الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


70 عام بين القصيمي والكشغري ولا زالوا حمقى

حسنين السراج

2012 / 2 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عبد الله القصيمي مفكر سعودي متفرد من مواليد عام 1922 بدا متشددا مدافعا عن السلفية بكل ما لديه من تطرف ثم تحول في منصف الأربعينيات الى أسلامي منفتح ناقد للذات وألف مجموعة كتب في هذا المجال أبرزها (هذه هي الاغلال ) فوجهت له مختلف التهم وقوبل بهجمة شرسة وأصبحت مفردة ملحد مرادفة لاسمه . في منتصف الستيتيات تحول من أسلامي منفتح وناقد للذات الى أنسان متمرد على الواقع الديني ومنتقد للواقع الأجتماعي والديني بجراة لا نظير لها وألف في هذا المجال مجموعة كتب من أبرزها ( يكذبون كي يروا الاله جميلا) . مع أنه لم يصرح في أي من مؤلفاته بأنه لا يؤمن بوجود الله ألا أنه أتهم بالالحاد !!! . أنتقل من السعودية الى مصر واقام فيها وتعرض لضغوطات كبيرة ومحاولة اغتيال وثم أنتقل الى لبنان وعاد مرة أخرى الى مصر ومات فيها في منتصف التسعينيات .
يقول القصيمي : (أيماني بالله والأنبياء والاديان ليس موضوع خلاف بيني وبين نفسي أو بيني وبين تفكيري . ... لو أني نفيت أيماني بالقول لما صدقت أقوالي , فشعوري أقوى من كل أقوالي ! ) لكن هذا الكلام ليس له قيمة في نظر منتقديه وبقيت تهمة الالحاد ملاصقة له .
سأعرض نموذج بسيط من اقوال النخبة المفكرة عنه حينها وهو قول أحد الكتاب البارزين :
أن اراء القصيمي السلبية الى أقصى الحدود سيكون من نتائجها نكبة أعظم خطرا من تلك النكبة الحربية (نكبة حزيران) لأنها ستقتل الانسان العربي وتقضي على كل أيمان وقوة فيه وعندئذ لن تقوم للعرب قائمة .
أذا كان هذا القول يصدر من شخص يعتبر من النخبة فما بالكم باراء رجال الدين المتشددين وعامة الناس من المتدينين وحتى غير المتدينين .
حمزة الكشغري شاعر سعودي شاب في بداية عقده الثاني كتب في يوم مولد النبي محمد وعلى صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي تويتر :
في يوم مولدك لن أنحني لك، لن أقبل يدك، سأصافحك مصافحة الند للند وأبتسم لك كما تبتسم لي، وأتحدث معك كصديق فحسب وليس أكثر ... سأقول لك أنني أحببت أشياء فيك وكرهت أشياء.. ولم أفهم الكثير من الأشياء الأخرى... في يوم مولدك سأقول أنني أحببت الثائر فيك.. وأنني لم أحب هالات القداسة، لن أصلي عليك
على أثر هذه الكلمات تم أعلان حالة الاستنفار الجهادي وكتب الشيخ الدكتور سعود الشريم شعرا جهاديا يقول فيه :
ياكشغريُّ لقدْ كشفتَ خفاكا
وكفرتَ بالرِّبِ الذي سوَّاكا
وخرجْتَ مِن ْدينِ الإلهِ مُذمَّماً
بمقالةٍ فيها الرَّجيمُ رقاكا
وقَدَحْتَ في شَخْصِ النّبيِّ محمدٍ
فحفَرْتَ يا صِنْوَ الرَّجيمِ ثراكا
ياكشغريَ اللؤمِ ياحِلْسَ الرَّدى
ويْحَ الذي بسفالةٍ دســَّـاكا
أنت السَّفيهُ فقدْ شتمتَ محمداً
يا ويلَ من يحميك أو يرعاكا
أما عن ردود فعل عامة الناس فقد تم أعلان حالة الاستنفار العام في الدفاع عن الدين ورفع رايته عاليا وأبسط ما قيل عنه:
- نحري دون نحرك يا رسول الله والله لن نقبل الا برأس هذا الزنديق المرتد الفاجر لتدوسه اقدام الكلاب في المملكة
- اللهم عليك بهذا السافل الجاهل اللهم فشل يداه ورجلاه اللهم أرنا فيه وفي من يدافع عنه عجائب قدرتك
- ليس بغريب في من جعل قدوته عملاء الأمة الإسلامية لا تقول اشتهر فهذه الشهرة لا يفكربها من كان به أحساس انه من البشر .. جزاء الله الغيورين على الامة و المنصفين على نصر الحق .
بعد أن وجد الكشغري نفسه محاطا بهجمة استثنائية من المدافعين عن الدين حاول تخفيف وطاة الهجمة فقال :
(والله لم أكتب ما كتبت إلا بدافع الحب للنبي الأكرم، ولكنني أخطأت وأتمنى أن يغفر الله خطأي وأن يسامحني كل من شعر بالإساءة)
لم ولن يفيد أي كلام يقوله الكشغري مدافعا عن نفسه فقد رفعت الاقلام وجفت الصحف . وثبت الكفر والالحاد والزندقة .
قبل فترة شاهدت تقرير عن القرود وكان هناك قرد صغير السن يحاول تقليد الكبار في أن ياكل النمل من باطن الأرض بواسطة خشبة صغيرة فلم يكن يجيد العملية فقام قرد كبير السن كان يراقبه بتعليمه الطريقة الصحيحة وبعد أن قام بالعملية أمامه أكثر من مرة تعلم القرد الصغير وخلال أقل من خمس دقائق تعلم القرد وباتقان كيفية أكل النمل من باطن الارض بواسطة خشبة صغيرة .
مر على ظهور القصيمي كظاهرة مثيرة للاهتمام اكثر من 70 عام ومن ذلك الحين الى الان ظهر عشرات وعشرات رجال الدين المتنورين والمفكرين الواقعيين وكل واحد منهم كتب عشرات الكتب في سبيل ايصال فكرة أن :
- الفكر يواجه بالفكر
- حرية الفكر مكفولة للجميع
- الدين والتدين شيء شخصي
- باب النقد مفتوح ما دام لا يصل الى قمع الاخر وألغائه
- الكلمة تقابلها بكلمة وليس بسيف
هذه النسبة من البشر الذين يعتقدون أنهم اولياء أمر الله ورسوله كانوا حينها حمقى ولم يفهموا أن عليهم قبول الرأي الاخر ومواجهته بالكلمة . ومرت 70 عام وورثوا هذه الحماقة للجيل الذي تلاهم وبعد 70 عام وفي عام 2082 سيظهر شخص اخر يفكر بصوت عالي وسينجب الحمقى حمقى مثلهم ويتهموه بالألحاد . ولن يفيد معهم ملايين المجلدات التي تتحدث عن حرية الرأي وقبول الرأي والرأي الاخر وسيبقون حمقى واغبياء يتسمون بالبلادة . هذا القرد الصغير تعلم مهارة جديدة في أقل من خمس دقائق وهؤلاء الحمقى لم ولن يتعلموا مهارة قبول الرأي الاخر ومواجهته براي مثله ولا بعد خمس قرون . يتهمون الناس بالألحاد وهم لا يعرفون ماهية الايمان !!!
تصعد عندهم الغيرة حين يفكر أحدهم بصوت عالي لكن تختفي غيرتهم حين تنتهك حرمة الانسان وحين تتعرض النساء للأغتصاب وحين يقتل الناس بالجملة بأسم الدين الذي يدافعون عنه . تعسا لكم ولمشايخكم ولكل من علمكم أن الله عينكم ناطقين باسمه ومدافعين عنه . تعسا لكم يا من لا تفهمون معنى قيمة الانسان . تعسا لكم يا من تتملقون لله وتتزلفوه لتحصلوا على مكاسب في الاخرة . أقوام بدائية سادية يتمنون موت مخالفيهم ويتمون التمثيل بجثثهم . وفوق هذا يتمنون مشاهدتهم وهم يتعذبون في نار جهنم . تعسا لكم ولكل سادي مريض لا يستحق الحياة .
التفكير والنقد شيئان ملاصقان للانسان وطالما ان هناك دين فهناك نقد لهذا الدين وهناك من يفكر بصوت عالي . لا يوجد شيء اسمه أنسان يحمي الدين
الدين هو من يفترض أن يحمي الأنسان من خلال تنظيم علاقته مع الله ومع الاخر .
يقول عبد الله القصيمي :
الذي يقول أقاتلك دفاعًا عن الله أو عن الحرية أو عن النظام والعدل إنما يعني الدفاع عن أسلوب من الحياة قد رتب مصالحَه عليه ... إننا لا نعادي المخالفين لنا لأنهم ضد الفضيلة أو ضد الإيمان والحق ، ولكن لأنهم ضدنا . إنهم مخطئون لأن إرادتهم ومصالحهم تناقِض مصالحنا وإرادتنا .
المصادر :
أنظر-ي
1-حسنين السراج - الحوار المتمدن - الأنسان وحده تحدث عن الالهة ودعى الى الايمان بها ... عبد الله القصيمي
2- سي ان ان - اجراءات بحق صحفي سعودي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل يسمعون صوتك ويفكرون؟؟؟؟
حكيم فارس ( 2012 / 2 / 10 - 19:51 )
عزيزي الاستاذ حسنين السراج حقيقة انا شديد الاعجاب بمقالاتك فأنت تخاطب العقول واكيد سيسفيد كل من سيستخدم عقله ويفكر بما تقول ولكن المشكلة ان هناك نوعية من امة اقرأ ..تقرأ فقط لانه ممنوع عليهم التفكير لانه قد يدخلهم في دائرة الشك في الايمان ولسان حالهم يقول ...اقرأ ولا تفهم ولا تفكر...فهناك شيوخ يفكرون عنك ويقررون وما عليك الا القبول والتنفيذ ولك كل الاحترام والتقدير


2 - الشاعر حمزة كشغري يواجه حد الردة
حكيم فارس ( 2012 / 2 / 10 - 19:54 )
يواجه الشاعر السعودي حمزة كشغري عقوبة الموت وقطع الرأس بعد ان اعلنت هيئة الافتاء السعودية بانه كافر وتقول بعض الاخبار ان ماليزيا التي هرب اليها الشاعر قد القت القبض عليه وغير واضح حتى الان هل انها ستسلمه للسلطات السعودية ام لا علما ان الشاعر اعتذر على صفحته في توتر وحتى اعلن التوبة والاعتراف بالخطأ طبعا تحت ارهاب السيف المسلط على عنفه الا ان كل ذلك لن يجدي انظروا كيف انه دين الرحمة وكم هم اتباعه رحماء
http://www.alarabiya.net/articles/2012/02/07/193207.html


3 - مساندة
متمرد ( 2012 / 2 / 10 - 21:19 )
اطالب كل المتنورين وكل مدافع عن الحرية مساندة حمزة الكشغري اقلها بكلمة حق وانصاف لهذا الثائر


4 - الى الاخ حكيم فارس
حسنين السراج ( 2012 / 2 / 11 - 13:22 )
ممتن جدا اخي الكريم على اطرائك و مشاركتك القيمة ... لا اعتقد ان هناك امل في ان يتغير هؤلاء ويشغلون عقولهم الا من لديه حافز اصلا للتغير ... بصراحة لا اجدهم امة اقرا ولا هم يحزنون فهؤلاء لا يقراون الا ما في قراءته فائدة ومكتسب اخروي لذلك لا ينفع فيهم الا دولة علمانية قوية تقف في وجههم وتسكتهم وتخلص الناس من شرورهم كتركيا ... ونحن مع الاسف الشديد نخاطب أنفسنا فقط وندردش فيما بيننا كمجتمع حر متمدن لم يعد يطيق أن تسلب أرادته من اغبياء لا يعرفون ماهية الايمان ويتهمون الناس بالالحاد ... ممتن جدا مرة اخرى مع خالص التقديروكل الامتنان


5 - الى الاخ متمرد
حسنين السراج ( 2012 / 2 / 11 - 13:24 )
تحية لك اخي الكريم على غيرتك العالية على قدسية الانسان وقدسية الرأي والراي الاخر مع خالص التقدير وكل الامتنان


6 - كلنا حمزة كشغري
مدحت محمد بسلاما ( 2012 / 2 / 12 - 08:53 )
سيف الإسلام مسلّط على رقابنا حميعا من قبل مافيات الدين وتجاره الذين يرتعبون من حرية الفكر ومن المفكرين الذين يشغلون عقولهم ويحكمون منطقهم لقول كلمة حق . أتمنى على الحوار المتدن وعلى كل الكتاب والكاتبات الوقوف للتضامن مع هذا الشاعر المضطهد من قبل ذئاب كاسرة وشيوخ تعتيم وتضليل يكفرون ويحكمون باسم إله شيطاني. إلى متى سنصمت عن هذا التخلف الإنساني الذي حولنا إلى أتعس أمة عرفتها البشرية؟

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب