الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقف الفنون الجميلة يسقط على أستاذ وطلبته في جامعة بابل

سرمد السرمدي

2012 / 2 / 4
التربية والتعليم والبحث العلمي


من النوادر المحلية أن عراقيا طالب بالتعويض في بلاد الغربة, بسبب تعرض زجاج سيارته الأمامي إلى خدش جراء قفزة نوعية لحصاة, كان قد اغفل جمعها من على سدة الطريق عامل النظافة في بلدية دولة أوربية, ومن الكوارث الدولية, أن يسقط سقف قاعة المحاضرات على أستاذ جامعي وطلبته في جامعة بابل إثناء أداءهم لامتحان في مادة الدرس وأصيب الأستاذ الدكتور عقيل جعفر الوائلي التدريسي الأقدم في قسم الفنون المسرحية إصابة بالغة, كذلك جرح عدد من طلبة كلية الفنون الجميلة, قد يكون السبب الرئيسي في ما حدث هو عملية الغش في مواد البناء, أو قد لا يعدوا أكثر من استخدام مواد بناء انتهت صلاحيتها, أو ربما الأفضل أن نقول أن السبب الرئيسي هو عدم وجود تلك الرعاية العلمية الهندسية المعمول بها في اغلب دول العالم عندما يتم إنشاء صرح أكاديمي يمثل بصمة اهتمام من قبل الدولة بمضمار فلسفة التعليم المراد ارتفاعها بالمجتمع إلى أقصى درجات التطور, لضمان بقاء الدولة, دولة.

قد يكون كل ذلك وأكثر, إلا أن الذي حدث لا يمكن أن يناقش بهذه البساطة, وربما السطحية, في البلد الذي تغرق شوارعه بالدم الطاهر البريء لا لشيء إلا لكون هذا قدر العراقي, أن يحدق بعينه في الشمس وبالأخرى في الموت حتى أصبح هذا زاده اليومي من الروتين, وما أحوجنا إلى الالتفات لأهمية بناء الإنسان الذي يكلف الدولة العراقية تلك الأموال الطائلة وأكثر من ذلك الوقت, فكم نحتاج لتصنع لنا الدولة فيلسوفا وعالما وأستاذا جامعيا, فالوقت الذي تقطعه الدولة في الحرص على توفير هذه الكفاءات هو بحد ذاته الرهان الذي تقطعه هذه الآمال التي كانت حبيسة سجن الطاغية ومن بعده الاحتلال, هو المقياس الذي سيجعل من العراق تلك الدولة التي نحلم بها, ذاك الجواد الذي يحملنا على ظهره لبر آمان دون مزيد من ما اصطلح عليه الكبوة, هذا الوقت ليس ترفا ولا ملكا لأحد حتى يعبث به, فهو كالعراق ملك لكل العراقيين.

ما من شك في أن هذه الحوادث المؤسفة تعود بنا إلى المربع الأول دائما, حيث يعاد النقاش دون سابق إنذار عن مدى فاعلية الوعي المجتمعي العراقي فيما يخص إدراك أهمية التقدم العلمي ودوره في بناء الإنسان قبل الدولة, تلك الدولة التي اعتدنا أن تكون بناية رسمية مطلية بلون خال من الروح يعلوها علم قلما يتم الاهتمام بكونه يرفرف بشكل طبيعي وهو محمل بالأتربة طوال السنة, فالذي يمكن لهذه الحادثة أن تخبرنا به من جديد في بلد دفع مواطنيه ما تعجز هيئة الأمم المتحدة عن الوقوف عند أسبابه من انكسارات الحداثة, ما هو الدرس الذي يختط عنوة على سبورة ذاك المشهد المؤلم لأستاذ يهم بدفع الأمل بغد أفضل لطلبته, وإذا بالبنيان يسقط عليهم دون أن يعطي فرصة للحلم أن يرفع ستارة البداية, هذا الذي حدث لن يكون آخر لقطة في فيلم معاناة العراقي وهو يخط الطريق مؤمنا أن ابتساماته ما هي إلا محطات راحة على طريق الدموع, فكل بناء يتهدم دون حسرة, إلا بناء الإنسان, فكم إنسان تهدم بناءه أوصلنا لهذه اللحظة التي يخترق قداسة الدرس الأكاديمي فيها حسابات المال والسلطة والإرهاب.

أين الثواب والعقاب ؟, فبعد الاطمئنان على سلامة الدكتور عقيل جعفر الوائلي والطلبة المنكوبين من قبل رئيس قسم الفنون المسرحية الدكتور على محمد هادي ومن قبل الأستاذ عميد كلية الفنون الجميلة الدكتور فاخر محمد, في هذا المقام لا يصح إلا القول بكون هذه الجريمة لا تفتقد لأعقد دلائل ومقومات الجرم المتعمد, في حق الأستاذ والطلبة والمجتمع والعراق, في حق كل أمل بالخير المستند إلى تطور المجتمع وتقدمه إلى ما يضمن سلامة الوطن من جهل وتخلف عبث به طويلا, إنها العصا في العجلة, بكل ما في هذه الكلمة من معنى, تلك العجلة العراقية التي خطت ملامح طريقها الدموع والدماء, أن كان فينا شبه بارقة أمل بأن لا يتكرر هذا الحادث المؤسف, فيجب للأمل أن يستند على واقع وإلا عد من باب الخرافة, ونحن اليوم في عراق جديد لا يؤمن مواطنيه إلا بكون بناء الإنسان هو الأولوية القصوى لسياسة دولة ينتخبون حكوماتها وفق ديمقراطية يجب أن تضمن هذا البناء, من خلال محاسبة دقيقة لكل ثغرة تتحين الفرص بجدرانه, وهكذا فالذي وقع على الأستاذ الطاهر وطلبته الكرام ليس سقفا لقاعة بل إنذارا للدولة برمتها, بان البناء في خطر!.

الكاتب
سرمد السرمدي
ماجستير, فنون مسرحية,كلية الفنون الجميلة, جامعة بابل, العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انتهى العراق
وليد حنا بيداويد ( 2012 / 2 / 4 - 21:37 )
تحية لسرمد السرمدى، اخى العزيز العراق كبلد متطور علمانى انهار سقفه على رؤوس ساكنيه البالغ عددهم اكثر من خمسة وعشرون مليون مواطن، فقد كان انهيار قاعة كلية الفنون الجميلة تعد لا شئ مع امنياتى بسلامة الاستاذ والطلبة فى بابل ،، سلامات سلامات لكم جميعا ولكن من يقول لنا وللعراقيين سلامات يا سرمد، فالقاعة ستصلح باخرى لان الهدف من ورائها هو سرقة مبلغ اخر لبناء قاعة اخرى ولكن من سيصلح العراق مرة اخرى؟؟
اترك لك الجواب ولم يكن العراق حبيسا يوما وانما كان العراق حرا ابيا ولكن العملاء من وقع فى الفخ الاميركى هو الذى سبب فى انهيار قاعتكم وعراقنا
مع التحية

اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن|فيديوهات مرعبة! هل انتقلت البلاد إل


.. مصابون في قصف من مسيّرة إسرائيلية غرب رفح




.. سحب لقاح أسترازينكا من جميع أنحاء العالم.. والشركة تبرر: الأ


.. اللجنة الدولية للصليب الأحمر: اجتياح رفح سيؤدي لنتائج كارثية




.. نائبة جمهورية تسعى للإطاحة برئيس -النواب الأميركي-.. وديمقرا