الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نعيش ما تبقى من وقت للعالم

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2012 / 1 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


فالعالم اذا دام لسنة أخرى قد لا يدوم للسنة التي تليها، ويبدو أن نهايته حتمية، وأعني بالعالم كوكب الأرض أو أمنا الأرض، التي مهما دفعها شغفها بالحياة وبإنجازات الإنسان بالذات إلى أن تعمر أكثر، فهي لا يمكن أن تدوم إذا ما انطفأت الشمس وذلك على أقصى تقدير... ومهما بدا ذلك بعيدا، فإدراكه محتوم.. وحتى لو كانت أمنا الأرض تمارس نفس الحيلة التي يمارسها الإنسان على نفسه حين يتناسى أن مقامه على هذا الكوكب مؤقت، فلا بد أنها كالإنسان ستصل مع الوقت إلى حيث لا تعود تلك الحيلة مجدية.

ولعل الإنسان سيرحل عن الأرض دون أن يتخلص من اغترابه عن تاريخه وحقيقته الموضوعية التي يلفها الغموض، ولن يكون هناك وقت للجميع ليرفعوا قبعاتهم لكل من كان لا-أدريا لا-حكميا يعتقد أن الوقت وكافة أدوات المعرفة المتاحة لن يسمحا له بإدراك الحقيقة الموضوعية الكاملة... لذا تبقى كل البنى الفكرية الفوقية التي تتعالى على الواقع المباشر للإنسان تكلفا لا يعول عليه حين تتكاثف كل اللحظات في لحظة نهاية لا تحمل بؤس اغترابها المعرفي قدر ما تحمل بؤس ما فاتها وما فرطت فيه في جنب حياة لم تعشها كما ينبغي،،، وما ينبغي لا تحدده أي مرجعية سوى مرجعية الواقع المباشر،، وإلى أي مدى يمكن للإنسان أن "يستنفد حدود الممكن" ... إذا ما هو تصالح مع اغترابه عن تاريخ وجوده وحقيقته فلم يعد مصرا على الاطمئنان إلى الخلود ولم يعد "يطمح إلى الحياة الخالدة" أو كما قال بندار الإغريقي في أناشيد أبوللو..

ولكن ... عند لحظة النهاية حين تكون أمنا الأرض قد "أخذت زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها" وامتلأت بأسباب الرفاهية والتقدم التكنولوجي إلى حد قد يبهر السماء نفسها .. قد ينظر الإنسان إلى الأرض التي أصبحت كالعجينة لسهولة التعامل معها بعد امتلائها بأسباب السيطرة المادية مثل الطيران والحاسبات المتقدمة والجوجل إيرث والجي بي اس والسكايب والتقنيات المتقدمة والسريعة في البناء والصحة والعلاج والتجميل وكل ما يخطر في البال... ويقول: ها قد عوضنا (كمجموع الجنس البشري) اغترابنا عن تاريخ وجودنا الموضوعي بذلك السلطان الكبير على أسباب الحياة المادية، وزاد الإنتاج البشري إلى حد يمكننا فيه لو انتظرنا قليلا أن ندخل عالم المشاع الجميل الذي لن ينغص عليه مالثوس ولا مؤولوه الأكثر تطرفا وشحا ممن يرون أن العدد المثالي للبشر على الأرض هو نصف مليار يتكاثرون بطريقة مقننة تضمن عدم زيادتهم عن ذلك العدد.. وبحيث يتركزون في المناطق الأقل عرضة للكوارث الطبيعية ، والأغنى بالموارد... ما يتطلب للأسف ألما كبيرا لمرة واحدة يتضمن نسف الستة والمليار والنصف الأقل حظا والأقل نبوغا .. لتحقيق تلك المصالحة مع أمنا الأرض،، عن طريق حرب كونية تحل مشكلة التكاثر الذي سبق تطور أدوات الحياة المادية .. عن طريق العلاج بالكي الشديد...

قد ينظر الإنسان إلى الأرض الزخرفة ويقول: فعلا لم نعد في حاجة إلى شيء من ذلك ... فالخير كثير وما له من نفاد ... ولو أن أمنا الأرض تتطلف بنا... أو لو أن هناك من يهيمن على الأرض ويتطلف بها وبنا ... فيفعل ... لعلنا ندرك تلك السعادة....

وقد تتعزز فكرته تلك بنظرة يلقيها إلى سائر الكائنات التي خلال وجودها على ظهر أمنا الأرض لملايين السنين لم تغير في الأرض شيئا،، ولم تطور أدوات حياتها المادية أبدا... فلم تتغير حياة قط عاش قبل مليون سنة عن حياة قط معاصر إلا بقدر ما تغيرت حياة الإنسان الذي قد يؤثر في حياة ذلك القط،، فما بالنا بحياة حيوان يعيش في غابة بتول .... وبعد تلك النظرة قد ينبهر بذلك الإنجاز الجماعي للجنس البشري...

ولكن إلى أي حد استطعنا أن نحقق فكرة بندار ... استنفاد حدود الممكن ...

إن ما هو جماعي .. هو حيلة أخرى لعبناها معا.. على كل واحد منا ... أي أن "جميعنا" احتال على "واحدنا".... فبنينا عالما مزخرفا "لجميعنا" قد لا يوفر "لواحدنا" فرصة استنفاد حدود الممكن ....

قمنا بتقنين العالم ... وتقسيمه وتحديده بدول وحدود وجوازات سفر وقواعد بيانات لا تكاد تغفل شيئا ... ونقود ... وباركودات .. وبصمات ... وسجلات ... سيطر بها "جميعنا" على "واحدنا" عن طريق الأدوات المادية .... قمنا بتقنين أنظمة تعليم تجعل الإنسان أسير مقاعد الدراسة لحوالي 25 سنة من عمره.. في حين أنها يمكن أن تختصر بنفس الكفاءة إلى 15 سنة يباشر الواحد بعدها الزواج أو الارتباط أو أيا كان الاسم لما قنناه بوثائق وعقود خلقت حدودا بين المباح والحرام،، وخلقت الكبت وخلقت التلوث والإفراط والخيانة وغيرها من الأمراض... لقد اغتربنا عن الطبيعة وقمنا بخداع أجسادنا بالأضواء التي منحتنا حرية الإفلات من شروط أمنا الارض بالمبيت عند العشاء والاستيقاظ عند الفجر... اغتربنا عن امنا الارض فأدرات لنا وجهها وأسرارها ... وربما منذ وقت بندار الذي يئس من الحياة الخالدة... فيئسنا من الحياة الخالدة معه ... ولم ننجح في استنفاد حدود الممكن ... بل خنقنا كل الممكنات بواقعنا المادي المتطور ....

كيف نعيش ما تبقى لنا على هذه الكوكب الذي قد نغادره في نفس حالة الاغتراب المعرفي ... أو كما قال احمد رامي مترجما عمر الخيام "وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرك لماذا جئت أين المفر"... فكل انجازنا الجماعي لا يفيد واحدنا حين يموت مجردا من كل تلك الزخارف... ويتساوى مع القط الذي أدرك أنه "قد تساوى في الثرى راحل غدا وماض من ألوف السنين".... وهو ليس إنجازا ننتظر من أمنا الأرض أو من أبينا الذي في السماء أن يجازينا عليه ... وإعمار الأرض على ما فيه من جهد .. هو مشروع قد يهدم أركانه نيزك أصم لا يدرك نفسه....

في نظري.... ما نحتاجه في ما تبقى لنا من وقت ... هو أن يمارس "واحدنا" حيلة على "جميعنا" يتحرر بها من تلك الأغلال التي فرضها "جميعنا" على كل واحد فينا ... وأن يتأمل داخل ذاته كثيرا ... ويبدع في صنع عالمه الخاص الحر ... حتى لو كان مضطرا لإخفاء كل ذلك داخل تلك القضبان التي حبس فيها "جميعنا" "واحدَنا"

ومعلش احنا بنتكلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قريبا
jamal alsalim ( 2012 / 1 / 26 - 17:14 )
قريبا ستصح نظرية مالتوس والرقم سيتوقف عند عشر مليارات انسان بالكثير

اخر الافلام

.. ضغوط على حركة حماس للقبول بمقترح التهدئة | #الظهيرة


.. خليل العناني: أصبح لدى حماس شك بجدية أمريكا بشأن اتفاق وقف ا




.. القسام تفجر حقل ألغام بقوات الاحتلال وسرايا القدس تقصف غلاف


.. بريطانيون بدعم بريطانيا للجيش الا?سراي?يلي في مانشستر




.. الجيش الروسي يدمر زورقا أوكرانيا مسيرا بسلاح رشاش من طائرة م