الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام عن العاهرات الشريفات..

اجرعام ساكورا

2012 / 3 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اني ساخط على ذلك البرود الذي يتحدثون به عن الجوع والصبر والموت والفقر والظروف الصعبة امام مثالياتهم كالعفاف والشرف والطهارة.. و استغرب كيف تكون المرأة عفيفة شريفة طاهرة بعد ان لوثتها الحياة بالفقر و الجوع والظروف الصعبة التي لم تترك لها الخيار.. تلك المرأة التي تجرها الظروف القاسية الى الموت وتجر أولادها الى الصراخ والبكاء والأنين .. أي عفاف يريدونها ان تلتزم به وقد اغتصبتها الحياة وظروفها بالفقر وبما هي عليه من بؤس؟؟
اني أتعجب كيف يتكلمون عن مواجهة قسوة الحياة و الموت جوعا بكل ذلك البرود الاصطناع والتكلف المثالي.. كيف تكون تلك المثاليات عن العفاف والشرف واقفة أمام الانسان حتى حين يواجه موته و جوعه و فقره.. و ينسون ان تلك العاهرة التي كانت يوما طفلة بريئة على أرصفة الطريق تقتات الرجاء من الآخرين.. الاخرين الذين شاركوا مع الظروف التي اوصلتها لحالها .. الآخرين الذين يرفعون لها اصابعهم الى السماء ويقولون لها " الله يسهل" وكأنهم يسخرون من جوعها وحاجتها وبؤسها ليشيروا لها الى الفضاء و الفراغ الذي يبررون بخلهم به ويهربون من مسؤولية اشفاقهم عليها من خلال اموالهم .. اي سخرية واهانة تلك ان تتوسله جوعا وبؤسا ويرفع لها اصبعه مشيرا الى سماء لا شيء فيها سوى الامنيات الذابلة.. سماء يفترض بها ان لا تنتظر اشارته المقدسة تلك لتكرمها وتغير من حالها وبؤسها قبل ان تتحول الى عاهرة يستغلونها و يشتمونها و يلعنونها لتنزل اليهم نصوصا مقسد بها يجلدونها ويرجمونها و يبصقون عليها..
انهم لا يجيدون سوى العنف و التصحر و البصق و اللعن و الجلد و السب و الشتم متناسيين تراكمات لا محدودة من التجاهل والهروب واللامبالاة والأخطاء والتواكل الغبي الذي تسببه المجتمعات وخصائصها.. متناسيين الأسباب التي قادت تلك الطفلة الصغيرة الى أن تستجدي وترجوا جسدها أن يمنحها ما لم يستطع الآخرين منحه لها ..
اني برحمتي انا الانسان لن يرضى ضميري أن تموت تلك الفقيرة التي يقولون عنها عاهرة بردا و جوعا بينما الآخرون يتفرجون عليها ولا يجيدون سوى ترقب حجابها و شرفها و عفافها الذي يجعلها تعاني جوعها وفقرها وجوع أطفالها.. اني لن أرضى برحمتي أن تموت من اجل هذه المثاليات التي لا تحترم جوع الانسان وبرده و لا فقره ولا صراخ أطفاله ومعاناتهم.. وسأغفر لها عهرها..

فكيف باله يحمل ضعف رحمتي 99 مرة كما يقولون .. يقبل ان تموت تلك الانسانة جوعا او أن تصبر على قهر وبكاء ومعاناة أولادها ؟؟
لا اعتقده يقبل جلدها و لعنها ان كنت انا برحمتي الانسانية البسيطة لا اقبل .. هذه المقارنة البسيطة تقول ذلك .. تقول ان المتصحرون يجمدون شريعة الحياة وتبلدونها فيشرع المتصحر المتخم بالشبع آراءه وأحكامه وقوانينه على الانسان الجائع..

و سوف يظل المسلمون يلعنون تلك العاهرة دون ان تهتز قلوبهم وجيوبهم او افكارهم للمساعدة .. و يظل الفلاسفة يحللون موقفها ووضعها الذي وصلت اليه ومن المسبب و يتقبلونا و ويغفرون و يبررون لها في كل مرة الى ان تجد حلا و تتوقف عن تقديم جسدها وليتوقف الزبائن عن التوافد و يتوقف أولائك اللاعنين بلا تفهم .. أولئك الراجمين بلا تفهم .. أولئك الساخطين بلا دراية .. أولائك المستحقين للعنة الابدية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصدق جعلتنى أعطى العاهرة احتراما كان مفقودا
محب اﻻنسانية ( 2012 / 3 / 31 - 01:43 )
فعلا أنا كنت مثل معظم الناس الذين كانوا يقولون أن العاهرة مجرد عاهرة ، لكن أنت أوضحت اﻵن أن العاهرة ليست اﻻ انسانة لم تجد اﻻ جسدها كى يبقيها على قيد الحياة فاستخدمته كى تعيش ، وبعد أن أرادت الحياة واستخدمت جسدها يأتى المسلمين ليقولوا لها اﻷفضل لكى أن تموتى من أن تستخدمى جسدك وتعيشى ، أظن أن المسلمين هم العاهرة فى هذا الموقف ، ليست تلك الفتاة الرقيقة التى يقولون عنها عاهرة .
شكرا على طرحك الرائع ، الذى جعل الموازين تنقلب لدى ، لكن الى اﻻتجاه الصحيح ليس القديم الذى أقل ما يتصف به أنه ذو نظرة أنانية