الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عيد الحب

عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)

2012 / 2 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في عيد الحب قبل سنوات قامت مجموعة من الشبان في إحدى البلدات الأردنية بطلاء "حمار" باللون الأحمر والطواف به في الشوارع، في إشارة منهم على ازدراء هذه المناسبة "الشيطانية". وقامت إحدى الدول العربية بتحريم كافة مظاهر الاحتفال بهذا اليوم، فمنعت تداول أي منتج باللون الأحمر، وأعدمت مئات الورود، وفرضت حراسة مشددة على كل طاولة تصلح للقاء عاشقَيْن !!

البعض علَّلَ تحريمه لعيد الحب بأنه من المفروض على المؤمن أن يحب الله فقط، ولكن هل من يحب الله يكره أخاه الإنسان، خاصة إذا كان مختلفا معه في الدين أو في الطائفة ؟! في الحقيقة أن من يرفض عيد الحب، يرفض الحب نفسه، وسيرفض بعد ذلك الفن والجمال وكل ما يتصل بهما من معانٍ وقيم سامية، وبالتالي سيدعو للكراهية حتى لو لم يدرك ذلك، لأن غياب الحب يفتح باب الكراهية.

والكراهية سبب كل الشرور، وسبب وحشية الإنسان، وهي اللحظة النهائية التي تسبق العنف، وأينما تحل الكراهية يختفي الحب، ويبدأ الناس بالاعتداء على بعضهم بالغش والقتل والخداع، وهذه إن كانت مجرد حروب صغيرة تجري فصولها كل يوم على مسرح الحياة، إلا أنها هي التي مهدت للحروب الطاحنة التي اجتاحت البشرية منذ آلاف السنين؛ حيث شعوب تقتل بعضها، وقبائل تغزو قبائل، ودول كبيرة تدمر دولا أصغر.

لا يقضي على الكراهية إلا الحب، ولا يغير الإنسان إلا الحب؛ لأنه ببساطة نقيض الكراهية، فهو الذي يسمو بروح الإنسان ويهذبها، وإذا ما سكن قلب الإنسان غمره بالسعادة؛ فقد أظهرت التجارب أنه تحدث لدى الشخص المحب تغيرات كيماوية ملموسة في بعض أجزاء المخ، تنشِّط مشاعر الثقة والارتباط الاجتماعي وتجعله يتغلب على مشاعر الانطواء والأنانية، وبالتالي تتعزز لديه المشاعر الإيجابية، فلا يعود مهتما بالسيطرة على الآخرين. وإذا شاع الحب في المجتمعات، سيتخلى الناس عن ثقافة الكراهية والإقصاء، وسيحل التسامح والتعايش بدلا منهما، والسلام بدلا من الحروب، وستختفي مظاهر العنف.

الحب ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة، إنه اختبار المراهق الأول للحياة، هو ارتباك العواطف، ودفقة الدم الطازج من نجيع القلب يضخها في شرايين الحياة، هو لوعة الحنين، وسهر العاشق وحيدا في عتمة الليل، هو لهفة اللقاء، ووجع الفراق، هو فرحة الطفل بلقاء أبيه وعيناه مركزتان على ما يحمل في يديه، هو تسريحة الأم لجدائل طفلتها وهي تُعدها للمدرسة وتلحقها بكوب الحليب، هو دمعة الأم إذ تودع ابنها المسافر، هو حرقة القلب على من فقدناهم، هو بسمة الشهيد قبل أن يصعد إلى حتفه طائعا، هو ترنيمة العابد، وابتهال الساجدين للخالق العظيم .. هو سر الوجود.

ألا يستحق الحب منا أن نخصص له يوما في السنة، فنهدي من نحب وردة ؟ بغض النظر عن لونها !! ألا يستحق من نحب أن نحتفل به ساعة مع شمعة تحترق معها خطايانا ونجدد من خلالها الأمل ؟ ألا تستحق العواصم العربية التي تتساقط تباعا على يد المحتل غضبة مضرية أعنف من غضبة البعض على عيد الحب ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المرأة ليست كما تظن
ماجدي ماجد ( 2012 / 2 / 17 - 09:29 )
إنني أرى أن حياتنا نحن العرب تماما مثل حياة المخلوقات المتوحشة التي تعيش بالغابات. وهذا ينطبق على الجنسين الرجل والمرأة.

المرأة تعيش بيننا ولكنها أيضا تمتلك من حُب الذات والانانية مصحوبا بفقدان القدر المناسب من الحكمة والعقلانية ما يجعلها إنسانه تفتقد الى الكثير من معاني الانسانية.

ومن الصعب أن يستوعب ما اقوله، الا من سمحت له الظروف والتجارب معرفة تلك الحقائق ... فالمرأة قاسية جدا ... اكثر مما يتخيل أي انسان رومانسي.

اشكر الكاتب ..

اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية