الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنظومة الفكرية والاخلاقية ..بين الواقع والتمني

عبد الجبار سبتي

2012 / 2 / 17
المجتمع المدني


مجتمعاتنا العربية مليئة بالتناقضات مليئة بالازدواجية ..ازدواجية التفكير والتكفير.. والتعري الداخلي ..تعري النفس والضمير وتعري الفكر والعقل مقابل المطالبة بتغطية وكبت الشعور والمشاعر .. موازنة خائبة وتخبط خائب .. ومزج بين تاريخ لا نريد الانسلاخ منه تماما وحاضر نخشى هرولته الينا بعد ان يأس من ان نخطو نحن اليه .. تاريخ قمعي شاذ وشاحب الوجه يحمل صفات وحشية .. وحاضر يريد ان يعمدنا من جديد ليرمي بنا ضحايا لالهة جديدة تسمى العصرنة والتحضر .. وها نحن نضيع بين الدربين.. لم يكلف احد من علمائنا وفلاسفتنا ومفكرينا نفسه ليشرح لنا نظرته او فكرته اتجاه هذا الواقع المتخبط او ليوضحه لنا او يدلنا على طريقة للنجاة من هذا التيه المقيت وهذا الخلط العجيب .. لتبقى الازدواجية هي ميزتنا كمجتمعات متخلفة الفكر ترتدي ثيابا حضارية ... تجذبها قوتين في آن واحد باتجاهين متضادين .. وهي تحاول ممانعة ..اثبات ذاتها ..والصراخ بتمتمات غير مفهمومة المعنى ..
قلما تجد في مجتمعاتنا ذلك الراهب الذي يحاول ان يقف متفكرا من دون ان يجزم جزما انه قد وجد الحل الامثل والاكمل والاصح والافضل .. وقلما تجد فيلسوفا في مجتمعنا يحاول ان يقول انه باعتقادي القابل للخطأ والمناقشة والتحليل.. فان المجتمع عليه ان يطيل النظر في مسئلة ما ..ويضع بنفسه أطرا لذلك التفكير ومفرداته , فالجميع يعتقد انه هو الاصح وانه الوحيد الذي يملك عصى التبختر والسحر الالهي , وكل ذلك لا يندرج تحت عنوان البحث والتقصي والتفكر ..اكثر منه طرحا ذاتيا للانا المتكبرة والمتضخمة والمتعملقة ..تحت عناوين نبيلة , القصد منها مكاسب مادية لاتغني قطيعا من الاغنام .. وليس شعوبا وامما تشعر بضياع حقيقي وغزو فكري وثقافي .
وقلما تجد حلقة نقاش او منبرا فكريا يجتهد تحته الباحثون ويتنافسون مع حلقات اخر او منابرا اخرى متشحين بوشاح العلم والفهم والادراك لمكامن الخطر الذي تتجه اليه الامة او التحذير من الهبوط الجمعي نحو درك الجهل والتجهيل وحمى الضياع وتأسد الضباع ووفرة العقل الفردي المتجه نحو محطة المادية اللااخلاقية والبعيدة عن العمل المشترك والبعيدة عن لملمة الشتات ودرء الفتن واسكات صوت المكاسب الدنيئة على حساب الكسب المعرفي وعلى حساب القيم والاخلاقيات الرفيعة ..
افتقارنا للحلقات النقاشية التي يكون هدفها توعية الامة وتثقيفها سياسيا واعلاميا وحياتيا واجتماعيا له اثره السلبي وعلى المستويين القريب والبعيد والفردي والجمعي ..فلا احد يستطيع ان ينكر مدى الفوائد الجمة التي تقدمها تلك الحلقات والجمعيات والمراكز الثقافية ..وكما كان معمول به في ازمنة سابقة في مصر او في العراق او في دول المغرب العربي والتي كانت تزخر بالمثقفين والاكاديمين والمفكرين والكتاب والاعلاميين واصحاب الرأي الحر وما تقدمه تلك الحلقات والمراكز من خدمة لحركة الفكر العام ومنعه من الاتجاه صوب التجمد والهدوء والكسل والاختباء والاضمحلال والانزواء بحجج او اخرى ومدى الخطر الذي يداهم فكر الامة في حال انزواء مفكريها وركونهم الى الدعة والصمت والسكوت.. من استغلال الانتهازيين وانصاف المفكرين ومدعي الثقافة من المتشددين والعابثين بالفكر الحر لهذا الفراغ وركوبهم موجة الثقافة والتفكر وما يعطونه من صورة مشوهة عن المجتمع وما يمكن لهم ان يثيرونه من زوابع يشغلون بها فكر الامة ويحديون بها عن دروب النور بعتمتهم وظلامية افكارهم وانتهازيتهم ..
تلك الحركات والنشاطات والمراكز لا يمكن لها ان تعمر وتنتشر وتمارس دورها الحقيقي من دون ان تجد لها الرعاية والدعم المادي والمعنوي والتقبل الفكري من قبل المجتمع ذاته والذي يفترض ان تمثله منظمات مدنية تعرف بمنظمات المجتمع المدني تحمل على كاهلها تشجيع ورعاية العقول والفلاسفة والمفكرين واصحاب الشهادات واصحاب النشاطات ممن يجتمع فيهم نبل الاخلاق مع الامكانية الفكرية والعلمية او ما يدعون في كل المجتمعات بالنخب الفكرية الثقافية والذين يتجلى دورهم في التصدي لمثل تلك الحلقات النقاشية والمراكز الفكرية والتي من شأنها اظهار وكشف مكامن الخلل في الفكر المجتمعي سلوكا وعرفا وتقاليد ومحاولة تغييرها بطرح كل ما من شأنه الرفع من القيم الاخلاقية والمنظومة الخلقية للمجتمع عن طريق تصحيح الخطى وكبح جماح كل ما هو شاذ وشذيب وتهذيب الذوق العام والرفعة به الى مقام ما هو موجود في الامم المتحضرة والمتقدمة .. ومثل هذه النشاطات لا يمكن ان تقوم من دون دعم منظمات المجتمع المدني ومنحها دورا اكبر واكثر ريادة لتبني مثل تلك الحلقات وكف يد العبث التي تقوم بها الاحزاب السياسية من خلال تدخلها بعمل تلك المنظمات .. كما ان حث تلك المنظمات على تبني فكر النخبة الثقافية والعلمية والاكاديمية من خلال طرحها لنشاطات ومسابقات ومنافسات وجوائز للمفكرين والعلماء والادباء والفنانين من شأنه ان يسهم ويمكن تلك النخب من العمل في اجواء حرة ومناسبة لخروجهم من جو العزلة الذي وجدوا انفسهم فيه نتيجة اهمالهم واهمال افكارهم ..كما ان من شأنه ان يسهم بمد يد العون للكثير من العقول المهمشة والمنطوية نتيجة شعورها بالغبن او الخوف او الخشية ,وكما هو معمول به في الكثير من دول العالم التي تحتضن مفكريها وعلمائها وادبائها وفنانيها وتسبغ عليهم الجوائز والمكافئات وتسلط على افكارهم الاضواء والنقاشات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خالد أبوبكر: أمريكا وأوربا تجابه أي تحرك بالأمم المتحدة لدعم


.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأمم المتحدة تشدد على ضرورة إدخا




.. سفير إسرائيل بالأمم المتحدة: قرار واشنطن وقف بعض شحنات الأسل


.. بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد




.. كاميرا العربية ترصد أوضاع النازحين في مخيم المواصي