الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مثل هذا اليوم ثارت المرأة .. وما زالت!

فادي عرودكي

2012 / 3 / 9
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يُحْكى أنه في مثل هذا اليوم، الثامن من آذار، في عام 1907 خرج آلاف النساء العاملات في النسيج في نيويورك إحياء للذكرى الخمسين لمظاهرتهن في نفس المدينة والتي قُمِعت بعنف من قبل الشرطة. وكحركة رمزية للفت الأنظار إلى مطالبهن في المساواة والعدالة الاجتماعية وحقهن في التصويت، قام النساء بحمل باقات الزهور والخبز اليابس في المظاهرة. لاقتْ هذه المظاهرة صدى لدى ساسة الولايات المتحدة وشكَّلَتْ دفعا لما عُرِف فيما بعد بحركة حقوق المرأة في البلاد، كما تلقّفتْها نساء أوروبا للمطالبة أيضا بحقوقهن. وبغض النظر عن حقيقة حدوث هذه المظاهرة وتاريخ ذلك، فإن نضال المرأة في العالم للحصول على حقوقها والمساواة مع الرجل قد تصاعد مع مرور العقود الأولى في القرن العشرين ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدّة في عام1977 إلى إصدار قرار يحدّد يوم 8 آذار يوما عالميا للمرأة.

وفي مثل هذا اليوم أيضا، الثامن من آذار، في عام 1963 قام ثلة من الضباط البعثيين بشكل رئيسي إضافة إلى بعض الناصريين وآخرين في سورية بانقلاب عسكري على نظام ما بعد الانفصال عن مصر. وقد قام المُنْقَلِبون بزخرفة ثورتهم غير الشرعية بشعارات براقة كانت الثلاثية البعثية في طليعتها: وحدة، حرية، اشتراكية. ومنذ ذاك اليوم تعيش سورية كابوسا استبداديا قمعيا كان أبعد ما يكون عن كل معاني الوحدة والحرية والاشتراكية. فعمل نظام استبداد الحزب الواحد، ومن ثم نظام الأسد بعد "حركته التصحيحية" (أو انقلابه على رفاقه)، على ضرب الوحدة الوطنية والعربية عن طريق شقّ الصف العربي وتصفية الحسابات مع الأشقاء في كل مناسبة ممكنة وتعزيز الانتماءات ما دون الوطنية بين السوريين، وعمل على قتل الحرية في كل مجالاتها اعتقالا وتنكيلا وإرهابا وقتلا إن لزم الأمر، بل وإن قانون الطوارئ الذي حكم من خلاله هذا النظام حتى العام الماضي دليلٌ على الاستهتار بالحرية وقيمة الإنسان، وعمل على تسخيف الاشتراكية بسياسات ظاهرية كانت ترمي أساسا إلى إثراء من هم في الحكم حتى أصبح البلد محكوما من مافيا قمعية اقتصادية تقتل العباد وتنهب البلاد.

ولسوء طالع المرأة في سورية، فإن "8 آذار الاستبداد" قد أصبحت المناسبة التي يُحتَفَلُ بها في سورية بدلا من "8 آذار المساواة والحرية". واستمرّ هذا الأمر لأكثر من أربعة عقود إلى أن جاء اليوم حيث أمكن للمرأة السورية أن تصرخ مجددا "حرية، مساواة" في يومها وعيدها وفي بلد لها فيه دورٌ رياديٌّ في نهضته واستقلاله من المستعمر وتشكّل وعيه الثقافي الحضاري والآن في ثورته على المستبد. في 8 آذار 2012 تستطيع المرأة السورية أن تفخر جهرًا ومرتين: مرة تشاطر بها أقرانها من الرجال في هذا الوطن بأنها إنسان له كرامة ويحق له أن يعيش بحرية وأمن وفي ظل دولة قانون، ومرة تفاخر بها وحدها بأنها نصف المجتمع ويحق لها ما يحق للرجال في مساواة كاملة على أساس المواطنة لا تمييز فيه مستندا على الجنس.

إن ثورة الحرية والكرامة في سورية والتي ستُكمل عامها الأول بعد أيام قليلة وَضَعَت المرأة السورية في الطليعة مجددا، حيث قدَّمَت المعتقلَ الأولَ في الثورة مروة الغميان في 15 آذار، وقدّمت أولى شهيداتها في 1 نيسان الشهيدة تهاني الخالدي، كما كانت الطفلة ابتسام محمد قاسم المسالمة قد استُشْهِدَت في 23 آذار، وكانت دانا الجوابرة صاحبة فكرة قافلة رفع الحصار عن درعا، وريما فليحان هي من دوّرت "بيان الحليب" أو نداء أطفال درعا بين الفنانين والمثقفين، وغيرهن الكثيرات من نساء هذا الوطن اللائي تصدّرن النضال من أجل الحرية والكرامة في ثورة الحرية والكرامة. إن المرأة في سورية ثارت كما ثار الرجال، وما زالت تثور حتى تنال سورية حريتَها وأهلُها كرامتَهم، ثم ستستمرّ المرأة السورية في ثورتها حتى تنال حقوقها كاملة في دولة مدنية تعددية ترتكز على المواطنة أساسا في تنظيم العلاقة بين السلطة والشعب. وسوف نبقى نحن الرجال السوريين إلى جانب المرأة السورية وعونا لها وسندا لنضالها إلى أن يزول الغُبْن عنها .. ولن يزول حتى لا يجد السوريون حرجًا في انتخاب رئيس أنثى، وممثل في البرلمان أنثى، وتندثر جرائم الشرف، وتصبح الكفاءة معيار الحكم في المجتمع، لا جنس المواطن.

كل عام وأنتنّ بخير يا نساء سورية، وفرحتُنا الكبرى تكون في سورية حرة كريمة مدنية تعطيكن مكانتكن الندية في وطنكم، وطننا جميعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب أصولها الإيرانية.. ملكة جمال ألمانيا تتلقى رسائل كراهية


.. تمرين تعزيز الحجاب الحاجز | صحتك بين يديك




.. إصابة طفلة بقصف الاحتلال التركي على منبج


.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً




.. الناشطة الإعلامية والسياسية والنقابية والحقوقية أسماء المران