الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-ثالثا

حمزة الجواهري

2012 / 1 / 28
دراسات وابحاث قانونية


حوارات حضارية حول قوانين النفط والغاز-ثالثا
خلاصة الحوارات
عود على بدء، أي من حيث الحديث عن النظام الفدرالي الذي بدأناه في الحلقة الأولى
تقسيم العمل في الدولة الفدرالية:
• إن فلسفة الدولة الفدرالية تقوم على أساس أن الفدراليات والحكومة المركزية تتقاسم الصلاحيات والمسؤوليات بشكل منسجم
• لكن دائما هناك إشكالية وهي أن حكومة الإقليم والحكومة الإتحادية كلاهما ذات طبيعة تنفيذية،
• وكذلك الأمر بالنسبة للتشريع، أي البرلمان
• لذا ينبغي تقاسم الأدوار بين سلطات المركز وسلطات الإقليم بشكل منسجم، بحيث تتناغم السلطات بعملها ولا تتعارض، سواء كانت تشريعية أو تنفيذية
توزيع الإختصاصات:
أولا-اختصاصات الحكومة الإتحادية كما ورد في الدستور:
• له حق رسم السياسات
• وضمان السيادة الوطنية
• وحق التصرف بالملكية العامة للثروة
• وتوزيع الثروة بشكل عادل بين الأقاليم والمحافظات
• والتخطيط
• وإصدار التعليمات والضوابط التي تتعلق بالإدارة العليا للبلد
• ويتولى أيضا الإدارة المالية وما يتعلق بها من عمليات
• وله حق المتابعة والإشراف والرقابة على الجوانب العملياتية سواء للصناعة الاستخراجية التي تنفذها الأقاليم والمحافظات أو أي جانب آخر.
ثانيا- اختصاصات الإقاليم والمحافظات:
فإنها أيضا ذات طابع تنفيذي ولكن عملياتي من حيث الأساس، وتشريعي بما لا يتعارض مع الدستور الإتحادي والقوانين الإتحادية النافذة، أما إذا خلا الدستور الإتحادي من مادة أو مواد تنظم هذه الجوانب العملياتية، فلها الحق بوضع تشريع ينظم ذلك الجانب.
تطبيق الفكرة على الصناعة الاستخراجية للنفط والغاز، فالجوانب العملياتية للصناعة الاستخراجية تتظمن الآتي:
هذه الاختصاصات للإقليم-المحافظة
o تنفيذ سياسة الدولة الاتحادية بما يتعلق الأمر بالشؤون النفطية
o ونتفيذ البرامج المتعلقة بالاستكشاف
o وتنفيذ سياسة التطوير وبرامجه الإتحادية
o وتنفيذ سياسة الإنتاج الإتحادية بإدارة العمليات والقيام بالعمليات ذاتها على أرض الواقع
وهذا يتطلب توفير الآتي:
 إدارة العمليات
 وتوفير أدوات التنفيذ على أرض الواقع من
o طاقات بشرية
o وشركات تقوم بالتنفيذ،
o والتعاقد وفق عقود معيارية يقوم المركز بضياغتها واعتمادها
o وتقديم خدمات،
o وتوفير بنى تحتية ضرورية،
ملاحظة - يبقى للإقليم والمحافظات حق المشاركة برسم السياسات الإتحادية، مثلما يبقى للمركز حق المتابعة والتدقيق والإشراف على الجوانب العملياتية.
فض الخلافات بتفسير المواد الدستورية:
إن أي شراكة بين طرفين أو أكثر لا يمكن أن تستمر ما لم يتم توزيع الأدوار التنفيذية بين الأطراف بوضوح، خصوصا وإن الطرفين لهم حق التنفيذ ولهم حق التشريع أيضا، بغير هذا التقسيم، سينشب الخلاف بين الأطراف بأسرع مما يتصوره المرء من وقت، وستنتهي الشراكة بخسارة للجميع بلا استثناء.
من هنا تأتي الضرورة لتحليل مفردات الصناعة الاستخراجية
وعند ربط الجانبين، القراءة الدستورية والقراءة التحليلية للصناعة الاستخراجية نستطيع بوضوح تام ملاحظة التالي: أن هناك
• اختصاصات حصرية للمركز: الجوانب المالية والسياسات للاستكشاف، وإعادة التطوير، وتطوير الحقول الخضراء، والإنتاج، والتسويق فإنها كانت وستبقى حصرا من اختصاصات المركز وهو ما ورد ذكره في المواد110أولا ورابعا، والمادة80.
• اختصاصات مشتركة: المادتين111و112 تقع ضمن الاختصاصات غير الحصرية للحكومة الاتحادية، أي أنها اختصاصات مشتركة ولكن بقيادة اتحادية، وإلا لوقعت ضمن الاختصاصات غير الحصرية الإقليم أو المحافظات
• أختصاصات إقليم-محافظة: هاتين لمادتين111و112 تعطيان الحق للإقليم-المحافظة بالتمسك بالجوانب العملياتية الصرف، وليس السياسات العليا للبلد، من الجوانب ذاتها، أي الإسكتشاف والتطوير والإنتاج، وهي جوانب تحقق كل ما تم التخطيط له وفق سياسة معينة
أما المادة115، فإنها لا تتعلق بالنفط، لأن كل ما يتعلق بهذا الشأن قد نص عليه الدستور صراحة أو ضمنا، وليس هناك ما يدعوا إلى أخذ اختصاصات من قبل الإقليم أو المحافظات تتعلق بالنفط والغاز على هذا الأساس.
ملاحظة مهمة، مشاركة الإقليم والمحافظة باىختصاصات المشتركة إلزامية، وأي تهميش يعني خروجا على الدستور.
لنقترب أكثر من التفاصيل، ولنأخذ الاستكشاف كمثال
الاستكشاف له عدة جوانب وهي:
• رسم السياسات، وصياغة الأنظمة المتعلقة به، وكتابة التعليمات، ووضع العقود المعيارية للاستكشاف، ووضع استراتيجية للاستكشاف وسياسات كثيرة تتعلق بالموضوع،
كل هذه الجوانب تعتبر من اختصاص الحكومة الإتحادية، لكن بمشاركة فعالة من قبل الإقليم والمحافظات.
• إما إدارة عمليات الاستكشاف، وتنفيذ العمليات الاستكشافية على أرض الواقع من مسوحات جيولوجية وجيوفيزيائية وحفر آبار استكشافية، وأخيرا الخروج بتحليلات ونتائج من تلك العمليات،
كلها مهمات تنفيذية تناط بالإقليم أو المحافظة لكن يبقى للمركز حق المتابعة والإشراف والمحاسبة.
الإنتاج نموذجا آخر لتقسيم العمل ولكن بشكل تفصيلي أكثر:
لكي نوضح ما تقدم بشكل أفضل، لنأخذ ""الإنتاج""، كأحد مفردات هذه الصناعة الواسعة، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر، حيث أن الغرض هنا هو توضيح الفكرة.
عندما نقول الإنتاج، فإن ذلك يعني الكثير، وحين ندخل للتفاصيل، نجد في الجانب العملياتي منه والذي يعتبر من اختصاص الإقليم-المحافظة الوظائف التالية:
• إن إنتاج النفط من الحقول يعني أن هناك إدارة للإنتاج من قبل المالك أو من يخوله، وفي هذه الحالة هو الإقليم-المحافظة، لكي يقوم بهذه المهمة، تكون هذه الحقول من حيث الأساس، مملوكة من قبل الدولة المركزية، وللإقليم بها نصيب، أو شراكة، فالحكومة المركزية تمثل كل الشعب وبالتالي هي المسؤول الأول عن هذه الملكية العامة، أما الإقليم-المحافظة فإنها تعتبر شريك بهذه الملكية العامة لأنها تمثل أبناء الإقليم-المحافظة ولها حق بالاحتفاض بالجانب العملياتي
• هناك شركات خدمية منتجة تقوم بتشغيل الحقول، قد تكون مملوكة من قبل الحكومة الإتحادية أو الإقليم-المحافظة وأخرى مملوكة للقطاع الخاص الوطني أو المشترك مع المستثمر الأجنبي، أي ان هذه الشركات يمكن أن تقوم بتشغيل الحقل أو الحقول وفق عقد خدمي ولفترة محدودة، قد تصل بمداها إلى ربع قرن أو بضعة سنوات، يقدم العقد ويديره الإقليم-المحافظة، وهذه تجري وفق سياسة تضعها الجهة المختصة، والتي هي المركز تحديدا
• هناك شركات خدمية أخرى مساندة لعمليات الإنتاج، قد تكون مملوكة من قبل المركز كقطاع عام مركزي، أو مملوكة من قبل الإقليم، وبهذا فهي قطاع عام إقليمي، أو شركة مختلطة من العام بشكليه مع شركة أو شركات عالمية أو مع القطاع الخاص الوطني، سواء كان هذه القطاع عام للبلد أو الإقليم.
• أيدي عاملة محلية بالنسبة لتلك الجهة، أو من أقاليم-محافظات أخرى أو حتى أجانب.
• بيئة يستوجب حمايتها ومجتمع وعاملين يجب ضمان صحتهم وسلامتهم.
• هناك أيضا شركات ووكالات تجهيز وتوريد للحقول وتقوم بمهمة نقل التكنولوجيا الحديثة للحقول كلها تدار من قبل الإقليم-المحافظة.
• امتلاك قطاع استشاري واسع يقدم خدماته للعمليات في هذه الحقول سواء كان أجنبي أو محلي، كلها تدار من قبل الإقليم-المحافظة، وهناك الكثير الذي يصعب حصره هنا.
وما تبقى من ""الإنتاج"" كمفردة من مفردات الصناعة الاستخراجية يكون للمركز، أو بالأحرى بقيادة المركز مع ضمان إشراك الإقليم-المحافظة، هذه الجوانب هي:
• رسم السياسات للإنتاج التي تعني تلك السياسات التي تتعلق بوضع سقوف الإنتاج وفق المعاهدات الدولية.
• ودراسات حاجة السوق العالمية للنفط والغاز التي على ضوئها يتم تحديد الطاقات الإنتاجية الفائضة عن الطاقات التشغيلية العادية من استيعاب تقلبات الإنتاج لأسباب فنية أو تقلبات السوق النفطية العالمية والمحلية.
• وسياسات تتعلق بتوزيع التطوير على المناطق المحرومة والأقل حرمانا من العراق.
• سياسات التوسع بالإنتاج، وهي سياسات مبنية على أسس اقتصادية ودراسات مستفيضة لتحقيق أعلى مردود مالي للعراق من هذه الثروة، وليس أعلى مردود مالي للإقليم أو المحافظة.
• وضع سياسات لمنح العقود الخدمية، ووضع عقود معيارية للتعاقد مع الشركات التي تقدم خدمات الإنتاج، أو التطوير والإنتاج معا، وحتى تلك التي تشمل الاستكشاف أيضا.
• وضع سياسات وضوابط مركزية لاعتماد وقبول الشركات التي تعمل في قطاع الإنتاج.
• وضع سياسات تتعلق بالتفاوض مع الشركات وضوابط يجب الإلتزام بها من قبل أي مفاوض مع الشركات الخدمية.
• تشكيل شركات مملوكة من قبل الحكومة الإتحادية، ربما بشراكة مع الإقليم-المحافظة، تعمل في هذا القطاع وفق السياسات التي تتعلق بهذا الموضوع.
• وضع سياسات للمتابعة والإشراف والتدقيق على أداء الإقليم-المحافظة بتنفيذ العمليات الإنتاجية.
• وضع ضوابط لمستوى مشاركة المركز بإدارة العمليات الإنتاجية، وذلك لكي لا يتجاوز المركز على اختصاصات الإقليم.
• سياسات تتعلق بالكلف للإنتاج، أو التطوير وحتى الاستكشاف، على أساس التوسع الأمثل وليس التوسع بلا ضوابط، كما هو وارد في المسودات التي امامنا
• هناك السياسات التي تتعلق بزج وتطوير الأيدي العاملة العراقية في العمليات الإنتاجية.
• سياسات تتعلق بتطوير ودعم شركات القطاع الخاص التخصصي الذي يقدم خدمات للصناعة الاستخراجية.
• سياسات تهدف التخطيط للوصول إلى إنتاج وتطوير وطني بأقرب وقت ممكن، لكي لا نبقى معتمدين على الشركات الخدمية الأجنبية كما هو الحال في العقود التي منحتها الحكومة المركزية أو التي منحها الإقليم، وهذه المهمة يجب أن تكون أحد أهم أهداف التطوير والإنتاج في الوقت الحالي.
• سياسات اتحادية لحماية البيئة على مستوى البلد.
• سياسات تتعلق بأشكال التطوير بالنسبة للبد، لأن لكل بلد أو منطقة، سياسة مثلى لتطوير الحقول النفطية أو الغازية، وهناك خصوصيات في الحقول العراقية تختلف عن غيرها في العالم أجمع، يجب أن تؤخذ بنظر الإعتبار عند وضع السياسات الإتحادية.
• سياسات أخرى تتعلق بالتجهيز والصيانة والتصنيع الوطني الذي يجب أن يقدم منتجاته للصناعة الاستخراجية وفق أرقى المقاييس الهندسية العالمية.
• هناك الجوانب المالية، فإن الحكومة الإتحادية هي المسؤولة عنها حصرا، وهذا ما أقره الدستور صراحة، حيث للإنتاج وكلف الإنتاج علاقة مباشرة بالإيرادات المالية، فالإنتاج الوطني يكون أكثر مردودا ماليا فيما لو تم كل شيء وفق المعايير الدولية ووضع السياسات الإتحادية موضع التطبيق عند إنتاج الحقول.
• وأخيرا جمع النفط المنتج وبيعه وفق سياسة مركزية يشارك بصياغتها الإقليم-المحافظة.
كل ما تقدم من سياسات تاتي على شكل قوانين وأنظمة عمل، وتعلميات ملزمة، وإشراف، ومتابعة، ومحاسبة، كلها يجب أن تكون من صلب اختصاص الحكومة الإتحادية لكن بإشراك الأقاليم والمحافظات، وشكل المشاركة واضح جدا.
من هنا نفهم أن الإنتاج كمفردة، وبعد تحليلها من الناحية الفنية، وهكذا باقي المفردات لهذه الصناعة، تنهي كل جدل فقهي، وتضع الأمور بنصابها الصحيح، ولم يبقى هناك ضبابية بفقرات الدستور التي تتعلق بالصناعة النفطية كما يدعي البعض، فإن الفقيه العراقي، الذي تعامل مع قانون النفط والغاز، كان قد وقع فريسة غياب هذا النوع من التحليل، فحجب صلاحيات، وأعطى صلاحيات أكثر أو أقل مما يجب،
لكن عند محاكمة فقرات المسودات الثلاثة، التي تعتبر اليوم مرجعية لنا، وفق هذا الفهم الذي ينبغي أن يكون مشتركا بين الأطراف، نستطيع تعديل الفقرات وإثرائها لتكون أكثر وضوحا، وهكذا نستطيع تجاوز هذه المعضلة.

في الحلقة القادمة سنناقش جوانب أخرى للموضوع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط