الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل لدى المسلم وقت للإنتاج؟

محمد أيتا

2012 / 2 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تردد كثيرا أن الوقت أغلى ما نملك، وهناك علماء مسلمون بينوا أهمية الوقت كالقرضاوي مثلا، ومن نافلة القول الحديث حول دور "الوقت" في حياة الإنسان خاصة المعاصر، فالتكاليف قد زادت، والوظائف تطورت، والالتزامات تعددت .... إلخ.
فلنر كيف يملأ الإنسان المسلم الملتزم وقته الغالي.
من المعروف أن المسلم عرضت أمامه آلاف الأعمال التي تقربه إلى الله، والجنة من جهة، وتبعده من الشيطان، والنار من جهة أخرى، أي "هناك أعمال مرغوب فيها، وأخرى منهي عنها"، وألف المنذري كتابه الشهير "الترغيب، والترهيب"، وبما أن الإنسان ـ داخل أي نطاق ثقافي ـ مجبول على حب التفوق، والتنافس ، فإن المسلم الحقيقي لا شك سيحاول أن يطبق أغلب تلك الأوامر" فذلك هو ما يمنحه "القيمة الاجتماعية"، بل و"الراحة النفسية"، أيضا، لثقته المطلقة بأنه يمتثل الأوامر كما يليق، فهو في التنافس كما أمر، "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".
هذا وتلك الأوامر تنقسم إلى أقوال، وأفعال، كما هو تعريف "ألعبادة" التي خلق الله الناس والجن من أجلها، "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، فلنتابع الإنسان الملتزم بأوامر ربه، ونبيه كما ينبغي "حسب المتفق عليه بين المسلمين" أي "المسلم السني السلفي المتوسط:
أول ما يستيقظ يقوم بأدعية، وشكر ربه ... ثم يبحث عن الماء، ويدخل الحمام، ويقوم بأدعية كذلك في الدخول، والخروج، ثم يتوضأ، أو يغتسل إن كان جنبا، ثم يصلي ما لا يقل عن 13 ركعة في الهزيع الأخير من الليل، ثم يبقى في مكانه في حالة استغفار، ودعوات ... حتى يؤذن لصلاة الفجر، ويتابع الآذان، ويختمه بأذكار الآذان، ثم يصلي ركعتي الفجر، ويغادر إلى المسجد، ويدخل متمتما بأذكار الدخول، ثم يصلي تحية المسجد قبل الجلوس، ثم يتنظر حتى تقام الصلاة، التي يفترض أن تستغرق نصف ساعة على الأقل، ثم يبقى في مكانه كي يغنم صلوات الملائكة عليه، مرتلا كتاب الله، حتى تطلع الشمس، ثم يدعو بدعاء طلوع الشمس، وله أن يبقى إلى صلاة الضحى، ثم يغادر إلى بيته مرطبا فاه بالحسبلة، والحوقلة، والاستغفار ..... حتى يدخل بيته مع دعاء دخول البيت، يفضل له أن يتعلم قليلا من دينه، "العلم الشرعي"، كالفقه، والتفسير، وحفظ بعض الأحدايث، حتى يحين وقت الضحى فيصلي، ويبقى إلى ما شاء الله، ثم يقيل ـ والقيلولة هنا مامور بها، فهي أيضا عبادةـ وبعد ساعتين يأتي وقت صلاة الظهر ثم يمشي ويسبغ الوضوء، ويصلي ركعتين مباشرة، ثم يمشي إلى المسجد كي يصلي تحية المسجد مع أربع ركعات، فينتظر للصلاة، ثم تقام صلاة الظهر التي يفترض أن تستغرق أكثر من نصف ساعة، على أقل تقدير، ثم يصلي أربع ركعات أو ركعتين، وينتظر حتى يقوم بأوراده الكثيرة فور الصلاة، ثم يعود إلى بعض الحاجيات، التي يجب أن تبقى في دائرة المباح، وفي هذا الوقت يجتهد المتقون، ويتفاوت المؤمنون، إذ هو وقت "العمل التطوعي"، فثلا يزور الملتزم المتقي بعض أقاربه، أو يقرأ ما لا يحصى من الآيات القرآنية، ... ونحو ذلك، حتى يؤذن لصلاة العصر، فيترك كل عمل حتى ولو كان طبيبا في غرفة العمليات الطارئة، فلا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، ليقوم بمثل ما قام به عند صلاة الظهر، تماما، لولا الخلاف البسيط حول التنفل بعد صلاة العصر، ومن المعروف أن ما بين العصر، والمغرب لا يكفي حتى لحفظ مائة حديث، وتلاوة الحزب القرآني ... فضلا عن بعض الأعمال الدنيوية الزائلة، وقبل غروب الشمس هناك مجلد من الأقوال، يقال له "أذكار المساء"، ذكرها النووي، في كتاب الأذكار، لكنه لم يحصها كلها، ففي "حصن المسلم" أذكار لا توجد عنده، تستغرق أكثر من ساعة لا شك، ثم يؤذن للمغرب، كي توجه مرة أخرى إلى المسجد قبل الإقامة بخطوات متثاقلة، فبكل خطة ترفع درجة، وتمحى خطيئة .... وغالبا ما يبقى المتقي في المسجد هناك حتى يصلي العشاء، ثم يؤدي "الشفع والوتر"، ثم ينام بعد عدة أدعية، لأنه يكره الكلام بعد العشاء، في حديث متفق عليه، وبذلك يستطيع القيام في آخر الليل، كي يتمتع بمناجاة الله، ويستقبله عندما ينزل إلى السماء الدنيا، حينها تقبل دعوات القائمين آناء الليل، وأطراف النهار، وهكذا سيرقد أخونا مهموما بهل "ستقبل هذه الأعمال أم لا؟ ، وما ذا لو أن كل ما قمت به خلال 24 ساعة مآله الفشل، فلا أحد يدخل الجنة بعمله، حتى محمد خير خلق الله.
لا أظنني زدت، بل نقصت في محاولة سرد ما يمكن تسميته بيوميات المسلم الحقيقي، الذي يتمناه كل مؤمن، هذا بعيدا عن الأوراد الصوفية، والزوايا ... والحقات العلمية ... ونحو ذلك.
لن أسجل تساؤلاتي حول ما ذا سيقدم هذا النموذج للأمة؟ وللعالم، وما ذا سيقدم حتى لأسرته؟ بل كيف تعيش أمة من الأمم ، عندما تطبق هذا النموذج، كما ينبغي، فالمطلبو هو أن يكون الجميع هكذا، لأن الأوامر الإسلامية لا تخص أحدا دون آخر، بل هي خطاب رباني موجه إلى كل مكلف، ذكرا كان أو أنثى ......، فذلك دور القراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العمل عبادة ولكن بشروط
Amir_Baky ( 2012 / 2 / 10 - 06:02 )
مقولة العمل عبادة كذبة كبيرة يرددها البعض. فكيف يكون عبادة و يتم تعطيلة مع كل وقت صلاة و كأن مصالح البشر لا قيمة لها وكأن سرقة وقت العمل حلال تحت مبرر الصلاة. كيف يكون العمل عبادة و معظم شعوب الدول الخليجية يستقدمون عمالة أجنبية لعدم مبالاتهم بالوظيفة وقيمة العمل و الإنتاج. فحتى النفط الذى يخرج تحت أقدامهم أستدعوا شركات أجنبية لإستخراجه. وحتى العمل لحماية البلد تم أستبداله بإستدعاء جيوش أجنبية للقيام بهذا الدور. وتاريخيا لم يكن للبدو عمل سوى الرعى أو قطع طرق القوافل لسرقتها أو نظم الشعر. فهذة الثقافة لا تبجل دور العمل و الإجتهاد فيه. والعجيب أن يتم التفاخر بهذه العادات و إعتبار الغرب مسخر لهم. أو أن الله أعطى لهم هذه الخيرات لكى لا يعملوا. والسؤال الأهم ماذا لو نضب البترول؟ هل سيتم تبجيل العمل من تلك الشعوب أم سنسمع تحليلات دينية بوجوب فرض ضرائب الخراج على المجتمعات الغير خليجية وتحويلها لبلادهم كما فعل السلف الصالح


2 - اين دعاء اللعنه .....؟
سلام صادق ( 2012 / 2 / 10 - 07:19 )
سيدي محمد أيتا جهودك مشكوره على هذا الايضاح الوافي والشامل للوقت الذي يصرفه المسلم لمناجات ربه ومع ذلك يكون ليس متيقنا من قبول ربه لهذا الوقت وبكل تاكيد ربه لا يقبل صلاته لانه يعلم ان المسلم يردد نفس الكليشه اليوميه بلسانه فقط وليس من قلبه اي مثل الببغاء...واعتب عليك لانك استقطعت من جهد المسلم ونسيت الجهد والوقت الذي يبذله اثناء دعاء اللعنه والسباب والشتائم ضد النصارى واليهود والعلمانيين والكفار وامريكا والغرب وقد يتجاوز هذا الدعاء لاكثر من ساعه وهو بمثابه تنفيس للمسلم من الاحتقان..فهل بعد كل هذا المجهود تطالب المسلم بالعمل والانتاج ؟ كن رحيما ومنصفا يا اخي....تحياتي


3 - amir baky
محمد أيتا ( 2012 / 2 / 10 - 12:54 )
تحيتي لك منورا جليلا، لقد نطقت بالحق، وبقي أن تشير إلى أن أولئك العمال الأجانب يمثلون سفراء الاحتلال بكل ما تعنيه الكلمة، بل ينوبون عنه، فالله أعلم كم هم يتحكمون في شؤون الدولة، فهم في خدمة أوطانهم لا شك، ويكفي جانب المخابرات دليلا على ذلك.


4 - سلام صادق
محمد أيتا ( 2012 / 2 / 10 - 12:57 )
لك كل شكري، وقد اعترفت أنني لم أستوف الموضوع حقه، ولم أذكر كل شيء يقوم به المسلم خلال ليله، ونهاره، وما ذكرت أنت ـ لا شك ـ من ضمن ما ينفق فيه وقته المهدور.
بقيت أخي منورا.


5 - ورمضان
الحبيب بن علي ( 2012 / 2 / 10 - 22:18 )
يبدو ان الكاتب نسي شهر الصيام وفيه تتعطل الدورة الاقتصادية بالضافة الى تصاعد مهمل للاستهلاك ويصاب الجميع بشلل عضوي وفكري تحية للكاتب على مقاله ونرجو له ولنا التوبة


6 - وردية بالليل
‎هانى شاكر ( 2012 / 2 / 11 - 01:55 )

حتى بالليل .. لا يعمل .. بل تعمل الملائكة نيابة عنه :

من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: -إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح- [في المسند .. ورواه أيضاً البخاري ومسلم].


7 - الواقع المر والاليم
سعدون ناصر ( 2012 / 2 / 11 - 07:22 )
الاستاذ محمد المحترم
ماذا بشأن الوقت المهدور في المسيرات الدمويه من ضرب الصدور والرؤوس والاحتفالات والمناسبات التي يبلغ مجموع وقتها الاشهر . وهي تتكرر كل سنه . اتسائل كيف السبيل للتقدم وكيف (تؤخذ الدنيا غلابا ) كما قال المرحوم احمد شوقي -
الحقيقه انهم خارج التاريخ - دمتم لخدمة الحقيقه -


8 - دار الفناء
سعد الخير ( 2012 / 2 / 11 - 19:35 )
وما الداعي لشغل انفسنا بالدنيا وهي دار فناء وعمل المسلم الصالح ان يستغل الدنيا للوصول الى الجنه في دار البقاء ونترك الدنيا للكفره احفاد القردة والخنازير يخترعوا لنا ويزرعوا لنا ونحن نقلدهم كالقرده ونأكل مايزرعون كالخنازير ثم ندعوا بالنصر على عدونا من عنده تعالى ونقول الحمد لله الذي سخر لنا هذا وماكنا اياه مقرنين وكما ترى لاداعي لكل ما تلمح له من اننا لانعمل ولاننتج فنحن خير امة اخرجت للناس وعلى بقية الامم ان تخدمنا لكي يوفروا الوقت لنا للصلاة والدعاء لندخل الجنه ونتركهم على ابوابها في احسن الاحوال او نرسلهم الى الجحيم لاننا اذكى منهم نتركهم يعملون لاجلنا بينما نحن نركع وننكح ونسجد وندعو فندخل الجنة امنين ونجلس على سرر متقابلين وعلينا ثيابا من سندس واستبرق لوقت قصير ثم نخلعها فور قدوم الحور او الغلمان حسب الميل الجنسي لدى المؤمن ولك تحياتي والى اللقاء في جهنم لاننا لسنا من المؤمنين الصالحين لدخول الجنه


9 - إلى بقية القراء
محمد أيتا ( 2012 / 2 / 15 - 12:42 )
أشكركم جميعا على هذا التفاعل ....
فعلا، بقي العديد من الأعمال التي أهملتها، وذلك مما يؤكد ما أشير إليه من تبذير المسلمين لوقتهم، ومن ثم فقر كبير في ثورة الوقت ينهك جسد الأمة الإسلامية .... وكم تمنيت أن يدرج أمثال الدكتور كامل النجار هذا الجانب الهام في كتاباتهم -استهلاك الوقت في الإسلام-، ونعلم أن الأستاذ جمال البنا أشار إلى المشكلة في كتيبه القيم، -جناية قبيلة حدثنا-، ولكن ليس بالشكل الذي نريد، فهو كما هو معروف -ليبرالي- تقريبا، والليبراليون هم حراس الكنائس والمساجد، ولولاهم لما بقيت للأديان من باقية ... في عصر -العلم-.

اخر الافلام

.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع


.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية




.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا


.. 161-Al-Baqarah




.. 162--Al-Baqarah