الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
زندقة المثقفين ومحاكم التفتيش تركي الحمد أنموذجاً
رائف بدوي
2012 / 2 / 18العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يحلُم كثيرٌ من الحركيّين من الإسلامويّين في بلادنا باستعادة إرث الخليفة العباسيِّ المهديِّ، وإرثي الخليفتين الأمويين المأمون والمتوكل، وغيرهم من الخلفاء الذين عُرف عنهم قتلهم لمخالفيهم – تحت شعار الزندقة وغلاف الإسلام السياسي.
ولا أحد هنا ينكر عليهم حقهم في الحُلم ، ولكن الموضوع تجاوز كونه مجرد حُلم، وتحوَّل إلى عمل تعبوي منظم ، يتمُّ عبر شحن العامة من الناس باللعب والدندنة على وتر الدين والتدين حسب مايتصورونه ، بل ذهبوا لأبعد من ذلك ، إذ بدأوا مؤخراً يزايدون على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
نعم يا سادة فهذا ما يحدث الآن وفي القرن الحادي والعشرين ، فبعد تغريدات الدم التي جاءت بإمضاء مصاصي دماء حمزة كاشغري الذين لم يقبلوا توبته ولم ينتظروا صدور الحكم الشرعي عليه، تطاول البعض عالياً ليربطوا تغريدات كاشغري بالتيار التنويري قاطبة ، فبدأوا بشحذ الهمم وتعبئة النفوس، والإنذار ببدء حرب ضروس ضدّ كل ما يحسب على الثقافة والتنوير؛ لأن ذلك في نظرهم زندقة وإلحاد وإساءة للمقدسات .
نعم فهناك مساعٍ حثيثة من التيار الإسلاموي المتشدد، لإلصاق الشاب حمزة كاشغري بالتيار الليبرالي، حتى أنهم صوّروه كأحد أهم الليبراليين في البلد ، وهذا منافٍ للحقيقة، فالشاب كاشغري أقرب بكثير لإخوان السعودية والكل يعرف ذلك ، ولم يعرف أحد كاشغري إلا بعد تقديمه ككاتب زاوية في جريدة البلاد منذ أشهر قليلة ، ولم نعهد منه يوماً اعترافه بالليبرالية أو مجاهرته بها ، وكل ما يحصل الآن هو محاولة فاشلة وبائسة لاختراق نظام المطبوعات والنشر الصادر عن المقام السامي. نعم إنهم يتمنون تحويل كل كاتب أو مفكر لا يطابق توجههم أو يختلف معهم ، لمحاكمته بالوجه الشرعي الذي يتفق مع قناعاتهم الخاصة ، لا بالوجه المعمول به الآن بتوجيه ملكي .
بدأت فصول القضية في العام 1998 م عندما كُفّر الكاتب الدكتور – تركي الحمد ، وصعَّد الصحويون آنذاك سقفهم للمطالبة برأس الحمد ، وكانت حفلتهم الدموية تلك بتعبئة كأني أرى ملامحها تتشكل الآن من جديد في عامنا هذا .
والسؤال المهم هو: ماذا قال تركي الحمد حتى يتعرض للغزو والاستباحة والحرب مرتين؟. لنستذكر هنا مع القارئ الكريم ما قاله الحمد؛ قال في روايته ( الله والشيطان وجهان لعملة واحدة ) ، وهذا الموضوع قد وضّحه الحمد مرات عديدة وفي أكثر من لقاء معه ، وللتوضيح هنا ، فإن هذه العبارة أتت على لسان أحد شخوص الرواية ، وليست على لسان الحمد نفسه ، وناقل الكفر ليس بكافر كما قال بذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ، ومن الناحية اللغوية فالكلمة سليمة ومعناها - أنهما لا يلتقيان أبداً ولا يتفقان في المصالح ، فالله عز وجل يريد طريق الخير والشيطان الرجيم يريد طريق الشر، فالعملة هي الطريق أو المسلك، ووجهاها لا يلتقيان أبداً.. فهزيمة هشام – قائل المقولة في الرواية - النفسية في الكراديب حتمت عليه هذه الأفكار ، وعندها حسم أصحاب القرار وبحكمة تحسب لهم لا عليهم تلك الفتاوى التكفيرية وحفلات الدم ، فانتهى الموضوع رسمياً عند هذا الحد .
ولكن التيار الإسلاموي ظل وعلى مدى 14 عاماً يروج بين العامة خطر تركي الحمد وكفره وزندقته، حسب زعمه الباطل، مستشهداً بتلك العبارة السابقة فقط. والتي أخرجت من سياقها وفرّغت من معناها ودلالاتها. ومما هيّج العامة ضد الحمد في هذه المسألة أن خصومه أخذوا تلك الجملة، ووضعوها في موقع – اليوتيوب – مقصوصة من سياقها ، فحذفوا بقية كلام الحمد الذي يشرح فيه تفاصيل ورود هذه الجملة في روايته، ليحشدوا الرأي العام ضدّه ، وقد نجحوا في تجييش العامة والبسطاء، وأتذكر هنا أنه عندما قدم الحمد لنادي جدة الأدبي ، وبعد فتح باب النقاش والأسئلة للجمهور ، تقدم رجل طاعن في السن للمنصة ، وتحدث قائلاً : أنا لا أعرف المدعو الحمد والله ، ولم أقرأ له سطراً واحداً ، ولكني سمعت أنه يقول تلك الجملة فأتيت هنا لأنصر الله في هذا الشخص !! وماهذا الرجل إلا أحد البسطاء الكثيرين، الذين جيّش مشاعرهم أولئك المزيفون للحقائق باستغلال جهل العامة من الناس .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - كلامك صحيح
طريف سردست
(
2012 / 2 / 18 - 11:53
)
اتفق معك ياسيد رائف.. ولكن تبقى المصيبة في السؤال التالي: مالحل، ومالعمل الان؟
2 - ممتاز
احمد محمد
(
2012 / 2 / 18 - 17:17
)
مقال يعلق على ستار الكعبة ورب الكعبة تحياتي لك ولقلمك الرائع سيدي رائف
3 - اوافقك الرأي
عتريس المدح
(
2012 / 2 / 18 - 19:36
)
ولكن لم أفهم ماذا تعني وإرثي الخليفتين الأمويين المأمون والمتوكل فهما خليفتان عباسيين،
4 - مقال أكبر من حجمك
الشمري
(
2012 / 2 / 18 - 21:35
)
من خلال الربط التاريخي ومايجري الأن من صراع ومحدودية ثقافتك ارى كبرحجم هذا المقال والذي يتعدى طاقاتك الابداعية...أضافة الى استشهادك برجل طاعن في السن وكان الأحرى بك أن تحترم والدك اولاً ..حتى تكون ذا مصداقية...
5 - مدري متا يتعلمون سااااااامج
كراهة الزلفة وتركي ورايف
(
2012 / 2 / 20 - 00:42
)
خذ ناصحية مني تراك مقالتك كلها فاااااشلة
6 - أخزاكم الله ياأعداء الله....
بنت السنة
(
2012 / 3 / 2 - 09:25
)
حسبنا الله ونعم الوكيل..سبحانه يمهل ولا يهمل...وعدنا جميعاً هنااااااااااك...في يوم كألف سنة..يوماً لم تحسبوا حسابه..ووالله أن حسابه كان ((عسيّراً ..وهناااك فقط الكل سيعرف ماله وماعليه..وهناك فقط لامكان للحيلة ولا الكذب ولاالكفر ولا النفاق..هنااك الكل سيصمت ويحاسب ..هناك فقط سوف تتطاير الكتب وسنرى من سيستلم كتابه بيمينه ومن يستلمه بشماله..هذا كله الصبح..موعدنا الصبح...أليس الصبحَ بقريب....!!!!
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال