الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مانع- احترق يا مولانا العراف

جاسم محمد كاظم

2012 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شتاء 1984 تجمعت حشود إمام سيارة أجرة بالأبيض والبرتقالي تحمل تابوت يغطيه علم من اعلام العراق قبل إن تضاف إلية كلمة -الله اكبر- إمام بيت طيني وارتفع شيئا فشيئا صوت النياح تحول مع فقدان السيطرة إلى حالة هستيرية يصعب التحكم بها من قبل لابسي الزيتوني المرافقين للتابوت لان التعليمات التي يحملها المأمور تقول بالحرف الواحد ( يمنع فتح التابوت ) .
لكن اذرع الرجال الممزوجة بأيدي النساء كسرت أخشاب الصندوق المغلق واستخرجت كيسا من البلاستك يضم في دواخله رماد بلون الفحم مع بقايا نهايات أقدام بيضاء بأصابع كاملة .
مشهد أثار الهلع بتمزيق الرؤوس وانتزاع الشعر من جذوره لان قطعة اللحم المحترقة هي ما تبقى من ذلك الشباب الأبيض الطويل بالوجه الباسم على الدوام الذي يحمل اسم - مانع - .
اقسم المأمور بإيمان غليض انه _مانع _ استشهد كبطل يوم – توكلنا على الله _ مزقت دبابته (التي 62) قذيفة معادية و الدليل على كل إيمانه قرص التعريف الحديدي الموجود مع تلكك القطعة حين رفضت العائلة استلام الجثة .
ومع المأتم واستقبال التعازي رفضت العائلة المتمثلة " بابي رياض" إن تصدق إن ابنها ذهب مع الريح بدون معالم في حفرة صغيرة لم تتعب أيدي الدفان أن يرميها بدون غسل مع كيسها البلاستيكي .
حادثة بدأت معها رحلة "أبو رياض " عمة الأكبر مع الغيب يستطلع رأي العرافين وقارئي ذلك المستقبل غير المنظور مع الذين تجمعهم أواصر عمل بكائنات أخرى تملك من أسرار الملكوت مالم يطلع علية حتى الأنبياء أنفسهم .
عاد أبو رياض مبتسما بخبر أثار الهلاهيل والضحكات المكبوتة بأغلى الإخبار وسط الزغاريد وانتشر الخبر مثل الغازات السامة واتجهت الأفواه بالقبلات نحو الصغير – محمد – الذي لم تكتحل عيونه بوجه والدة الحقيقي يوم كان نزيل الأرحام .
بشارة من عراف متبحر بالغيب وكائنات سحرية تجلب له الأخبار من غياهب الأرض وأقطار السماء سارت مع الأيام بان - مانع - لازال على قيد الحياة لكنة يرقد في سجون دولة الفقيه بدل القبر مرت معها الدقائق والساعات طويلة جدا حتى وصلت إلى نهاياتها في بوقف ماسورات البنادق يوم الثامن من آب بعد أربع سنوات من تلك الفاجعة عاد نزلاء سجون الأسر إلى ارض الميلاد بعد مفاوضات طويلة أجبرت أبو رياض إلى العودة إلى العراف نفسه وعاد العراف بقصة جديدة تؤكد بان مانع تزوج من امرأة إيرانية أنجبت له بنين وبنات أصبح معها من أتباع الفقيه .
خبر حطم قلب - أم محمد - ببكاء طويل تمنت لو أنها ماتت مع تلك الجثة قبل إن تسمع بزواج - أبو محمد- بغيرها .
مرت السنوات واحدة تضع يديها بالأخرى أخذت معها الأم والأب بحسرتهم وسقطت معها دولة ظلت تنام على الأنفاس مدة تقارب النصف قرن عاد بهلاكها كل من لفظتهم شواطئ الحرمان إلى ارض الميلاد وبقيت عيون أبو رياض تراقب الطريق لعلها تحمل إلية وجها ربما قد تغيرت معانية وقسماته وانتظر طويلا سأل في البداية كل من عرفهم من العائدين واحترق قلبه بكلمات النفي وعدم المعرفة وبرر لنفسه أنهم ربما لا يعرفوه لأنة من مدينة أخرى وحين طال علية الأمد حث الخطى نحو عراف أخر بعد إن عرف إن عرافة الأول أصبح تحت الأرض .
وجاءت كلمات العراف الجديد تحمل البشارة الغالية بتمديد الوقت لثلاث سنوات أخرى لان مانع يمتلك من المشاكل ما لا يستطيع إن يأتي بة وهو أب لأربعة من الأولاد وبنتان من زوجته الإيرانية وزاد بشارة العراف بان مانع عرف من بعض الهاربين لدولة الفقيه بأنة احترق وأصبح ذكرى بقبر في تراب النجف وهو لا يريد العودة إلا بعد إن تهدا النفوس .
بعمر السبعين صدئت مفاصل أبو رياض ولم تعد قدماه قادرة على ارتياد طريق العرافين وتساقط أعمام - مانع - وإخوته واحدا بعد الآخر لم يثني أبو رياض عن تصديق حلمة الغالي في أخر أيامه وهو يتكلم بصعوبة لإخراج كلماته من على فراش الرحيل سال بكلمات مدمعه هل أتى - مانع - وتمنى لو إن الجيل الجديد الذي لا يعرف مانع شكلا ومضمونا إن يجيبه بكلمة البشارة والخلاص قبل الرحيل وإغماض جفونه التي لم تصدق أبدا إن تلك القطعة من اللحم التي أحرقتها قذيفة ( التاو تاو ) المضادة للدروع بلحمها وشحما هي -مانع -الذي احترق ولم يعد أبدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جثث ضائعه
عدنان عباس ( 2012 / 3 / 14 - 18:17 )

ر لاخلاف ان ابو رياض قد نالنه
رحمه ربانيه لاتعوض فعاش في امل ان يعود ولده
ولكن الكثيرين اما انهم لم يجدوا بقايا جثه اطلاقا او اتت اليهم جثة رجل تملك عقد الدنيا وامراضها ككانت في سجون ولاية الفقيه الدينيه


2 - تحيه وسلام عزيزي جاسم
فؤاده العراقيه ( 2012 / 3 / 14 - 19:21 )
ارجعتنا كلماتك لزمن غابر ولم يغادر لكثرة الجروح التي احدثها بنفوسنا وكثرت قصصنا الحزينه والمتشابهه بآلامها , سنين جميعنا طالما انتظرناها وأشتركنا بها لتأتي الحقائق علينا متأخره جدا ويا ليتها لم تأتي


3 - وضع مشابه
ايار العراقي ( 2012 / 3 / 15 - 00:12 )
تحياتي سيد جاسم فعلا قصة جميلة
في مطلع الثمانينات قام النظام السابق بتسفير عشرات الالاف من العراقيين بحجة التبعية الايرانية
النظام احتفظ بالشباب وتتضارب الروايات حول عددهم بين عشرة وستة عشر الفا
اهالي هؤلاء الشباب في ايران وبعضهم خرج الى اوربا وعيونهم ترنو صوب زنازين العراق حيث فلذات الاكباد
ثم اخذت الاشاعات بالانتشار بعد انتهاء الحرب بين من يدعي لقائهم في كرمنشاه واخر يدعي انهم في طهران واخر يؤكد انهم ابدلوا بالاسرى الايرانيين
طيلة فترة الحصار ظلت هذه الشائعات تغذي صبر الاباء والامهات والاخوة والاخوات حتى سقوط النظام اسرع الناس الى بغداد لمعرفة مصير الاحبة الابرياء فلم يحضوا بجواب ولااثر لهم لتنطلق شائعات اخرى ان النظام يحتجزهم في الاردن وسوريا ومع مرور الوقت رضخ الجميع للواقع المؤسف ان مانعهم او ابنائهم لافرق قد صفي بدم باردفي اختبار اسلحة او حفلات صيد بشرية او على حقول الالغام
لن انسى ماحييت نظرات الامل في عيون اهلهم وهم يسالوني عن احوالهم كوني قد زرتهم في بغداد
سحقا للمجرمين


4 - سلامي للأخت العزيزة فؤاده
جاسم محمد كاظم ( 2012 / 3 / 15 - 02:48 )
ولازلنا نعاني من نفس الآلام أيتها الأخت الفاضلة بقي إن أقول لك إن –محمد- ابن مانع أصبح اليوم كبيرا وخلف من الأولاد مانع أخر تيمننا بذلك المانع الذي لم يرة أبدا .تحيتي واعتزازي .


5 - وتحيتي لك أيها الأخ أيار العراقي
جاسم محمد كاظم ( 2012 / 3 / 15 - 02:54 )
قصص ماسينا كثيرة وكثيرة جدا يا أخي أيار لكننا نلوذ بالأمل حتى ولو كان هذا الأمل يحمل بين جنباتة طيات الوهم .وأشاركك بالقول سحقا وسحقا للمجرمين .

اخر الافلام

.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام


.. قوات الاحتلال تمنع أطفالا من الدخول إلى المسجد الأقصى




.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي