراة وخوفه من نقد التراث الاسلامي نقدا علميا وابتعاده عن قيم التسامح والسلام التي تتيح للمجتمعات فرصة الأبداع وبناء الحضارة والرفاه والتقدم !! وبدلا من نقد التراث الأسلامي وتجاوزه فقد ( أسلم ) العقل العربي والاسلامي كل انجازات الحداثة و نسبها بشكل تعسفي للموروث الاسلامي دون الاخذ بنظر الأعتبار الجهد الذي بذلته الحضارة الأنسانية في أرتقائها سلم التطور وحجم التضحيات الكبيرة التي دفعتها لأحداث القطيعة التاريخية وتجاوز الظلامية التي سادت لقرون طويلة ... وبدلا من الأعتراف بهذه الأنجازات على أقل تقدير راح العقل العربي الأسلامي ينسب لنفسه بشكل كاريكاتوري كل قيم وانجازات الحداثة ويدعي انها كانت معروفة لديه منذ قرون و كل ما هو مطلوب هو فقط أعادة تسميتها بمصطلحات جديدة لتتلائم مع روح العصر!!! لأن تراثنا قد أنجز كل شيء وهو صالح لكل زمان ومكان !!! ولذا فقد أصبح لدينا المؤتمر الاسلامي والدستور الاسلامي و حقوق الانسان الاسلامية والثورات الاسلامية والقوانين الاسلامية والعلوم الاسلامية والاحزاب الاسلامية والبنوك الاسلامية والملابس الاسلامية وهلم جرا من مسميات ينفرد بها المسلمون دون غيرهم من البشر !!!في حين لم نسمع بين امم الارض عن مؤتمر مسيحي او بنك بوذي أو حقوق انسان هندوسية او ثورة كونفوشيوسية او دستور تاوي او علم يهودي او ملابس شرعية لديانة الشنتو !!! ثم يقولون بعد ذلك مؤامرة صهيونية صليبية تستهدف الأسلام والمسلمين متناسين ان المسلمين أنفسهم قد سببوا أو تسببوا في الكثير من الانتهاكات والتجاوزات والمجازر بحق غيرهم وما ( غزوة منهاتن كما يحلو للأرهابيين تسميتها ) عنا ببعيد ... ولاعجب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم


.. 116-Al-Baqarah




.. 112-Al-Baqarah


.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ




.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا