الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال أصل الشرور

مصطفى الصوفي

2012 / 3 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"متى يعرف رجل الدين أن وظيفته تربوية بحتة لا تقتصر على كونها مقام فخري , استغل بعضهم هذه الفخرية جهل المستضعفين وقدم نفسه لهم كأن بيده مفاتيح الغيب والجنان , فكان من أهم ما يقربهم إلى الله تقبيل هذه اليد وتقديس هذا الجسم وتهويل هذا الشكل فجعل نفسه يفتي في كل شيء وهو في كل شيء جاهل بعلامة أن إفتائه بهواه لا تتعدى كونها تخاريف واضاليل وليس على قاعدة الوحي يوحى المبنية على العقل الحر والتفكير التأملي المستنير"
نصير الأحرار العبودي

كثيرا ما يستمع احدنا أو يطلع على مقالات طويلة و يقرأ كتباً و أبحاثاً تتحدث عن سوء حالنا والدمار والتخلف التي تغرق بها مجتمعاتنا , ليجد أن كتابها قد نسبوها إلى أسباب ما انزل الله بها من سلطان, بل أن غالبيتهم يسرحوا ويمرحوا في خيال ساذج بعيداً عن الواقع , اما بتخيل أشياء غير موجودة , أو بطرح حلولاً يستحيل تطبيقها أقبح من المسببات التي ذكرت ,و المطالبة بجعل اوهامهم واقعاً ملموساً .!
فأغلب الباحثين الإسلاميين العرب يبحرون مع تيار المصالح والمزاج الخاص للسادة . رجال الدين والسياسيين الشركاء في جريمة عمرها قرون من الزمان . و إن أيّة وجهة نظر أو رأي خارج عن المألوف و المطلوب مرفوض, و يرمى عليها تهمة الزندقة والكفر, لأن ذلك سيكون ضد الحكومة الدينية التي وصلت للحكم حديثاً بعد الربيع العربي , و ضد الدين الذي ورثناه عن آبائنا وأجدادنا والذي تم تسييسه منذ قرون ليكون وسيلة وغاية في كسب الثروات وليكون تجارة مربحة لرجال الدين وشركائهم السياسيين.

الآن نحن كشعوب نعاني الأمرين بعد أن تخلصنا من الهراء القومي و دكتاتوريته المتسلطة وسوطه وسلاسله وخطاباته المملة لعقود من الزمن. ليقفز للسلطة بعدهم مسيّيسوا الدين ,زمره المتنكرين برداء الفضيلة والتقوى واللحى والمسبحات والعمائم الفارسية والأثواب القصيرة الحجازية , الذين لا يحتملون نقداً ولا يؤمنون بحرية التعبير ولا بحرية العقيدة ولا حرية الفكر، وكل من يخرج عنهم ينتظره عذاب أليم في الدنيا و الآخرة.
و المشكلة الأكبر من هذا هي أن هؤلاء المجرمين يُعتبرون قادة عظماء مباركون و رموز عظيمة للقداسة والاحترام والتبجيل والتفخيم, لأنهم السبب الحقيقي ببرمجتنا في زمان التحضر و العلم للحفاظ بصوره دوغمائية رجعية على فكر موروث قائم على إقصاء الآخر وتكفيره ومحاربته بالسيف إن اختلف عنا بشيء , و سبب هذا الفكر الكثير من الجرائم القبيحة باسم المقدسات منذ أكثر من قرن.
.
يعتبر هؤلاء (الساسدينيون) من اخطر الأشخاص على التقدم الحضاري والفكري في أي مجتمع ولنا في أوروبا أسوة حسنة حينما حكمها هؤلاء باسم الرب ويسوع المسيح .
من الممكن بسهولة أن تفهم أو ترى بأم عينك أن السياسيين هم سبب العديد من المصائب, من حروب ومجازر وسفك لدماء الأبرياء, لكن الأمر صعب جداً عندما ننظر إلى قادة الدين, إذ لم يقم أحد برفع يده أو صوته ضدهم إلا ما ندر , وظلوا محترمين لعدة قرون, وكلما مرّ الوقت زاد احترامهم وطالت عندنا القرون وهنا يكمن خطرهم في أنهم في نظر الناس محصنون من الانتقاد , بل يرمى كل من ينتقدهم بتهمة الزندقة والكفر والخروج عن الدين ويحلل قتله وذبحه و قطع رأسه, وغالبيه الناس حتى المتعلمين منهم منصاعون كالخرفان لهذا ولا يجرؤ أحدهم حتى بالتفكير أو التشكيك ولو للحظه فيما غسلوا به عقله .
قد يصعب علينا فهم أن هؤلاء الأشخاص ، هم الذين صنعوا هذا العالم المليء بالحرب بدلاً من السلام والحب. وليسامحني القلة النادرة من رجال الدين الصادقين, الذين يتقبلون الآخر دون تعصب وبكل رحابة صدر ويتكلمون بلغة العلم والتوحيد.

لقد كان و لا يزال معظم رجال الدين والسياسيين في مؤامرة وشرك مشترك, يعملون معاً يداً بيد ، وجيباً في جيب ، ومصلحة تتطابق مع مصلحة, السياسي لديه القوة السياسية ورجل الدين لديه السيطرة الدينية, السياسيون يحمون رجال الدين ورجال الدين يباركون السياسيين بمواعظهم الرنانة.
ويا لحسرتي علينا ! نحن الذين تُمتص دماؤنا وتُستغل ثرواتنا وطاقاتنا لأجل مطامعهم الدنيئة!...

الأديان المتعصبة التي برمجوا العقول بها , هي التي جعلت فكر الإنسان في مجتمعاتنا معاقاً بصنع المعتقدات الغريبة و الخرافات وإجبار الآخرين وإكراههم على اعتناقها والإيمان بها , للوصول إلى تشريع نصوص و قوانين يستمدها من تفسير النصوص ألمقدسه تدعم طغيان وظلم البشر باسم الله .
السياسيون دمّروا الإنسان بجعل الحياة تافهة وغير مقدسة قدر المستطاع، لأن قوّتهم تعتمد على استعباده وخنوعه وخضوعه.
وعندما امتزج الحزبان أصبحت السياسة ديانة والدين سياسة، وصار الأمر مقدساً وصاروا ظل الله في الأرض و يعملون بإرادته ويمثلوه بين البشر,
وان تلك الإرادة التي يدعوها ويزمرون لها ما هي إلا مصالحهم الشخصية لزيادة ثرواتهم وأموالهم وسلطانهم وجواريهم و أراضيهم ,
فيعلنون الجهاد ويفتحون البلاد ويستعبدون الأحرار ويسبون النساء ويتملكون الأراضي ويستغلون الثروات ويحللون ويحرمون كل ما يصب في مصالحهم ورغباتهم وكله أيضا باسم الله ودينه. وتراهم يدقون النفير ويعلنون الإنذار عند ظهور أي معارض لهم ولمصالحهم فيكفرون ويزندقون ويحيكون التهم وينسجون المؤامرات للنيل من الخطر الذي يريد تحرير الناس من عبوديتهم لهم.
إن خير مثال على ذلك هم (سياسوالدين )في بلادنا(العراق) المتنكرين برداء الفضيلة والتقوى و يحكمون باسم الله وباسم حب آل فلان وباسم نصرة الدين الفلاني ونرى كيف هم يمتصون دمائنا وثرواتنا وطاقاتنا منذ أكثر من عقد بعد أن صعدوا إلى السلطة.
إذاً ، فإن أردنا النجاة من المعاناة, يجب أن نزيل هذه الأسباب ونحرر أنفسنا منهم لنتخلص من الصراعات, وعلى الدين أن يتحول إلى وسيلة في خدمة السلم لا التدمير والجرم , أن يخدم الإنسان وليس الرب ورجل دينه ومصالحه لأن الله جعل الدين وسيلة لخدمة وبناء الإنسان في المقام الأول و الأخير , فلنتعلّم العلم والفكر الذي يخدم الحياة والحب, الذي يزيد التفاؤل والجمال والابتهال والاحتفال.

إننا اليوم في حالة مُحالة تجبرنا على الاختيار بين الدمار والعمار, بين السماح للسياسيين ورجال الدين المتعصبين المهترئين بتدمير البشرية والأرض والعرض والحرث والشجر والنسل, وبين استرجاع القوة من أيديهم وتوزيعها من جديد, من خدمة الشر والعهر, إلى خدمة البشر والطهر.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ربما في مكان اخر
عدنان عباس ( 2012 / 3 / 28 - 18:52 )
ما تقوله سيدي عن تزاوج السلطه الغاشمه مع السلطه الدينيه في عهود سابقه في العراق ومنها العهد العثماني او العباسي
بعد التسلط الغاشم للعروبيين على بلدنا واستخدامهم الدين كوسيله من وسائلهم المتعدده لقهر الانسان في بلدنا مثل الحمله الايمانيه الكبرى جاء التغيير الذي هو بدايه لدمقراطيه تحبو وربما تكبر ليصل بلدنا بر الامان
في العراق اليوم صراع هائل بين التقدم وقواه الدمقراطيه اللبراليه او قوى اخرى دمقراطيه وبين قوى التطرف التي تدعو الى استعباد الانسان ونقله الى عصور الجهل والظلام
ولا اعتقد ان قوى التطرف مع ماتملكه (اميه واسعه -وعاظ سلاطين -قسم من السلطه) بقادره على تطبيق افكارها الظلاميه على العراق او السيطره عليه كليا




2 - !!
مصطفى الصوفي ( 2012 / 3 / 28 - 22:05 )
اذا ماهذا الذي يجري في الساحه الان ؟؟؟َ!!!!!!!

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah