الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتكال على بركة السماء .. الجزء الثاني

اجرعام ساكورا

2012 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هنالك في نصوص الاسلام مراوغات فلسفية تزيدني حيرة كلما اطلعت عليها.. تلك المراوغة التي تقول بأنني حر لكني مسير بقدرة قادر في نفس الوقت.. انا حر لكن كل شيء قد قدر لي وكتب في سبورة الله.. مكتوب لي في الواح الله اني انسان فاضل مصان و عظيم.. لكن اعيش مجرد ممثل في هذه الحياة لدور وسيناريو كتب لي مسبقا.. وان لي مشيئة وارادة حرة لكن مشيئة وارادة الله هي التي تصنعها وتسيرها.. و تضيف تلك النصوص المحمدية باني سوف احاسب بناء على هذه الفلسفة الغريبة والتي لم يستطع عقلي ومنطقي تقبلها و تفسيرها ليؤمن بها.. وليس ذنبي أبدا ان لم يتقبلها هذا العقل الذي خلق بمشيئة نفس ذلك الله كما يقولون..
في الحقيقة لا استطيع الاقتناع بأن كل ما يصيبني وما أمر به مكتوب ومقدر من الله.. و لا استطيع أن اقتنع أن الملايين من الأطفال التي تموت جوعا في تلك الزاوية البعيدة من افريقيا قدر لها من الله كل ذلك العناء.. او مر ما تعانيه تلك الشعوب من خلال ارادة الله اولا.. لا استطيع مثل الكثير من المؤمنين بأن القي على الله كل ذلك الشقاء وكل صغيرة وكبيرة أواجها انا في حياتي..
لا استطيع مثلا أن أتخيل اني لا املك الا السجود و التضرع و الدعاء لرد بعض ما يصيبني من مشاكل و معانات او لنيل ما أريد تغييره في بعض تفاصيل حياتي.. لا استطيع أن أتخيل أن الانسان لا يملك من حريته سوى رفع يديه بعيون دامعة نحو السماء لينال بعض الشفق.. ولا استطيع أن أتخيل ان الله قدر لي حادث ما ثم ينتظر مني أن ارفع يدي لأطلب منه أن يغير هذا القدر او يبدله بقدر أهون.. كل ذلك يبدو سخيفا مملا و يضع الله في موقف طفولي سادج..
لا استطيع أن أتخيل الله يأمر ويأذن بكل هذه الفلسفة البليدة لمجرد انه تمنن علينا بخلقنا..
ولا استطيع ايضا أن امنطق او اتقبل أن الله كتب وقدر لي كل ما اعيشه من احداث و تفاصيل حياتية ويسيرني وفق ارادته هو.. وفي آخر المطاف يحاسبني على كل صغيرة و كبيرة.. و على ماذا يحاسبني مادام الخير و الشر و الهداية بيده؟؟
هل على أمور هو كتبها وأرادها واذن بها؟؟
أي منطق هذا وأي حساب سيكون هذا الحساب وأي عدالة هذه؟؟
تلك التي تجعلني في الحياة كالدمية والممثل ثم اساق على ناصيتي مثل الخروف الى حساب عسير لم يكن لي أي مشيئة او ارادة خالصة فيه.. ثم الى سقر و العياذ بالعقل..
كما اني لم استطيع أن استوعب الآيات القرآنية و الاحاديث التي تحث المسلمين على التوكل والعمل بالأسباب والى غيرها من التفاصيل الغريبة التي تتحدث عن التوكل على الله.. و كيف أتوكل على الله وقد كتب وقدر أمري؟؟
و كيف نتوقع أن تخلق فلسفة القدر المكتوب مسبقا توكل ايجابي في نفوس المؤمنين؟؟
حين يقال للانسان بان كل شيء مكتوب لك ومقدر من الله من شقاء وسعادة من جنة ونار .. كيف تتوقع من الانسان أن يحصل على اي تحفيز يحفزه نحو الجد و العمل بالأسباب.. وكيف يتوكل على شيء قد حسم له؟؟
فالتوكل في المكتوب هو اجتهاد حياتي لا معنى له.. فكيف سيؤمن المسلم بالعلوم الانسانية و بالفيزياء والكيمياء والرياضيات والعلوم الطبيعية كمرشد ومعين له في سير حياته الحرة وهو يعلم انه مهما حاول سيكون قدر الله قد سبقه؟؟

هنا احد الاشكاليات التي جعلتني اتجه عالم المعرفة مثل الفيزياء والعلوم الطبيعية كمنطق اصدق للارادتي في هذا الوجود.. و هذه الأسباب التي ذكرتها هي التي دفعتني لأؤمن بمشيئة الطبيعة ومشيئة معرفتي بها ومسايرتها و تطويعها.. و أؤمن بحريتي ضمن اطارات الظروف الحياتية الطبيعية والفيزيائية وغيرها و التي تمر حريتي من خلالها.. كما أؤمن الى الآن بأني انا اله نفسي و انا من يصنع قدري في الحياة.. كما ان ثقتي في العلوم تزداد كل يوم لانها تتطور في ارتقاء متزايد لاكتشاف الكثير والكثير من قوانين الطبيعة الكيميائية والفيزيائية والجينية وغيرها من التفاصيل التي تعينني في تغلبي على ما يواجهني في الحياة كان مرض او طارئ او جهل او كارثة طبيعية او غير ذلك وأؤمن بأن العلم سيستمر في الرقي حتى بلوغ الكثير والتغلب على الكثير..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ اجرعام ساكورا المحترم
ليندا كبرييل ( 2012 / 2 / 29 - 08:47 )
لا بأس برأيي أن يستريح الإنسان إلى التفسيرات الإلهية المقدسة إن كانت دافعاً له في العمل والتفكير ، وما دام لا يؤذي بها الآخرين ، ولا يتعارض إيمانه في حياته الخاصة مع الخطوط العامة للحياة
وشيء جميل أيضاً أن تقتنع بأنك إله نفسك وأنت صانع قدرك ، أنت تؤمن بالإنسان وبقوة عقله ، والطرفان يعملان على تسيير الحياة ، لكن مشكلتنا مع من يتصوروا أن فرضهم تعاليمهم الدينية واجب عليهم ، وهذه أكبر مشكلة في مجتمعنا العربي الذي يتصور فيه المسلم أنه على حق وغيره على باطل
أستاذ : نرجو التفاعل مع التعليقات ،فالحوار طريق روحة جيّة وشكراً


2 - فيه بأس كبير و اضرار للمجتمع
اجرعام ساكورا ( 2012 / 2 / 29 - 14:37 )
اهلا ليندا..
لكن لا استطيع ان اتقبل العيش مع شخص ينسب كل ما يقع للانسان الى مشيئة الله وتقديره.. لا استطيع مثلا أن انسب أن والد صالح لعشرة أطفال يموت بالسرطان بمشيئة الله وتقديره المسبق ليترك الأطفال بشقاء.. ولا استطيع ان أعمل في مكان واحد مع شخص يؤمن بان الملايين من الذين يعانون الجوع والمرض والشقاء تلك ارادة الله ومشيئة الله فيهم.. وقدرة المكتوب عليهم منذ البدء.. تفاصيل كثيرة لا أجد لها منطق او معنى او حكمة سوى أن يرتاح الانسان -كما ذكرتي- حين يرمي مصائبه إلى السماء التي لا نستطيع اعتراض أقدارها حتى وان كانت قاسية ولا منطقية ولا حكمة لها نعرفها.. فيجعلون الله هو الشافي والممرض وهو الباني والهادم وهو المهدي والمضلل وهو المسعد والمشقي للانسان..


3 - الأستاذ ساكورا المحترم
فينوس صفوري ( 2012 / 3 / 2 - 07:01 )
الأستاذ والصديق العزيز ساكورا
قرءت موضوعك الرائع الجميل المُختصر,وتعليق الزميلة المُبدعه المُفكرة ليندا
الحقيقة ياصديقي ليست لدينا أي مُشكلة مع المؤمن ألذي لايحاول فرض ,إيمانياته
وغيباته علينا ,ويمارس طقوس عباداته بينه وبين من يؤمن بأنه خالقه , هذا الشيء جميل لو كنا نستطيع الوصول أليه في أوطاننا , ولكنه بعيد المنال لأسباب كثيرةجداً من أهمها أنتشار الجهلوالأمية والتخلف والسبب الأهم برأي هو -الفقر-
ولاتنسى أيضاً بأن دفئ الإيمان يعوض عن الكثير من العلم ويُعطي أجوبة مُريحه لمن لايستطيع أو لايريد الولوج في هذا المضمار الشاق
تحياتي لك عزيزي

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah