الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت الجميل

كامي بزيع

2012 / 2 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا نستطيع دائما ان نختار طريقة موتنا، او نصنع منها احتفالا قبل مغادرتنا الحياة، لاننا لا نصدق من جهة اننا راحلون، ومن جهة اخرى غالبا مانكون بحالة ضعف لا نستطيع معها التفكير، وفي احيان اخرى يكون الامر فجائيا بحيث لا يتسع المجال للتخطيط للموت.
لا شك ان يختار المرء طريقة لموته، ان يرتب حوله الاشياء، ان يتصل باصدقائه، ان يقرر مثلا ان يكون بصحبة شخص بعينه، او ان يوضع في مكان يختاره كالغابة التي يعشقها مثلا او المكان الذي شهد حبه الاول، او ان ياخذ مشروبه المفضل، وان يتناول طبقه المميز، هناك اشياء كثيرة يمكن للمرء ان يشتهيها. لكن قد يصبح احيانا العكس، اذا ما شعر الواحد بالموت يقترب، اكيد ان شهيته ستنقطع عن كل ملذات الدنيا.
دائما نجد ان الموت يرتبط بالبكاء، العويل، الصراخ، وفي احيانا كثيرة بالياس والقنوط، كلها مفاهيم تراكمت على امتداد الوف السنوات وجعلت من الموت الامر الاكثر بشاعة في حياتنا، حتى ذكره ليس مستحبا مع الامر الاكثر واقعية وحسما في وجودنا.
هل سنعود الى الحياة، ماذا هناك في العالم الاخر، وغيرها الكثير من الاسئلة التي حيرت العقول منذ فجر الانسانية، ولم تجدي كل المعتقدات والممارسات من تخفيف حدة وقع الموت على الانسان.
يقال ان الانسان وهو يقترب من الموت، يشعر انه بنفق مضيء، لذلك نرى تلك الابتسامة على وجوه المحتضرين، يقال ايضا ان المحتضر قلما يريد العودة الى الدنيا، بل هو مشدود للمضي في الوصول الى الضوء في اعماق النفق. لذلك غالبا ما يأسف الانسان في ساعة الاحتضار على الحزن الذي يلف المحيطين به، هو يريد ان يخبرهم انه سعيد، وانه قد تحرر من اعباءه الدنيوية الثقيلة، يريد ان يدخل الفرح الى قلوبهم، ودعوتهم للكف عن البكاء، لكنه لا يستطيع الكلام، يصبح لسانه مربوطا، كان اللغة وجدت فقط للتفاهم مع ابناء الارض، وهناك لغة اخرى مختلفة لم يجربها الا الاموات فقط.
ليس من السهل اختيار طقوس الموت كما فعلت الابنة البكر للملكة كاترين الفرنسية، التي كان قد اصابها الطاعون فاستدعت الموسيقي المفضل اليها، بالمجيء الى مخدعها وعندما وصل قالت له: "جوليان، خذ كمانك واعزف لي بشكل متواصل حتى تراني ميتة، لاني ساذهب بالتاكيد، اعزف لي اغنيتي المفضلة وعندما تصل الى مقطع: "كل شيء هباء"، اعزفها اربع او خمس مرات، باكثر مهارة ممكنة تستطيعها والذي حصل، هي نفسها كانت ترافقه بالغناء وعندما وصل الى كلمة "كل شيء هباء" انشدتها مرتين، بتقطع الانفاس ومشقة الروح، ثم استدارت الى الجانب الاخر للسرير، لقد ماتت.
هي لحظة فقط تلك التي تفصل مرحلة عن الاخرى، تلك التي تعلن نهاية الحلم وابتداء الحياة...ربما!!
نحن لا نختار اقدارنا فكيف بنا نختار موتنا لنحوله الى حدث جميل، نحتاج ربما الى اكثر من عمر لنجرؤ على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله