الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة كوسيلة للتواصل وأزمة الفهم

مازن فيصل البلداوي

2012 / 3 / 18
المجتمع المدني


هي وسيلة التواصل والتفاهم بين افراد مجموعة معينة(قد تكون شعبا او أمّة او قبيلة او قرية....) من الناس تنطق بكيفية متشابهة لحروف الكلمات التي تشكل من خلال تركيبها معنى معينا للدلالة على الأشياء وتكون مفهومة من قبل افراد هذه المجموعة(يشتركون مع بعضهم البعض بمشتركات معينة من الأنساق الثقافية قد تختلف تطبيقاتها هنا وهناك) وتاريخ قد تكون بعض احداثه مشتركة بينهم،حتى وان نطق بها شخص آخر من خارج المجموعة(اي انه لاينتمي اليها او يشترك معها باحدى الميزات المشتركة اعلاه) الا ان المستمعين سيدركون المعنى ويفهمونه اذا ما نطق بها بالشكل الصحيح.

فكلمة(ذهب-بفتحة على الباء) تعني ان شخصا ما قد توجه من مكان معين الى مكان آخر، وبهذا(يفهم) المستمع معنى الفعل الذي قام به الشخص المعني،الا ان الأمر سيختلف جدا عندما تتغير طرقة النطق بذات الحروف ولكن بتغيير(الفتحة فوق الباء الى سكون) خاصة اذا ما اضفنا اليها ....(أل) التعريف الخاصة ليصبح أسما وعلما،فيتغير المعنى ويتغير معه ادراك المستمع لــ(يفهم) ان الدلالة قد تغيرت من فعل يخص الأنتقال الى أسم يدل على مادة صفراء تعد من المعادن الغالية الثمن،ويتغير معها توجيه انتباهه ونقاط اهتمامه،فالأسم ذو تأثير نفسي، الا انه بكل الأحوال ســ(يفهم) مايعنيه هذا اللفظ.

الا ان لدينا الكثير من الكلمات التي نعرفها ونتداولها الا ان التواصل بيننا يتوقف عند نقطة الأختلاف في ادراك و(فهم)معناها،فكلمات مثل.......حوار،تفاهم،حرية،وطن،مواطنة،شريعة،انسان،حقوق،مثقف،حضاري،مدنية،تمدّن،قانون مدني،دولة،حداثة،المرأة،.........الخ،من الكلمات الأخرى التي تشكل هواجسا لدى الكثير من افراد هذه المجموعة الناطقة باللغة المشتركة، الا انها غير مفهومة تماما، ويتوقف التواصل حولها عندما تصل الى مفترق طرق(الفهم) لمعناها،وهذا الفهم لايمكن فرضه بالقوة،فمعاني الكلمات تحتاج الى ترجمة تطبيقية على ارض الواقع ومنها يحتاج الى ممارسة هذا المفهوم كي يتم ادراكه من قبل الجميع بموجب اطار موحد يتوزع على العقول التي يحملها افراد تلك المجموعة ليكون معنى الكلمة(مفهوما)لدى الجميع.

لدينا أزمة تجاه هذا الأمر،وأزمة كبرى تتلاعب بنسبيتها مصالح لقوى تسيطر على اجزاء مختلفة من هذه المجموعة الكبيرة من الناس الناطقة باللغة المشتركة، وتؤثر عليها مفاهيم ومعان موروثة لم تستطع تجاوز الصياغة القديمة لمعنى تلكم الكلمات وتنقلها الى العصر الحالي،او بعض العصور السابقة وما كان هذا الا نتيجة للضغوط التي عانت منها بعض المجاميع التي عاشت مختارة او غير مختارة بعيدة منعزلة عن حركة التأريخ وتجدده،فبقيت العقول مقيدة بذات المعنى القديم،وبعد زوال عوامل الضغط والعزلة(القسرية) تم للبعض الأنطلاق خارج تلكم البيئة المنعزلة الى رحاب البيئة المشتركة واستطاع ان(يتفهّم) عمليات التغير التي جرت حول المعنى وتغيره من الأطار القديم الى الأطار الجديد وبتواجد القناعة لدى ذلك الشخص او تلك المجموعة،استطاع ان يتجاوز الفترة الزمنية اللازمة للأنتقال التدريجي الذي صاحب تغير المعنى الخاصة بتلكم الكلمات المقصودة وبالتالي تغير طريقة(الفهم) الخاص بها ليصبح مستعدا ومتوائما مع الأصدار الجديد لمعنى الكلمة ومفهومها.

وهذا لعمري ما اعتبره آفة الفرقة والتذبذب في التواصل بين افراد المجموعة الواحدة،وآفة تضر بالعمل المشترك الهادف لتوحيد الجهود من اجل اختصار الزمن والعبور فوق دقائق التفاصيل من اجل بلوغ المراحل القريبة من المرحلة التي أصبحت عليها الأمم الأخرى التي لم تتعرض لتلكم الضغوط التي ذكرناها آنفا،الا اننا مازلنا امام مشكلة اكبر من هذه التي نتحدث عنها، وهي الأنعزال او العزلة الأختيارية للأفراد والجماعات،هذه العزلة التي افرزت مراكز قوى استطاعت ان تسيطر على تلكم المجاميع والتسيّد عليها بموجب اجبارها على تطويق عملية التطور للمفاهيم والماني التي صاحبت تلكم الكلمات،والأنكى ان هذه القوى تحاول جاهدة الأبقاء على تلكم المفاهيم والمعاني القديمة في عقول ابناء وافراد تلكم الجماعات، لأن السماح لتطور المعنى الدخول الى باحتها وتغيير المعنى القديم سيضرّ بمصالحها التي قامت على انشائها بناءا على المفاهيم القديمة، او انها ورثت تلكم السيطرة من لدن ابائها واجدادها، وليس من قبيل المنطق الخاص بها ان تتنازل عن هذا الأرث الذي يدر عليها(ذهبا)،ناهيك عن انها بذاتها لاتستطيع العبور فوق الحاجز الزمني الذي كانت فيه حركة التاريخ تسير الى الآفاق الأيجابية وكانت هي متوقفة مكانها.
اعتقد بأننا نحتاج الى اعادة تقييم منظومة مفاهيمنا جميعا،خاصة تلكم الكلمات التي تغير(مفهومها) لدى امم اخرى،ونحن نرى اليوم ان هذه الأمم قد تخطّتنا بفارق زمني كبير.............علّنا نستطيع اللحاق بها او ان نصبح بمرتبة متقاربة مما هي عليه.

تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز مازن.
جاسم الزيرجاوي-مهندس أستشاري ( 2012 / 3 / 18 - 10:05 )
العزيز مازن...تحية لك
الحديث بين الناس يتم بواسطة اللغة اليومية العادية و المفهومه وهي ما يسمى بالعربية الوسطى
لكن ما ان تدخل مجال الثقافة حتى تدخل في مطبات اللغة العربية, هناك الكثير من المفردات تم ترجمتها والبعض تم تعريبه لكن تبقى المشكلة في المعنى
لحد الان اللغة العربيه غير قادرة على استعياب المفاهيم الثقافية
خذ مثلا : كلمة الخطاب
وردت في القاموس العربي بمعاني عديدة
الفصل في الخصومات
سورة ص وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (20)
و غلبني و قهرني في المُحاجّـة ....الخ
بينما حديثا تعني discourse وفقا لتعريف عالم اللغويات benevenist (1902-1979( الفرنسي:
كل نطق او كتابة تحمل وجهة نظر محددة من المتكلم او الكاتب ...
وقس على كلمة الثقافة نفسها فهي عند العرب تعني شيئا و عند الالمان تعني شيئا اخر
والموضوع طويل و شائك وشكرا لك على هذه المبادرة الممتازة


2 - اللغة اداة التفكير-والتعبير-والتفاهم والبيئات
الدكتورصادق الكحلاوي ( 2012 / 3 / 18 - 11:32 )
شكرا للصديق ابو ناصر على هذه المقالة التي تسحبنا من روتين الحياة اليوميه
وترديد مشاكل السياسة
اللغة ليست هدفا بحد ذاته والكلمات كائنات حية تتطور مع تطور البيئة التي خلقت الكلمه-لان مكونات اللغه -الكلمات -لم تنشاء في مختبر علماء اللغه الفطاحل ففيما عدا لغة الاسبرانتو-فاءن جميع لغات الدنيا نشاءت عفويا وليس بالمؤتمرات والمختبرات-وعفويتها تعني انها نشاءت من ممارسة الانسان والمجموعة البشريةالمعينه لحياتها وحيث هذه الاخيرة في اغتناء وتغير دائم فاللغة كذالك
ولكن يبقى للغة بالاساس وظائفها الرئيسية الثلاث-التفكير-التعبير-التفاهم-وكل من هذه في تغير دائم فكلما اغتنى-اناء-التفكير-كان مختلفا مع السابق واومعمن يكون -اناء-تفكيره فقيرا بالمعارف والخبرات وكذالك الامر مع التعبير والتفاهم فاختلاف المعاني لنفس الكلمات التي جاء الكاتب على امثلة لها مرتبط بمدى فقر او غني البيئة التي يحصل فيها اي من الامور الثلاث فهل تفكير الراعي مثل تفكير المزارع او عامل الصناعة او الطيار او عالم الذرة حتما يوجد اختلاف احيانا كمي واحيانا نوعي يؤدي الى عدم الفهم والتفاهم-فالحاجة والمعرفه والتجارب تحدد التفكير والتعبير وا


3 - الأخ جاسم المحترم
مازن البلداوي ( 2012 / 3 / 18 - 13:18 )
لاأختلف معك نهائيا فيما ذهبت اليه،الهدف هو ما اشرت اليه انت في تعليقك، اللغة الوسطى، حتى اني لم اتطرق الى التفاصيل الدقيقة المختصة،وهدفي كان هي الكلمات الأساسية التي من المفترض ان نشترك بها مع الأخرين ويتوجب علينا(الشركاء) ان نضع لها مفهوما وفهما مشتركا ذو حدود كي نقطع دابر التأويلات التي تأخذنا حيث اسقاطات الفهم الخاطىء او المقصود من لدن البعض، كي نؤسس قاعدة مشتركة تتوائم مع المتطلبات الدنيا للشركاء
وكنت قد كتبت مقالا(لم انشره) قبل 3 اسابيع حول(الفهم والمفهوم والتفاهم) لأني أجد علة كبرى في فهم الكلمات المتداولة على ارضية يفترض انها تستوعب الجميع،لذا فأن موضوع الفهم وطريقة وصول المعنى المقصود مهم جدا،فما نراه يوميا في سجالات الحوار الفيسبوكية وعلى الحوار المتمدن،تعكس مدى اهمية هذا المفصل الحيوي
تحياتي لك مع الشكر


4 - شكرا جزيلا
مازن البلداوي ( 2012 / 3 / 18 - 13:28 )
الأستاذ المحترم صادق الكحلاوي
شكرا لمرورك وتعليقك الرائع،اذا لاأملك غير ان اتوافق مع منطق ما تفضلت به،وقصدي الجوهري هو عملية الفهم بحد ذاتها وما تمثله من اشكالية كبرى على صعيد التواصل حتى بين عداد الشرائح المثقفة، واعتقد انه موضوع مهم وأساسي لما له دور حيوي يلعبه في تفاصيل الحياة المشتركة بين ابناء الشعب الواحد او الشعوب المختلفة التي تتفاهم افتراضا بلغة واحدة
اعتقد ان تعليقك قد تكرر خمس مرات،فحذفن التكرار وابقيت الأصل، ولا أدري ان كان لك تتمة ام لا؟
تقبل شكري لك مع التقدير


5 - اللغة ليست مجرد رموز وانما لها حمولة
ميس اومازيغ ( 2012 / 3 / 18 - 16:43 )
عزيزي مازن البلداوي تقبل تحياتي/ في شان اللغة وفهم المعنى تحضرني واقعة جمعتني باحد افراد عائلتي وهو عضو اكاديمية المملكة المغربية التقينا في مقر احدى الجمعيات الأمازيغية حيث سالني عن كيفية سير عملي وكان خارج الأقليم مسقط راسي واجبته بانني عازم على الأنتقال لأن تلك المنطقة وبشكل دقيق الأرض لم تعطيني شيآ حملق في الرجل طويلا وسالني لم تعطيك شيآ؟
نعم كان جوابي وصمت لبرهة ثم قال اذن نفذ اختيارك.
ولما خلوت بنفسي استرجعت الواقعة لما لاحظت من نوع من استغراب الرجل متسائلا لماذا؟ وما كان الا ان ادركت الجواب وهو ان صاحبنا استطاع من خلال ما قلت له ان يلاحظ كيف ان الوثنية ما تزال تفعل فعلها ولدى مثقف لم يدرك معنى ما نطق به وهو فعلا ما كان اذ ان ما قلته من ان تلك الأرض لم تعطيني شيآ انما اخذ من الغير دون تمحيص وبكيفية غير واعية اذ ان العمل هو الذي يعطي لا الجماد. وادركت ان اللغة ليست مجرد رموز وانما لها حمولة لن يدركها الأنسان العادي


6 - الصياغة والترتيب
مازن البلداوي ( 2012 / 3 / 18 - 17:22 )
الأخ العزيز ميس
تحياتي وشكرا لتعليقك الذي يصب في جوهر سياق الهدف
وعلى الرغم من انك استخدمت جملة للتعبير عن رأيك فتشكل منها المعنى الذي فهمه الأكاديمي، ذهبت انا الى مفردات معينة واساسية لربما ونتيجة الأحداث غير المتوقعة برزت وشخصت وفرضت نفسها كي يتم استخدامها من قبل التركيبة السياسية الجديدة وبروز ممثليات سياسية اصبح لها دور في صياغة القرار السياسي الذي له تأثير اجتماعي واقتصادي لاينكر،الا انها تفتقد للتوافقية الفهمية لمعنى واضح لتلكم الكلمات،لذا فهي ليست رموز حتما
تحياتي


7 - الأستاذ مازن فيصل البلداوي المحترم
ليندا كبرييل ( 2012 / 3 / 18 - 20:48 )
لا أدري أستاذ إن كانت ملاحظتي سليمة ، أظن أنه ليست الأزمة في كلمات ومفاهيم ومعان موروثة لم تستطع تجاوز الصياغة القديمة فحسب
بل أرى أن هناك أزمة حالية بالمقابل وهي إخراج كلمات متداولة حية من معناها المتداول المعروف إلى معانٍ أخرى أعطتها أبعاداً لا يخطر معناها على بال السامع للوهلة الأولى
فأصبحت هناك ألفاظ جديدة بدأت تخرج من عصرنا لتدخل عصر آخر وكأنها أصبحت لغة موازية جديدة لا يدركها إلا من يفهم معانيها وبدأت تترسخ بين الأجيال الجديدة لتشكل انفصاماً أكبر بين الشرائح الاجتماعية القديمة والحديثة
وكما أن هناك من لم يدرك معنى ( الأرض التي لم تعطِ شيئاً للسيد ميس أومازيغ ) فإن هناك في المستقبل القريب منا نحن أبناء اليوم من لن يفهم الأبعاد الجديدة لألفاظ بدأت تأخذ معاني جديدة هل ملاحظتي في مكانها ؟
مع التحية والتقدير

اخر الافلام

.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما


.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش


.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر




.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..