الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستقلال بين الحلم والواقع

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2012 / 1 / 24
القضية الكردية


إن التاريخ لا تستطيع ان تنكر الحقائق التي تمتلكها الاكراد في سبيل بناء الدولة وحق تقرير المصير، فالتاريخ والثقافة واللغة والارض ما هو الا الاسس التي تبني على اساسها الدول وتنال على ضوءها الحقوق والاستقلال السياسي فالشعوب التي نالت حقوقهم وحصلوا على دول مستقلة قد لا يمتلكون مقومات الدولة الحديثة مثلما هو متوفر لدى الكورد.
ان الدولة لم تفقد أهميتها رغم التطورات السياسية والتوجه نحو العولمة والوحدات الاقليمية والاتحادات القارية، فمنذ معاهدة وستفاليا وبناء الدولة القومية تحتل الدولة المحور الاساسي في العلاقات الدولية وكذلك السياسة الدولية، بل وارتبطت تواجد الشعوب وحضارتهم بمدى قوة الكيان السياسي في حفظ تاريخ وثقافة تلك الشعوب في ظل الفوضى الدولية و الصراع من اجل القوة ضمن اطار المدرسة الواقعية. ومن هنا ياتي الدور والأهمية التي تُشكلة الكيان السياسي بالنسبة للشعوب على مختلف الاصعدة.
هنا وفي الذكرى السنوية لجمهورية مهاباد لابد من الوقوف عند مسالة إعلان دولة كوردية في ظل المعطيات والتطورات السياسية التي تجتاح المنطقة برمتها، وفي ظل ربيع الشعوب العربية وربيع تحطيم حصون الاستبداد والدكتاتورية، هنا لابد من السؤال حول واقعية الحديث عن الدولة الكوردية في القرن الحادي والعشرون، وهل مسالة حصول الكورد على كيان مستقل حقيقة تفرضها التطورات والوقائع السياسية الراهنة إم انها مجرد شعارات ترفعها السلطة الكوردية لمواجهة الازمات المتجددة التي يتعرض لها التجربة الكوردي في اقليم كوردستان العراق، ومن اجل ربط المستجدات بالواقعية السياسية في الداخل وكذلك العامل الدولي ومدى استعداد القوى الاقليمية والقوى العالمية المؤثرة لدعم كيان سياسي جديد في الشرق الاوسط لابد لنا من التعمق في هذه المسألة لمعرفة الصورة من كافة الجوانب.
اولا : المستجدات السياسية
ان الربيع العربي قد افرزت حالة من الذعر لدى صناع القرار في الشرق والغرب، وافرزت حالة من الفوضى في الموازين الاستراتيجية خاصة لدى القوى المتصارعة والمتنافسة على المصالح الحيوية في هذة المنطقة، فالمنطقة كانت في حالة من التسابق بين القوى الاقليمية والعالمية من اجل صناعة التاثير في تلك البقعة، فعلى سبيل المثال كانت انقرة والقاهرة في تسابق لنيل دور الريادة في المنطقة العربية، وكانت كل من الرياض وطهران في حالة من الحرب الباردة لصد نفوذ بعضهما البعض في الشام والخليج العربي. اما القوى العظمى فالتنافس بينهم في هذة المنطقة شي كلاسيكي من اجل صناعة التاثير وتمرير سياستهم الدولية، إلا ان الربيع العربي قد اسقطت مشاريع وحققت نتائج مشاريع اخرى بصورة دارماتيكية فعلى سبيل المثال خرجت مصر من اللعبة الاقليمية لفترة غير معينة تعتمد على الحالة السياسية لما بعد الثورة، وبدات إيران تفقد أوراقها تدريجيا وحققت انقرة نجاحات دبلوماسية في فترة الثورات واخفقت في تبني سياسة متوازنة للفترة التي تلي الثورات، كل هذه المستجدات تؤثر على الحالة الكوردية كونها حالة تتأثر بما يحصل في محيطها خاصة وان الورقة الكوردية تقع ضمن الاوراق التي تلعب بها قوى اقليمية ودولية في سبيل نيل المصالح الاستراتيجية لتلك الدول. هنا يمكننا القول ان المستجدات الدولية لا تعطي اي ضمانات للكورد في التقدم نحو خطوة الاستقلال الكامل والانفصال عن العراق، حيث يتطلب الامر مساندة دولية ومصالح اقليمية في تلك المسالة ومتى ما تحول اقليم كوردستان الى عنصر التأثير عندها يمكننا القول بان هناك امل في الاعلان عن دولة كوردية.
ثانيا: العامل الدولي والمحلي
إن اعلان الدول يتطلب توفير عاملين في الوقت الراهن احدهما مرتبط بالبعد المحلي للكيان الذي تتجه نحو اعلان الدولة من حيث المقومات الادارية والبنية التحتية التي تطلبه الدول الحديثة في القرن الحالي، فالتطور التكنولوجي والسرعة في المعلومة تفرض على الحكومات العصرية التفاعل مع المُستجدات والمعطيات وكذلك المتطلبات المتغيرة للمواطنيين، إننا في إقليم كوردستان نعاني من مشاكل في البعد الاداري وكذلك السياسي وكل هذه الامور تحتاج الى عملية إصلاح حقيقية قبل التوجه نحو اعلان الدولة، وهذه عملية صعبة ولكنها ليست مستحلية اذا ما تعاملت القادة الكورد بعقلية مرنه معها.
أما في البعد الدولي فان الدول التي اعلنت عنها خلال السنوات الماضية كانت كل من كوسوفو وجنوب السودان وكلا النموذجيين قامت على اساس دعم دولي من قبل الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية، لذا تتطلب الحالة الكوردية دعما دوليا من قبل القوى العظمى لكي تكون التوجه واقعيا لانه من الصعب التفكير في دولة كوردية في ظل التخوف التركي والايران لان الدولتين يرون في الاقليم نقطة تهديد، لذا تكون اعلان الدولة الكوردية في الوقت الراهن صعب من الناحية العملية، إلا ان هناك امل في المدى البعيد في الحصول على الدعم الدولي وهذا الامل مرتبط بالنفط والاستثمار الاجنبي في الاقليم خاصة اذا ما تحول الاقليم الى رقم في السوق العالمي عندها نكون امام واقع جديد قد تفرز دولة كوردية في القرن الحالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات واعتقالات في الولايات المتحدة الأمريكية.. حراك جامعي


.. الأمم المتحدة: هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء ال




.. طلاب معهد الدراسات السياسية المرموق في باريس يتظاهرون دعمًا


.. الأمم المتحدة: الهجوم على الفاشر بالسودان سيكون له عواقب وخي




.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس