الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوائد الكتابة وأسرارها

كاطع جواد

2012 / 2 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مما لاشك فيه إن الإنسان عرف الكتابة منذ القدم وذلك بعد إن تعلم الكلمات وحفظها في ذاكرته ليعيدها بعد ذلك بالشكل الذي يريده وبالاتجاه الذي يبتغيه ,لكن بعد وجود الحاجة الفعلية لاستعادة ما تحدث به وبالشكل الدقيق دون تلاعب أو تحريف كان لزوماً على الإنسان إن يدون ما تحدث به وما قرره ,وكانت الحاجة للكتابة قد نشأت للمرة الأولى في دواوين القادة والحكام لما لأهمية ما يريدون وما يقررون , فنشأت في البداية الكتابة بصورها البسيطة والرمزية التي عرفناها من خلال التنقيبات والآثار لتلك المدونات الطينية سواء كانت في( الرقم الطينية) بالعصور المتقدمة أو على جدران الكهوف في العصور التي سبقتها خاصةً عندما كان الإنسان يغادر كهفه ليبحث عن ما يسد به رمقه بعد إن يجوع, أو يكسو به جسده عندما يعرى ويبرد..استمرت حياة الإنسان وحاجاته اليومية للكتابة فقد تشعبت الحاجة للكتابة لتشمل كل معتقداته وديانته البسيطة التي كان يعتقد انه بحاجه لتدوينها ونسخها حتى يعيد قراءتها مرة تلو أخرى وكذلك ليحفظها للأجيال التي تليه من الأبناء والأحفاد حتى أصبحت الكتابة هي المفتاح لحل كل الإلغاز والرموز التي نحتاجها للمعرفة أو للتدوين ..كثيرون من يعتبروا إن التاريخ قد ابتدأ من معرفة الإنسان الكتابة والتدوين ,فأصبحت كل المراجع تشير إلى تلك الحقبة والعصر التي دون فيها الانسان حياته ومماته وكل أنشطته ..
الذي يهم من هذه المقدمة البسيطة للتعريف بتاريخ الكتابة ليس الكتابة نفسها لكن فائدة الكتابة وغايتها خاصةً تلك التي تشير لمصير الإنسان وحياته الروحانية وأساطيره التي تحاكي تارةً الملائكة وتارةً الحيوان (ملحمة كلكامش ) ,فقد جمعت تلك الملحمة المدونة العلاقة بين الإله الإنسان(كلكامش) والحيوان الإنسان(انكيدو) لتصل الملحمة لوحدة الأضداد ولتكوين الإنسان بكل ما يملك من نقاط ضعف ونقاط قوة..لم نعلم لحد هذه اللحظة من كتب ذلك الرقم وبهذه التفاصيل الدقيقة لكن المدون الطيني يشير إلى هاتين الشخصيتين المتناقضتين وما يملكانه من قوة وضعف وصفات غير اعتيادية ,قدتكن تلك الملحمة هي رمز للإنسان في إي زمان أو مكان وهذا ما نلمسه نحن في وقتنا الحالي إذ يسعى كل منا لتحقيق ذاته بشتى الوسائل والسبل ومن هذه الوسائل هي وسيلة الكتابة ففيها تحقيق للذات وفيها خروج من النص ألشفاهي إلى النص المكتوب وفيها يتحول الإنسان من مستمع إلى متأمل غارق في أحلامه بعد أن يرى صور الحروف ودلالة الكلمات ومقاصد الجمل ..قرأتُ في إحدى المجلات شكوى من إن هناك شخصاً لا يحصل على كفايته من النوم فما كان من الطبيب المعالج عبر وسيلة إعلامية كتابية إن نصحه بالكتابة حتى يتخلص من المرض الذي هو فيه (الأرق) نصحه بان عليه إن يخربش كلمات تدل على وجوده حتى وان كانت تلك الكلمات من الخيال ويقصد الشعر بصورته البسيطة ففيها يجد المريض ضالته وتساعده على بعث الطمأنينة في نفسه..في عصرنا الحالي خاصة عصر الانترنيت والمعلومة المجانية أصبحت الكتابة هي الحاجة الحقيقة لمن يرغب فيها فقد عرف احدنا ماذا يريد الآخر وفيها أحب احدنا الأخر ..لكن فيها وللأسف الشديد إن يكره احدنا الآخر ,ربما لبعض الوقت .. علينا إن نجعل نصب أعيننا إننا إذا اختلفنا ليس إن هناك فريقين احدهما على حق والآخر على باطل بل إن هناك فريقين مختلفين بالرأي ومتساوين بالنتيجة لان كليهما يبحث عن الحقيقة وينظر لها من زاويته الخاصة وبهذا أصبح الحوار الكتابي هو البديل عن الحوار الشفهي إذا اختصر المسافات وقرب الناس من بعضها البعض من خلال الكلمة المكتوبة ولهذا أصبحت المعرفة المدونة بمتناول من يرغب باقتناصها والحصول عليها وهذه هي الفائدة الحقيقة للكتابة ولكل مدون...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حلاوة
عبد الحسين طاهر ( 2012 / 7 / 3 - 08:22 )
لله يا استاذ انها حقا خليط من سحر و..حلاوةالف الف تحية

اخر الافلام

.. الرئيس الأمريكي يهدد بإيقاف إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاح


.. طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول




.. سيفا الأمير عبد القادر المسروقان يعرقلان المصالحة بين الجزائ


.. صحيفة إسرائيلية: تل أبيب تشعر بالإحباط الشديد إزاء وقف واشطن




.. مظاهرة مرتقبة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي بمدينة ما