الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال الدين أفيون الشعوب1 (مستقبل غاندي 1 - 3)

أحمد عبد العزيز

2012 / 2 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لطالما لعب رجال الدين دوراً كبيراً في التأثير على مجتمعات متعددة، بل وحصرهم في دائرة مغلقة لا يخرج عنها إلا الضالين –من وجهة نظرهم- ولا يحذو حذوهم إلا صالحاً هداه ربه إلى سواء السبيل.

في كتابه (في سبيل الحق) أو (قصة حياتي) تحدث غاندي عن مراحل حياته منذ طفولته، مروراً بزواجه المبكر، ووفاة والده، ودراسته، وأصدقائه، تحدث أيضاً في الفصل العاشر عن الدين تحت عنوان (لمحات من الدين).

ولد غاندي على عقيدة الفيشنافا، وكان عليه أن يذهب إلى معبد الهافيلي الذي لم يكن يستسيغ الذهاب إليه، لأنه لم يعجبه ما فيه من بريق ومظاهر الأبهة والعظمة، كما كان قد ترامى إلى سمعه أن هناك آثاما ترتكب فيه، ولذلك فقد رغب عنه، إلا أن ما فاته منه فقد جناه عن طريق مربيته التي لطالما تذكر حبها له وحنانها عليه، وقد كان الخوف من العفاريت والأرواح يستبد به، ولذا اقترحت مربيته –رامبها- أن يتلو الراماناما المرة بعد المرة علاجاً لهذا المرض، وأخذ يتلوها إلتماساً للشفاء، وكما يقول: "ولكن البذرة التي غرستها هذه المرأة الطيبة في نفسي، وأنا لا أزال في طفولتي، لم تغرس سدى، فقد ظلت الراماناما علاجاً نفسياً لا يخيب معي إلى يومنا هذا".

ثم تحدث غاندي عن أبيه وقت مرضه، حيث كان يستمع كل مساء إلى تلاوة الراماناما من قارىء ورع وهبه الله صوتاً جميلاً، فكان ينشد بالثنائيات والرباعيات، ثم يأخذ في تفسيرها فينسى نفسه في تيه الحديث بعد أن يكون قد حمل سامعيه معه، ويكمل غاندي: "ومع أنني كنت لا أزال في الثالثة عشرة في ذلك الوقت فلا زلت أذكر ما كان لتلاوته وتفسيره من وقع كبير في نفسي".

وانتقل غاندي للحديث عن تلقيه الدروس الأولى في التسامح نحو جميع المذاهب الهندوسية ونحو غيرها من الأديان الشقيقة، فقد كان والداه يزوران معبد الهافيلي كما كانا يزوران معابد شيفا وراما على السواء، وكانا في تلك الزيارات يصحبانه معهما، وتارة أخرى يبعثان به إليها جميعاً، كذلك كان بعض الكهنة من أتباع الجينية يزورون أبيه أحياناً، ويضيف غاندي: "وكثيراً ما كانوا يخرجون عن طريقهم المألوف فيطعمون من طعامنا نحن الذين لم نكن ندين بدينهم، بل كثيراً ما كانوا يتذاكرون مع أبي في موضوعات شتى، منها ما هو ديني، وما هو دنيوي"، وقد كان لأبيه فوق ذلك أصدقاء من المسلمين ومن المجوس، كانوا يأتون إليه ويتحدثون معه في شئونهم الدينية، فكان ينصت إليهم دائماً في إجلال واحترام، وفي كثير من الاهتمام، وقد أتيح لغاندي أثناء قيامه على شئون أبيه خلال مرضه فرصة الاستماع إلى تلك الأحاديث، فيقول غاندي: "كل ذلك تجمع في نفسي وغرس في قلبي روح التسامح نحو جميع الأديان، إلا ديناً واحداً في ذلك الوقت، هو المسيحية، فقد كان له كراهية خاصة في نفسي يومئذ لسبب معين، ذلك أن المبشرين المسيحيين كانوا قد اعتادوا في تلك الأيام أن يقفوا في ركن قريب من المدرسة الثانوية، فينطلقوا في تبشيرهم، ويسخروا من الهندوس، ويستهزئوا بآلهتهم، ولم تحتمل نفسي ذلك، ولعلي لم أقف لأستمع إليهم إلا مرة واحدة، ولكن هذه المرة كانت كافية لأن تصرفني عن تكرار التجربة، وزاد الطين بلة أنني سمعت في حوالي ذلك الوقت عن هندوسي معروف ارتد إلى المسيحية، وكانت المدينة كلها تتحدث عنه وتلوك بألسنتها مسلكه بعد ارتداده، كيف أكل عند تنصيره لحم البقر وشرب بعض المشروبات الروحية، وكيف بدل ملابسه فأخذ يمشي بين الناس بالزي الأوروبي بما فيه القبعة، واشمأزت نفسي من كل ذلك وقلت لنفسي إن ديناً يرغم الناس على أكل لحم البقر وعلى شرب الخمر وعلى تغيير زيهم لا يمكن أن يكون جديراً بهذا الاسم، بل كنت قد سمعت فوق ذلك أن هذا المرتد قد شرع يسخر من دين أجداده وآبائه ويهزأ بعاداتهم وببلادهم، كل ذلك ولد في نفسي شعوراً بالكراهية للمسيحية في ذلك الوقت، على أن هذا التسامح نحو الأديان الأخرى الذي تعلمته في صغري لم يعن بالضرورة أن الإيمان بالله عن إدراك ووعي كان يملأ علي نفسي في تلك الأيام، ومع ذلك فإن شيئاً واحداً كان قد تغلغل إلى أعماق نفسي في ذلك الوقت، ذلك هو الإيمان بأن الأخلاق أساس كل شيء وبأن الحق هو أساس الأخلاق، ومن ثم فقد أصبح الحق الهدف الذي أبتغيه، وأخذ إيماني بالحق يزداد على مر الأيام وإدراكي لمعناه يتسع في مداه شيئاً فشيئاً".

لطالما لعب رجال الدين دوراً كبيراً في التأثير على مجتمعات متعددة، بل وحصرهم في دائرة مغلقة لا يخرج عنها إلا الضالين –من وجهة نظرهم- ولا يحذو حذوهم إلا صالحاً هداه ربه إلى سواء السبيل.

في كتابه (في سبيل الحق) أو (قصة حياتي) تحدث غاندي عن مراحل حياته منذ طفولته، مروراً بزواجه المبكر، ووفاة والده، ودراسته، وأصدقائه، تحدث أيضاً في الفصل العاشر عن الدين تحت عنوان (لمحات من الدين).


ولد غاندي على عقيدة الفيشنافا، وكان عليه أن يذهب إلى معبد الهافيلي الذي لم يكن يستسيغ الذهاب إليه، لأنه لم يعجبه ما فيه من بريق ومظاهر الأبهة والعظمة، كما كان قد ترامى إلى سمعه أن هناك آثاما ترتكب فيه، ولذلك فقد رغب عنه، إلا أن ما فاته منه فقد جناه عن طريق مربيته التي لطالما تذكر حبها له وحنانها عليه، وقد كان الخوف من العفاريت والأرواح يستبد به، ولذا اقترحت مربيته –رامبها- أن يتلو الراماناما المرة بعد المرة علاجاً لهذا المرض، وأخذ يتلوها إلتماساً للشفاء، وكما يقول: "ولكن البذرة التي غرستها هذه المرأة الطيبة في نفسي، وأنا لا أزال في طفولتي، لم تغرس سدى، فقد ظلت الراماناما علاجاً نفسياً لا يخيب معي إلى يومنا هذا".

ثم تحدث غاندي عن أبيه وقت مرضه، حيث كان يستمع كل مساء إلى تلاوة الراماناما من قارىء ورع وهبه الله صوتاً جميلاً، فكان ينشد بالثنائيات والرباعيات، ثم يأخذ في تفسيرها فينسى نفسه في تيه الحديث بعد أن يكون قد حمل سامعيه معه، ويكمل غاندي: "ومع أنني كنت لا أزال في الثالثة عشرة في ذلك الوقت فلا زلت أذكر ما كان لتلاوته وتفسيره من وقع كبير في نفسي".

وانتقل غاندي للحديث عن تلقيه الدروس الأولى في التسامح نحو جميع المذاهب الهندوسية ونحو غيرها من الأديان الشقيقة، فقد كان والداه يزوران معبد الهافيلي كما كانا يزوران معابد شيفا وراما على السواء، وكانا في تلك الزيارات يصحبانه معهما، وتارة أخرى يبعثان به إليها جميعاً، كذلك كان بعض الكهنة من أتباع الجينية يزورون أبيه أحياناً، ويضيف غاندي: "وكثيراً ما كانوا يخرجون عن طريقهم المألوف فيطعمون من طعامنا نحن الذين لم نكن ندين بدينهم، بل كثيراً ما كانوا يتذاكرون مع أبي في موضوعات شتى، منها ما هو ديني، وما هو دنيوي"، وقد كان لأبيه فوق ذلك أصدقاء من المسلمين ومن المجوس، كانوا يأتون إليه ويتحدثون معه في شئونهم الدينية، فكان ينصت إليهم دائماً في إجلال واحترام، وفي كثير من الاهتمام، وقد أتيح لغاندي أثناء قيامه على شئون أبيه خلال مرضه فرصة الاستماع إلى تلك الأحاديث، فيقول غاندي: "كل ذلك تجمع في نفسي وغرس في قلبي روح التسامح نحو جميع الأديان، إلا ديناً واحداً في ذلك الوقت، هو المسيحية، فقد كان له كراهية خاصة في نفسي يومئذ لسبب معين، ذلك أن المبشرين المسيحيين كانوا قد اعتادوا في تلك الأيام أن يقفوا في ركن قريب من المدرسة الثانوية، فينطلقوا في تبشيرهم، ويسخروا من الهندوس، ويستهزئوا بآلهتهم، ولم تحتمل نفسي ذلك، ولعلي لم أقف لأستمع إليهم إلا مرة واحدة، ولكن هذه المرة كانت كافية لأن تصرفني عن تكرار التجربة، وزاد الطين بلة أنني سمعت في حوالي ذلك الوقت عن هندوسي معروف ارتد إلى المسيحية، وكانت المدينة كلها تتحدث عنه وتلوك بألسنتها مسلكه بعد ارتداده، كيف أكل عند تنصيره لحم البقر وشرب بعض المشروبات الروحية، وكيف بدل ملابسه فأخذ يمشي بين الناس بالزي الأوروبي بما فيه القبعة، واشمأزت نفسي من كل ذلك وقلت لنفسي إن ديناً يرغم الناس على أكل لحم البقر وعلى شرب الخمر وعلى تغيير زيهم لا يمكن أن يكون جديراً بهذا الاسم، بل كنت قد سمعت فوق ذلك أن هذا المرتد قد شرع يسخر من دين أجداده وآبائه ويهزأ بعاداتهم وببلادهم، كل ذلك ولد في نفسي شعوراً بالكراهية للمسيحية في ذلك الوقت، على أن هذا التسامح نحو الأديان الأخرى الذي تعلمته في صغري لم يعن بالضرورة أن الإيمان بالله عن إدراك ووعي كان يملأ علي نفسي في تلك الأيام، ومع ذلك فإن شيئاً واحداً كان قد تغلغل إلى أعماق نفسي في ذلك الوقت، ذلك هو الإيمان بأن الأخلاق أساس كل شيء وبأن الحق هو أساس الأخلاق، ومن ثم فقد أصبح الحق الهدف الذي أبتغيه، وأخذ إيماني بالحق يزداد على مر الأيام وإدراكي لمعناه يتسع في مداه شيئاً فشيئاً".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين والخوف
احمد اليعقوبي ( 2012 / 2 / 17 - 09:08 )
ان الدي لا يسرق ولا يكدب ولا يعتدي على عيره ولا يحب للناس ما يحبه لنفسه الا خوفا من عداب الله وطمعا في جنانه وحور عينه ووديان خمره ولحم طيره وما الى دالك من متع وملدات فهدا لا يستحق ان يطلق عليه لقب انسان فهو مجرد روبو لا يفكر بعقله بل هو منصاع وراء مكبوتات سيحصل عليها جزاء لا فعاله وتهجسا من عداب اليم سيلحقه ان هو لم يفعل دالك هدا هو حال المتدينين بل المتدنيين

اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان