الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف السوري والثورة

شبلي شمايل

2012 / 3 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أدونيس مرة أخرى يفجر قنبلة المثقف الفاعل والمثقف المفعول به عندما يضع الأصبع على الجرح في العلاقة بين الدين والدولة في الربيع العربي. أدونيس الذي غنى لقم عند قيام الثورة الإيرانية وكان مع ميشيل كيلو وبرهان غليون ممن حيوا تلك الصلة بين الثورة والإسلام أصبح أكثر صرامة في العلاقة بين الدين والحياة العامة منذ قدومه لأوربة، وبذلك تقاطع مع حقبة نقد الإسلامية عند هيثم مناع في الثمانينيات التي توجها أصغر هذا الجيل من المثقفين عمرا بكتابه (تحديات التنوير) الذي رفضت دور النشر العربية طباعته وصدر في ألمانيا. برهان غليون المتعاقد مع التحالف من أجل تحرير سورية(جبهة تجمع البعث العراقي والأخوان المسلمين) أيد الطليعة المقاتلة كما يفعل اليوم بتأييد ما يسمى بالجيش الحر والكوريدور الإنساني والتمويل الخليجي الذي يحوله من مثقف نقدي إلى موظف نقدي (النقدي الأول من العقل والنقدي الثاني من التقرش). لكن من أجل الأمانة، بين هذه وتلك كان هناك غليون 15 سنة من العلمانية المتناسبة مع مؤسسة تقليدية فرنسية وإن لم يعد للسوربون المكانة العلمية التي كانت تغطي على غياب الفكر النقدي فيها. بالتأكيد لا يمكن لأحد أن يناقش موضوع إغلاق باب الفتنة عند كل من يكتب في مجلس اسطنبول سواء استحق لقب مثقف أم لم يستحقه. فالسيدة قضماني صارت تزاود على الشقفة وطيفور وهي كما تقدم نفسها للناس لم تكن مكلفة خلال خمس سنوات بعمل مدفوع الأجر من فورد فاونديشن من أجل تقريب المقفين الإسرائليين والفلسطينيين بل ربما كانت سرا تسعى لمصالحة فلسطينية بين حماس (التي كانت تتهمها بالإرهاب) وحركة فتح أو تمول الجهاد الإسلامي؟؟ أما عبد الباسط سيدا الذي حاول في تجربة يتيمة أن يكون فراس السواح الكردي في دراسة متواضع عن الوعي الأسطوري فلم يعد يتجول إلا مع الإسلاميين الأمريكان في تجنبٍ حذر لأي اتهام باليسارية الطفولية. هناك نقطة شاحبة في أطروحات صادق جلال العظم الذي صار مثل مخاتير القرى يحضر كل الندوات ويجالس كل التلاوين ويتحدث عن أخطار الهلال الشيعي، لكن هذه الطلات المحدودة للعظم تشكل تغييبا لأسلوبه النقدي فمن المؤسف أن مؤلف "الحقبة السعودية" يسكت في قمة تحركها اليوم من شبه الجزيرة العربية وشبه الجزيرة القطرية وشبه الإعلام المساند للثورة المضادة باسم دعم ثورة الحرية والشعب السوري؟؟ لكن هذا الصمت لا يمكن أن يشكل انحطاطا يشبه ذاك الذي يعيشه البعض. فلا العظم ولا غليون قادرين على اللحاق بتهافت التهافت الذي يعيشه عبد الرزاق عيد الذي تحول من قارئ نقدي للثقافة العربية إلى مروج للحريري ومداحة لسعود الفيصل.
هل حافظ مثقفو هيئة التنسيق الوطنية على الوعي والفكر النقديين ؟ وهل يحاولون التوليف والـتأليف بين النقد والثورة والحركة الشعبية؟ يمكن القول أن هيثم مناع هو الواجهة التي تلقت الضربات الأكبر في هذا المجال، ولكنه أيضا الشخص الذي كان الأكثر صراحة ووقاحة كما يقول عن نفسه ونقدا كما يقول الآخرين عنه، رغم الثمن الغالي الذي يدفعه من مواقفه. فقد تجنب عارف دليلة وفايز سارة وعبد العزيز الخير العديد من المعارك الضرورية لتوضيح التخوم بين الثورة والثورة المضادة وبين المزاج الشارعي والعقل النقدي. وكان ميشيل كيلو المستقل عن الهيئة أكثر حرية من فايز وعارف والعظم في قلمه النقدي خاصة فيما يتعلق بالمزاج الشعبوي عند أشباه المثقفين وأشباه المناضلين.
إذا كان سعد الدين إبراهيم هو أول من روج لفكرة المجتمع المدني في اللغة العربية، فهيثم مناع هو أول من كتب في مفهوم الدولة المدنية في عشرين عاما. وقد نشر عدة دراسات عن الأصل التاريخي لهذه الدولة وربطها بالحقوق المدنية في تراث حقوق الإنسان. وإن كان قد تحالف في عدة مراحل مع الإسلام السياسي فقد كان ذلك على برنامج واضح. لكن يؤخذ على مناع بسبب دفاعه المستميت عن ضحايا الحرب على الإرهاب من السلفيين أنه لم يوضح يوما الفرق بين الدفاع عن الضحايا مهما كان منبتهم وضرورة نقد الإيديولوجية الجهادية الظلامية التي كانت تقتل دون تمييز ومازالت تقتل بشكل أعمى. هذه الإيديولوجية التي أنجبتها المؤسسة الوهابية السعودية صارت تستعمل بذكاء عند الحاجة من قبل بندر ونايف للضغط والتأثير في عمليات التغيير العربية. ولعل أكثر أشكالها خطرا ليست في الإنتحاريين الذين يفجرون نفسهم في دمشق وحلب وكأنهم في تل أبيب بل في التعبير الباطني الذي يظهر في طرابلس لبنان وطرابلس الغرب والقاهرة وأخيرا في تونس والذي سيشكل عنصر المزاودة الضرورية على كل محاولة اعتدال إسلامية.
لا يوجد فكر إسلامي نقدي عند أي من تعبيرات الإسلام السياسي السوري. ولعل الحركة الإسلامية السورية أكثر حركات الإسلام السياسي العربي تخلفا بالمعنى الثقافي وتبعية وانتهازية بالمعنى السياسي ومحافظة بالمعنى الثوري: فثورتها إسلامية مقنعة تنافس السلفي والجهادي باسم شعارات القشرة والنفاق (دولة ديمقراطية تعددية يحدد صندوق الإقتراع معالمها). وباستثناء عصام العطار الشخصية التاريخية المحترمة، كلها تقبل بتدخل الناتو وكلها تقبل بوصاية تركية خليجية غربية على مستقبل سورية وكلها تغيب قضية الجولان وكلها تغيب الإصلاح الإسلامي وكلها ترتجف على أقدام المال السياسي بل صارت تريد المال من أجل تكرار تجربة الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين السيئة الذكر.
الفكر النقدي هي الكلمة التي يجري اغتيالها منذ الأيام الأولى لتحولات الربيع العربي المؤسسية: أي منذ اليوم الذي بدأ فيه التفكير بالسلطة والثروة يحل محل التفكير بالتغيير والثورة. أصبح الصراع واضحا في كل الأحزاب السياسية المؤهبة للمشاركة بالحكم في مصر وتونس وليبيا بشكل أساس. الإسلاميون وضعوا حدا لكل نقاش داخلي عقائدي حول طبيعة الدولة ومدنيتها. القرضاوي الصامت عن مشاركة سيديه الحمدين في بناء المستوطنات الإسرائيلية واستقبال تسيفي ليفني بعد ضربها لبنان وغزة، يريد اليوم إعلان الجهاد على الرافضة والنصيرية وحزب اللات... يوم هاجم القرضاوي الشيعة والتشيع قالوا هي زوجته الجزائرية ورطته، اليوم وقد طلق زوجته الجزائرية بالثلاثة، كيف يمكن تفسير خرف الشيخ الأكثر مالا في العالم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah