الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الكردية آتية

جودت هوشيار
كاتب

2012 / 2 / 14
القضية الكردية


حظيت القضية الكردية بأهتمام كبير لدى المؤرخين و المستشرقين و الكتاب الروس ، سواء فى العهد السوفييتى او العهد الحالى ، و لكن هذا الأهتمام لم يقابله أهتمام مماشل على الصعيد الرسمى ، ما عدا تلك الفترة القصيرة التى أعقبت ثورة 14 تموز 1958 المجيدة فى العراق ، حيث ظهرت على السطح هذه القضية بكل تفاصيلها و أبعادها الجيوبوليتيكية ، و قد أدى هذا الأهتمام الى تأسيس فروع و أقسام لـ( الكردولوجيا ) فى معهد الأستشراق و بعض الجامعات و بخاصة فى جمهوريات القفقاس، التى كرست جهودها لأجراء البحوث العلمية حول الكرد و كردستان . كما صدر العديد من الكتب و الدراسات المكرسة للقضية الكردية عن معاهد الدراسات الأستراتيجية ، التى تقدم التقارير و المشورة لصانعى القرارات ، أضافة الى اهتمام أعلامى واضح بالشعب الكردى و قضيته العادلة . و كالعادة لعب المثقفون الكرد فى تلك الجمهوريات دورا بارزا فى هذا المجال.
و رغم ان تلك البحوث و الكتب و الدراسات أشارت الى أن الشعب الكردى كان الخاسر الأكبر عند رسم خارطة الشرق الأوسط من قبل بريطانيا و فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى . الا أن الأمر لم يصل الى أكثر من المطالبة بأيجاد حل عادل للقضية الكردية ضمن الدول التى تتقاسم كردستان و هى تركيا و أيران و العراق و سوريا . و لم تبد القيادة السوفيتية و من ثم القيادة الروسية الحالية اهتماما يذكر بالنتائج التى توصلت اليها تلك الأعمال العلمية ، رغم صدورها عن معاهد و جامعات و مراكز أبحاث ستراتيجية تابعة للدولة .
و يلاحظ فى هذه الأيام أهتماما واضحا بالقضية الكردية فى وسائل الأعلام الروسية مع التطورات المتسارعة و أشتداد التنافس الأميركى – الروسى فى منطقة الشرق الأوسط و فشل الولايات المتحدة فى أقامة نظام ديمقراطى فى العراق ، رغم صرف مليارات الدولارات فى هذا السبيل ، حيث تؤكد الصحف الروسية أن الحكم الحالى فى بغداد ، لا يعدو ان يكون حكما بوليسيا متخلفا يضع مصالح ايران فوق مصالح العراق العليا و أن أيران قد ملئت الفراغ الناجم عن الأنسحاب الأميركى عن العراق ، و ان الكرد قد وافقوا على العيش مع المكونات الأثنية و الدينية الأخرى فى العراق ضمن دولة ديمقراطية ، أتحادية ، تعددية . و لكن واقع الحال يشير الى ان الحكم الحالى فى بغداد ، لا يؤمن أصلا بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردى . و من هذ المنطلق يدعو بعض الكتاب و المحللين السياسيين الروس البارزين ، الكرد ، الى أنتهاز هذه الفرصة التأريخية ، فى ضؤ المؤشرات العديدة التى تدل على تغييرات أيجابية واضحة فى تعامل القيادة السياسية التركية مع أقليم كردستان ( العراق ).
و فى هذا الصدد كتب أحد الكتاب الروس و هو " ميخائيل سفياتوف " مقالا جريئا بكل المقاييس فى أحد المواقع الألكترونية المهتمة بالقضية الكردية ، يدعو فيه الى الأعلان الفورى للدولة الكردية التى يرى الكاتب أنه سيكون بداية لأستقلال " كردستان الكبرى " بأجزائها الأربعة . حيث تشكل أقليم كردستان مركز جذب قوى للشعب الكردى سواء داخل كردستان الكبرى او خارجها .
يقول الكاتب ان تنصل الحلفاء المنتصرين فى الحرب العالمية الأولى و بخاصة بريطانيا و فرنسا ، عن تنفيذ ما نص عليه معاهدة سيفر، بشأن حق الشعب الكردى فى أقامة دولته المستقلة و تجاهل معاهدة لوزان اللاحقة لهذا الحق ،كل ذلك ، أدى الى الحاق ظلم تأريخى بالشعب الكردى و أضطراب الأوضاع الداخلية فى دول التقسيم .
و مما يثير استغراب الكاتب ان الدول التى عارضت أستقلال كردستان و هى بريطانيا و فرنسا و تركيا ، هى التى تبدى اليوم – أضافة الى الولايات المتحدة الأميركية - أستعدادا لتقبل ظهور دولة كردية مستقلة فى كردستان الجنوبية فى العام 2014
و يرى" سفياتوف " ان المعنى الجيو- بوليتيكيى لأنشاء كردستان المستقلة بالنسبة الى الدول الغربية تنحصر فى النقاط التالية :
- الثروات الطبيعية الهائلة التى تمتلكها كردستان و بخاصة الأحتياطى من النفط و الغاز ،التى تفوق ما هو وجود فى ليبيا على سبيل المثال .
- الهيمنة على منظومات نقل النفط و الغاز مثل منظومة " نابوكو " و غيرها
- الموقع الستراتيجى الهام لكردستان .
و يؤكد الكاتب " ان تركيا تدرك جيدا حتمية ظهور الدولة الكردية ، لذا فهى تعزز علاقاتها مع أقليم كردستان ( العراق ) . و السبب فى ذلك ان ثمة أكثر من 25 مليون كردى فى تركيا و أنه بحلول العام 2018 يستطيع كرد تركيا – عن طريق انتخابات حرة و نزيهة – ان يسيطروا على معظم المناصب الرفيعة و الحساسة فى المناطق الكردية من تركيا . و من ثم أجراء أستفتاء شعبى لأقامة كيان كردى أى منطقة حكم ذاتى تتمتع بصلاحيات واسعة ، ستتحول بعد فترة الى دولة مستقلة ,
. و وفق هذا السيناريو ، فأن تركيا - المتطلعة الى عضوية الأتحاد الأوروبى – لن تكون قادرة على قمع الكرد . و لكن بوسع تركيا - اذا أتبعت سياسة تتصف ببعد النظر - ان تحل القضية الكردية سلميا و توسع من مساحتها و نفوذها و تصل الى ثروات المنطقة .
الحديث يدور – وما زال الكلام لسفياتوف – عن أنشاء أتحاد تركى – كردى فيدرالى أو كونفيدرالى ، و التى يمكن أن تستجيب تماما لمصالح الكرد . و بعد دخول هذه الدولة الأتحادية الجديدة الى الأتحاد الأوروبى سيتحقق للكرد أمتيازات كثيرة .
و يعود الكاتب ليقول : قد يبدو ذلك ضربا من الخيال ! و لكن يجب أن نأخذ فى الأعتبار أنه قبل عشر سنوات لم يكن أحد يتوقع أن يكون رئيس جمهورية العراق كرديا . و ان رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان سيزور أقليم كردستان ، زيارة رسمية . و أن يكون كردى آخر رئيسا لجمهورية أذربيجان ، حيث أن ( عائلة عليف الحاكمة فى هذا البلد ) كردية الأصل . أو أن نظام بشار الأسد سيسقط ، و بذلك ستتاح الفرصة لكرد سوريا الآليات الضرورية للحصول على حق تقرير المصير ، و أنضمام كردستان الغربية الى كردستان الجنوبية . و يتوقع الكاتب أيضا سقوط نظام الملالى فى أيران مع كل ما ينتج عن هذا السقوط من تداعيات و فى مقدمتها تشكيل كردستان الشرقية .
و يعبر الكاتب عن دهشته لموقف روسيا الغريب من هذه القضية، التى لعبت فيها دورا فعالا فيما مضى ، حيث كانت طرفا فى معاهدة سيفر الموقعة بين الحلفاء المنتصرين عقب الحرب العالمية الأولى ، . و لكنها – أى روسيا – و منذ توقيع معاهدة لوزان فى العام 1922 التى لم تشترك فيها و حتى يومنا هذا ، فقدت كل خيوط التأثير فى القضية الكردية ، بأعتمادها على أنظمة مكروهة و معزولة فى العالم العربى مثل النظام الصدامى فى العراق و نظام الملالى فى أيران و نظام الأسد فى سوريا .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكرد مثل الطوارق
محمد أيتا ( 2012 / 2 / 15 - 13:07 )
أحييك يا أخي العزيز على وطنيتك العظيمة، وطموحك الكبير، وأود القول: إن الشعوب المغلوبة على أمرها باسم الإسلام كلها في طريقها نحو الانعتاق..... والحرية.
هناك شعب دمرته الصوفية، والوهابية، والانتماء عموما إلى الثقافة الإسلامية، ثم أجهزت عليه فرنسا، وقدمته لزنوج مالي كبشا مذبوحا بالطريقة المسيحية، والآن استيقظ بعد غفوة، ويبحث عن الحرية، ولكن ما زال العرب، وفرنسا متواطآن على استعباده، ويتجلى ذلك حاليا في عدم تغطية ثورته المباركة الجارية .... ذلك الشعب يسمونه ب-الطوارق-، ويسمي نفسه -كل تماشق-، قديما، و-الأزواديين- حديثا.
دمت موفقا.

اخر الافلام

.. ما مكاسب فلسطين من قرار الأمم المتحدة بتأييد عضويتها؟


.. التصويت لصالح الفلسطينيين في الأمم المتحدة في الصحافة العالم




.. بالذكاء الاصطناعي.. -روبوت- يدرب عناصر الشرطة الأميركية للتع


.. فرنسا تدعو إسرائيــــ ل إلى وقف عمليتها في رفح بلا تأخير.. م




.. أغلبية ساحقة لصالح -دولة فلسطين- بالأمم المتحدة.. وإسرائيل: