الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لاتلغى مآذن الجوامع 2

احمد مصارع

2005 / 1 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا لا تلغى مآذن الجوامع ؟(2 )
تفعيل الواقع الإسلامي وعن طريق تحرير مفاهيمه من ربقة تعويدات متتالية ,تعيد إنتاج نفسها , بدون حيوية وبدون قوة معنوية أو فكرية , تم استلابها وتغريبها بشكل أفقده عبر الزمن قاعدته الشعبية العريضة , ووضعه في هيئة استعلائية ,خاوية على عروشها , ولم تساهم في تدعيم الإنسان بوصفه كائنا بشريا وعلى درجة إنسانية عالية , يحمل بين ضلوعه روحا غيرية عالية , ورسالة سماحة وسلام ويسر .
يبدو لي أن امتزاج السلطة الحكومية والإدارية مع الجوامع ذات النشأة العفوية وساهم الى كبير في إلحاقها غير المبرر لمقومات ( تنظيم حديث ) ألغى خميرته وبستره , ففقد بذلك إشعاعه الرباني , وقلص من فاعليته المبادرة وأحالته الى مؤسسة تعمل وفق اللوائح والأنظمة , وهو امتزاج لا يوافق شعبية المكان , وكما هو معلوم , فمعظم المسلمين يدركون مصير كل مؤسسة نظامية تأخذ شكلا رسميا , فهي تفقد عبر الزمن الروح ووتتصنم ,وهذه الظاهرة المرضية رافقت وجود معظم البلدان التي تدولت بطريقة صارمة , وغير مقنعة .
إن عملية تناقص المساحات الروحية شيئا فشيئا ,وهي عملية صاحبت كذلك عملية فقدان عشوائي للمساحات الخضراء , وترسخت مظاهر ممسوخة لا تساعد الأمة على التكوين الصحيح , وأنقصت كثيرا من قدرتها على الاتصال الجمعي , وهو نوع من الحراك الطبيعي يساعد الأمة على الشد والتلاحم .
لقد عملت السلطات الإدارية والحكومية على عولمة دور الجوامع ,وذلك حتى قبل أن تحل ساعات العولمة , وهو عمل يشبه الى حد بعيد صورة العجوز الذي يتخلى عن باكورته , وفي وقت الحاجة الفعلية لها , ومن هنا تنبع ضرورة عدم تجاوز الوضع القديم والتقليدي وخاصة ذلك الرباط الذي يمكنه له أن يشد من أزر المجتمع الإسلامي , ويقاوم الفرز الحديث والصارم لما يسمى تعسفا ( بقايا بشر ), ثم يجري تصويره (موضوعيا ) على أنه حالة طبيعية , فلا طبيعية أبدا , في قوافل بشرية تمضي مخلفة وراءها أشباه بشر لاحول لهم ولا قوة , وليس الفقر الروحي غاية لأي جماعة إنسانية .
لقد سمعنا حكما يرددها البعض , وهي أشد عنفا من فلاسفة القوة لمجرد القوة ومنها على سبيل المثال :
إذا رأيت الأعمى واقعا في دربه فدسه , فلست أرحم من ربه ...؟!
هل يليق ببشرية أحد أن يسمح , أو يدعونا جهرا لنكون أصحاب قلوب مغلفنة , ؟
أليس هذا حراما من طراز جديد ؟
أنا لا أصلي , ولكن ذلك لايعني بأنني فقدت كل صلة بالله , وبالأصل فالصلة مع الله ليس قرارا شخصيا , أو إراديا , لأنه نوع من الحركات اللاإرادية , فإذا استطعت التحكم بنبضات قلبي بشكل مؤقت , فلا يعني ذلك أنني سأعيش بمشغل آلي , وما لا أريده ومالا أفهمه ,مالم أتعود عليه , فليس معاديا لي ,وقد ينجلي الموقف عن ماذا ؟ : عن لا موقف .!
جمعتنا الصدفة , في الطريق الى ( عاصمة عربية ) , وكان رفيقي ملتزما بشكل شفاف في أداء شعائره الدينية , ودون ضجيج , ودون روح جدالية متعالية , وفي تلك العاصمة الخلبية , التي وصلناها في منتصف الليل .
هلكنا من التعب ونحن نبحث عن مكان يأوينا حتى الصباح , من أتفه نزل أو فندق والى النجوم الخمس .
مالعمل ؟
هيا الى المسجد ..!
لن أذهب يا صديقي الى بيت الله لاجئا , في حين لا أزوره مقيما .
دعك من هذا , اتبعني فقط , فالمسجد ليس ملكية خاصة .
كان المسجد الكبير , والكبير جدا , جدا , مغلقا , وهذا وافقني لأن من لا يصلي لا يستغرب حين يلقاه مغلقا , وتساءلت بانتظار بدء دوامه ألفجري , ألا يوجد من بين كل هذه الكتلة البنيانية الضخمة ملحق يخفينا , بحيث لا نبدو كا لمتسكعين على بواباته .
ساعات من برودة الليل والإرهاق والشعور بانعدام الهوية , وبدأ الدوام , ولم أكن أعلم أنه محدود بوقت الصلاة , دقائق قليلة , قبل وبعد الصلاة , وفي ركن دافيء منه غفونا لثوان , فماذا حدث ؟
حدث مالا يحتمله قلب وروح , كان القائم على بيت الله , يرفسنا بقدمه انهض هذا بيت الله , لم أنبس ببنت شفة , لأنني ببساطة لست من رواد المساجد , بينما ارتجف رفيقي غضبا , وأجابه بصوت خفيض :
هذا بيت الله , وأنا عبد الله , ولولا حرمة هذا المكان , لعلمتك كيف تحترم حدود الله ياعبد ال.....؟
ورحنا نجرجر أذيال الخيبة الكبرى , وكان صديقي يشعر بالخذلان , وكان قد حدثني عن سماحة الاسلام , مما يضيق عن ذكره المقام , وفي الحديقة , راح يحرسني لكي أخطف لحظات غفو , تعويضا لي عن مفهوم شائع ولكنه خاطيء !!
احمد مصارع
الرقه -2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل