الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشارة لفهم علاقة الإسلاميين بالتراث وبالفئات الرثة

بوبكر الفلالي

2012 / 2 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أو في سر شعبية الإسلاميين
إلى كوثر محلاني

كثير ما شغلني هذا السؤال: هل استوعب وهضم الإسلاميون بمختلف اتجاهاتهم وطوائفهم التراث العربي الإسلامي ، بمختلف عناصره ومفرداته ومن ثم أصبح جزءا من بنيتهم الفكرية وقاعدة لمجموع تحليلاتهم وتدخلاتهم وبالتالي برامجهم وممارستهم، وأساس لمناقشاتهم مع خصومهم أم أن الأمر على خلاف ذلك تماما؟
" قصد بالتراث مجموع الاجتهادات الفقهية والتفسيرية والفلسفية والعقائدية وحتى الصوفية" وعرفوا أساساتها الاجتماعية والمادية وعناصرها الوجدانية أيضا المزاجية علاوة على معرفتهم بالنص بمعناه المطلق) القران/ السنة( الذي يصر البعض منهم على القول انه المرجع الوحيد ولا داعي آو ليست هناك حاجة الاستدعاء غيره ) التراث الفقهي والتفسيري، ومنجز الحداثة ( للفهم وأيضا للسلوك
لماذا هذا السؤال؟ أهمية هذا السؤال تكمن حقيقة أو تنبع من مخاوف وهواجس افرزها التناقض الحاد الموجود اليوم بين رؤية الإسلاميون للمجتمع والتاريخ والحرية والإنسان ووظيفة الدين العقيدة في المجتمع وبين رؤى غيرهم خاصة التيارات الديمقراطية والوطنية، مبرر السؤال والمخاوف عندي تتمثل في انه لو أن الإسلاميين كانوا قد هضموا التراث بمعنييه أو ببعديه المطلق والمتغير لما كان هناك مبررا أو داعي كبير، لهذا التناقض والتباعد الموجود بين رؤيتهم الفكرية والاجتماعية ورؤى غيرهم إذ يكن في هذا من المستوى للإسلاميين أن يفطنوا إلى أن أفكار وتصورات غيرهم كامنة بالضرورة في بنيتهم الفكرية ) نقصد بنية الإسلاميين الفكرية( أو قل هي جزء وعنصر من عناصر بنائهم النفسي والذهني فلا مبرر هناك لتناقص أو اختلاف بمعنى أن رؤى الديمقراطيين إن كانت غائبة عن تراثنا الفقهي أو الأصولي باعتبارهما منحنيين محدودين نظريا فهي بالضرورة موجودة في تراثنا الفلسفي وأيضا الصوفي ناهيك عن وجودها بمعنى ما في النص الذي لا يعزب عنه شئ مهما قل.
دعاني لطرح هذه الأسئلة هاجس أخر أوسع مما ذكرت هو ما سر العلاقة الصميمة التي باتت تجمع بين الإسلاميين والفئات أو القطاعات الاجتماعية محدودة الدخل أو الرثة بلغة اجتماعية وعلمية معاصرة، وهنا أجدني في حاجة إلى التذكير أن صعود الإسلاميين المريع عبر رياح التعبير العربي الأخير وقبل ذلك يضعف من قيمة التفسيرات الاجتماعية الكثيرة التي لم تجعل تركيزها كبيرا على قراءة المتن الفقهي والتفسيري والأصولي الذي يعتبر عنصرا هاما أو قل حاسما في تكوين ذهنية الإسلاميين ، وفي تأسيس بنيتهم المعرفية والشعورية ليس بمعنى أنهم قد تمثلوا ذلك التراث واعملوا النقد حياله ولكن بمعنى انمحائهم فيه وغرقهم في إشكالاته ومشاغله.
إن هذا الذي قدمناه يجعل فهم العلاقة بين الإسلاميين والفئات الرثة أو المستضعفين ممكنا إن لم نقل واضحا وميسورا ذلك إن المزاج العام لهذه الفئات وبنائها الوجداني والمعرفي لم يتشكلا بعيدا عن التراث هذه واحدة إضافة إلى أن هذا التراث نفسه في مستوى ما هو وليد تفاعل هذه الفئات مع واقعها المادي التاريخي هو إذا ضمير هذه الفئات وأساس أو قاعدة تفكيرها وممارستها ومعلوم إن الإسلاميين هم من أكثر الجلبة حول التراث واندمج فيه أحيانا بوعي وكثيرا بدونه، واعتبره الحل أو المشروع الكفيل بإنقاذ المجتمع المعاصر من وهدته ومن مشكلاته، فلا مناص إذن من نشوء علاقة بينهم والفئات المشار إليها لكن السؤال هو كيف سمحت التوجهات المعنية بالتغير والإصلاح والحداثة والتطوير بصيرورة هذه العلاقة وهي المعينة أساسا بالارتباط بهذه الفئات الشعبية هذه إشارة للأسف عميقة ترسم حدود أو مأزق تصورات الإصلاح والحداثة على السواء .
أن المشرب الواحد الذي تشترك فيه التيارات الإسلامية والفئات الرثة يفسر العلاقة التي تجمع الطرفين كما يفسر جاذبية خطاب الإسلاميين لدى تلك الفئات ، ويفسر أيضا ضعف وخفوت ومحدودية أو أزمة التيار الوطني الحداثي وفكرته، ولكنه لا يفسر بشكل كاف تصاعد خطاب الإسلاميين وصيرورة في الآونة الأخيرة الخطاب المطلق ممارسا اضطهاد وعنفا خطيرا ضد غيره من الخطابات، ربما كان تفسير ذلك أو تعبيره ماثل في نخبوية خطاب الإصلاح، وارتباطاته بفكر غير متجدر، علاوة على ذلك التحالف الذي نشأ بين الإسلاميين و الأنظمة الاستبدادية المسنودة بتخوفات الغرب ليس من الإسلاميين ولكن من كل خطاب يروم الإصلاح الحقيقي.
لما كشفنا عن العلاقة الموجودة بين خطاب الإسلاميين والبنية الفكرية الشعورية للفئات الرثة لم نذهب إلى أن الوجود الاجتماعي للإسلاميين هو مبرر لقاءهم مع الفئات الرثة والشعبية وهو الفهم الذي كرسته كثير من الأدبيات ) سمير أمين( ولكن اللقاء مبرر بالاشتراك المفاهيمي الفكري المحض ومبرر أيضا بالعناصر الوجدانية والنفسية ذات الأصل المشترك.
أخيرا إن كل حل للمعضلة التي أبرزنا بعض ملامحها لا يكون سوى بنقد الجذر الفكري المفاهيمي الديني المشترك الذي يجمع الإسلاميين إلى الفئات الرثة المستضعفون في الأرض.



بوبكر الفلالي باحث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف


.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي




.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة