الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق الانفصال وداعا ايها الكرد وداعا

خالد صبيح

2005 / 1 / 8
القضية الكردية


حينما تكف الأيدلوجية عن دورها المعرفي ستتحول بالضرورة إلى ممارسة مغرضة والى إطار ضيق يغطي ويبرر مصالح فئوية ضيقة ويغلفها بأردية شعاراتية براقة من غير أن يكف عن إلباسها لبوس حلم لأمة أو جماعة لتجتمع حوله فاصلة به نفسها عن همها الحقيقي ومتنازلة عن وعي تؤسسه لها الوقائع ومسارات الحياة لصالح وعي زائف يقدم الشعار والهتاف على الإنسان وقيمته ومصالحه.

ماذا سيكون إذا تحول الإنسان العاقل والفاعل الاجتماعي إلى كائن أيدلوجي؟ ألا يكف بذلك عن اداء دوره العقلاني في تنظيم حياته ورسم أهدافه وتحديد مصيره؟ ألا يتحول إلى قربان ساذج يضحي بنفسه وبمصالحه من اجل شعار يزيف كل المصالح ويضعها في كفة رخوة لا تستقيم مع حركية الحياة؟

على ارض الواقع عراقيا، بعد التاسع من نيسان، وقبل ذلك في أجندة ومخيلات الساسة الطامحين تطلع الكرد ومازالوا إلى وطن في رحم المرحلة القادمة وتأسس حلمهم ذاك على ارض الأيدلوجية غافلا الزمن وناسفا أكثر من ثمانين عاما من آلية انصهار تكاملي ـ متلكأ وقسري لكنه فعال ــ في بوتقة دولة معاصرة تطمح موضوعيا إلى تشكيل كيان امة عابرا للقومية والعرق. ولجأ ـ الحلم ـ إلى التاريخ والخرافة والى غنائية أو بكائية رومانسية أيدلوجية تصهر الحق، بعد أن تصيره تجريدا، لتنسف به الواقع ولتؤسس لنظرة وتاريخ جديدين للمكان مصنوعين بحذاقة.

حقا... ولم لا! فالكرد امة لها كل مقومات الاستقلال وإدارة نفسها وشؤونها بنفسها. وهم لديه لغة خاصة وبيئة اجتماعية وإطار جغرافي وأبنية عقلية خاصة ومشتركة وفوق هذا وقبله وعي قومي بضرورة وأولوية الاستقلال. في هذه الحالة سيكون من نافل الكلام لدى الطرف الآخر، الشريك ألقسري، حسب هذا الواقع الصريح، إطلاق مواقف تؤمن بالحقوق ولا تريد أن تمنحها.. معذرة، اقصد أن يفتح لها الطريق لتتحقق.

لكن الكردي أتقن اللعبة بعد مراس وبعد أن دفع ثمن ازدواجية وتصادم حلمه الأيدلوجي مع الواقع الذي يبشر بكيانية شاملة. صار يلعب اللعبة السياسية بمهارة يريد بها أن يتكلف الآخرون بخسارته أيضا. فاخذ يمارس لعبة المتاهة( الغميضة!) في السياسة ليتشبث بشراكة يريد أن يكون هو الرابح الوحيد بها. فهو متشبث بالبقاء ولكنه يعمل ويعيش لحلمه في أن يفارق شركائه (الأجلاف).

والكردي، المواطن والمتعلم والسياسي والمثقف القومي والماركسي ـ حتى الشيوعي ـ واللبرالي والحداثي أو( العداثي) إذا كان من أهالي اربيل، يعزف لحنا واحدا موحدا قومي النغمة ومتعصب. فقد تحول الكردي إلى كائن أيدلوجي صريح، استبدل وما يزال، رغم التبدلات بل وبسببها ربما، كل ممكنات الوعي بطبقة أيدلوجية كثيفة احادية يتراص الجميع بها وراء شعار ويتغافلون بل وينسون ان في واقعهم مرارات يراد لها أن تغطى وتنسى تحت لمعان الهدف القومي العابر للتاريخ والزمن. يتحول الخصم عندهم في تصيرهم الأيدلوجي ألشعاراتي كتلة متراصة من الأعداء الخارجيين ــ العدو الخارجي مرة أخرى، صرخة القومية المتعصبة الأبدية ــ فيصير عدو الكردي هو (الميت) التركي والشوفيني العربي والإسلامي فقط وليس ذلك الذي يتحكم بالثروة والسلطة والمقدرات أمامه وعلى أرضه. ويصير الكردي، أي كردي، صورة مجردة للنقاء الملائكي الخالص حتى وان كان سمسار سياسة لعوب ودجال مثل ( المام والأستاذ) ( جلال الطالباني) أو دعي قميء ك( نو شيروان) والقائمة طويلة. أيختلف هذا العقل وروحية هذه الممارسة كثيرا مع من صفه منطقه الجوهراني مع نظام صدام لأنه يتخاصم مع أميركا وإسرائيل؟

إنها آلية اصطفاف مصنوعة بحذاقة اعتاد دهاقنة السياسة أن يبدعون بها طالما بقي المواطن والجمهور مخدرا وممهورا بختم الأيدلوجية الشعاراتية.

لااقول ـ معاذ الله ـ إن الكرد لايجب عليهم الانفصال بل العكس عليهم الآن قبل غد أن يباشروا بمشروعهم بكل صدق وجدية ووضوح أيضا. فلا يمكن أن يتشارك في ارض واحدة ووطن واحد ومصير واحد قوم لايجيدون لغة بعضهم البعض ولايفهمون بعضهم وأكثر من هذا ينفر بعضهم من بعضهم الآخر وكثيرا ما يشك به ويكرهه والأكثر سخرية يستنكف منه.. فكيف سيعثرون على ما يجمعهم إذن وسط ذلك الاضطراب وتلك الأحقاد.

يصر دعاة انفصال الإقليم الكردي من جامعي التواقيع على أن يحدث الاستفتاء الذي يريدون أن يمرروا من خلاله مشروعهم، الآن.. الآن، الآن وليس في وقت آخر لأنهم يدركون، بالفطرة ربما، إن الجرح الكردي لايزال طازجا وان مفاعيل الضخ الأيدلوجي في كراهة الشريك العربي) والإبداع في وصف عدوانيته وتربصه ستفقد مفعولها تماما إذا ما حلت مشكلة العراق الأزلية واعني بها الديمقراطية السياسية والاجتماعية حيث سيتم التقارب والفهم وسوف لن يصوت من يستفتى عندها لصالح مشروع انفصال. ففي ذاك الزمن المريب ستجلى بعض مظاهر الحقيقة ويعرف الكردي، المضلل بالنفخ الأيدلوجي ألشعاراتي، إن شريكه (الجلف) هذا هو إنسان معذب ومضطهد ومدمن خسارات مثله وان لافرق حقيقي بينهما يستوجب تفارقهما. لكن ذلك مرهونا بزمن يكون الإنسان فيه قادرا على إسقاط الشعار ويتخطى قليلا تزييف الوعي. وذلك قد لايتحقق لأنه أيضا حلما يلامس اليوتوبيا وسيتعثر في شهقات الهتاف ويتوه في دهاليز الشعار.

أي خطاب يطرحه الكردي يكون اطلاقيا وقادرا بالضرورة على جمع الأمة والجموع حوله فهو حامل جوهر الحق مقابل جوهر الباطل لدى الخصم ـ الشريك. وان كانت تلك ليست صفة كردية بحتة فالكثيرون صاروا يتحدثون بخفة مخزية باسم كتل بشرية هائلة ومتنوعة من غير أن يصابوا بإحراج ساذج هو انهم في الغالب يمثلون أنفسهم فقط، هذا إذا استطاعوا أن يمثلوا أنفسهم فعلا. وبهذا سيرمي الكردي كل خلافاته، إن وجدت، خلف ظهره ويتفرغ للشأن الانفصالي. أليس هو حق تقرير المصير إذن؟ ومن يستطيع أن ينكر عليهم مثل هذا الحق الجلي؟

لكن ماذا ينتظرون. لماذا يجالسوننا ويشاركوننا الوطن الداكن وهم كارهون لنا؟. ليذهبوا تصحبهم كل هتافات السلامة والمحبة وسوف لن يختلف احد معهم على تفاصيل عابرة كأرض كركوك مثلا. ليأخذوها ان شاءوا فقط لكي لا يمسخوا البعض منا ويستنصرون لأنفسهم أكاديمي خذل السياسة وخذلته فاخذ يبحث عن موضع تحت الشمس فاتكأ عليهم و قاضي أدمن المديح ويخاف الحقيقة فاتكأوا عليه و ثوري منسي في الشمال الاسكندنافي أضاع قضيته فوجدها تدجيلا في قضيتهم.

معلومة:
تسعى الأحزاب القومية الكردية المتحكمة في ارض كردستان العراقي في تكريس استراتيجية إعلامية تستأجر بموجبها كتاب ومثقفين عرب ليدافعوا عن قناعاتها القومية لكي تكتسب تلك القناعات مصداق أوسع ومشروعية اكبر.

تعليق:

لايلام من يدفع اجر المغني فالعار عار المغني.

تماديت قليلا ؟
ربما
قد يصرخ الآن كردي يخنقه الغضب والتعصب والاشمئزاز:
آه، آه لو لم تكن تركيا المتربصة وإيران المتأهبة والسوريون، أللعنة حتى السوريون، لأقمنا دولتنا وألقمنا هؤلاء الأجلاف المتنطعين حجرا.

لكنني أقولها صادقا:

طالما أن كردستان هي العنوان الأول للهوية والتعريف. والعراق، أرضا وهوية، مرمي في زاوية مهملة، وطالما نحن العرب، الشركاء المقيمون في الجانب الآخر من شرخ الوطن، لدينا أيضا جذاماتنا ودماملنا الطائفية وقيوحنا المتعصبة فإذن ليس هناك بعد كل هذا ما يستوجب جمعنا.


ليذهب إذن كل منا في تشرذمه.


فوداعا أيها الكرد وداعا.



السويد
5-1-2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليونيسف: لدينا نحو 100 مليون طفل وشاب في القارة الإفريقية م


.. شهداء وجرحى نتيجة قصف إسرائيلي على محيط خيام النازحين غربي م




.. اعتقال سائحة أميركية اقتحمت مسجدا في يافا.. واعتلت منبره


.. اليونيسف: الأمور ستصبح أسوأ إذا لم يتم وقف إطلاق النار في غز




.. اعتقال نشطاء مناخ اقتحموا بطولة جولف في أميركا