الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا ابي - في وداع البابا شنودة الثالث

صلاح الجوهري

2012 / 3 / 21
المجتمع المدني


ودعت مصر والعالم، رمزا من رموز الأرثوذكسية وعامودا من اعمدتها سيدنا مثلث الرحمات قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث بابا وبطريرك ورئيس أساقفة المدينة العظمى الإسكندرية وليبيا والخمس مدن الغربية وأثيوبيا وأرتريا وآسيا واستراليا وسائر بلاد المهجر، أب الآباء وراعي الرعاة قاضي المسكونة، خليفة القديس مارمرقس الرسولي. بابا العرب. حبيب المسيح.

لم ولن نعرف في عصرنا الحالي رجل بمثل قامته الروحية والمعرفية والوطنية. فقد كان أبا لكثير من الأبناء ونصيرا لكثير من الضعفاء، أخا ومرشدا روحيا ومعلما لأجيال، راهبا وكاهنا واسقفا وبطريركا. حكيم العصر وصمام أمانه. رجل الوطنية ومعلمها، العنيد في الحق والأمين على بيعته. المثقف والصحفي والكاتب والأديب. الشاعر والفيلسوف. المفسر والواعظ والمعلم. الوديع والهادئ والمتأني. الصامت المتكلم. رجل السلام والحرية والمحبة.

لقد كان البابا شنودة الثالث رأس الكنيسة الأرثوذكسية القبطية لأكبر الأقليات في العالم ولكنه في نفس الوقت كان رمزا مصريا خالصا عاصر تاريخ مصر وقاد الكنيسة في أحلك تاريخ معاصر لها وكان كرأس الميزان السيف ذو الحدين الذي لا يميل إلى ناحية فكان يعدل بين مشاكل الكنيسة الداخلية وبين مشاكل الوطن وما بينهما حينما تتهم الكنيسة تارة بمعاداة الإسلام وتتهم الدولة باضطهاد الكنيسة.

تحمل الرجل جميع المشاكل الداخلية في شعب الكنيسة وتحمل وصد اعداء للكنيسة من الداخل والذين يحاولون النيل منها من أجل منفعتهم الشخصية كما تحمل صراعات الأساقفة الداخلية وأمور المهجر ومشاكله، كما تحمل المشاكل الخارجية كظلم وجور الوطن على أبناءه وتهميشهم وخطف بناتهم وإسلامهم قهرا وقسرا، ووصل الحد إلى هدم كنائس وإحراقها والتمثيل بمقدساتها ورفات قديسيها. وتهجير مسيحيين وقتلهم على الهوية وتكفيرهم تارة في وسائل الإعلام دون حساب من القضاء الأعرج، وتارة بسبب تحريض شيوخ الجوامع حينما تحدث أزمة ما بسبب شائعة بناء أو تجديد كنيسة. تحمل سفالة من يدعون أنفسهم دعاة الإسلام وقذارة أفواههم.

تحمل المظاهرات التي خرجت يوميا في شوارعا الإسكندرية من قبل السلفيين قبل الثورة والتي كانت تخرج "بعد الصلاة" لتندد به وتقذفه بابشع الشتائم ويدوسون ويحرقون على صور لقداسته وتهدد المسيحيين بالدم والنار. وكانت سببا من اسباب تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية والتي راح ضحيتها أكثر من 24 شهيدا. تحمل صفاقة وحماقة من أدعوا أن بالكنيسة أسلحة وسكت في هدوء وحكمة. صمد أمام دهس وقتل المسيحيين العمد في أحداث الزاوية الحمرا ومحرم بك والكشح وأبو قرقاص وأطفيح وحلوان والعمرانية والمقطم وماسبيرو، والعامرية واسوان. .. إلخ .. ولم يفتح فاه إلى للصلاة.

تحمل الوقاحة والخيانة، الغضب والتجني عليه، تحمل تفاهة ومراهقات من يدعون انفسهم دعاة سلام وأتباع خير الأنام.

صمد أما كل المحاولات السهلة لفصل المسيحيين عن بلدهم مصر فكان يرفض أن يتكلم عن مشاكل الأقباط عالميا ولا يقبل أن تكون مشاكل الأقباط مادة حوار مع أي صحفي أو مسئول دولي فكان لا يناقش قضايا الأقباط إلا بالداخل. كما رفض أن تكون دولة مستقلة للمسيحيين الأقباط. ففي الوقت الذي نادى به السادات بأنه رئيس مسلم لدولة مسلمة قال البابا إن كانت أمريكا ستحمي أقباط مصر فليم الأقباط وتحيا مصر.

صمد أمام حماقة السادات وتعصبه وتحمل الإقامة الجبرية التي فرضها نظام السادات عليه وعلى الأساقفة ورؤساء الكنيسة، وحبس بعضا منهم. له مبادئ وطنية نبيلة لا تجدها في أشرف رجال بالدولة. فهو الوحيد الذي اعطى قرار بعدم زيارة القدس إلا إذا تحررت من الاحتلال وهو الوحيد الذي ردد انه لن يدخل القدس إلا يدا بيد مع المسلمين.
تحمل ما لا يحتمله رجل. وحمل حملا ثقيلا جدا تنوء بحمله الجبال.

والأن نتحمل بعضا مما كان يحمله سنتحمل سفالته وشماتة من يحتفلون بموته وكأن الموت عنهم ببعيد. وسنتحمل جليطة وقلة ذوق السلفيين من اعداء مصر اللذين فرحوا بموته وامتنعوا عن تقديم واجب العزاء أو الوقوف حدادا على روحه الطاهرة. سنتحمل من نعى بن لادن عدو مصر والإسلام ويرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية ولم ينعى البابا فقيد مصر رجل المحبة والسلام.

بقلب حزين يعتصره الألم. أنعي مصر والعالم في هذا الرجل العملاق وعزائي الوحيد أنني احيا وسوف أموت على رجاء القيامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هيومن رايتس ووتش تدين تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان


.. طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م




.. بعد تطويق قوات الدعم السريع لها.. الأمم المتحدة تحذر من أي ه


.. شاهد - مئات الإسرائيليين يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو




.. بعد أن فاجأ الجميع بعزمه الاستقالة.. أنصار سانشيز يتظاهرون ل