الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم على عادل امام ليس اول الدجن ولا آخرها

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 2 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مصر، بلد الحضارة والعلم والادب، مصر الطهطاوي و المنفلوطي واحمد شوقي و طه حسين وتوفيق الحكيم ومحمد عبد الوهاب وام كلثوم و نجيب محفوظ و اسماء لاتعد و لاتحصى ممن انجبتها أرض الكنانة وسقاها النيل من عذبه، و شعب مصر الحاذق الذكي ذي الذوق الرفيع جعل من مصر قبلة للادب والفن، يرنوا اليها العالم بالفخر، ليس لعروبتها او اسلاميتها ولا لموقعها او امكاناتها المادية أوالاقتصادية، فمصر بلاد قليلة الموارد كثيرة الخلق، ولكن لأنها اثببت على مر العصور بان المال وحده لايصنع حضارة ولو انه قادر على طلاء وجه بلاد بغطاء حضاري فانه لايقوى على صنع الجوهر من الحجر البليد. مصر التي استهدفت في علمها وادبها وفنها بوساطة من لايريد ان يرى لمصر دورها في ادامة الحضارة في محيطها، بدعم من البعض الذي يحسد مصر في حضارتها وفي تقدمها، يوم كان ذلك البعض لابلاد ظاهرة له غائصا في الجهل وفي التخلف لايميز مابين نفسه وبيئته الا الرمال والجمال التي ربما لم يرها هي ايضا في ايامه دائمة الغبرة. ومصر كأي بلاد اخرى فيها بشر، وفيها العاقل و الجاهل، فيها النافع والمضر، ولكن الواقع الحضاري لها جعل من شعبها شعبا دقيقا موزونا يتعامل مع الامور بروية متكئا على موروث آلاف السنين من الحضارة والكبرياء جعلت مصر بيئة خصبة للعلم والادب والفن. أما العائق الرئيس الذي وقف في مسار العبقرية المصرية، كما اخبرنا التاريخ، فكان التزمت الذي يقول بالتحريم والتزندق والتكفير، ويمنع مجاراة الحضارة الانسانية. ففي بدايات القرن المنصرم جوبهت افكار عدد من المتنورين أمثال علي عبد الرازق و عبدة البرقوقي و منصور فهمي وامين الخولي بالجحود فيما حوكم طه حسين الذي قلما انجب العرب عقلا مثله بحجة الاساءة للاسلام في يوم كان للعقل دوره الريادي في مصر الحديثة. وعلى الرغم من استمرار تلك النزعة الجاحدة على حرية الرأي والفكر الى يومنا هذا، فقد كان ذلك واحدا من اهم العوامل التي أثارت العقل المصري على الرد لتكون مصر قبلة لاتباع التجديد والعقلانية، ولعل الازهر كان وما زال منحازا الى العقلانية والاعتدال من خلال شيوخه وائمته وخصوصا الشيخ محمد عبدة وطلبته ومن تبعهم، الا ان البعض من الدجن الدهماء ممن يتصور بانه انتصر في (اتابة) منصور فهمي وطه حسين، وهما اللذان لم يكفرا ولن يتوبا بل أجهرا بأفكارهما التي انجبتها عقولهم من خلال البحث العلمي والتقصي عن الحقيقة بالاستدلال المنطقي فحسب، و من يتبع تلك الدجن اليوم ينتشي بالنصر على اكتاف المصريين و يعد بمعاداة الادب والفن واستئصال سبل الحضارة، فذلك استمرار في مسير الدجن التي يبدوا أنها نفذت في يوم مغبر اراد له اهل مصر ان يكون ربيعا، ولان اهل مصر ارادوا بعفويتهم المعهودة ان يقطفوا ثمار ماسوف ينبته الربيع، مادروا ان عدتهم مبعثرة وغير ذات نشاط، فالعقلية التي جعلت من طه حسين زنديقا مازالت منظمة وذات امكانات مادية وتنظيمية كبيرة ولها انصار منظمون ولهم عون سخي من جهلة الامس القريب في خارج مصر، ولهم دعاية موجهة ومنظمة، فأمسى الدجن يغطي سماء مصر، وعاد التحريم والتكفير مهيمنا مرة اخرى الى ان طال عادل امام، اذ حملت الينا الاخبار بأن الممثل المصري الذي رسم البسمة على شفاه المصريين والعرب عقودا وانتقد الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في مصر بما لايستطع قلم ان يكتبه ولا سياسة ان تجهر به، حكم عليه بالحبس ثلاثة اشهر ودفع غرامة مالية لاساءته الاسلام واللحية والجلباب! وهنا لانعرج على مدى عدالة الحكم ولا عن سبب صدوره غيابيا من دون تبليغ ومن دون دفاع، ولا عن مبلغ الغرامة ولا عن فضولية المشتكي وفضول الحاكم، بل نقيس ذلك على الذي بدأ ينخر في جسد الحضارة المصرية وفي مصر ومستقبلها برمته، قبل الانتخابات وبعدها، وما ينتظر منه بعد تغيير الدستور وانتخاب الرئيس و تغيير التشريعات والاحكام. فمحاكمة عادل امام لم تكن أول الدجن، فقد حكمت احدى المحاكم المصرية على الطبيب ايمن يوسف منصور بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، وان المفارقة في ذلك كانت بان الحاكم الذي حكم فيه هو المستشار ايمن يوسف وذلك في العشرين من نوفمبر الماضي حيث لم تكن الانتخابات قد افرزت نتائجها بعد، ولربما كان ذلك ايضا من باب الفضول لتماثل اسمي الحاكم والمحكوم، وقد كانت التهمة هي الاساءة الى الاسلام أيضا بسبب تعليقات ذكرها المتهم على صفحته في الفيسبوك منتقدا التوجه الاسلامي في مصر لما بعد الثورة. وقد اثار ذلك حفيظة الرأي الحر في مصر مثلما ادى الى ردود فعل دولية حين علقت صحيفة الواشنطن بوست في عددها الصادر يوم 22 نوفمبر على الخبر ذاكرة بأن مصر تتجه نحو الاسلام المحافظ، وهاهي قد وصلت الى ذلك. وكذلك مازالت قضية الرجل المسيحي نجيب ساويريس الذي اتهم بالاساءة الى الاسلام في يوليو الماضي تدور في فلك المحاكم بسبب نشره لرسوم كاريكاتورية على صفحته في التويتر. وهنا نتسائل، لقد بدأت الاتهامات باشخاص عاديين قبل الانتخابات فطالت عادل امام بعدها، فما الذي ينتظر مصر بعد الهيمنة على التشريعات والسلطة التنفيذية؟ ان مصر زاخرة بامثال عادل امام من كتاب ومثقفين ومفكرين وفنانين ممن قالوا آراءهم قبلا وحوكم على اثر بعضها اليوم عادل امام, أما من لم يقل كلمته بعد، فان الواقع السياسي اليوم في مصر يشي بأن محنته ستكون اشد. ان الدساتير المصرية السابقة كفلت حرية الرأي والعقيدة والفكر وكلها استندت على الشريعة الاسلامية كاحدى اهم مصادر التشريع ورأت جواز الاخذ بالمدنية ومجاراة التقدم و يسرت اطلاق العنان للفكر فابرزت العباقرة. انها مهمة عسيرة على المصريين الا يبذروا بثورتهم ويحافظوا عليها من يوم قد لايروا فيه ماعهدوه من بيئة ارادوا لها ان تكون أفضل ويدركون ان الدجن ماضية في تكثفها وأن يعطوا للعقل حظه في التشريعات وفي الدستور وينأو بأنفسهم عن الطوفان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أول الغيث
ماجدة منصور ( 2012 / 2 / 3 - 10:07 )
أول الغيث قطرة ..سامة..و الآتي أعظم،ومن يعش رجبا يرى عجبا
لك احترامي


2 - محاكم التفتيش بدأت رسمياً
بشارة خليل قـ ( 2012 / 2 / 3 - 11:11 )
محاكم التفتيش الاسلامية ما هي الا جانب من جوانب قمع الحريات والابداع.للاسف مصر اصبحت بالفعل طاردة لابنائها المستنيرين بفعل الادلجة الفاشية
مصر مقبلة على كارثة بكل المقاييس: اجتماعيا سادت العنصرية والطائقية واقصاء الاخر
امنيا البلطجية والسلفية من خريجي السجون وكهوف تورابورا يسرحون ويمرحون
اقتصاديا حدث ولا حرج, مصر مقبلة على مجاعة فعليا,البورصة مشرفة على الانهيار
سياسيا تم اجهاض الثورة بالتامر بين العسكر والاسلاميين مستعينين بموارد البدو البترودولارية وابواقها الاعلامية
شعار الثورة انقلب كابوسا
لا عيش ولا انابيب بوتاجاز ولا انتاج ولا سياحة
حرية: نشهد منذ زمن تآكلها على يد الرجعية الاسلامية
عدالة اجتماعية: ليس لها اثر فقد تم تهميش المرأة والاقليات والقوى الديمقراطية في البرلمان
هذا ما جناه الرئيس المؤمن على مصر وما جنا به على نفسه


3 - ممثل سلطة مبارك
عبد الله اغونان ( 2012 / 2 / 3 - 14:19 )
في افلامه ومسرحياته انتقل عادل امام من مدرسة المشاغبين الى الدفاع عن النظام خاصة مهاجمة التيار الاسلامي عبر شكليات ولغة خشبية كوميدية بائسة
الارهاب والكباب الارهابي طيور الظلام.. حيث يستهزئ من مظاهرالتدين دون تقديم راي او مشهد له قيمة فنية او علمية


4 - على نفسها جنت براقش
اساف ( 2012 / 2 / 3 - 14:49 )
لم يكن الامر مستغربا بل طبيعي جدا ان تبدا محاكم التفتيش فور نزول المجاميع الارهابية الى قبة برلمان مصر واقول للمندهشين مذا كنتم تنتظرون من هكذا بشر امنوا بالجهل والخرافة ومزال الكثير الكثير غالبية الشعب المصري هي من اتت بهم فلا عجب اذا


5 - لا تخلط الأمور
جبريلا ( 2012 / 2 / 3 - 18:36 )
يجب أن لا يجرفنا الحماس فنضع الامور في غير نصابها..نعم يجب أن نقف ضد كل حكم يطال أي مواطن بسبب فكره أو رأيه ولكن يجب عدم الخلط ..وضع اسماء عظيمة مثل أسم طه حسين وغيره من العظماء مع أسم ممثل هايف بدأ تثمثيل أدواره بخمسين ساغ كما كان يعترف بنفسه ثم تحول إلى أكبر ملياردير في مصر لا يتحرك إلا بحماية كموندوس وبسيارات مصفحة وأنحاز إلى الأثريا الذين كان ينتقدهم بعد أن سمسر بعواطف البسطاء الذين كانو يصدقونه ويظنون أنه بالفعل يقف معهم ضد الوحوش الذين يلتهمون أقوات أبناءهم ..عادل إمام هو خير نموذج للممثل والإعلامي والمثقف الذي نراه اليوم يملأ شاشات الفضائيات يسمسر بكل شيء ويبيع كل شيء ..لافرق بين عادل إمام وبين رجال الدين المتكسبين بالدين كلهم واجهة لواقع فاسد وإفراز لمجتمعات جاهلة تعلمت أن تتكسب بكل شيء بكرامتها وشرفها وكل ما تملك..لذلك يجي على من يتصدى للكتابة أن لا يساعد في تشويه الذوق العام فهو مشوه بما فيه الكفاية


6 - مؤامرة الاخوان والمجلس العسكري
حكيم فارس ( 2012 / 2 / 3 - 19:02 )
عزيزي الكاتب انها مؤامرة الاخوان المسلمين والتيار السلفي مع المجلس العسكري لتفريغ ثورة 25 يناير من مضمونها لتخريب مصر كي يفرضوا دكتاتورية جديدة ولاقناع المواطنين بان الديمقراطية لا تصلح للشعوب العربية ومن اجل اعادة النظام لا بد من ذكتاتورية جديدة تكون مناصفة بين العسكر والتيار الديني يسمح للتيار الديني ان يفرض بالقوة نمط معين من الحياة ويسمح للعسكر بالاستمرار بالنفوذ والمحافظة على مصالحهم


7 - مع راي الاخ حكيم فارس
وليد مهدي ( 2012 / 2 / 4 - 10:21 )
تحية للكاتب
وللاخ المعلق .. حكيم فارس

استخدام شخصية ذات ثقل مثل عادل إمام ... تهدف للإساءة للثورة المصرية لا اكثر وتفريغها من محتواها

الشعب المصري سيرفض مثل هذه المهازل في النهاية وان انطلت عليه اليوم


8 - الدفاع عن الكراكوز امام
ابواحمد1 ( 2012 / 2 / 4 - 12:11 )
للاسف من يقرا لاكثر كتاب وزوار المنتدى يلحظ ضحالة المعلومة وعمق الحقد والكراهية
يتكلمون عن الديمقراطية والحرية وهم ابناء دكتاتورية البروليتاريا والنظام القمعي الفاشي الذي لم تعرف له البشرية شبيه
مشكلة ابناء ستالين انهم يظنون ان ذاكرة الشعوب كذاكرتهم مثقوبة
والله لست راض عن الاخوان المسلمين ولا عن السلفيين في مصر ولكن على الاقل نعلم ان لهؤلاء الناس مرجعية كان يفتقدها النظام الذي ترعرع في حضنه امام وشبيحة ومعاقي النظام الذين كان همهم الوحيد الاسراء غير المشروع والجوع يضرب مصر من اقصاها الى اقصاها
مشكلة اتباع المذاهب المادية تماما كمشكلة اتباع مبارك لا مرجعية اخلاقية عندهم وبهذا السياسة سيظلوا محاربين من المجتمع وسينظر اليهم على انهم اعداء له ومرتهنون لاعدائه اسستغرب ان يتكلم احد المعاقين عن مؤامرة للاخوان مع العسكر ولم يكن الاخوان والعسكريوما على وفاق ولن يكونوا ولو كان هذا ممكننا لما ذاقوامن نظام مبارك الويلات
نصيحتي للماديين ان يبحثوالهم عن مرجعية اخلاقية لانهم في اي مواجهة مع المسلمين سينكشف عوارهم ويخجلوامن انفسهم ويهرولوا راجعين من هلوساتهم فاعتبروا بعمرو حمزاوي ايها العقلاء


9 - قحمد 1 يتحث عن مرجعية اخلاقية ههههه
بشارة خليل قـ ( 2012 / 2 / 5 - 08:08 )
يا خي روح اتنيل بمرجعيتك المقرفه مرجعية النكاح من الدبر واغتصاب الاطفال والركوع للقوي حتى لو جلد ظهرك واكل مالك (ولكم في جيش العين الحمرا الاسرائيلي عبرة يا الو الالباب الو الو) والعربدة والاستئساد على الضعيف من امرأة واقليات واطفال ومعاقين(كثر خير الكفار اللي علمو اشكالكم شوية رحمة)
يعني انت واشكالك ممنوع حتى تلمحو تلميح لمرجعية اخلاقية لان مرجعيتكم هي مرجعية تحليل الكذب(في3)و التورية والمعاريظ والتقية وزواج المسيار وفقوس الحمار اللي يدهولكم ويريح البشرية منكم
مرجعية السلب والنهب والاستعباد والسبي.مرجعية من جعل رزقه تحت ظل ارهابه
جاي بكل وقاحة تتكلم على مرجعية اخلاقية يا ابو فقه الفساء والخراء؟ خليك تحت وتبصش فوق لاتنكسر رقبتك المتحجرة

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah