الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في انطولوجيا الحاضر أو الحداثة والراهن

عمر بن بوجليدة

2012 / 2 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في منتصف ثمانينات القرن الثامن عشر الالماني ظرحت مجلة المانية على كانظ السؤال الشهير :ماهو التنوير؟ خمس سنوات قبل الثورة الفرنسية، ويعتبر هذا المقال بمثابة تدشين لنمط جديد من التفكير . هذا النص المدهش و المثير يكتسب اهمية كبرى في تقديرنا و ذلك من حيث انتماؤه الى حيز الاحداث و التاريخ ، فهو يحاول ان يفهم قيمة هذا الحدث و تاثيره على اللاحق من الاحداث وبالتالي فان هذا المقال يعكس وعي الفيلسوف بالعصر الذي ينتمي اليه ، وبالاحداث التي ستغيروجه ، ووجهة التاريخ .فما هو الحدث الذي نسميه الانوار؟ الذي يحدد بطريقة ما من نكون. للابانة على ذلك نختار ان نؤكد تعريفا كانطيا مفاده ان الانوار انما هي الخروج من القصور والعجز ، الى القدرةو المسؤولية ، ذلك ان الانوار انما تعني قدرة الانسانية على استعمال عقلها الخاص ، دون الخضوع لاية سلطة ، ها هنا تتراءى اهمية النقد و يتحاذى العقل و الانوار و النقد ...غير اننا نعثر هنا على علامة حاسمة تؤكد تعلق الفكر الفلسفي بالحاضر ، انه تحت هدي هذا النحو من النظر يصبح بينا ان الحاضر جدير بالتفكير الفلسفي ، ويذهب فوكو الى اننا لايمكن ان نفصل سؤال التنوير عن سؤال الثورة وان كان مايهم كانط ليس الثورة في حد ذاتها ، بل انما الاثار المتبقية في اذهان الناس الذين لم يعيشوا مخاضها .ان هذين السؤالين فيما يرى فوكو يفتتحان الحداثة الفلسفية في الغرب ، واسئلة كانط انما تصب في طريقة التفلسف التي تنهم باللحظة الراهنة :ماذا يحدث اليوم؟ ماهو هذا الان الذي نحيا ، ونعيش ونعبر في حقله؟ انه هنا بالتحديد يبدا وجه الاقتران بين نص كانط و سؤال الحاضر ...يبدا في التجلي :ماذا يحدث الان؟ ماهو هذا الان؟ ان تساؤل كانط مكن من ولادة تأويل جديد تكون المسالة الاساس في الفلسفة ، بمقتضاه هي مسألة الحاضر ، ومن نكون نحن في هذا الحاضر؟ يبدو ان سؤال كانط يتعلق بهوية الحاضر ، بمجال التاريخ و الاحداث ، كأحداث فلسفية ينتهي اليها الفيلسوف ،كما يشيرالى مشكلة الحاضر وسؤال الحاضر الذي يشير بدوره الى ال نحن :أي من نحن كشهداء على العصر ؟ فمشكلة العصر الحاضر هي مشكلة من نحن ؟في هذه اللحطة الدقيقة ، ولا شك ان الهدف الرئيس اليوم ليس ان نكتشف ، بل ان نرفض من نحن ،أي أن نتخيل كيفية وجود مغايرة و سبلا بها نخرج عن تقنيات السلطة ...احتراما للتعدد و تاكيدا لحق الاختلاف...
ولأننا ننهمّ بالإنسان الذي هو إيّانا ، يجدر بنا في مستهلّ تمشينا التأكيد أنّ "الغربيين "الحقيقيين إنّما يوجدون بين دفـّات الكتب و بالتالي لا مجال لللنبش عن تواطؤ ممكن أو للخلط بينهم وبين ساسة تحكمهم استراتيجيا المصالح وما ذلك عن فهمك ببعيد... ومن المناسب أن نذكّر بـ"تشومسكي" ، "جان جنيه" ، و"بول ريكور" وهل اغتالت "راشيل كوري" شبابها إلاّ انتصارا لقضايانا و لفلسطين... إنّه الشرف الإنسانيّ ينتصب درعا ضدّ أبشع تجسيد للظلم و الشرّ... انتصارا للمضطهدين و المفقّرين و الحيارى و المنجرحين و المنقهرين
وإنّه لمن الموقن به - و أنت تعرف أنّي أعرف كما تعرف - أنّ القدرة لا تكمن في قراءة نصّ كانط و فوكو... و شرحها و أنّ القدرة إنّما تكمن في إدراك الفجيعة الصامتة والكسر غير المرئيّ الذي أعلنت في مستواه أروبا الحداد على النصّ السابق لأنها ابتليت بحبّ النوع الإنساني.
و إنّي ليحزنني أن يقدّم "الحداثيون" أنفسهم ورثة للكونيّ منصاعين لرغبة "الغرب" في إقحام المجموعة البشريّة في مشروع واحد ، و في إخراج الأرضيين كافّة من ثقافة الأصل ، حالتئذ يتعيّن علينا أن ندرك أنّ الأصل تفتت وتلاشى .و إنّه لمن اللافت للنظر أن يتملّك "الغرب" تفويض انتزاع ملكيّة الأصول و إعادة توزيعها... و ما ينبغي له. .
و لأننا ننتمي إلى بشريّة ضاربة بجذورها في تقاليد نصّية قديمة، فإننا لم نغادر في أذهان " حكّامنا" و" رؤسائنا " حيز "القطيع"... خذلونا و وأدوا في أعماقنا الحلم بالكرامة . ولا أكتمك أنّي كلّما بحثت عن" المواطن الحرّ" لا ألقاه و قليلا ما هم ....فانظر ماذا ترى.
وليس بوسعنا إبانئذ أن نتجاهل حقيقة تاريخيّة مفادها أنّ حركة التنوير لم تينع عندنا ،ذلك أنّ مفاهيمها لا تزال غريبة عن مجالنا التداولي و حقلنا الثقافي ّ.وإنه لمشهد عجيب تتراءى فيه محاولات و مناورات ولكن كان البون شاسعا و الهوّة عميقة بين مفهوم "المواطنة" و "الرعيّة"و.. .
و ما أكثرها جروح وطني فهاهم من جديد يريدون مقايضة الأمن بالحرّيّة مثلهم في ذلك مثل الرئيس-كان... يعزّ و يذلّ ولا من رادع مؤسسي، لحظة توارت روح الفداء و الشرف و الشجاعة و صمت من صمت بحسرة و اشمئزاز و قرف و غضب و عجز و حيرة و حزن ...لا ريب إن أقرّ الآن أنّ العبارة مازالت عندنا متوترة، تقرأ ألفاظا دون معنى. فإذا بمن انتهك و ينتهك حقوق الإنسان يرفع شعار حقوق الإنسان، مادام في وطني أشباه ساسة.
و بذلك يستبين أنّ الثورة الفرنسية ليس لها امتدادات فينا، فهي في أحسن الحالات كانت محصورة في نخبة ضيّقة و بالتالي كان ما كان بين "النخبة العصريّة " و" النخبة التقليديّة " فالجماهير لا تعرف بعمق معنى التنوير، حتّى ادّاركوا في الحيرة جميعا فما استطاعوا مضيّا و لا هم يرجعون و أقبل بعضهم على بعضهم يتلاومون .فما أدراك بأنّ الفصل بين الأنوار و أوروبا المتوثبة للاستعمار ممكن ؟ ألا يمكن أن يكون نصّ الكوني وسيلة من وسائل العنف و الاستعمار ؟ هل يحقّ لنا أن نستمرّ و نتطاول أكثر : هل خطة "الأمريكان" كانت الاستعاضة عن أنظمة انتهى مفعولها و مدّة صلاحيتها بأخرى ظاهرها الديمقراطيّة و حقيقتها عمالة و استبداد و دكتاتوريّة نفاذا إلى عمق الثورة الشعبيّة أحيانا سرعان ما يتمّ الاستيلاء عليها .
إنّ واقعة الثورة قد حدثت لكن قوى الظلام...و فلول الردّة ... مسطحيّ الوعي... يابسي الرؤوس...وشيوخ الفتنة وحكماء الغفلة لا تبغي التزحزح من مكانها فغايتها الاستمرار عبر استبدال الوجوه.
إنّ لغة عصر الأنوار لم يحدث أن تمّت تبيئتها في حقلنا الثقافي إنّه لا يكفي أن نترجم ألفاظا بألفاظ فالتثوير و التنوير ينبغي أن يتزامنا و يتوازيا و يتلازما فالعمليّة لم تكن معنا سوى "إحداث لغة في لغة مقررة بين أهلها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حداثة وتنوير
عباس سامي ( 2012 / 2 / 3 - 05:37 )
هل طروحات كانت وفوكو وغيرهما من عباقرة البحث الفلسفي قادرة على حل اشكاليات وتحديات العرب من تخلف وجهل وسيطرة اللاعقل ؟؟ ام انها ستكون حالها حال الفشل الذي اصاب التنظريات السابقة كتنظيريات مصطفى عبدالرزاق وطه حسين وصولا الى الوقت الحاضر؟؟!!


2 - ok
taha ( 2012 / 2 / 4 - 07:35 )
قليلا ما أصادف في موقع الحوار المتمدن مقالا من هذا النوع الذي يحلل الواقع تحليلا فكريا و فلسفيا بعيدا عن اللإديولوجية الماركسية
معظم كتاب الموقع يعانون من فقر شديد في المعارف المتعلقة بأسئلة الحداثة و العلوم الإنسانية الحديثة و الثورات المنهجية في الفكر و الفلسفة و الأنتربولوجية و الدراسات السوسيولوجيا و البسيكولوجية ...الخ
ربما أعمتهم الإديولوجيا فأعتبروا هذه العلوم و الثورات المعرفية التي طبعا حدثت بعد ماركس و انجلزعلوم إبتدعها العقل البرجوازي و بالتالي فهي رهينة لإستراتيجيته و إمبرياليته لذلك أعرضوا عنها و ربما حاربوها تماما كما تفعل القوي الظلامية و التمامية
شكرا مجددا لكاتب المقال و نجوا المزيد


3 - نص فكري بديع
وليد مهدي ( 2012 / 2 / 4 - 10:54 )
تحية لكاتب هذا النص
والبشرية كما ترى في راهن اليوم غير ملزمة بقبول المشروع الواحد ولا القطب الواحد

اساس التطور الطبيعي هو التنوع , وبديهي ان ينسحب هذا على افق الفكر الانساني

مشكلة السطحية في الموروث الاسلامي العربي مشكلة طبيعية ، جزء من تاريخ التطور الحضاري في الشرق الاوسط

الغرب وبسبب نزعة الهيمنة التسلطية فاقمها علينا وجعلنا خارج التاريخ تماماً

سلمت يداك اخي الكريم

اخر الافلام

.. هل تتقرب سوريا من الغرب على حساب علاقتها التاريخية مع طهران؟


.. حماس: جهود التوصل لوقف إطلاق النار عادت إلى المربع الأول




.. هل تنجح إدارة بايدن في كبح جماح حكومة نتنياهو؟


.. الجيش يوسع عملياته العسكرية على مناطق متفرقة بشمال قطاع غزة




.. مقتل العشرات في فيضانات جرفت قرى بولاية بغلان بأفغانستان