الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر الديني في العالم العربي

حميد المصباحي

2012 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليست للعالم العربي مشاكل مع الديانات,فهو جزء من الهوية لكل المجتمعات
العربية,ليس كطقوس أو عبادات,أو حتى معتقدات,إنه أكثر من ذلك بكثير,فقد
انصهر,في الثقافات السابقة عليه,أثر فيها وتأثر بها في الوقت نفسه,وغدا
مكونا
للحضارة بأكملها,وفاعلا في نفسية الإنسان العربي,لذلك ففهم الإنسان
العربي مشروط بفهم المنظومة الإنسانية الإسلامية,وحسن تمثلها,بما هي
اجتهادات متعددة ومتعارضة في كييفية استيعاب النص الديني والتفاعل
معه,وتوظيفه في الصراعات اليومية من أجل فرض القيم وأنماط الحياة الفردية
والجماعية ايضا,ومرد هذه الإختلافات,ليس المذاهب والفق الدينية التي
عرفها الإسلام,بل أيضا التراث السابق على الإسلام في المجتمعات
العربية,بقبائليته,ورحاليه,وفنقيه وقرطاجييه وفرعونيه,وأمازغييه,هنا تبدأ
أهم المشاكل مع الحركات الدينية,التي تريد باسم الإسلام,التنكر لكل القيم
السابقة عليه,باعتبارها كفرا,وزيغا عن الملة,حتى لوكانت ديانات
أخرى,كالمسيحية واليهودية,وهنا يصل التعصب للعروبة,التي اعتبرت وصية على
باقي الأقليات,لأن رسالة الإسلام كانت باللغة العربية,هنا تبدو الحركات
الدينية الإسلامية,ذات الأصول الإخوانية,أكثر تعسفا,على كل فكر,يشكك في
حقوقها الإحتكارية للإسلام والنطق باسمه,ناسية أو متناسية أن الإسلام
يرفض فرض الوصاية باسم الدين على الناس,ليلبس سكان الإسكيمو ثياب صحاري
الحجاز الحارة,وهو ما يتنافى مع العقل السليم,فالحضارات تختلف في لباسها
وثيابها وثقافاتها وفنونها,فالمعتقد أكبر من أن يختزل في طقوس مختلف حول
الكثير منها وألبسة تتغير بتغير العصور والأحقاب,وأن فرض التشابه على
الناس,غير مقبول,فلو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة,لكن الحركات
الدينية,تبحث عن مبررات فقهية للتحكم في رقاب العباد,واعتبارهم غير
راشدين,يحتاجون النصيحة والتوجيه,بالتدريج,من الكلمة حتى الحد,والتعنيف
وربما القتل,هذه السلوكات لم يعد العصر يتقبلها,وقد تطورت الحضارة
الإنسانية,ولم يعد يسمح لأحد باحتقار ثقافات الغير,بناء على تصنيفات
دينية أو عرقية,وتبعا لذلك فإن لغة التحريض على الغير,كيفما كانت
معتقداته أو إيديولوجيته,تعتبر شروعا في القتل,لأنها تتحامل على التسامح
والتفهم داخل المجتمع الواحد,أو حتى العلاقة بين المجتمعات الإنسانية,لكن
ما هي غاية الفكر الديني من هذه الممارسات؟
إن الحركات الدينية,في مرحلة الدعوة,كانت دائما تمهد بفعلها الديني
لانتصارات سياسية,تكون بالقوة المباشرة,لتتحول إلى ما يعرف بالإسلام
السياسي,لكنها أدركت تبعات العنف المباشر,فاختارت القبول بالممارسة
الديمقراطية,ولكي تقوي حظوظها في الفوز,كان لزاما عليها,الإدعاء بأنها
تمثل الإسلام,لشرعنة صراعاتها ضد من تسميهم بالمغتربين والملحدين
والعلمانيين وعموم الإشتراكيين,وكل فكر دخيل على الفكر الإسلامي,والديانة
الشرعية للمجتمعات العربية,هنا تبدأ محنة المجتمعات العربية,التي تعتبر
بدينيتها الإسلامية,مرغمة على القبول بحكم الإسلاميين,الذين استغلوا
تقليدية المجتمعات العربية,وتمسكها بالإسلام,المعتبر حلا لكل المشاكل
الدنيوية والأخروية,فحركات الدعوة جعلته قابلا بالحلول الدنيوية للحركات
الدينية,التي كان يقصدها للإستفسار حول ما هو ديني,ولأن ثقة الناس مؤسسة
في العالم العربي على ما هو ديني,فإن انتصارات الإسلام السياسي ميدانيا
كانت حصيلة لفعلهم الدعوي,فهم عندما تتعمق بنى التحديث المجتمعي في
العالم العربي,سوف يصيرون مشاكل لهذه المجتمعات,وعائقا أمام نموها
وتمدنها الحضاري والثقافي,بتحاملهم على إرثها الثقافي ومحاولة
إلغائه,سواء كان لغة أو تاريخا أو فنونا,وهنا ستجد الحركات الدينية نفسها
مرغمة بإسلامها السياسي,على خوض معترك السطو على السلطة السياسية بكل
الوسائل والطرق,حتى لو أفرطت في عنفها أو تحالفها مع غير الساسة من
العسكريين وحتى المتمردين,فهذا تاريخها وتأويلها الخاص لما يجب أن تمارسه
كل الحركات الدينية الساعية لتطبيق شرع الله,الغير قابل لاستشارات شعبية
أو انتخابية,فالمقدس لا يعترف بإرادة الشعوب والمجتمعات,إنه فوق
الكل,رجالا وحضارات.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا


.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج




.. الاحتلال يمنع مئات الفلسطينيين من إقامة صلاة الجمعة في المسج


.. جون مسيحة: -جماعات الإسلام السياسي شغالة حرائق في الأحياء ال




.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني