الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُلما كان الطرح العِلمي بَسيط و سَلِس، كُلما زادت حُظوظه عند المُتلقّي

سيف البصري

2012 / 3 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


منذ العصور القديمة، وتطور المجتمعات والثورة العلمية و الثقافية التي بدأت في عصر النهضة، لا يمكن تجاهل الحاجة الضرورية والجوهرية آنذاك لتعميق الوعي حول العالم والظواهر والأسباب التي تجعل الامور تبدو كما هي. هذه الحقيقة التاريخية يمكن غرسها في الوجدان الجماعي كقيمة ثابتة. فإمتلاك المعرفة لايعني بالضرورة توفيقها مع الحاجة وتطبيقها.

آرتور شوبنهاور، الفيلسوف الألماني، كان يقول أن الشخص الذي لا يتحدث بوضوح ليس لديه أفكار واضحة وأيضاً لا يمتلك الأفكار العملية التي يُمكن تحقيقها على أرض الواقع. وغالبا ما يبدو أن المجتمع العلمي ليس لديه الوعي بأن صانعي الرأي هم قادة سياسيين في معظم الحالات وأُناس عاديين ووعيهم العلمي بطول موجي محدود. وكذلك هي غالبية العوام.
حيث أن أي مجتمع مُطّلع وذكي يخلق قيمة من الموارد التي تُنفق على العلم والتكنولوجيا ويُبلور تلك العلوم من أجل الإرتقاع بالوعي الفكري والتقدم التقني والصحي والدراسي. وعندما لا يتحصّل ذلك فمعناه أن العِلم لم يصل لوجدان العوام بعد. وهذا أحد اكبر أسباب فشل العِلم في المجتمعات الغير متقدمة. فالوجدان له أركان لابد للعِلم من إدراكها. فالعقلانية والمنطق من أركان الفكر الوجداني في الإدراك والوعي المبني على أساس المعرفة التي يستمدها من نتائج الجهد العلمي والذي يرفض الخرافة التي لا تندرج في إطار المعرفة المُجّردة.

لكن لماذا هو صعب جداً للعلوم لتوضيح الرؤية العملية عند البحث عن حلول متكاملة لمشاكل المجتمع؟

لأجيال عدة و بسبب العقلية الجامدة وغير المتسامحة من المنظمات الثيوقراطية، تعرّض العِلم والعقل المفكر لخطر كبير وإقصاء رغم إمتلاكه أدلة وحقائق علمية. وتناثر آلاف الشهداء في التاريخ المؤسف للمعرفة العلمية في العقود الماضية بسبب فشلهم في محاولة الإرتقاء بالوعي الوجداني أو حتى محاولة مراعاة تأثير الوجدان على المعرفة العقلية. فعندما كانت المنظمات الدينية المخلوطة مع سلطة الدولة غير قادرة على إستيعاب المعارف الجديدة والاكتشافات الجديدة من التفكير الحُر ولم يرضخ وجدانهم لتلك الحقائق - حيث إنه لم يجد من يُخاطبه اساساً - كان من الطبيعي جداً أن يتم رفض تلك الحقائق التي تمتلك طولاً موجياً فكرياً لا يتناسب مع العوام ولا يُخاطب وجدانهم وإنما انفرد بالخطاب العقلي والعِلمي الصارم دون أي توظيف لهذه المعرفة العلمية و ترجمتها إلى الواقع الإجتماعي للإستفادة منها. وعليه فنحن بحاجة لفهم ومراعاة دور الوجدان في ترسيخ المعرفة. العِلم لا بُد من أن يكون مُتاحاً للجميع، أن يكون سلس، واضح وغيّر مُعقّد الطرح. أن يكون على طول موجي يُخاطِب وجدان الإنسان البسيط ولا يصبح لُغزاً يصعب فهمه. فالرسالية لاتُحددها فقط الفكرة أو المفهوم بقدر مايُحددها المتلقي أو المخاطَب.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصدق على المثقف وليس العالم فقط إ
كاظم الأسدي ( 2012 / 3 / 11 - 09:49 )
الأخ العزيز سيف ..بعد التحية إسمح لي ببعض ما أود ذكره
1ـــ طالما أن العقلية الجامدة وغير المتسامحة تعلو على ما سواها في واقعنا السياسي اليوم!!
فهي بالتأكيد لا تتقبل الحقيقة العلمية مهما كانت بسيطة وبينة للعيان ومهما إجتهد ذوي العلم والمعرفة في تبسيطها ؟
2ـ إن صانعي القرار والسياسيين ليس علماء بالضرورة صحيح جدا- !! كما تفضلت لكن من المستبعد ان يكون وعيهم بطول موجي محدود كغالبية العامة ؟؟ وإلا ما كان لهم القدرة على صنع أو تكوين رأي عام في المجتمع
3ـ هناك مواقع علمية معينة يعجز خلالها ذوي المعرفة من الولوج الى وجدان العامة ومداركهم مهما أبدوا من تنازل أو جهد مضني لاسيما إذا كان البون شاسع بينهم والمتلقي ؟؟ ولاتختلف عن حالة المنقذ الذي يستحيل عليه إنقاذ غريق يأبى أن يمد له يده
4ـ نعم ما ذكرته من أن العِلم لا بُد أن يكون سلس و مُتاحاً للجميع، وغيّر مُعقّد الطرح. و على طول موجي يُخاطِب وجدان الإنسان البسيط ولا يصبح لُغزاً يصعب فهمه لهو عين الصواب وعكس ذكي لأحدى السلبيات في واقعنا الثقافي لا العلمي فقط !!

اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة