الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون وشرعنة الفساد

حمودي جمال الدين

2012 / 2 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإسلاميون وشرعنة الفساد
لم أكن من المتبحرين بتعاليم الدين, ولا من المتنورين المتفيهقين, أدعياء التقوى والتشريع, لكني تعلمتُ من الحياة على بساطتها ,أمور ديني ودنياي, فتلمستُ بالتربيه و التقليد والمعرفة والعرف الاجتماعي, مفاهيم ومبادئ وقيم ,تتسامى برفعتها ومنزلتها, لتنقلنا إلى ملكوت مثالي طوباوي يتعسر علينا تطبيقه, أو ممارسته أو الولوج إلى لبابه, فنكتفي بالقشور منه ونترك الفحوى والمضمون .
فالمستحب والمكروه والمنهي عنه بتحفظ, والمُحرّم والخطأ والصواب, والعقاب والثواب.كلها مفاهيم ومبادئ وقيم سماويه ,اجتمعت عليها الرسالات وكتب الأنبياء, وجعلتها من أولوياتها ورؤوس أقلامها, بشكل واضح وصريح لا يداخله الشك ولا يدانيه التأويل والتظليل .
واقتطع من بين تلك المحرّمات, التي نصت عليها الأديان وبشكل فاقع, موضوع ‘‘السرقة‘‘ أو مايصطلح عليه في زمن العولمة والثقافات ألحديثه, بالفساد الإداري والمالي حيث وجدتْ كل التعاليم والمبادئ السماوية, وهي تركز وبشكل واضح لايقبل التحريف والالتواء, إن السرقة محرمه ألاهيا ,ومثبته بنصوص قاطعه في اغلب الرسالات السماوية, وليس هذا فحسب. وإنما مقرونة بعقوبة قاسيه تصل إلى حد الموت. فالإنسان المؤمن بالدين ,وبتعاليم ماأنزل عليه ربه من خلال رسله وأنبيائه ,وجب عليه شرعا الاقتفاء و الاقتداء بتلك المبادئ وتطبيقها حرفيا. إن صح دينه في ضميره وقلبه, وإذا ما راوغ أو حاول الالتفاف على تلك التعاليم والمحرمات, ليسوغ لنفسه ولأهوائه الانقياد وراء دناءتها وخستها ,في السرقة والفساد, يعني انه خرج عن ملته ودينه وعصى أوامر ولاءات ربه ,وبالتالي لاتُقبل منه إن يدعي انه متدين أو انه مؤمن, فينزل منزلة غيره, ممن لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم ,أو يؤمنوا بتعاليم ومبادئ ربهم السماوية ,ويصبح تصرفه, ومظهره وادعاءاته, كذب وخداع وزيف .
فمثلا قاطع الصلاة ,وهي الركيزة والركن الأساسي في الدين, لا تختلف عند الله في الحساب مع السارق, فكلاهما نص عليهما الإله ونهى العبد عن اقترافهما, فلا يمكننا تجزأت الدين وتعاليمه وفق مقاساتنا و على هوانا ورغباتنا ,نأخذ منه فقرات تتطابق مع مصالحنا ونهمل الأخرى, لأنها لاتتسق مع مانصبوا إليه ويرضي مطامحنا وشهواتنا. وإذ تبقى المقولة المقدسه( (قاطع الصلاة لايشم رائحة الجنة) والتي يتحجج بها و يرددها إخوتنا الإسلاميون وأدعياء الدين. مساوية إلى سارقوا قوت الناس ,والتي نهر عنها الرب ,واقرنها بعقوبة فوريه في الدنيا, وليس فقط في الاخره, يعني عقوبة لا تقبل التأجيل والدفاع إلى حين, أو الانتظار إلى يوم الحشر, كما هي في قاطع الصلاة, فلا تستطيع القوانين الوضعية معاقبة قاطع الصلاة, حيث لا وجود لنصوص او تطبيقات توحي بهذا الخصوص, وإنما أمر مؤجل, يبت به الخالق , وليس للمخلوق أو لأي وسيط أخر دخل في قرار الحكم ,فالمرء هو وربه يتفاصلان يوم الحساب. بينما عقوبة السرقة ,تمتثل لوصايا الرب في قوانين البشر, وتنفذ فوريا على السارق دون تسويف ومماطلة (السارق والسارقة فأقطعوا أيديهما) فضلا عن أنها تتبعه إلى يوم الحشر, بلا تخفيف أو إعفاء, والإنسان المتدين المصلي الذي يؤدي فرائض الله, يتعين عليه إطاعة ربه وهو يؤدي صلاته التي تفرض عليه و تنهاه عن الفحشاء والمنكر, ومن ضمنها السرقة والفساد في المال العام ,الذي مرجعيته للناس جميعا ,والتي يقترفها الساجدون الراكعون لله في العلن والسارقون لله وخلقه في الخفاء.
معاذ الله إن يفسر قولي, على إني قد تطاولت في تفسير نصوص ربي لكن هذا قدر فهمي, من إن الله خالقي وخالق الناس جميعا, لايرحم المدلّس المرائي المنافق, في دينه الذي يُسوّق لنفسه محاربة خلق الله بالضد من وصايا وتعاليم الله .
إلا إذا اجتهد إخواننا المتدينون والإسلاميون, واستطاعوا التحريف والتلاعب بنصوص وتعاليم الدين, وشرعنوا السرقة ,وجعلوها من باب الحلال عند الله, وبالتالي هذا الإجراء سينسحب على بقية القيم والتعاليم السماوية الأخرى, وسيستطيع أي مرجع أو رجل دين أو مسؤول حزبي أو حكومي, إن يغير من تلك النصوص السماوية ,ويجعلها تتواءم مع نزواته ورغباته وإطماعه, وبالتالي ستنعكس على قوانيننا الوضعية المستوحاة اغلبها من قيم ومبادئ السماء .
فالسرقة والنهب والزنا والكذب, ميول ورغبات مستورة و مكبوتة داخل النفس الانسانيه بفعل التحريم والاخلاق والعرف العام.وهي تحتاج إلى من يعطيها المتنفس أو البصيص حتى تظهر بشكلها الفاقع الفاضح.
من الملاحظ إن اغلب الأحزاب والتيارات الاصوليه والسلفية ,تتاجر بالسرقة والفساد وبيع الموت سواء من خلال بيع المخدرات وسرقة ونهب المال العام والخاص أو من غسيل الأموال . وتعتبر ذلك من الرزق الحلال وكأن الرب أمرهم على إتباعه .
فهنالك حركات واحزاب اسلاميه معروفه ,لها دورها الفاعل في الجهاد والنضال الوطني في بلدانها ,فضلا عن اسمها وباعها الطويل وسيرتها وحسن سلوكها الاخلاقي والديني والاجتماعي, لكنها لا تتورع عن زراعة الحشيشه وبقية المخدرات والاتجار بها , وهي من المسكرات التي حرمها الله في كتابه, الا انها تودي الى فقدان العقل والاتزان الانساني. لكن هذه الاحزاب والحركات, عندما تبيح لنفسها الاتجار والتعامل بالمخدرات, رغم علمها انها من المحرمات التي نهاهم الرب عن فعلها, لكنها تعتبره عملا اقتصاديا مشروعا, يدر اليها ربحا ماليا ودخلا كبيرا لا يستهان به, يُقوّم متطلبات عيشتها ودوام جهادها وفاعليته, وهو بالتالي في نظرهم ,باب من ابواب محاربة الكفر, لكونه يُصدّر جله الى من يتعاطاها في الغرب الكافر.

والإرهاب الذي يعم العالم بأسره, نابع من منبت إسلامي سلفي متشدد, يرى نفسه القيّم والمتوكل على دين الله ,وإنهم الورثة الصالحون في بقية الله على الأرض ,وان الخليقة تتعض وتسري على هديهم وإرشادهم ,وأي خروج عن طريقم ومسلكهم, خروج على قيم وتعاليم الإله ومن هذا المنطلق الاستبدادي التعسفي, اباحوا لأنفسهم الفتك والهتك بعباد الله وكيفما يشاؤن . فهي الأخرى تغذي أحزابها وحركاتها, بأموال وموارد السحت الحرام ,الذي يردْ من السرقة والسطو على البنوك, والاتجار بالمواد الممنوعة والسامة ,ومن غسيل الأموال او التزوير وتداول المخدرات وبيعها ,وبكل ما تجود به قرائحهم من تفنن وغش واستلاب قسري للأموال .وبذلك تديم وجودها وترعرعها وانتشارها, وبهذا الزخم الهائل من الإمكانيات البشرية واللوجستيه ,ومن آلة دمار عسكريه تضاهي دولا بأسرها .والتي أوصلتهم حتى إلى شراء النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق, لتكون لهم آلة طيعة صماء, يفخخوها لتنفجر في أي مكان يشاؤن بين عباد الله وخلقه .
وإذا كانت ألدوله العراقية الحالية, وسلطتها المتمثلة بالغالبية العظمى من القيادات والأحزاب الاسلاميه, مشغولة وقلقه, ومسخره كل إمكانياتها وآلاتها العسكرية والمدنية ,مع حليفتها أمريكا وبقية دول التحالف ,في محاولة جاهده للقضاء على الإرهاب واجتثاث جذوره ومنابعه . إلا أنها بالمقابل تغض الطرف وترخي العنان للمفسدين المارقين العابثين بالمال العام و وبرزق المواطن ولقمة عيشه وتبذير موارده, وبدون ان تقدم دعما خدميا ونفعي ينعكس على حياته ومستوى معيشته , الا تعتبر هذه حربا عبثيه على المواطن العراقي الذي ابتلى اصلا بنار الارهاب العسكري وبجحيمه ودماره وما يزهقه من ارواح بريئه مسالمه في محرقة الموت اليومي ؟؟,والتي تضع الدوله كل ثقلها وامكانياتها من اجل محاربته والقضاء عليه.
فلماذا السكوت عن الارهاب الذي يمتص ويبتز قوت المواطن ويشل حدماته وطاقاته وباه الاقتصاديه؟؟؟.
ألأن المعنيين به هم المسؤلون عن ادراة ألدوله وبيدهم مصدر القرار والسلطة؟؟؟,
وهم المنتفعين الأولين من سرقة المال العام, ولكي لاتطالهم المسؤوليه عن هذه السرقة والتبذير يغطوها بكل ما اُتوا من حيلة ودهاء ومكر وقوه ,لأنهم المتنفذون وبيدهم خيوط أللعبه الرئيسية .اما الشعب الوادع المسكين فلا حراك أو تأثير له, وليذهب إلى الجوع و الجحيم, طالما هؤلاء المتنفذون بخير ,وتمتلئ بطونهم وخزائنهم ,وتتوسع أرصدتهم وليضمنوا مستقبلا وافرا وثيرا لأبنائهم وعوائلهم, على حساب ابن الشعب ,الذي جاؤا زورا وبهتانا باسمه ورفع الحيف والمظلوميه عن كاهله .
والأمر المخجل الذي يندى له الضمير الحي, إن ما يحدث من سرقات وتبديد غير منصف للثروة, يحدث تحت سمع وبصر كبار مسؤلي ألدوله, ومن اعلى السلطات التنفيذيه, وكأن ألدوله هي بالأساس راعية لهذا النوع الخطر من الإرهاب .فعندما لايتخذ أي إجراء ومحاسبه بصدد أي قضية سرقه واختلاس تصل إلى سمع المسؤلين الكبار في السلطه ,سواء عن طريق لجنة النزاهه البرلمانيه, او هيأة النزاهة أو ألرقابه الماليه ,أو المجالس ألتحقيقيه, أو حتى النشر العلني من على وسائل الإعلام, ولكن دون أي جدوى أو اتخاذ قرار صارم أو حتى بإحالتها إلى المحاكم المختصة بل الانكى من ذلك, إن هناك أوامر صدرت إلى هيئة النزاهة بعدم ترويج, أو متابعة قضايا الفساد الإداري التي تخص الوزراء وذلك وفقا( للمادة 136 قبل ان يصوت على الغائها قريبا من قبل مجلس النواب) وكاءن الوزير معصوم عن السرقة والخطاء, وهذا تستر واضح للسرقة وتشجيع على اقترافها من قبل الوزراء أنفسهم ,وهو الحاصل فعلا فهناك العشرات من قضايا الفساد والسرقه, اُتهم بها وزراء ولاكثر من اربع دورات وزاريه, ورُفعت ملفاتهم الجرميه من قبل هيئات النزاهه, ولكن لم يتخذ بها أي اجراء او تعقيب ,وربما لُفلّفتْ وجُمدت استنادا الى المبدأ التخادمي( اسكت عني اسكت عنك) .
إلا يعني إن دولتنا وحكومتنا تشرعن السرقة وتشجع عليها (فمن امن العقوبة أساء التصرف) لهذا يستفحل الفساد الادراي ,وتزداد السرقات وتتفشى يوما بعد يوم ,وان أي ميزانيه عموميه ترصدها ألدوله وتتبجح بها, لاتثلج وتفرح المواطن العادي, لاءن مرجعيتها حسب المنظور السائد ,تستدل طريقها حيث تذهب إلى جيوب الحراميه والسراق, من وزراء ومسؤولين كبار والى ادنى المستويات في دوائر الدوله ..
ناهيك عن السرقات الكبيرة والعلنية التي تقوم بها الاحزاب السياسيه المتنفذه في المحافظات حيث تحولت مجالس الاعمار والاستثمار في المحافظات, إلى شركاء متضامنين مع الأحزاب المتنفذه, التي استحالت بفعل الطمع والشراهة إلى مقاولين رئيسين, ثم البيع إلى مقاولين ثانوين وهكذا دواليك, ليصل المشروع الاعماري والخدمي المرصود له مبالغ طائلة من قبل ألدوله وضمن ميزانيتها وخطتها السنوية للاعمار, ليصل في الانجاز النهائي إلى الربع عما هو مخطط ومرسوم ومرصود له من مبالغ .والباقي يذهب هدرا إلى جيوب الاحزاب وبعض المسؤلين في مجالس المحافظات والمنفذين وشركائهم . لهذا يصعب عليك إن تجد بناء خدميا أو مشروعا اقتصاديا حسب المواصفات والمخططات التي أعدت ورصدت الأموال على ضوئها .كلها مبنية على الغش والتحايل ,والأعم الأغلب متضامن في السرقة,وأي موظف أو مواطن ينبس ببنت شفه أو يتساءل عن أي جدوى وتقصير في عمل معين ,لايجد له ولعائلته مكانا على وجه البسيطة, لذا يفضل الكثير من المخلصين والوطنين اللوذ بالصمت على إن تذهب أرواحهم وعوائلهم هباء منثورا.
علما إن اغلب الأحزاب ذات النفوذ الواسع والمؤثر في ألدوله ,تجد نفسها شريكا فعليا بممتلكات ألدوله وثرواتها, لان تسلطها وقوتها يخلقان هذا الشعور.فتصدير النفط ومشتقاته يُهرّب من قبل الأحزاب مباشرة ومن أنابيب التصدير, حيث تنشأ بيوت فوق الأنابيب وتنصب عليها مضخات لشفط النفط من الأنبوب قبل وصوله إلى مراكز التحميل ,وإذا ما استفحل الأمر وفاحت روائحه النتنة, تكتفي ألدوله وسلطتها بالمراقبة دون إن تحرك ساكنا يزعج الحزب ورئيسه .

ولا تحتاج هذه الأحزاب إلى أي عناء وجهد في سرقة المال العام والمتاجرة به, طالما بيدها المسؤليه وان وزرائها هم المتنفذون وبيدهم مصدر قرار الحكم والدولة .

وهناك الكثير من الاساليب التي يزخر بها النظام العراقي الجديد في تفننه وبراعته وذكائه اللامتناهي في سرقة وتبديد ثروة شعبه ووطنه, حيث أضحى العراق من أوائل الدول في الفساد الإداري والمالي, لهذا يبقى العراق متخلفا يعمه الخراب والدمار والتراجع إلى الوراء ,طالما بقت هذه الرموز والتراكيب الطفيلية الفاقدة لأدنى شعور بالوطنية والمسؤليه, تنخر في مفاصل ألدوله وعروقها دون رقابة ومحاسبة من اعلى المراجع القياديه في السلطه
حمودي جمال الدين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تجار الدين يتاجرون بالمبادئ وأى شيئ
Amir_Baky ( 2012 / 2 / 15 - 19:36 )
ما يحدث فى العراق من الأحزاب الدينية يحدث فى مصر. فالإخوان مافيا لغسل الأموال الغير نظيفة و يقوم تنظيمهم الدولى بتسهيل حركة الأموال المشبوهة بين الأقطار العربية. فالثورة المصرية نادت بالمساواة و العدالة الإجتماعية و طلبت تحديد حد أدنى وحد أعلى للأجور. وبالنسبة للحد الأعلى للأجور لن يرهق ميزانية الدولة بل بالعكس سيوفر الأجور الباهظة و لم يتحرك أحد من مجلس الإخوان بإقرار هذا القانون لأنه سيضرهم بشكل مباشر و سيضعهم فى مواجهة مع أزلام مبارك فى الداخلية و المخابرات العامة و العسكرية فهؤلاء يعرفون مصادر تمويل الإخوان. ففتح هذا الملف سيضر بالفاسدين اللذين يعلمون فساد الإخوان.

اخر الافلام

.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع