الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رثاء غير متأخر للرفاق عايد وابو يسار وابو فرات

هادي الخزاعي

2005 / 1 / 16
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


أمهلني فزعي من فَجْاءَةِ الفقدان المبكر لرفيقي الغالي ( عايد ) أن أحصي محطات الحزن التي ترجل فيها الغالين من قاطرات زماناتهم التي لاتزال تدور رغم فاجعاتها في مداراتها التي لا تفارق. فوجدتها مديدة العد لا نهاية لمسراها، بعد أن فُجعنا باستشهاد الرفاق ( أبو يسار) و ( أبو فرات ) وقبلهم الكثير، حتى رسمت في ذهني هذه الفقدانات، بأن الردى سوف لا يكف عن جرجرة الأحبة الى أنفاقه المعتمة، فبت أخشى على من لا يزال في ذروة العطاء.
لم يقلقني زخم ذلك الترجل، لأني أعرف ان الموت حق، وان متوالية الحياة، أكثر رسوخا من متوالية الموت،بل أزعم أن توالي الحياة بكل العسف والعدل التي تملك، أنما لأجل أن ترسم في وجدانات وضمائر بناتها وبنيها وبكل ألوان الطين، أنهم باقون كالوشم على مساحة الذاكرات، وأن مديات ذلك البقاء مرهون بمقدار ما كان عليه العطاء الممهور بدمغة الخير والمحبة التي تسكن الجوانح.
وحتى لا أشوش الفكرة أقول، أن للأشرار والشياطين أيضاً، ارضيون وسماويون من ذوي العطاءات المخزية، حيزاً من تلك المساحة أيضا، ولكنهم حين يُسْتحضرون لا كما تُستحضر الملائكة ، انهم لا يُستحضرون إلا من أجل أن يُضرب بهم المثل في القسوة واللاعدل والجور والأنانية وعدائية الآخر المستحكمة واستغلالهم أوأستغفالهم للاخرين، وصولا الى أبشع فعل آدمي تناسل ولا يزال يتناسل منذ هابيل وقابيل، ألا وهو تغييب الآخر بسبق أصرار يشبه العناد الموصد الأبواب والنوافذ التي تمنع الأفول والأنتهاء.
أن الموت حين يغشى البشر ويختصر سنوات العمر بلحظة تشبه المستحيل، يستحيل الحيف والتأسف فيه الى ألم يحرق الحواس وينحر المآقي، الأمر الذي لا يُبقِ امامك غير أن تنتحب وفي كثير من الأحايين يكون ذلك النحيب مرهم الوجع وشارة من شارات الغياب المشاكس الذي لا يستجيب للتوسل كي يتم التواصل .
وها هو المشهد المحزن والمشاكس قد قبض بأصابع من ماء النارعلى موانيء ذاكراتنا المستلقية على سطوح ايامنا المشتركة يا ( عايد )... نحن الذين أحببناك واحببتنا بلا مقدمات توحي بتأجيل عَرابين ذلك الود الذي تعاهدناه، وكأننا سوف لاننفصم، أو إننا سنستطيل الى الأبد في غابة الأيام المزدحمة بمختلف التلاوين الكثيرة التي نحب، أو تلك التي لا نحب على قلتها.
( عايد ) وكأنك حين حَزَمتْ ساعة الرحيل حقيبتها البيضاء، قد كنت تخط آخركلمات الوداع غيرالمعلن على صفحات ذلك الليل القطبي الذي اودعت فيه آخرالوفاءات لمن نسجت معهم تلك الأسرارالتي باح بها الجبل عن ذلك المشتهى " الذي ما انتهى "، مشتهى أن يكون لنا وطن نتبادل فيه عناقيد الياسمين وباقات الرازقي المطراة بندى صباحات العراق المبكر، لنتدفأ بعطورها الشهية بدل القدح والرصاص ورائحة الدم المتخثر على الأرصفة وجدران المساجد والكنائس واسوار البيوت التي هدها رعب القنابل والمفخخات.
كم كان سيكون جميلا يا( عايد )أن نكون معا، أنت وأنا وبقية الأحبة الذين تعاهدنا على الوفاء للعراق، ونحن نطلق لأقدامنا ان لا تترك شبرا في مراتع صبوانتا وشبابنا إلا وتتصافح معها.
ولكنه كسهم ناري كان الردى قد أفجعنا بك وبغيرك مما سيكون لعدم وجودهم ووجودك بيننا فراغ أكبر من مساحة عواطفنا التي بكتكم بكل تقاسيم الحزن المضاعف.
يقودني الحزن عليك يا ( عايد ) الى حزني غير المنقطع على كل الذين فقدناهم غيلة أو فقدانا، ولكني أصحو من لجج هذا الحزن على أيقاعات ضحكاتكم الطرية وهي تدعو الى التواصل والتشبث بالوجود الوردي الذي حلمنا به. ومثلما أرثيك ، فأني أنشر رثاءاتي عن الآخرين عبرك، الشهداء ( أبو يسار )، (أبو فرات ) والى ذيل القائمة التي تنتظر أن يصحو الحلم على دبيب خطوات أطفال العراق القادمين ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم