الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشعر أحيانا بالحزن

أحمد عفيفى

2012 / 2 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سبعة وثلاثون عاما كانت جديرة برب، فلماذا لم يكن هناك رب، سبعة وثلاثون عاما كانت جديرة برب حقيقى وجيد، فلماذا لا يوجد رب حقيقى وجيد، لماذا أصر على إرسال ما يريد على السنة كهنة وأنبياء، وما الفارق بين الكهنة والأنبياء، فالكاهن يبلغ عن الإله والنبى يبلغ عن الرب، لماذا لا يظهر الله جهرة حتى يخرس العلمانيين المهرطين امثالى، أو فلنقل علنا بدلا من جهرة حتى لا تأخذني الصاعقة كيهود موسى الذين تذكرهم الرب على وجه التحديد دون سائر سكان الكوكب وأرسل لهم شيخ بعصا يتلعثم فى الكلام وبحاجه لأخيه يشد أزره ويتكلم نيابة عنه، فلماذا لم يرسل أخيه إذن، ولماذا لم يرسل معاتيه مثلهم من قبلهم، فذلك الموسى ظهر منذ 3400 سنة او يزيدون، فلماذا لم يرسل الله دجالون وأفاقون قبل ذلك أم أن البشر لم يكونوا بحاجة لدجل ودين وشعوذة، ولماذا يتلكأ الله فى إرسال أولئك الصارخون فى البرية او المصروعون فى الكهوف، فيستغرق بين إرسال كل واحد فيهم 1300 سنة او 600 سنة، ولماذا لم يرسل اى كاهن أو دجال أو نبى منذ 1400 سنة، والحياة فى حِلّ من المزيد بواقعها الذى لم يفلح معه الدين حتى يرسل الله مزيدا من المخرفين.

لماذا يصر الله على إرسال كهنته ودجاليه الى نفس البقعة الصحراوية القاحلة الجدباء المتخلفة، ماذا لو انه قسط فى الإرسال، فأرسل نبى لكل قارة او حتى لكل بلد، فماذا يضيره لو فعل، لماذا يدلل شعبه المختار ويعذب ابنه ويصلى على نبيه، لماذا الله حكر على بلاد الجهل والرمال، وما المانع من إرساله مشعوذون لأوروبا والصين والهند وأمريكا بدلا من ان يسيطر عليها بوذا او غاندى او غيرهم وربما كانوا أفضل منه فلا حرب فى عقيدتهم ولا قتل وتكفير وتفجير فى عقولهم، حتى منطق الله فى الاختيار والتوزيع، منطق مغلوط ومخلوط وفاسد، فكل رسالاته فى تلك البقع والاراضى القحطاء المقدسة، اى قداسة تلك، لا احد يدرى، ربما قداسة الخرافة والجهل وسرعة التأثير وسهولة التصديق.

لو انك أرسلت مبشرا لقبيلة بدائية على ضفاف الأمازون، لتخبرهم أن هناك اله يريد لهم الهداية والخلاص، لأجابك سكانها هداية لماذا وخلاص من ماذا، نحن نحيا وكفى بحياتنا بساطة أو قسوة وبها نحيا ونرضى ولا حاجة بنا لإله غامض لا ولم يظهر لأحد حتى يملى على أناس آخرون ما يجب أن يملوه علينا لماذا هو مشغول بتلك الفروض والتكليفات والعبادات وكل تلك المظاهر التى إن راقت لسلطان فلا تليق باله وإلا تساوى مع البشر وفى تلك الحالة فلا حاجة لنا به فليذهب بيديه وساقه وعرشه وجنته وجحيمه إلى أناس آخرون فنحن مشغولون بالحياة ولا داعى أن نغيرها أو نفقدها لنعوضها فى حياة أخرى لم نراها ولم يراها احد.

فكرة أن الله ليس موجودا، ارحم بالناس وأكثر شفقة بالله، من فكرة وجوده، فوجود الله وحال الحياة والدنيا كهذا، يجعلك تشعر انه عاجز أو كسول أو ضعيف أو غير مكترث، وربما تجعلك تشعر أو تصدق أن الشيطان أقوى وأنشط وأذكى منه، فكرة ان الله يحيى ويميت، تشعرك بغباء الله، فلا منطق فى الحياة والموت، فقط عشوائية وتخبط، فى موت من مرض أو حرب أو حادث سيارة أو حتى بدون سبب، فما المنطق من نهاية الحياة بتلك الطرق العجيبة، إلا لو كان كما يفسر المساكين أن للرب طرق غامضة أو ملتوية فى تسيير الأمور هم أنفسهم لا يفهمونها، والأصدق أنها طرق غبية وعشوائية وغير مسئولة وتفتقر للتنظيم والقدرة.

اشعر أحيانا بالحزن وزميلى الملتحى المصلى المؤمن يطلب منى أن أرشده واريه كيفية الدخول والتعامل مع المواقع الإباحية وعندما ارفض يصر ممازحا وعندما اقبل لأرى مدى جديته أو اختباره لأخلاق العلمانيين المهرطقين امثالى، أجد عيناه تجحظان ولا تكف ولا تغضض، اشعر بالحزن لان جارى الشيخ الورع يصر على شراء حاسوبى عندما اخبره ممازحا بإن به دستة من الأفلام الإباحية ويأتى لى بضعف ثمن حاسوبى ليؤكد لى على رغبته وإصراره على الشراء، اشعر بالحزن لأن استاذى الجامعى يعاشر طالبته المحجبة وصديقتى التى تصغره بـ 40 عاما ويأتيها من الخلف لأنها صغيرة وجميلة وبحاجة إليه، اشعر بالحزن لإن الدين لم يردع أو يمنع أو يهذب من أخلاق المؤمنين الورعين الذين هم على صلاتهم محافظين، وأتعجب وأنا العلمانى المهرطق، كيف لا يحتوى حاسوبى على صور او افلام فاضحة!

اشعر بالحزن لان كهنة المعابد الفرعونية لا يختلفون عن أنبياء الله الإبراهيميين، فأولئك يتلقون عن الإله وهؤلاء أيضا يتلقون عن الإله, والإله نفسه صامت وغائب ومستتر وراء حجب وسماوات ومن يجرؤ ويطالب برؤيته، تأخذه صاعقة لم يرها احد ولن يراها احد، اشعر بالحزن لأن كل إيمانى وصلواتى ودعواتى ذهبت أدراج الرياح، وكأنني كنت اكلم الغلاف الجوى أو اكلم احد آلهة الإغريق ممن لا يفهمون العربية، اشعر بالحزن لان الله لا يكترث بالفقراء ولا بالعانسات ولا بالأرامل والثكالى واليتيمات، اشعر بالحزن عندما أفكر؛ أين تذهب أموال زكاة المسلمين الطائلة ونصف المسلمون وربما كلهم فقراء ومرضى ومعوذون.

اشعر بالحزن عندما أرى الله يترك القذافى 40 عاما على قلب الليبيين، ومبارك 30 عاما على قلب المصريين، وعندما تحدث ثورة، يقول المتلازمون " نسبة إلى متلازمة ستوكهولم " لقد نصرنا الله " أين كان الله عندما ظلمهم وجثم قذافى ومبارك وبشار وصالح على حيواتهم ومصائرهم، ولماذا لا يكون النصر من عندهم وبفضل إرادتهم، اشعر بالحزن عندما يجوعوا ويحمدوا الله، ويزدادوا فقرا ويحمدوا الله، وتعنس بناتهم ويقولوا قدر الله، وهو فى الواقع فقر وظلم وسوء توزيع للحقوق والرزق.

فكرة أن لله غير موجود، فكرة حزينة، وفكرة أنه موجود فكرة مؤلمة، فعدم وجوده حزين لأنك تعودت عليه لفترة كأبيك الذى كان موجودا ومات وتركك، ووجوده مؤلم لأنك لا يمكن أن تلتمس العذر لله فى ذلك العبث والعشوائية وانعدام المسئولية فى توزيعه للرزق وأخذه الحياة بدون منطق أو مبرر وإباحته للقتل والحرب وتمييزه لشعب وتخييره لشعب آخر وتكاليفه العجيبة التى لا تنتهى ولا طائل منها ودعائه المستمر الذى لا يستجاب وكراهيته للحياة وحبه للموت وشراءه للمؤمنين بأن لهم الجنة، وبئس الجنة تلك التى تشترى بنفوس الناس وأموالهم وإيمانهم وغباءهم.

فكرة انك سوف تموت ولن تجتمع بأحبابك ثانية فكرة قاسية، وربما يرضخ المؤمنون لفكرة وجود الله حتى يخلدهم بعد موتهم مع من يحبون ويرحمهم من عناء الحياة فى جنات ونعيم، وربما لو أغلق الله الجنة والجحيم وجعل العبادة خالصة لوجهة لما وجدت احدا يكترث به على الإطلاق، فما حاجتنا لإله لن يرضى رغباتنا ولن يعوضنا عن ما فقدناه وما افتقدناه، الله جعل العلاقة بينه وبين البشر قائمة على النفعية والمادية والبرجماتية، اعبدني تجدنى، قدّم السبت تلاقى الجنة، لن تعبدنى سوف أبعدك عن اهلك وأصليك سعيرا.

ماذا لو انه ترك الخيار للناس بدون ترهيب وترغيب، ربما تجد نصف المسلمون يكفون عن رفع مؤخراتهم الى السماء وحك رؤوسهم بالأرض والكف عن فروض وطاعات وتكليفات طويلة وكثيرة ومملة، ولكنه ثانية منطق المنفعة، اسلم تسلم، صلى وصوم وذكى وفجر نفسك لأجل خاطرى، أعوضك فى حياة أخرى، بحياة أخرى بها ما لم تقدر عليه فى حياتك الدنيا البائسة وما حرمتك منه فيها أيها المغفل، ولو كنت اقدر لكنت منحته لك، ولكن لأنك مغفل فأنت تطمع أو بك عشم أحمق منك لخلود أحمق مثلك، وعليك أن تتحمل نتيجة تصديقك لكهانة الكهان وخرف الأنبياء وقدرتى الكلية التى لا تشفى مريضا بغير دواء ولا تعلم فردا بغير جد وكد وعمل، ولكم فى الدول المتقدمة عبرة يا جهلة يا كسالى يا متنطعين يا نفعيين، يا طالبي المتعة بأقل مجهود وبأقصر وأيسر وأحمق السبل ... الأيمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله الله) على هذا المقال الرائع( !
محمد بن عبد الله ( 2012 / 2 / 1 - 18:19 )
مقال رائع مفحم يكاد يكون بقوة الصدمات الكهربائية علّ النيام يستيقظون...أما من ماتت عقولهم فلا أمل فيهم. باعوا أنفسهم للخرافة وفضّلوا الأفيون على مواجهة الواقع


2 - اييييييييييييه يا حسرتي
جورج كارلن ( 2012 / 2 / 1 - 18:37 )
كإنك قاعد جواتي يا سيد أحمد . نفس الشعور . تقريبا يوميا افكر بما ضاع من عمري على هذه التفاهات الدينية . وكم اضاع علي أهلي من فرص السفر عندما كنت في سن 19 لإكمال تعليمي في بريطانيا بحجة أنني سأضيّع ديني هناك ومغريات الحياة والفساد والإنخراط بمجتمع الكفر ستفسد علي الدنيا والآخرة. وكنت كالأحمق أصدّق وأقول الدنية لا تساوي عند الله جناح بعوضة , طز في مستقبلي وفي السفر , فرضا الله اهم . بس طلع بالأخير يا معلم مافي حدا فوق. اذا هالحيط سمع , اللي فوق سمعوا. هههههههه. بالنسبة لموضوع قوم موسى الذي ذكرته . كنت في هذا الحديث مع صديق لي من فترة حول هذا الموضوع . وكان سؤالي لماذا قوم موسى , الناس العاديين الذين طلبوا رؤية الله وهم بحاجة لدليل ,أخذتهم الصاعقة مباشرة؟؟ ولماذا في المقابل موسى الذي مفترض أن يكون نبي ومن اهل الله وكان الله يكلّمه بصوته حسب ما زعموا ولا يحتاج إلى دليل , عندما طلب رؤية الله , ناقشه الله بداية بالمنطق ثم قال له انظر الى الجبل وصعق موسى من منظر الجبل . حتى موسى يا صديقي كان على مبدأ , كذبنا الكذبة وصدقناها.


3 - الله يهديك لاجل والديك
سلامة شومان ( 2012 / 2 / 1 - 23:00 )
استاذ احمد
حبيب قلبى انت مين قال لك ان الله لم يرسل رسل لجميع خلقه جبت الكلام ده منين
الله قص علينا رسلا ولم يقص علينا باقى الرسل
فمادام هناك علم بالاله فى الهند والصين واليابان والهنود الحمر وغيرهم اذن فهناك رسل ارسلوا اليهم وانبياء -ولكنهم ايضا بعد فترة من الزمن ضحك عليهم الشيطان وجعلوا الاله عدة الهه حتى البقر عبدوه والثعبان عبدوه والشجر عبدوه انها لعبة الشيطان يا استاذ احمد
نحن ايضا ارسل الينا رسل وانبياء ومع ذلك حضرتك وغيرك الكثير تتبعون الشيطان
وتعبدون الهة اخرى عديدة اما المصلوبواما الطبيعة واما العلم واما المال واما النفس واما اى انسان تتوسلون اليه الخ
وعلى العموم اذا لم تصل الرسل لقوم لايعذبون --ايه رأيك (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ايه رايك واعتقد الان الكل وصله علم الانبياء والرسل
والدين حرم الزنى وحرم حتى اتيان الزوجة من الخلف فمن يفعل ذلك يلقى اثاما وعقابه شديد يوم الحساب فالدين حجة على كل البشر وليس ما يفعلة البشر حجة على الدين
استاذ احمد كفايه معك الكلام الى هذا الحد فانت تتوقع ما سوف يحدث لك عاجلا او اجلا فانت حر -انتظر
الله يهديك


4 - توضيح لتجاوز غير مقصود
عدلي جندي ( 2012 / 2 / 2 - 10:12 )
الأستاذ أحمد عفيفي المحترم أتقدم لك بإعتذاري عن تجاوز غير مقصود في تعليق 1 وقد بعثت برسالة إلي هيئة الحوار لتوضيح وشرح هذا الأمر من وجهة نظري تحية وإحترام


5 - محمد بن عبد الله
أحمد عفيفى ( 2012 / 2 / 2 - 11:59 )
صلى الله عليك وسلم :)
كل نفس اتيناها هداها
فمن شاء فليؤمن
ومن شاء فليكفر


6 - جورج
أحمد عفيفى ( 2012 / 2 / 2 - 12:01 )
انت نبهتنى الان الى هذا
حتى المسكين المرسل نفسه
لم يرى الله :)


7 - الاستاذ سلامة شومان
أحمد عفيفى ( 2012 / 2 / 2 - 12:04 )
الله يحفظك لأولادك :)
حبيب قلبى
ربما ايمانى الوحيد الباقى هو
انك لن تهدى من احببت
ولكن الله يهدى من يشاء
الله يخليك


8 - عدلى
أحمد عفيفى ( 2012 / 2 / 2 - 12:05 )
التعليق الاول لم يصلنى :)


9 - رحمة للبشر
يوسف ( 2012 / 5 / 15 - 05:57 )
الإسلام أو غيره من الديانات..مطلب مهم للبشرية حتى وإن كانت تلك الديانات كذباً

فهي -أي الديانات- تهذب النفس وتلجم الذئب الذي بداخل الإنسان، سواء بالترغيب أو بالترهيب

فالمسؤول لن يسرق ولن يرتشي ولن يظلم لأنه يخاف الله، والطفل لن يكذب لأنه يخاف يدخل النار، والميسور سيتصدق لأنه يريد دخول الجنة

صحيح أن الدين لم يمنع كل الناس من السرقة والكذب والغش والقتل وإلخ، لكنه على الأقل أدب فئة لابأس بها كانت ستتحول إلى وحوش بشرية بلا هذا الدين الذي يردعها

وأيضاً في الدين تعزية للنفوس..فالأم الثكلى سيعزيها أن ابنها اليوم بين يدي خالقه وهو
أرحم به منها، والأب الذي فقد ابنه ستسكن نفسه حين يعلم بأن ولده قد قرأ القرآن وصلى العشاء ليلة موته.. والعقل الباطن للأم سيجعل ابنها يزورها في منامها مرتدياً ثياباً بيضاء ووجهه مبتسم ساطع النقاء بأن أبشري يا أماه فأنا الآن عند غفور رحيم،فتقر عينها

تركت الإيمان بالدين منذ سنوات، لكني لن أدعو من أحب إلى أفكاري لا لشيء إلا لأني أرى السعادة في وجوههم والسلام في نفوسهم حين يتمون صياماً أو صلاة أو عمرة

ولذا لا تحاربوا الدين-أي دين- حتى وإن لم تصدقوه، فهو رحمة للبشر


10 - يوسف
أحمد عفيفى ( 2012 / 5 / 15 - 06:04 )
اشكرك واحترمك

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah