الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولاد يقتلون والقلب يبتهج !

أحمد مسّلم

2012 / 2 / 21
المجتمع المدني


"لكن حتى لو لم أر ولو كنت مخطئا، وحتى لو كانت الكراهية متبادلة، فلا يمكن ان نتجاهل ما يحدث لنا نحن أنفسنا: ان اولادا فلسطينيين يُقتلون في حادثة سير وتبتهج قلوب اسرائيليين كثيرين، بل انهم لا يخجلون من ذلك" *جدعون ليفي .

كنت أقرأ في بداية النص الأخير من كتاب "وأنا" للكاتبة فيروز شحرور عندما جائني أخي إباء يصيح: "هل سمعت ما حدث في جبع !"
بصراحة لم أستطع منذ تلك اللحظة أن أفكر أو أن أكتب أو أن أمارس طقوس حياتي اليومية بالسلاسة والبساطة التي عهدتها أو أحاول صنعها أو صناعتها .

كان الحادث صعباً جداً، كان امتحاناً لإنسانية الإنسان ولوجدان الكاتب، لم أستطع تلك الليلة أن أنام أو أن أتحدث لسبع ساعات متواصلة مع ابنة أخي العزيزة، أكتفيت وأكتفى الموقف بالصمت.

ما أستفزني للكتابة كان مقالاً يحمل نفس العنوان للكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي يصف فيه حالة الفرح التي سادت بعض الأوساط الشبابية الإسرائيلية على موقع التواصل الإجتماعي" فيس بوك"، ذلك المقال الذي يوضح فيه وبطريقه انسانية ذلك الجرم الأخلاقي الذي أقترفه ابناء عدونا خلف الجدار .

سأكمل ..
في ساعات المساء، بدأ الضباب الكثيف الذي غطى المعلومات الدقيقة حول الحادث – كأعداد القتلى والمصابين وكيفية حدوث الحادث وأسبابه ودور الجهات الرسمية الفلسطينية – ينقشع شيئاً فشيئاً، وكما تعودنا كان هذا الدور ملقى وبجدارة على كاهل كتاب الجُمل والصفحات الإخبارية الشبابية على الفيس بوك .

أخبار كثيرة مبكية وأخرى محزنة وأخرى طريفة مؤلمة في ذات الوقت، على سبيل المثال قرأت ما يلي :
"36 دقيقة .. حتى وصلت سيارات الدفاع المدني"
"24 دقيقة .. حتى وصلت أول سيارة إسعاف فلسطينية"
والخبر الأطرف والأكثر إيلاماً وفجوراً هو أن أول عربة إطفاء فلسطينية وصلت الى مكان الحادث كانت فارغة من المياه.

هذه الأخبار ما تزال تحيرني وتحرك في نفسي بعض التساؤلات فكيف للإجهزة المختصة بالتعامل مع هذه الحالات الطارئة أن تتعامل مع هذا الحادث بهذه الكمية الرهيبة من اللامبالاة والتسيب والتهاون والتقصير، حتى لأنك ترى مديراً أو مسؤولاً في جهاز ما من أجهزة الإختصاص يخرج في تصريح إعلامي يشتم الإحتلال، لأنه السبب في تأخر عربات الإسعاف والإطفاء !!
وترى كذلك رئيس الوزراء الفلسطيني الموقر" سلام فياض " يصرح لصحيفة الرسمية فيقول " سنشكل لجنة تحقق واستخلاص عبر " تحقق وليس تحقيق !!

إن الشاب الإسرائيلي" داني فزينشفيلي" الذي كتب على صفحته تعليقاً على الحادث قائلاً " إطمئنوا هؤلاء أولاد فلسطينيون" لا يلام فهو من الطرف الآخر، هو ببساطة عدو أو مشروع عدو لكن ما يؤسفني هو تحجيم ما حدث وتطويقه في الدوائر الرسمية الفلسطينية مع أن تهمة التقصير والإهمال من قبل الأجهزة المعنية – الإسعاف و الدفاع المدني والشرطة الفلسطينية – واضح وضوح الشمس في كبد السماء، وأذكركم وأذكر نفسي أننا تعلمنا في المدارس أو تحديداً في بعض دروس الميثولوجيا الإسلامية، أن القائد الإسلامي عمر بن الخطاب قال يوماً وهو على سدة الحكم :" والله لو أن ناقة عثرت في الشام لسؤل عمر عنها" فكيف اذا كانت القضية تدور حول أرواح ستة أطفال ومعلمتهم وضعف هذا العدد من الجرحي.

ان هذه الحادثة والتي احترق فيها حلم عدد لا يستهان به من أطفالنا في طريق كان يجدر به أن يحملهم الى حديقة أو مكان لترفيه لينتهي بهم المطاف في ثلاجة مبردة في مدينة باردة أصلاً والفصل شتاء، وأرى أن حوادث الإهمال والتسيب وحالة اللامبالاة في الأجهزة الحكومية يجب أن لا تمر مرور الكرام.

صديقي يكفي القَدر ما حملناه من مشاكلنا وأخطائنا، ويكفي الله ملكوت السماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو


.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك




.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم


.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي




.. عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تطالب بوقف العمليات في رفح