الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة القديم.. والجديد.. مرة أخرى

احمد عائل فقيهي

2012 / 2 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بما أنني كنت أحد الشهود على مرحلة تمثل التحول المهم المفصلي في تاريخ الأدب السعودي وهي مرحلة الثمانينات الميلادية من بداياتها الى نهاياتها أيضاً وهي المرحلة التي اصطلح على تسميتها بـ «مرحلة الحداثة» بكل ما حملته من صدام وخصام ، ومن سجال وجدال ،وكانت تلك السنوات تعني لي ولغيري من شعراء وكتاب من أخصب وأهم السنوات ؛ نظراً لأن تيار الحداثة الشعرية شكل حينها على حسب رأي زميلي وصديقي الشاعر عبدالله الصيخان «انعطافة» نحو ما هو مغاير ومختلف في الكتابة الشعرية.
وبالرغم مما ساد حينها من مزايدات تداخل فيها أو تشابك فيها ما هو وطني وديني، والاتهام من قبل التقليديين للحداثيين بتهم تمس عقيدة الأشخاص إلا أن ذلك لا يمنع من أن تلك المرحلة كانت من الأهمية بحيث يمكن لنا أن نقول عنها بإنها ساهمت في خلق وعي عام ، بما كان ينبغي أن يؤسس لحوار علمي بعيداً عن الشخصنة والمزايدات الوطنية والاتهامات الدينية.
اليوم نجد أنفسنا أمام مشهد ثقافي واجتماعي يخوض في معركة جديدة هي معركة القديم والجديد، فما كان في الثمانينات الميلادية هو معركة الحداثيين والتقليديين، أو من يمثلون القديم في الفكر والشعر والأدب ،ومن يمثلون الفكر الجديد والقصيدة الحديثة، فيما نجد أن المعركة الجديدة تعيد إنتاج نفسها من جديد ولكن بوجه آخر، إنها معركة من يعتقدون بأنهم يمثلون الفكر الليبرالي ومن يمثلون الفكر التقليدي ، وثمة حوارات في هذا الشأن منذ فجرت حلقة مسلسل طاش ما طاش قضية الليبرالية والليبراليين في المملكة في مشاهد ساخرة ، لم تذهب عميقاً في قراءة معنى الليبرالية تماماً ، كما كانت قراءة الشيخ عوض القرني للحداثة في كتابه الشهير «الحداثة في ميزان الإسلام»..
هذا الكتاب الذي قرأ مفهوم الحداثة قراءة مقلوبة ومغلوطة دون الخوض في جذورها التاريخية وسياقاتها الاجتماعية والحضارية، ولم يقرأ أيضاً النصوص الشعرية برؤية نقدية فاحصة وماعنة وعلمية، ولكن جاءت قراءته لمفهوم الحداثة وقراءته للنصوص الشعرية قراءة تقوم على لغة المحاكمة والرؤية المسبقة، مع إسقاط ما هو ديني على النصوص وعلى مفهوم الحداثة أيضاً.
اليوم كما قلت تتجدد الحوارات والسجالات حول الليبرالية دون قراءة مفهوم الليبرالية قراءة علمية، وماذا تعني؟ وما هي مدلولاتها وعلاقتها بمعنى الحرية؟ إن كل ما نقرؤه ونشاهده هو الوقوف على السطح دون الدخول في العمق مع إيماني المطلق بعدم وجود ليبراليين سعوديين بالمعنى العميق لليبرالية ؛ لأن ذلك يتطلب تضحية كبيرة ارتباطاً بالسياق الاجتماعي الذي تتحدث عنه وتمارسه الليبرالية قولا وعملا ؛ لذلك أرى بأن ما كان بالأمس - أي في الثمانينات الميلادية- يدور حول الحداثة والشعر الحديث والشعر الكلاسيكي أو عن ما هو قديم وما هو جديد في الفكر والثقافة والأدب يتم إعادة إنتاج المعارك نفسها دون الخوض في الحوار في المفاهيم والمصطلحات التي يتم تداولها وتناولها ودون الوعي بها وفهمها، وهو ما يشكل مأزق الثقافة السعودية إذ أن أغلب المنتسبين لهذه الثقافة والمهتمين لها يهتمون بالمعارك وإثارة الغبار حول ما هو تافه وسقيم ، دون مناقشة الأفكار الكبرى والقضايا الكبرى في الفكر والثقافة والأدب ، كما حدث في ملتقى المثقفين الأخير .
متى تكبر عقولنا لتكبر من خلالها أفكارنا متى ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل