الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيكُ الخطابِ المُقدماتي في نصُوص التراثِ ، أو -انتهازُ الكتابِة للتاريخ - ..

أيوب بن حكيم

2012 / 3 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ـ كلامي سيكون من جانب فينومينولوجي تفكيكي على وصف أن النص ليس ملكا لأحد ، بل ملكا لإضافاتنا الوجودي[1]ة بعوائقها الأنطولوجية[2] ، و ألاحظ ان مناوشة المقدمات التراثية عُنيت بالمقدمات من حيث جمالياتـُها، لكن ؛ ماذا عن قبحياتِها ؟ ماذا عن مكر استراتيجيات المقدمات التراثية بالمتلقي ؟ تَباعا بالأمة ؟
ـ في كثير من تقديمات الفلاسفة و المتكلمين و الأدباء القدامى ، يبدأ المقدم بدءً كلاسيا فيه ثناء على الله و تنزيهه و الإعلان عن الطاعة الكامنة عبر تمثل صفات الذات الجليلة الكاملة ، من ذلك التوحيدي في "الإمتاع" و "الأخلاق" والأشعري في الإبانة و الجرجاني في شرح المواقف و الأيجي في المواقف.. و الباقلاني والتفتازاني والأصفهاني والبيضاوي والمكناسي ...
الخطير في خطاب هذه المقدمات ، أنها خاتلت و داورت و كادت و مكرت لتمهد الاِنتقالَ من مدح السلطان الديني إلى مدح السلطان السياسي ، ومن حمد الله و الثناء على رسوله إلى حمد السلطان و أبنائه [4]، من المُعطى الحق إلى المعطى المخترع المخيالي.
فلا عجب أن نرى هذا الخطابَ ينزع للسجع والإنشائية و التلاعب بالألفاظ لكونه خاليا من أفكار واقعية أو مصلحة للأمة[3] .
صفات السلطان في المقدمات لا تختلف كثيرا عن صفات الذات الجليلة فالسلطان عالم عامل قادر منعم واهب كما نرى في كتاب"المواقف"، الأدهى أن تتعدى هذا إلى التصريح بوجوب طاعة السلطان ـ تَباعا تدجين الأمة العربية الإسلامية ، إذ ننتقل في التصديرات الماكرة من شرعية وجود الله إلى ترسيخ شرعية السلطان ، فإذا تغير السلطان أو انقـُلب عليه ، بقيت المقدمات هي هي وتبدل إسم الطاغية ليس إلا .
مفاد ما تقدم :
إن أغلب المقدمات الكلامية وبعض المقدمات النقدية والأدبية و البلاغية في تراثنا ظلمت أمتنا ، عبر الكيد لها بالسجع الإنشائي الجميل لتمرير القمع الإدراكي العليل .
ـ نتيجة لما تقدم :
ألاحظ أن مقدمات الكتاب العرب المعاضرين خلت من تمجحيد الله و السلطان ، وانتقلت الى تمجيد الذات بنرسيسية واضحة عنذ فدوة طوقان ، يةسف إدريس ، الجابري ، أدونيس ، هشام شرابي ...أي الانتقال من تمجيد الله و السلطان إلى تمجيد الأنا المتضخمة .
5 ـ اِستشراف :
و مع زحف الربيع العربي ، أستشرف أن المفكرين العرب سيقدمون لكتبهم بقولهم "باسم الأمة" عوض "باسم الله" لأن بسم الله ارتـُبِطت في المخيال بالدعاء للسلطان ، وإذا سألناهم لماذا هذا ؟ سيردون ردا دينيا أنذاك لشرعنة قولهم ، ومن ذلك أن الله و الأمة شيء واحد ، بدليل قوله عز و جل "إن هذه أمتكم ، أمة واحدة،وأنا ربكم فاعبدون" و قوله أيضا "و إن أمتكم أمة واحدة وأنار بكم فاعبدون"...
إنه مكر الكتابة بالتاريخ و توظيفها للانتهازية من أجل حفظ ذاتها .
ـ
هوامش :

[1] ـ أنظر مفهوم "الإضافة الوجودية عند ابن سينا في "التعليقات" وهو مفهوم يعني أنه إذا عقل معقول الماهية انطلاقا من إضافاتنا فإن المعقول ليس هو ما أضفناه له .
[2] ـ أنظر مفهوم "العائق الأنطولوجي" عند علي حرب في مقدمة كتابه "الممنوع و الممتنع"
[3] ـ من العقيدة إلى الثورة ، المقدمات النظرية ،حسن حنفي فصل " من الدعاء إلى السلطان إلى الدفاع عن الشعوب " .
[4] ـ المرجع نفسه ، الفصل نفسه .
[5] ـ المواقف للإمام عضد الدين الأيجي ص 5 .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج