الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الدولة بين المجتمع المدني والمجتمع الاهلي

جمال القرى

2012 / 3 / 6
المجتمع المدني


ان العملية التاريخية في لبنان بكلّيتها وبكافة مراحلها ليست تاريخ طوائف أو أفراداً منفصلة عن بعضها أ(ابطال وحرامية)، بل هي تاريخ تكتّلات إجتماعية متصارعة ترتبط فيما بينها إرتباطاً جدلياً عبر مكوّناتها الاساسية الإجتماعيّة والإقتصاديّة والسياسّية والثقافيّة.
إذا سلًمنا جدلاً بأن إنتظام العلاقة في أيّ تكوين اجتماعي تاريخي يقوم على أساس التوازن والعلاقة بين وفيما بين بنيتيه الإجتماعيّة والإقتصّادية وبنيته السياسيّة، فإن أي خلل في هذا التوازن سوف يؤّدي إلى اختلال هذا الإنتظام.
وبما أن لبنان يعاني خللاً انتظامياً مزمنا ًيولّد ثوراتاً وحروباً متعاقبة،فان الاضاءة على تاريخية هذه العلاقة وتفكيك ثوابتها في رحلة تطوٌرها بين هاتين البنيتين،أي العلاقة بين التجّمعات البشريّة كقوى منتجة فاعلة ومتفاعلة ومنتظمة في علاقاتٍ إنتاجيّة مع البنية الإقتصاديّة من جهة، وبينها كقوى سياسيّة مفترضة وبين البنية السياسيّة والتي تعكس من خلالها وجودها السياسيّ من جهة أُخرى، يمكنها ان تبيّن العلاقة المركّبة بين هاتين البنيتين عبر تحديد طبيعة المتغِّيرات التي اعترتها خلال هذا التاريخ، وتُبرز اسباب ومعوِّقات عدم قيام دولة حقيقيّة مؤطِّرة لقوى المجتمع تحت سقف القانون والمؤسسّات.
يبدو أنّ من الأسباب الداخليّة المعوِّقة لقيام الدولة هو في علاقة طبيعة وتطوُّر البنية الإقتصاديّة مع الإجتماعيّة والسياسيّة. فالإقتصاد تطوّر من اقطاعيٍّ قبليّ، إلى إقتصادٍ رأسماليّ ريعيّ، معولم، منفلت و طوائفيّ، دون المرور بالرأسماليّة الصناعيّة، وكان دوماً إقتصاد مجموعات وأصحاب مصالح من مختلف القبائل والطوائف، مُتعاونة ومتفاهمة على عدم مصلحتها في قيام دولة، وعلى محاربة أيّ إصلاحٍ يفضي إلى قيامها.
أمّا بالنسبة إلى البنية الإجتماعيّة التّي ارتبط أفرادها بعلاقاتٍ قبليّة ومُنِعت من قِبل القوى ذات المصلحة من التمثيل المباشر في السلطة السياسيّة، وكانت وظيفتها المبنيّة على أساس الإنتماء العشائري تقتصر على تشكيل رافعة لتوصيل زعامات القبائل والطوائف الى السلطة السياسية، وفي توليد مصالحهم الإقتصاديّة، فهي لا تزال تحافظ على هذا النمط من العلاقات ، ُيزاد عليها جنوحٌ متطرِّف نحو الطائفيّة والمذهبيّة العقائديّة، ممّا ولّد وقوّى ما يُسمّى بالمجتمع الأهلي. هذا المجتمع الذي ينظِّم الأفراد على ،
أساس طائفيّ وشعبوِّي ويقبض على حيواتهم بالإستتباع وتقديم الخدمات الإقتصاديّة والتعليميّة والريعيّة وغيرها، ويربطهم بالمحاور الإقليميّة، توسّع ليصبح قانوناً معتمداً عند كل الطوائف.
من هنا كانت العلاقة الإشكاليّة بين هذه البنية وبين الدولة، فهي تتماهى لِحدِّ الإنصهار مع القبيلة والطائفة، التي تكون بديلاً عن الوطن، وتصبح الدولة بالنسبة إليها مُكوِّناً غريباً، وهدفاً للعداء والحقد والتحطيم..
يُستنتج ممّا تقدّم أن بداية الحلّ تبدأ بتفكيك العلاقات القبليّة، أيّ الما قبل دولتيّة، بما فيها اضعاف وكشف هيآتها المجتمعية الاهلية ودورها المعوّق في عملية التحرّر، وتنمية هيئات المجتمع المدني الناظمة لهذه العلاقات، واستثمار ذلك في فعل سياسي تشاركي شامل يؤدي الى تعزيز مفهوم المواطنة والى بناء وطن وبناء دولة القانون والمؤسسات. وهذا دونه صعاب، إذ أنّ الأصوات التّي تصدح يومياً بضرورة بناء الدولة الحديثة، او بناء الدولة القوية العادلة القادرة، هي في حقيقتها تعمل على تقوية المجتمع الأهلي لتستثمر مردود انتاجاته في السياسة التي تضمن لها وجودها الدائم وتجديدها المستمر، ويُرسِّخ عشائرها وطوائفها.
آن الاوان لتقديم فهم جديد لطبيعة مجتمعنا علّنا نستطيع احداث خرق في هذا الجدار الصلب، ولنعمل معاً على توجيه الضربات المتتالية اليه علّنا نساهم في خلخلته اكثر فأكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا


.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟




.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح


.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين




.. لحظة استهداف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بقطاع