الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيجى راجح.. أهلا وسهلا

شريف صالح

2012 / 3 / 17
المجتمع المدني


إيجى راجح.. أهلا وسهلا


• لفيلم فيروز "بياع الخواتم" وجهان، فمثل أي عمل موسيقى خفيف يتحدث عن الحب والبنات، وأيضاً يتحدث عن "الخوف" ذلك الكامن في النفوس، والذي تتغذى عليه السلطة كي لا تتآكل.
• كذب "المختار ـ نصري شمس الدين" مخترعاً شخصية وهمية أطلق عليها اسم "راجح" يهدد أمن واستقرار الضيعة. وبذلك قدم نفسه كمختار شجاع يتصدى للشرير المجهول.
• ثم ما أسهل أن تتمدد الكذبة وتصبح غطاء لكل جريمة، بدءاً من الشجار على المياه وسرقة الغنم وترويع الناس، ببساطة يتم إسناد كل تلك الجرائم التي يقوم بها اثنان من أبناء الضيعة، إلى شخصية وهمية. وهكذا، بدلاً من تفنيد الكذبة، تتعدد الجهات المستفيدة من انتشارها!
• "راجح" ليس سوى المجهول "س" في معادلاتنا السياسية، هو "الطرف الثالث" أو "اللهو الخفي" في الأحداث الدامية التي شهدتها مصر بعد الثورة، مثل أحداث ماسبيرو واستاد بورسعيد.
• "واللهو الخفي" هو نفسه "الشبيحة" تلك الفئة الغامضة التي انشقت الأرض عنها في سورية والتي تقوم بأبشع المجازر ضد النساء والأطفال والعجائز. دون أن يُجاب عن أسئلة منطقية جداً: كيف ظهر هؤلاء فجأة في دولة معروفة بنظامها الأمني الحديدي؟ متى وكيف تسلحوا؟ لماذا لم تستطع كل أجهزة الأمن القبض عليهم؟ ما هي دوافعهم لهذا القتل العشوائي باتساع؟ إنهم الطرف الذي أُريد له أن يبقى مجهولاً لتعليق كل الجرائم والخطايا والأكاذيب.
• إذن خرج "راجح" من الفيلم ليمارس جنونه في الساحات السورية تحت اسم الشبيحة، وفي الشوارع المصرية تحت مسمى "الطرف الثالث".
• هنا لا ينفصل إنتاج السلطة ل "الأكاذيب" و"الشائعات"، عن استعداد الناس للتصديق تحت وطأة الخوف والهلع. فالحر يذهب دائماً نحو الحقيقة، مواجهاً أو متقبلاً لها، والعبد يهرب نحو كذبة يسوغ بها لنفسه ذل العبودية.
• مثل الفيلم، لا رغبة حقيقة في معرفة من وراء الجرائم.. بل إن ظهور راجح الحقيقي نفسه، يُقبل على علاته كبائع للخواتم، وترضى "ريما" الذهاب معه وراء الجبل، حتى لو كان ذئباً متوحشاً. وهكذا بدت لي النهاية غائمة ومفتوحة على احتمالي السعادة والشقاء. فما أدرانا ألا يكون الكهل الذي صحبها بزعم تزويجها من ابنه، امتداداً لقائمة لا حصر لها، من المستفيدين من الكذبة ذاتها؟!
• ولأن الكذب حيلة من حيل البقاء، مثل خياطة تنسج من الوهم ثوباً لن يرتديه أحد، فعن طريق الكذب يعيد الفلول في السياسة والإعلام موضعة أنفسهم دائماً كمتحدثين وحماة للثورة، وللدولة، وهم مستعدون لاختراع ألف راجح وألف طرف ثالث وألف شبيح، لتأكيد إخلاصهم للثورة في مصر.. وحرصهم على الوطن والمقاومة والشعب في سورية.
• وعندما تخبر "ريما ـ فيروز" خالها "المختار" بوصول "راجح" كشخص حقيقي:"إيجى راجح"، يرد بعفوية غير منتبه:"أهلا وسهلا".. قبل أن يستدرك فداحة التناقض، فهو يعلم أن "راجح" ليس سوى "فكرة"، "كذبته" المفضلة" فكيف يتحول إلى "زلمى" أو شخص حقيقي؟ ثم كيف تتعايش كذبته بعد ذلك، وهناك "راجح" يناقضها أمام الناس جميعاً.
• ليست كارثة! فمثل هذه التناقضات، لن يتوقف عندها الناس كثيراً، إذا تم رفعها إلى مستوى ميتافزيقي أعلى، يجعل الناس يتقبلونها ويتعايشون معها. وهو ما لجأ إليه المختار، فاعتبر أن الله أهداهم "راجح الطيب" بياع الخواتم بدلاً من "راجح الشرير".
• لا عجب إذن أن يتم توظيف النصوص ـ خصوصا الدينية ـ فبدلاً من أن تفضح الأكاذيب، تبررها وتعطيها شرعية، مهما بدت فاضحة ومتناقضة. والأمثلة لا تعد لا وتحصى، فالإخوان والسلف دافعوا باستماتة عن المجلس العسكري في مصر ورحبوا ب "تبريراته" دون أية مساءلة جادة، عما جرى من مجازر وانتهاكات، هو مسؤول عنها سياسيا. وكثير من المثقفين في سورية دافعوا باستماتة عن شرعية النظام، بزعم رفض التدخل الأجنبي والحفاظ على الممانعة والمقاومة ضد إسرائيل. رغم أن أنظمة الأسد وصدام والسادات ومبارك، كانت هي أهم سند سياسي في بقاء ودعم إسرائيل وإعطائها شرعيتها لأربعة عقود!
• هنا تصدق حكمة الفيلم "الكذب مش خطية"، فهو يُمارس يومياً بانتظام، وتلك الأنظمة جميعها، تستمد شرعيتها من ترسانة الأكاذيب، وعلى الدوام تعددت قوائم المستفيدين من الكذبة الواحدة، ثم جُلبت نصوص من هنا وهناك لتمرير وتبرير كل الأكاذيب الممكنة، وإسباغ هالة أخلاقية عليه.
• وأخشى أن نكون جميعاً ممن يرحبون بالكذب على طريقة نصري شمس الدين "أهلا وسهلا" لأن ضمائرنا لا تتحمل فداحة الحقيقة، وأعيننا تتحاشى رؤية كل هذا الدم والمجازر والفوضى.
• إنه خوفنا الأزلي يعتاش على أكاذيب السلطة، أو العكس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة عارمة بين عائلات الأسرى الفلسطينيين


.. عودة مرتقبة لمئات الآلاف من النازحين إلى شمال غزة ضمن اتفاق




.. -نتنياهو حمل خريطة لها في الأمم المتحدة-.. وزير إسرائيلي ساب


.. الأسرى المبعدون إلى خارج -فلسطين-.. ما مصيرهم؟




.. ميلوني تدافع عن ترحيل أمير حرب ليبي مطلوب دوليا وتنفي تورطه