الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إطلالة المهمشين

خوشناف حمو

2012 / 3 / 28
المجتمع المدني





تتميز سوريا القديمة عبر تاريخها الطويل بفسيفسائها البشري المتنوع ولكن المتداخل والجميل، ولا عجب فقد تكونت هذه اللوحة الفسيفسائية في أتون تاريخي مديد عبر آلاف السنين فكانت تكوينا مميزا لا يشبه أي تكوين آخر.
وبقدر ما يحمل هذا الموزاييك العجيب ميزة وندرة فإنه يتضمن في طياته استعصاء على الفهم لدى الناظر إلى هذه اللوحة إذا افتقر إلى المعرفة بخلفية تكونها .
لم يكن الأمر مطروحا للبحث أصلا، وفي الحقيقة لم تكن هناك حاجة للخوض في أمر كهذا خلال نصف القرن السابق، إذ أن فئات الشعب السوري كافة كانت تعيش في ظل استلاب لشخصيتها ، استلاب وحَدها، وفرض عليها حالة من الخضوع القسري لفكر البعث المهيمن الذي تناول كافة الفئات والطوائف والأعمار والأجناس ، تناول البشر والحجر وعمل على صهرها في لوحة ذات لون واحد دون أن تلقي بالا لحقيقة ماهيات هذه المكونات. هذا الفكر الاستبدادي الذي قصر عن الارتقاء إلى مستوى فهم واستيعاب المضمون الإنساني للتنوع الثقافي والحضاري .
لقد أوصلنا البعث بعقليته الإقصائية إلى حافة الإفلاس الروحي ، فأضحى المجتمع السوري الذي وجد فيه علماء الآثار والأنتروبولجيا كنزا حضاريا وثقافيا يمكن للعالم أجمع أن ينهل منه بسخاء، أوصلنا البعث عبر أفكاره المستبدة أحادية الجانب إلى حالة رمادية تفتقر إلى ذاك الغنى الذي ينطوي عليه هذا المجتمع.
وإذا كانت الثورة السورية المباركة قد جرفت فكرة الحزب القائد ورمت بها إلى مزبلة التاريخ وهي من انتصاراتها المبكرة التي تم تثبيتها على الأرض، بالرغم من عدم انتهاء المعركة الكبرى المتمثلة بتغيير النظام، فإن الفكرة بحد ذاتها ما زالت مثار قلق الكثير من مكونات الشعب السوري.
خاصة وان المعارضة السياسية التي ركبت موجة الثورة، ونصبت نفسها وصية عليها لم تتفهم جوهر هذه الثورة وماهيتها. فهي عجزت حتى الآن عن صياغة إجابة واضحة عن السؤال المثير للقلق، المتعلق بحقيقة تصورها لوضع الأقليات وحقوقها ضمن المجتمع السوري، وإذا اقترنت الحالة بصعود الإسلام السياسي والتصريحات غير المطمئنة التي صدرت عن بعض زعماء الإخوان المسلمين الطامحين لتبوء مقاليد الحكم على خلفية السيناريوهات التي تمخضت عنها ثورات الربيع العربي التي تكللت بالنجاح في تونس ومصر وغيرها ورغم الأسلوب المناور الذي تتبعه الشخصيات المعارضة المستقلة في تعاملها مع ملف الأقليات والتي تفصح عن ثقافة إقصائية لا تختلف عن ثقافة البعث القميئة في شيء.
مما حدا بمكونات المجتمع السوري الذي يتشكل من قوميات وأقليات وطوائف متنوعة أن تنظر بعين الحذر لما قد تفضي إليه ثورة الربيع السوري من نتائج .
خاصة بالنسبة للمجموعات الضعيفة والمهمشة التي هي أصلا تحتاج لجهد حقيقي كبير لتجاوز حالتها من الاستلاب الذي أفضى إليه حكم البعث عبر ما يقارب النصف قرن من الزمان، وهي بحاجة إلى توفير الدعم لتعزيز الحماية القانونية والاجتماعية عبر ضمان تقديم المساعدة من الناحيتين السابقتين، والعمل على تحسين وتطوير عملية توثيق انتهاكات حقوق الإنسان الخاصة بهذه المجموعات وضمان عملية المحاسبة في حالات الانتهاكات والإساءات لها.
من هذه المجموعات نذكر اليزيديين والإسماعيليين وبعض الطوائف الأخرى، الذين يمثلون ما يقل عن 1% من أبناء المجتمع السوري حسب تقديرات التقرير السنوي الذي أصدره مركز ابن خلدون لعام 2005.
فالإيزيديين أو اليزيديين (بـالكردية: Êzidî أو ئێزیدی)،(بالانجليزية:Yazidi) هم أتباع ديانة في الشرق الأوسط ذات أصول قديمة.ويعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق. وتعيش مجموعات أصغر في تركيا، سوريا، إيران ،جورجيا وأرمينيا.
عرقيا ينتمي الإيزديون إلى اصل كردى ذو جذور هندو أوروبية ، رغم أنهم متأثرون بمحيطهم الفسيفسائي المتكون من ثقافات عربية آشورية وسريانية. فأزيائهم الرجالية قريبة من الزي العربي أما أزيائهم النسائية فسريانية. يتكلم الايزديون اللغة الكردية وهي لغتهم الأم ، صلواتهم وأدعيتهم والطقوس والكتب الدينية كلها باللغة الكردية، ووطنهم هو(إيزديخان) أو مرگه الشيخان حيث موطن أمرائهم، والتي سميت في كتب التاريخ بـ(مرج الموصل) وقبلتهم هي لالش حيث الضريح المقدس لـ(الشيخ أدي) بشمال العراق. ويبدو أن تسمية الإيزيدية أطلقت عليهم ايام سيطرة العثمانيين على كردستان والعراق.
يقدر تعدادهم في العالم بحوالي 250,000 إلى 750,000 يزيدي يعيش معظمهم في العراق، ولكن أعدادهم تتناقص باطراد على خلفية هجراتهم النشيطة باتجاه أوروبا كما حدث في تركيا، حيث لم يبق منهم أكثر من 500 نسمة بعدما كان عددهم أكثر من 25 ألف نسمة في بدايات الثمانينيات. كما توجد أقليات منهم في أرمينيا وجورجيا تعود أصولها لتركيا. كما توجد أقلية صغيرة من الإيزيدية في إيران دون توفر معلومات عن تعدادهم.
يبلغ تعداد الإيزيديين في سوريا حوالي 30 ألف نسمة وأكبر تجمعاتهم اليوم في القامشلي، (منطقة الجزيرة في الشمال الشرقي) وفي عفرين ومنطقة الجراح والقرى التابعة لها.( منطقة حلب شمال سوريا )
تعد الإيزيدية حلقة شبه مفقودة في سلسلة الديانات الشرقية الهندوأرية القديمة، وقد اختلف الباحثون في تحديد نشأته وظهوره وحركة تطوره التاريخي ومعرفة كما اختلف الباحثون حول اصل وتسمية الإيزيدية، فهناك من يرجع أصلهم إلى الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، وهناك من يرى بأنها تنتسب إلى يزيد بن أنيسة الخارجي, وآخر يقول بان تسميتها جاءت نسبة إلى مدينة يزد الإيرانية, وهناك من يرى بان الإيزيدية إنما هي تطور للديانة الزرادشتية وآخرون يربطون بين الإيزيدية والمثرائة. يبدو أن هذا الاختلاف في تسمية الإيزيدية جاء إما عن قصد. وخاصة بالنسبة إلى أصحاب الرأيين الأول والثاني, وذلك لكي يؤكدوا على أن الإيزيدية فرقة إسلامية.منشقة ولا يكتفون بهذا (أي جعل الإيزيدية فرقة إسلامية منشقة) وإنما يذهبون إلى أبعد من هذا. وهو عروبة الإيزيدية. أما أصحاب الآراء الأخرى فربما جاءت آرائهم هكذا، حول الإيزيدية لعدم إطلاعهم على نصوص الديانة الإيزيدية المقدسة خاصة انه هناك تشابه في بعض المسائل ما بين الإيزيدية و الزرادشتية و المثرائية أو ان ذلك التشابه بين الإيزيدية والديانات الأخرى قد قادهم إلى حد زعمهم أن الإيزيدية، هي نتاج أفكار ومعتقدات قديمة منذ نشأة الكون، وبعض المفكرين يعتبرون الإيزيدية مزيجا مكونا من عناصر من المانوية، الزرادشتية، المسيحية و الغنوصية ومعتقدات عراقية قديمة. ومن الآراء أن أصولهم آشورية بسبب وجود تماثيل ورموز في ديانتهم مشابهة لما هو موجود بالديانة الآشورية القديمة وحيث أن أماكن سكناهم الحالية كانت في السابق مكان عاصمة الآشوريين الأثرية نينوى. وكما تجد أن هناك الكثير من الأمور المشتركة بينهم وبين السريان.
حملات الإبادة ضد الإيزيديين
أكثر المصادر الإيزيدية تقول أنها تعرضت لاضطهاد ومجازر على مر التأريخ بفضل فتاوى التكفير والخروج عن الدين. بدءا بأيام مير جعفر الداسني (أيام الخليفة العباسي المعتصم 224 هجرية) إلى حملات القرنين السادس والسابع عشر ومن ثم حملات ولاة بغداد العثمانيين. والحملات خلال القرن العشرين وحتى اليوم منها تشريد الإيزيديين من قبل الأتراك الفتيان إبان مذابح الأرمن 1915 ومن ثم حملة إبراهيم باشا 1918م وحملة سنة 1935 من قبل الجيش العراق الملكي ومن ثم حملات الأنفال في العراق خلال الفترة1963-2007م وفتاوى المتطرفين وإحلال هدر دم الإيزيديين ونكبة سنجار آب 2007.
وفي كافة مناطق سكناهم فإن ما أظهره جيرانهم من أصحاب الديانات المختلفة من إساءات واضطهادات بحقهم كانت بمثابة إعلان حرب دائم عليهم وعلى معتقداتهم .
الأمر الذي جعلهم يزهدون في أمور الحياة ويسلكون طرقا منغلقة في عباداتهم وبسرية تامة لا يسمحون لأحد بالإطلاع عليها مخافة التجريح والتهجم عليهم والتي أدت بالتالي إلى الطعن في عباداتهم طعنا ذميما وأليما إلى جانب حملات الإبادة الجماعية التي شملت حتى النساء والأطفال والشيوخ لإجبارهم على ترك دينهم والدخول في أديان أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذيرات أممية من حظر إسرائيل وكالة الأونروا.. ما التفاصيل؟


.. الأمم المتحدة: نصف مليون لبناني وسوري عبروا الحدود نحو سوريا




.. مستوطنون حريديم يتظاهرون أمام مقر التجنيد قرب -تل أبيب- رفضا


.. مسؤولة الاتصال في اليونيسف بغزة: المستشفيات تعاني في رعاية ا




.. الأمم المتحدة: أكثر من مليون نازح في لبنان