الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية مأساوية لرجل متفاءل

شريف صالح

2012 / 2 / 12
المجتمع المدني


لا يظهر في صوره إلا مبتسماً، وقد صفف شعره بعناية، و وضع يديه بطريقة تنم عن الثقة والإصرار وتحديد الطريق. آخر ما يخطر على بال المرء أنه أمام رجل تجاوز الستين من عمره، لأن هيئته لا تفارق حيوية الشباب وكلامه يفتح دائماً نافذة للأمل والحلم والطموح.
ومع خبر النهاية التي لم تخطر على بال أحد، ولا على باله هو شخصياً، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي آخر تغريدة له في موقع "تويتر":" ابتعد عن الأشخاص الذين يحاولون التقليل من طموحاتك، بينما الناس العظماء هم الذين يشعرونك أنك باستطاعتك أن تصبح واحداً منهم".
كأنه يحدث نفسه، يخاطب الشاب إبراهيم محمد السيد الفقي الذي فرضت عليه قسوة الغربة في كندا أن يعمل في مهنة غسل الصحون، وهو مشدود إلى أسطورته الخاصة التي لم تتحقق بعد.
كان يدرك أن في داخله نفساً عظيمة، أو كما قال في تغريداته الأخيرة:"إن الشيء الذي يبحث عنه الإنسان الفاضل موجود في أعماقه" بتلك الروح، والعزيمة، تحدى الغربة والفقر وطوى مرحلة غسل الصحون حتى أصبح خبيراً عالمياً في التنمية الذاتية والبرمجة العصبية واستثمار طاقات الإنسان الكامنة. ربما يكون أول من التفت إلى تلك النواحي في عالمنا العربي الغارق في بحار الإحباط واليأس والفتن والكآبة حيث يندر أن ترى رجلاً مبتسماً.. رجلاً يرى الجانب المشرق للأشياء، ولا يعرب إلا نصف الكوب المملوء.
لقد سخر الفقي ما حباه الله من قدرة على الإقناع، وروح إيجابية، كي يحقق النجاح لنفسه وللآخرين أيضاً.. فهو يدرك أن السعادة لا تتحقق فقط بإسعاد نفسك، وإنما بأن يكون لك دور في إسعاد الآخرين. فلا يسعد وحده إلا مجنون!
انتبهتُ إلى إبراهيم الفقي قبل حوالي سبع سنوات خلال حوار تلفزيوني، ولفت نظري أنه يتحدث عن الأمل، والرضا بما أعطاه الله لنا، عن عدم الخوف من السقوط لأنه يعلمنا كيف ننهض. بينما الآخرون لا يتحدثون إلا عن الفساد والنهب والرشوة وانهيار الدولة والبطالة والمؤامرات والموت لأميركا. كان خطابه مثل وردة تفوح بالعطر وسط قفر من الحجارة والأشواك.
لا أنكر أنني أبديت تحفظاً على تحويله "الأفكار" إلى "بيزنس" رائج من خلال شركاته المنبثقة عن "المركز الكندي" للتنمية البشرية، والبرمجة العصبية، والتنويم بالإيحاء وغيرها.. إضافة إلى عشرات الكتب المطبوعة والمسموعة مثل: الأسرار السبعة للقوة الذاتية، والمفاتيح العشرة للنجاح، قوانين العقل الباطن، طريقك للتميز. وكذلك الدورات والورش التي أصبح نجمها الأشهر في العالم كله باللغات الثلاث: العربية والانكليزية والفرنسية، وتجاوز عدد المنتسبين فيها سقف المليون!
حتماً حقق من وراء ذلك كله ثروة لا بأس بها، لكن لما لا؟! فهو لا يتاجر في الممنوعات ولا يضلل الآخرين للتكسب من ورائهم، بل يغذيهم بأفكار تجعلهم أكثر اتزانا ونجاحا وسعادة، يمنحهم ما لا يمنحهم الرؤساء والملوك، وهو الأمل.
وبغض النظر، عن أية تحفظات على مشروعه، إلا أنه عاش إنساناً نبيلاً متواضعاً، صديقاً لكل إنسان يعيش أزمة مع نفسه أو مع الآخر. وبرغم مأساوية النهاية، إلا أن إبراهيم الفقي المولود في الإسكندرية في 5 أغسطس عام 1950 والذي غيبه الموت في القاهرة في 10 فبراير عام 2012 أتم أسطورته الذاتية، واكتملت رحلته في الحياة، عائداً إلى مسقط رأسه كي يدفن هناك، بعد أن أسعد الملايين ووهب حياتهم معنى، و وضع لنا في نافذة الوجود وردة لا تموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة عارمة بين عائلات الأسرى الفلسطينيين


.. عودة مرتقبة لمئات الآلاف من النازحين إلى شمال غزة ضمن اتفاق




.. -نتنياهو حمل خريطة لها في الأمم المتحدة-.. وزير إسرائيلي ساب


.. الأسرى المبعدون إلى خارج -فلسطين-.. ما مصيرهم؟




.. ميلوني تدافع عن ترحيل أمير حرب ليبي مطلوب دوليا وتنفي تورطه