الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة

عمر دخان

2012 / 3 / 17
المجتمع المدني


مشكلة الكثير من المسلمين هي رفضهم الإعتراف بوجود أي مشكلة بهم، مفضلين لوم الغير و بطريقة غاية في السذاجة. الجميع في العالم المسلم يرفض الإعتراف بوجود التطرف في العالم الإسلامي، و جميعهم يصر على أن المتطرفين يشكلون أقلية و لا يمثلون جميع المسلمين. هم أيضا يؤكدون على أنه ليس من العدل إتهام جميع المسلمين بالتطرف بسبب "قلة" منهم، و لكنهم في نفس الوقت لا يرون حرجاً من وصم الحضارة الغربية بكل سيء، ناسين أنهم هم أنفسهم الذين يستخدمون التقنيات الغربية و الأدوية الغربية كل يوم.
الجهل، و الذي ينتشر في كل مكان في المجتمعات المسلمة و حتى بين أولئك الذين يعتبرون أنفسهم "مثقفين"، هو السبب الرئيسي لطريقة التفكير الكارثية هذه، و التي يختار فيها المرء إلقاء اللوم على الآخرين بدل مواجهة المشكلة و محاولة إيجاد حل حقيقي لها. لهذا تمتليء المجتمعات المسلمة بنظريات المؤامرة و التي تجعل المسلمين يعتقدون أن العالم بأكمله ضدهم و يستهدفهم. ماهو هذا الشيء الذي نملكه – كعرب و مسلمين – و الذي يجعل كل أمة على وجه الكرة الأرضية تستهدفنا؟ هل لدينا أي إختراعات علمية سرية يريدون سرقتها منا؟ أم أن لعب دور الضحية دائما هو أمر أسهل و لا يتطلب أي مجهود منا و لذلك نلجأ إليه؟
في كل مرة أحاول الحديث مع المسلمين حول مشكلة التطرف في مجتمعاتنا، أجدهم يتحدثون لي عن التطرف في المجتمعات الغربية، و الذي شخصيا أعتقد أنه في كثير منه رد فعل على تطرف الإسلامويين في الغرب و طموحاتهم الإمبريالية لتحويل الدول الغربية إلى دول إسلاموية. التطرف بين المسلمين في الغرب بدأ أيضا يصبح مشكلة، خاصة و أن العديد من المسلمين في الغرب متعاطفون مع المتطرفين.
المتطرفون يمكن أن يكونوا- على الرغم من أنني متأكد أنهم ليسوا – أقلية في المجتمعات الإسلامية سواء في العالم الإسلامي أو الغربي. لكن، سواء كانوا أو لم يكونوا أقلية، هم بالتأكيد أعلى صوتاً و أكثر نفوذاً و تأثيراً، و هذا ربما يعود إلى لعبهم على ورقة "نحن نمتلك الدين الإسلامي" و التي يمكن لها بسهولة التأثير على المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل و يقل فيها العلم و الإنفتاح الفكري.
الفقاعة الوهمية التي يعيش فيها المسلمون اليوم، معتقدين أنهم الأفضل و الأحق بحكم العالم، تلك الفقاعة يجب فقعها لأنها تقف كحاجز بين المسلمين و بقية العالم، و لأنها تعزز شعورهم بالتفوق على الرغم من أنهم في آخر الترتيب البشري، هذا إن كنا لا نزال في الترتيب أساساً.
أضعت الكثير من الوقت في مجادلة الكثير من "المثقفين الجهلة" و في كل مرة أصل إلى نفس الإستنتاج: هؤلاء الأشخاص تم برمجتهم على البقاء في ظلمات الجهل، حتى و إن تظاهروا بغير ذلك و مهما إمتلكوا من العلوم. هذه النتيجة يمكن رؤيتها أيضا في حقيقة أننا نملك العديد من "الأساتذة" الذي يدرسون تلك الأفكار المسمومة لتلاميذهم، و هم الذين – أي التلاميذ – ملئت رؤوسهم بنفس تلك الأفكار المسمومة منذ سنين طفولتهم الأولى. تلك الأفكار المسمومة تؤدي في الأخير إلى ظهور المزيد من الإرهابيين و المتعاطفين مع الإرهاب.
معظم أولئك الأشخاص لم يغادروا حتى المدن التي يعيشون فيها، و حتى عندما جائهم العالم بأكمله على شكل الإنترنت، إختاروا أن لا يستخدموا تلك الوسيلة للتواصل مع الأمم الأخرى و تعلم المزيد عنها.لا، بل إختاروا إستخدام الإنترنت لنشر نفس الخرافات و الأفكار البدائية المبتذلة التي لم يتوقفوا عن تكريرها منذ طفولتهم، مواصلين التعبير عن رفضهم للحضارة الغربية – بإستخدام أدوات و أجهزة الحضارة الغربية – على الرغم من أنهم يعيشون في رفاهيتها و يداوون أنفسهم بأدويتها و يستخدمون كل ما قدمته لهم و هم الذين لم يقدموا شيئا في المقابل. إنه نفاق لم نعد نراه سوى في العالم العربي للأسف.
أيها العرب و المسلمون، إنكم تخسرون كل شيء، و مع ذلك تعتقدون أنكم تربحون. تعيشون في الجهل، و مع ذلك تعتقدون أنكم متنورون. تحملون أكثر الأفكار تطرفاً، و مع ذلك تعتقدون أنك مسالمون. هذا الكلام يأتي من عربي عاش بينكم و ناقشكم كثيراً. أنتم لستم مسالمين و لا تقبلون الآخرين كما هم. أنتم لستم متفتحين فكرياً حول أي شيء. تعيشون حياة قاتمة اللون تريدون فرضها على الجميع، حياة فارغة زادها التطرف و الكراهية سوءاً. و الشيء الذي زاد الطين بلة هو إعتقادكم الجازم بأنكم تقومون بشيء إيجابي و تسيرون في المسار الصحيح و أن العالم يهتم بأفكاركم فعلا. العالم يهتم فقط بمن يخدم الإنسانية و يحاول تطوير نفسه و تطوير البشرية، و ليس أناساً و شعوباً لا تقوم بشيء سوى الكثير من الثرثرة و لا عمل على الإطلاق. الحقيقة المؤلمة التي ترفضون سماعها هي أن حياتكم بائسة كنتيجة للجهل الذي تقدسونه و تدافعون عنه بكل ما تملكون.
تعيشون للأكل و الشرب، الزواج، بناء البيت ثم الموت. نكرة تلو النكرة. جميعكم تسيرون نحو الإنقراض واهمين أنكم "المختارون" في حين أنه لا وزن حقيقي أو إيجابي لكم في عالم اليوم.
العالم يزيد إنفتاحا و تقارباً، تاركاً إياكم بتخلفكم و عاداتكم البالية و جهلكم المقدس. إستيقظوا و ألقوا نظرة على حياتكم البائسة، فلربما أعاد لكم ذلك بعض الروح البشرية التي تخليتم عنها.
لا يمكن علاج المشكلة مالم تعترف بوجودها أولاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا علي صراحتك استاذ عمر
زياد مداح ( 2012 / 3 / 22 - 23:16 )
مقال راءع. شكرا جزيلا.


2 - Well Done
زياد مداح ( 2012 / 3 / 22 - 23:19 )
Keep up the Good work.

اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش


.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر




.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..


.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟




.. لغياب الأدلة.. الأمم المتحدة تغلق قضايا ضد موظفي أونروا