الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يدين الشرقيون جميعابالعبودية لمن يحكمهم ,فهو الحر الوحيد

نبيل هلال هلال

2012 / 2 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عنـدما نكب العـالم العربى والإسلامى بالهجمـة الاستعمارية بعـد تقسـيم تركة الدولـة العثمانية، كانت القابليـة للاسـتبداد مترسخة فى الشخصية العربية على نحـو أصـيل، الأمـر الـذى حـدا ببلفـور - الوزير البريطانى صاحب وعـد بلفـور المشئوم- إلى أن يقـول: "... إن الأمم الغربيـة فور ظهورها فى التـاريخ تظهر تباشـير القـدرة على حكم الذات، لأنها تمتلك مزايا خاصة بهـا، ويمكنك أن تنظر إلى تـاريخ الشـرقيين بأكمله فيمـا يسمى بشـكل عـام، المشرق، دون أن تجـد أثـرا لحكم الذات على الإطلاق. وكل القرون العظيمة التى مرت على الشرقيين-ولقـد كانت عظيمة جـدا- انقضـت فى ظل الحكم المطلق. وكـل إسـهاماتهم العظيمة فى الحضارة الإنسانية-ولقـد كانت عظيمة-أنجـزت فى ظل هـذا النمط من الحكم. فقـد خلف فـاتح فـاتحا، وتلت سـيطرةُُ سـيطرةَ، غير أنك فى دورات القـدر والمصير كلها لاترى أمة واحـدة من هـذه الأمم تؤسـس بدافع من حركتها الذاتية ما نسميه نحن من وجهـة نظـر غربيـة، حكم الذات" .
ويقول الكواكبى: "فـإذا لم تحسن الأمة سياسة نفسها أذلهـا اللـه لأمة أخرى تحكمها كما تفعل الشرائع بإقامة القيم على القاصر أو السـفيه وهـذه حكمة، ومتى بلغت أمة رشدها استرجعت عزها وهذا عدل، وهكذا "إن اللـه لا يظلم الناس شـيئا ولكن النـاس أنفسـهم يظلمون" .
و"وصف أرسـطو الطغيان الشـرقى بأنـه النموذج الحقيقى للطغيـان، وهـو أيضـا وصف ظل يتكرر منذ عصر أرسـطو حتى يومنا الراهن! حتى إن الأوروبيين عنـدما "يسـبون" ملكا أو حاكما لاستبداده يصفونه بأنـه أقرب إلى الطاغيـة الشرقى؛ فالطاغية الشرقى "الشهير" يعامل المواطنين معاملة السـيد للعبيـد، وهاهنـا نجـد أصل الفكـرة الهيجيليـة التى تقـول إن الشرقيين كانوا جميعا عبيـدا للحاكم الذى ظل هـو وحده "الرجل الحر" فى الدولـة! والغريب أن أرسـطو أرسـل إلى تلميـذه الإسـكندر الأكبر رسـالة ينصحه فيها بمعاملة اليونانيين كقائـد، وأن يعامل الشرقيين معاملة السيد لأنهم بطبيعتهم عبيـد" ، كما يقـول: "إن الرجل الحر لا يسـتطيع أن يتحمل حكم الطاغية، ولهـذا فإن الرجل اليونانى لا يطيق الطغيان، بل ينفر منه، أما الرجل الشرقى فإنه يجده أمرا طبيعيا، فهو نفسـه طاغية فى بيته، يعامل زوجته معاملة العبيـد، ولهـذا لا يدهشه أن يعامله الحاكم هـو نفسـه معاملة العبيـد" .
وكان أرسطو يقصد بالطغيان الشرقى، ذلك الطغيان المستشرى فى الهنـد والصين وفارس ومصر وبابـل وآشـور، غير أن الديموقراطية قـد وجدت طريقها فى ما بعـد إلى الهنـد واليابـان وغيرهما, والبقية تأتى إن شـاء اللـه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشكرك سيد نبيل
اسامه السيد ( 2012 / 2 / 8 - 03:29 )
اشكرك سيد نبيل على كتاباتك التنويريه
وانا ممن يفضل ان تبتعد عن المقالات القصيره
وخصوصا وان مواضيعك من المواضيع الفكريه الكبرى
التي بحاجه لمساحه اكبر وشرح اكثر
وانا من احرص الناس على ما يكتبه
الاستاذ نبيل هلال هلال


2 - قد اختلف معك
وليد مهدي ( 2012 / 2 / 8 - 05:46 )
تحية لك استاذنا الفاضل

اختلافي معك في إن منظومة الفكر الشرقي تاريخياً مبنية وفق هذا النمط
علاقة العبد والسيد عبر مفتاحين اثنين :

المرأة و مؤسسة الحكم

لان الشخصية الشرقية شخصية رخوة بسيطة حسية عاطفية بوجه عام
شخصية تبحث عمن يقودها

وهي تنبع من تربية الامهات الشرقيات لاولادهن
فهي تعلم وليدها ميكانزمات الخضوع التي جبلت هي عليها

بالتالي .. حتى الطاغية نفسه .. يكمن في مكنون تربيته هذه السيكو ميكانزم في اعماقه حيث يتصرف باستبداد مطلق حين يجد نفسه حاكماً لان ميكانزما الخضوع هذه تنتفح على نقيضها

بالتالي
يمكن ان تتغير الشخصية العربية في اجيال قادمة لو تحررت المراة من قيودها الاجتماعية
حينها يمكن لها تربية نشيء جديد واجيال جديدة تتمتع بالروحية العالية التي كانت لدى اليونان والاوربيين المعاصرين
الاشكالية التي قد اختلف معك فيها هي :
هل يمكن تغيير المراة .. والنجاح في مؤسسة الحكم بالوصول بها إلى ديمقراطية حقيقية ؟
كم من الوقت يتطلب هذا ؟ وهل هذا ممكن ؟

في الحقيقة لست جبرياً بهذا الشأن
لكن التعمق الانثروبولوجي في المسالة يجعلنا بحاجة إلى انشاء ديمقراطية خاصة جدا


3 - بالمناسبة عن فيزياء العالم الآخر
وليد مهدي ( 2012 / 2 / 8 - 05:51 )
الاشكالية استاذي الكريم , وكما قرأتها حضرتك في مجلة تحديات ثقافية بموضوع فيزياء العالم الآخر

فإن نمطية العالم ما وراء الكمي الكوانتي الذي انجب هذا العالم المادي الحسي المعاين الملموس عصبياً

هي نمطية شمولية ديكتاتورية ..!!!

فمويجات الليزر .. تتصرف مثل الافراد في الشرق
تخضع لذبذبة ونمط واحد من التذبذب

اما مويجات الضوء العادي
فهي مثل الافراد الغربيين .. حرة .. تتحكم بذاتها ..!!

وكما اخبرتك في التعليق السابق
المسالة بحاجة إلى نقاش جوهري مستفيض يتجاوز علم الاجتماع .. إلى فلسفة العقل والوعي الإنساني لنفهم الفرق الطبيعي الجوهري بين الشرق والغرب

بالمناسبة كتاب جغرافيا الفكر لريتشارد نيسبت من سلسلة عالم المعرفة الكويتية تناولت هذه الفروق من ناحية اجتماعية سيكولوجية بالتفصيل

دمت بالف خير


4 - تحية للأستاذ أسامة السيد
نبيل هلال ( 2012 / 2 / 8 - 11:12 )
شكرا أخي الكريم لمرورك على المقال ,وأوافقك على أن المقالات القصيرة أقل قدرة على بيان الفكرة من نظيراتها الطويلة لكن قراء المقالات الطويلة قليلون , وما دام من بين القراء من يقدرون المقالات الطويلة -مثل سيادتكم - فليس أمامي إلا النزول على رغبتكم , وإنه لمن دواعي سعادتي أن تكون ممن يهتمون بمقالاتي ,ولك مني التحية والتقدير ,أخوكم نبيل هلال ,


5 - تحية للأستاذ وليد مهدي
نبيل هلال ( 2012 / 2 / 8 - 11:25 )
شكرا أخي الكريم على تعليقك على المقال ,وأرجو أن تسعدنا بمقالاتك الرائعة وألا تكتفى بالكتابة في مجلة تحديات ثقافية ,وشكرا لك .

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل