الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجاءا ..اتركوا شهداءنا وشأنهم!

كمال يلدو

2012 / 2 / 13
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


ربما تكون من المصادفات اللعينة ان يقترن شهر شــباط بذكريتين أليمتين في تأريخ الحزب الشيوعي العراقي ، اولهما اعدام قيادته التأريخية في 14 شباط 1949 والثانية في انقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 ، والذي دفع فيه الشيوعيون والديمقراطيون وحتى عامة الناس ثمنا باهضا لحرية انتمائهم او معتقداتهم السياسية. رغم ان مسيرة التضحيات لم تتوقف امام هذين الحدثين وأستمرت لتتوج بالحملة الشرسة التي قادها صدام حسين ابتداءا منذ 1978 حتى سقوط نظام البعث ، وأستمرارها لليوم في اساليب مستجدة اما بالتفجير او الدهس او استعمال كواتم الصوت ، لكن الشيوعيين اختاروا ان يكون يوم 14 شباط من كل عام ذكرى استذكار كل شهداء الحزب ، ابتداءا بقيادتهم التأريخية وصولا الى أي صديق او صديقة وهبا حياتهما في سبيل الأفكار التي اعتنقوها او حفاظا على اسرار التنظيم كما هو معروف. وبقدر ما تساهم هذه الذكرى في شحذ الهمم الثورية لدى الشيوعيين ، وتدعوا الى احترام الشهداء والأعتزاز بعوائلهم وزيارتهم ، فأنها تفتح قرائح البعض الذي يحاول التصيد بالماء العكر، في التقليل من شأن الشهداء تارة او بالأنقضاض على قيادات الحزب على مر المسيرة التي شهدت سقوط آلاف الشهيدات والشهداء ، وينحـو هذا البعض الى توجيه اللوم بقصد التشكيك ، مرة بدفع اعضاء الحزب نحو العمل العلني وكشف التنظيمات للحكومة وأجهزة الأمن القمعية ، او بالقول ان قيادات الحزب هربت وتركت الأعضاء الصغار، او حتى بالقول ان الجبهة مع البعث كانت خطأ ولم يكن من المفروض ان نثق بالبعثيين ..الخ من الكلام ، او حتى في النيل من تجربة الأنصار البواسل في كردستان العراق .
يتعمد هذا البعض في خلط الأوراق والأحداث حتى يصل الى مآربه ، التي لا تنم عن خير للحزب بأي حال من الأحوال ، وهم عمدا يتناسون بأن الأنضمام للحزب هي عملية اختيارية والخروج منه كذلك ، وأن الحزب لم يضع في سياسته ومنذ تأسيسه فكرة الأنقلاب للسيطرة على السلطة ، بل سعى دائما الى التحالفات وكان من اشد المدافعين عن الحقوق المدنية والدستور والأنتخابات ، وهو بهذا ليس حزبا متطرفا ، يوجه اعضائه للأعمال الأنتحارية او المتطرفة ، وعلى هذا الأساس وغيره اختلف مع السيد عزيز الحاج والقيادة المركزية في اسلوب العمل . وأنهم اي ( الشيوعيون) هم اكثر الناس عشقا للحياة وحبا لها ، وللثقافة والفنون والآداب والعلوم وكل ما يجعل الحياة ذات معنى لائق بها، وهم اكثر الناس كرها للفقر والمرض والأمية والجوع او الموت، وهم ايضا ليسوا من دعاة العمل السري ، او النضال في السراديب الا لأن الأنظمة لم تفسح المجال للعمل السياسي الحر.
اما الحقيقة المرة التي يتغافل عنها هذا البعض ، فهي تبرئة الجلاد بالنيـل من الضحية . فالشيوعيون الذين اعتقلوا ، في كل الأزمنة - مستثنى منهم العسكريون وقوات الأنصار – كانوا اناسا مدنيين ، تدلل سجلاتهم على انهم اما عمالا او فلاحين او طلبة او موظفين وكسبة او حتى ربات بيوت ، كان عملهم سلميا بالمرة ، لكن الأنظمة ، وابتداءا بالعهد الملكي وحتى اليوم ، اختاروا اقصر الطرق للأنتقام من خصومهم ، بالتسقيط السياسي مرة ، وبالتعذيب والسجن والقتل او الأعدام تارات اخرى . وللذين مازالت ذاكرتهم بخير، نتذكر البراءة في عهد الحرس القومي، والتعهد في عهد صدام. وكانت كل هذه الخيارات مفتوحة، قسم اختارها، وقسم رفضها، والذي رفضها دفع ثمن الشهادة. فهل كان من المفروض ان يوقع الكل على هذه الصكوك؟
وحتى بالعودة لهذه الجزئية، فقد عاد للعمل السياسي اعدادا كبيرة من الذين اجبروا ، وتحت شتى الظروف، للتوقيع على ( التعهد) سـئ الصيت ، عادوا للعمل او ركنوا جانبا وأحترموا ماضيهم ، وذات الشئ يقال عن نسبة غير قليلة من الذين فلتوا من حكم الأعدام اما بمراسيم العفو ، او ب ( التفاتات الريس الأنسانية) او بطريق الصدفة المحضة ، وكثير منهم اليوم يتقدمون الصفوف في العمل ، وهم ايضا شهودا احياء يرزقون على صمود الشيوعيين وتضحياتهم .

لا احــد منـّا يحق له ان يتحدث بأسم الشهداء، لكن الحقيقة يجب ان تقال ، تلك التي وصلتنا من السجون عبر رسائل قصيرة او كلمات نقلها زوار السجناء وأهاليهم ، او تلك التي رواها السجناء الآخرين الذين عاصروا الشهداء ، او حتى على لسان الجلادين انفسهم والتي قالوها لمرات ومرات : " ان اصلب الناس الذين ارتقوا المشانق او وقفوا بوجه الرصاص كانوا الشيوعيون ، الذين كانوا يودعون هذه الحياة وهم يهتفون لشعبهم ووطنهم وحزبهم " ، اذن ، اين الخطأ في هذه الصورة ؟ ومن الذي يجب ان يلام ويحاكم ويقدم للعدالة ؟ الحزب ، ام قيادة الحزب ، ام الجلادين ؟
لاشــك عندي من ان هؤلاء المناضلين ( رجالا ونساء) ، هم عزيزون على عوائلهم وأهاليهم ، وكانوا من الممكن ان يكونوا مشاريعا لبناء هذا الوطن ، لابل والتنعم بالحياة وجماليتها ، لكن عقلية الأرهاب ، وأقصاء الآخر ، وأنزال اقســـى العقوبات ( القتل) بحق الخصم هي من عجلت بخســارتنا لهذه الجموع التي ابت ان تســاوم الجلاد على مبادئها او وطنيتها ، لتتشكل بعدها بانوروما ذات جاذبية خاصة ، ان يكرم الشهيد وتبقى ذكراه عطرة وعالقة عند الناس ، بينما الجلادون ، يكون مصيرهم مزبلة التأريخ .
قـد يحق للبعض نقد سياسة الحزب الشيوعي ، وربما انتقاد بعض قياداته ، فهم بشر مثل باقي البشر، يصيبون ويخطئون ، لكن يجب ان لاننسى تلك الجهة التي وجهت الرصاص الى صدور الشهداء ، او من علق حبل المشنقة في رقابهم ، هم الجلادون والقتلة ...ليس غير ، وهؤلاء هم من يجب محاكمتهم ، اما من يريد تبرير مواقفه ايا كانت ، او ان يجد منفذا للتهجم على حزب الشيوعيين او قياداتهم ، فطريق الأنتقاص من الشهداء هـو اتعس طريق يسلكه هذا البعض .
نحن فخورين بهم ، من قضى في السجون او المعتقلات ، من استشهد في الأهوار او الجبال او المدن ، وحتى من بذل دماءه في ســوح نضالية اخرى ..كلهم شهدائنا ، وكلهم في ذاكرتنا ، اما سيرهم وقصصهم وبطولاتهم فهي دروس وعبر لأجيال الشيوعيين الجدد ، من اجل ان لا تتكر المجازر والقتل بحق الشيوعيين او اي من السياسين الذين يؤمنون بالوطن والشعب والديمقراطية والدستور والتبادل السلمي للسلطة.

مجدا للذين وهبوا ولم يبخلوا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا


.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.




.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع