الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اخلاق اليهود الحقيقية

محمد خضير عباس

2012 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


درج العرب المسلمين وبعد نزول الدعوة المحمدية في الجزيرة العربية قبل اكثر من 1400 عام ولحد الان على نعت اليهود بمختلف الصفات الذميمة مثل الكذب ونقض العهود والمواثيق والحسد والفساد وقساوة القلب والحقد والتعامل بالربا وغيرها ووصل الحال بيهم الى حد تجريمهم بوصفهم قتلة الانبياء ومرد ذلك يرجع الى ما ذكر في الايات القرانية العديدة التي تشير الى ذلك والتي نزلت على الرسول محمد ( ص) وبشر بها العرب فبعد ان كانت القبائل اليهودية كقبيلة (بني النضير- بني القينقاع – بنو قريضة ) وغيرها التي كانت تقطن الجزيرة العربية وكانت تمتهن اعمال الصياغة والحدادة وصناعة السيوف والتجارة وتعيش مع قبائل العرب متحابين ومتاخين الى درجة اندماجهم معهم وتصاهروا فيما بينهم واصبح طابعهم عربيا صرف . بدأت الاحوال تتغير بعد هجرة الرسول محمد (ص) من مكة نتيجة محاربته وتعرضه هو واتباعه الى الاذى من قبائل قريش الناقمة عليه الى يثرب والمدينة مكان تواجد القبائل اليهودية ومن هنا بدأت حملة التنكيل والتهجير والقتل ضدهم بحكم ما جاء بالايات القرانية من تحريض ضدهم هذا من جانب وما يتطلبه نشر الرسالة الاسلامية من اخضاع كافة الشعوب والمكونات الاخرى للاسلام الجديد قسرا وبقوة السيف من جانب اخر . لذلك اصبحت هذه الصفات القبيحة ملازمة للحديث عند ذكر اليهود او عندما يتم التعامل معهم في مختلف المجالات . وهذه نظرة فيها الكثير من التجني على اصحاب هذه الديانة بحكم كونهم اصحاب كتاب سماوي منزل من الله هذا من جهة ومن جهة اخرى ان اكثر هذه الصفات الذميمة التي ذكرتها الايات القرانية بحق اليهود وان صحت تعود الى حقبات زمنية قديمة ترجع الى اكثر من 1600 عام وهي الفترة التي تفصلها عن تاريخ نزول القران الكريم من ايام نبينا موسى وداود وسليمان وعيسى . وان المجتمعات البشرية بطبيعتها تتغير عاداتها واخلاقها وصفاتها فتتطور بحكم تقادم الزمن . فمن غير المنطقي ان نستمر باطلاق هذه الصفات على اليهود الى وقتنا الحاضر ومن غير المقبول ايضا على سبيل المثال ان نطلق على العرب في الوقت الحاضر انهم قطاعي طرق وقتلة ويمتهنون التسليب وكانت هذه الصفات هي مهن دارجة يسترزق منها العرب ويمارسونها قبل اكثر من 1400 سنة بالاضافة الى ممارستهم لرعي الحيونات والقليل منهم من الميسورين كانوا يمارسون التجارة لذلك فان التاريخ العربي والاسلامي لم يبرز او يسلط الضوء على صفات واخلاق اليهود الحقيقة في الجزيرة العربية قبل ظهور الاسلام ولو تمعنا جيدا في بطون كتب التاريخ لوجدنا النقيض من ذلك تماما حول ما ذكر سابقا من صفات لليهود فعلى سبيل المثال تتفق اغلب المصادر العربية حول المأثر التي سطرها شاعر الجاهلية العربي اليهودي( السموأل) بن غريض بن عادياء الازدي والذي لقب بالحكيم لحسن تصرفاته وهو من سكان خيبر وكان يتنقل بينها وبين حصن له سماه الابلق ويعتقد ان اسم الشاعر جاء من كلمة شموايل العبرية وتعني اسم الله . بموقفه الانساني من زميله شاعر العرب امرؤ القيس صاحب احدى المعلقات السبعة المشهورة عندما قصده بحاجة وكان قد عجز عن الاخذ بثأر ابيه فاراد الذهاب الى قيصر الروم يستنجد به لعله يرسل معه جيشا يساعده على تحقيق مبتغاه . فطلب من السموأل ان يضع عنده امانة عبارة عن ادرعاً ثمينة جدا لا مثيل لها كما ترك عنده اهله وحلاله . وبعد حين طوق حصن السموأل احد ملوك القبائل الذي كان يطلب امرؤ القيس ثأرا وعلم بموضوع الامانة فاراد ان يأخذها عنوة فرفض السموأل اعطائها له مما ادى الى تعرض حصنه لحصار قاسي استمر اكثر من 20 يوما وفي هذه الاثناء عاد ابن السموأل من رحلة صيد كان يقوم بها وكان لا يعلم بكل هذه الاحداث فالقى الملك القبض عليه وساوم السموأل بتسليمه الامانة او دق عنقه فرفض السموأل هذه المساومة مما حدى بالملك الى ذبح ابن السموأل امام حصن ابيه انتقاما منه ثم عاد خائبا الى دياره . لقد ضرب شاعرنا الكبير اروع قصص الوفاء والامانة وصون العهد من خلال هذه الملحمة البطولية وهي دليل على عظمة هذا الرجل اليهودي الذي عانى كثيرا من اجل القيم التي يحملها وعدم نكثه العهد الذي قطعه على نفسه ونحن المسلمين دائما ما نتفاخر بواقعة حاتم الطائي الى درجة بتنا نضرب بها المثل عندما ذبح حصانه كي يقدمه طعاما الى ضيوفه لعدم امتلاكه طعاما غيره في حينها ولكون اخلاق العرب تحتم عليهم اكرام الضيف في حين ان السموأل ونتجية ثباته على عهده ادى الى ذبح ابنه امام ناظريه لكي لا يقال عنه انه نكث العهد او خان الامانة مع الفارق الكبير بين الضحيتين . لقد ذكرت هذه الحادثة من اجل اظهار ما خفي بخصوص اخلاق اليهود الحقيقة واخيرا اختم مقالي بذكر بعض من ابيات قصيدة الشاعر المشهورة المعروفة بـ (اللامية ) وهي من اجود ما قيل في الشعر العربي وقد نظمت بحق اميرة المناذرة عندما استحقرت اعداد قوم السموأل القليلة في مجابهة جيش كسرى ملك الفرس ومطلعها .
اذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جـــميـــل
وان هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس الى حسن الثناء سبيل
تعـيرنـــا انا قـليـــل عــديـدنـــــــــا فقلت لها ان الكــرام قلــيل
وما قل من كانت بقــايـاه مثلنـــــا شـباب تسامى للعلى وكهول
ومــا صـرنا انا قليل وجارنــــــا عـزيـز وجارالاكثيرين ذليل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لله درك ياسيدي.
عبدالله بن مطلق بن سيف القحطاني/جدة ( 2012 / 3 / 29 - 12:34 )
سيدي كاتب المقال أكبر فيك موضوعيتك وحسن انصافك وصدق عدلك ومهنية تحليلك نحن يابطل بحاجة لرجال شجعان صادقين مع الذات قبل الآخر نعم سيدي ما نطقت به حق ولايخالفنك إلا جاهل أو حاقد مكابر توارث نرجسية حب الذات التي رسختها نصوص خيرية وفوقية وعلو أمة الإسلام, ودعني أوكد على حقيقة تأريخية مهمة أن القبائل اليهودية العربية التي ذكرت هي قبائل عربية قحطانية معروفة النسب والأصل وأضيف أيضا أن قبائل أخرى عربية قحطانية مسيحية من الغساسنة موجودون حتى اللحظة بالأردن الحبيب والجميع أبناء قبيلتي الكبرى قحطان ولذا أشعر بالفخر كوني قحطاني وإن غضب البعض.‏‎ ‎


2 - مقالة منصفة وعقلانية
شاكر شكور ( 2012 / 3 / 29 - 17:05 )
يا أخ محمد القضية كانت سياسية وأقتصادية في عهد الغزوات ومصادرة ممتلكات الغير تحت شتى التبريرات ، فعندما يطمع الأنسان العدواني بممتلكات الآخرين يبدأ اولا بهجمه أعلامية للطعن وتشويه سمعة المستهدفين لكي يهيأ رعيته للبدأ بالغزو ، ان رفض يهود يثرب بالدخول في الدين الأسلامي كان بسبب ايمانهم بالتوراة التي تقول النبي القادم يكون من بني اسرائيل وعندما لاحظ الرسول لا جدوى من تحويل ديانتهم الى الأسلام قام بتغيير اتجاه القبلة وجعل رفضهم سببا لغزوهم وقتلهم ، والعجيب يظهر بين الآونه وأخرى من يقول ان الأسلام لم ينتشر بحد السيف ، تحياتي للجميع


3 - عاشت ايدك
عدنان عباس ( 2012 / 3 / 29 - 17:28 )
ماكتبته سيدي يدل عن سمو كبير قلما نراه حتى من مثقفي هذه الامه
يحدثني ابي عن جار لنا في الخمسينات من القرن الماضي كان يهوديا لم يرى منه سوى ذلك الجار الكريم الذي كان يشارك سكان المحله افراحهم واتراحهم
جار لم يظهر يوما كذبا او عدوانا او سوءا


4 - تصحيح المفاهيم
ناجي عبد العباس ( 2012 / 3 / 29 - 18:11 )
سيدي الكاتب العزيز
ما احوجنا في الوقت الحاضر الى مثل هذه المقالات المتوازنة والموضوعية التي تنم عن ادراك واسع وثقافة عالية قلما نجدها في كتاب هذا الزمان ما تطرقت اليه هو البداية لدراسة
مرحلة جديدةمن التعامل مع الاقليات التي تعيش بيننا وتغيير النظرة اتجاه شعوب العالم الذي نتعامل معه بل لا نستطيع العيش بدونه


5 - لاشك فيما تقول ولكن
عبد الحكيم عثمان ( 2012 / 3 / 30 - 05:57 )
الاخ محمد خضير عباس لاشك في ان هناك من اليهود من هم على ماذكرت من الاخلاق الحسنه والطيبه وكما يقال لوخليت لقلبت ودائما مايعم السيئ ويسود واذا افترضنا ان العرب المسامين وان القرآن صور اليهود بصوره بشعه فما الذي دعا هتلر لااتخاذ ذات الموقف وما تسمي اغتصاب فلسطين وقتل وتهجير اهلها اين هم اليوم الطيبون ذوي الاخلاق الحميده من اليهود امثال السمؤال نعم موجدون وهم قله وبعضهم يناصر شعب فلسطين ومنهم الحزب الشيوعي الاسرائيلي ةالمنتمين اليه ولكن الصفه الغالبه هم العنصرين والذين يعتبرون نفسهم شعب الله المختار لاننكر ان هناك من اليهود من هم على خلق السمؤال ولكن قله ونتمنى ان يسود امثال هؤلاء في المجتمع اليهودي وشكرا على طرحك


6 - حسن ومرقص
انس احمد ( 2012 / 3 / 30 - 10:47 )
الكاتب العزيز احيك على ما جئت به من طرح قد يستفيد من سيقرأ واضن المستفيد الاكثر حضا هم الجيل الصاعد .وان طرح الحقائق في ما يخص اليهود او اي حقيقة اخرى هي امانة مهنية علينا التحلي بها
بعد قرائتي للموضوع الشيق والذي برأيي هو من الموضوعات الهامة وبعد اطلاعي على التعليقات لفت انتباهي تعليق الاخ عدنان عباس حيث يروي له اباه عن حسن الجورة ايام زمان مع اليهود وهذه حقيقة لا يمكن انكارها كانت ملموسة ايام الستينيات والسبعينيات وحتى بدأ الثمانينات ولقت تم من بعد هذا التاريخ ترحياهم ولقد جاء في بالي القصة التي جسد ادوارها عملاقي السينما العربية عمر الشريف وعادل امام في ( حسن ومرقص) وان المتابع لهذه القصة سيجد ان الشيخ حسن حينما كان يهودي لن يقاطعه مرقص عندما كان مسلما لكن حصل العكس حينما كشفت الاواراق والسوال هنا لماذا تغيب عننا نحن الاسلام صفة التسامح؟


7 - تشويه متعمد
احمد ياس ( 2012 / 3 / 30 - 16:18 )
لماذا نذكر مناقب اليهود الحميدة قبل الاف السنين اما كانو يعيشون بيننا في الامس القريب هل سمعتم يوما وانتوا تقراؤن عن تاريخ بغداد ان احد اشقيائها كان يهودي او احد لصوصها او مجرميها كان يهودي ان ابائنا واجدادنا يروون قصص عديدة عن هذه الطائفة تتسم حياتهم بالبساطة والطيبة في التعامل والاخلاق الحميدة واغلبيتهم من الطبقة المثقفة والمتعلمة فاشهر اطباء ومحامي وفناني وسياسي بغداد كانوا من اليهود وصدقوني يااخوان ان الشعب المتعلم لا يفرز اخلاق غير حميدة وانما العيب كل العيب فينا نحن العرب ان اعداد الامية اخذه بالارتفاع وان اعداد العاطلين عن العمل اخذه بالارتفاع وان اعداد الفقراء كذلك بالاضافة الى اعداد الايتام والارامل والمعوقين والمطلقات والعوانس والامراض النفسية وغياب البرامج الحكومية التي تؤهل هذه الفئات من المجتمع فماذا ننتظر من نتائج ؟؟ نترك هذا كله ونتكلم عن المسيحيين واليهود وكيفية اخضاعهم الى الاسلام وكان الاسلام يحتاج الى اعداد جديدة


8 - الخير والشر
فراس يعقوب ( 2012 / 3 / 30 - 16:37 )
يقيناً، أن موضوعة الخير والشر، ليست صفة لفئة دون غيرها، هي صفات تشترك فيها الانسانية جمعاء بكل أطيافها ومشاربها. وحتى مفهومنا لهذه الصفات يكاد يكون نسبي؛ فأحيانا تبدو الامور في ظاهرها خير، لكن يراد منها شيء آخر، ولانه في رأيي لا وجود للخير المطلق او الشر المطلق، لذا لا يمكن ان يكون ما اكتبه هنا حول مقال الاستاذ محمد خضير تقييم، فهو اثار لدي عدة تساؤلات: لماذا هذا المقال؟ ومالسبب في طرحه الان في التوقيت تحديداً؟ ومالذي يريد الكاتب الوصول اليه؟
هل هناك جدوى لخطاب مثل هذا النوع في المدى القريب او حتى البعيد؟ هل بقي من الوقت ما يكفي لكي تصحح الافكار أو المعتقدات؟
سؤالٌ يبقى مطروحاً...


9 - الدين لله
سمير السلطاني ( 2012 / 3 / 30 - 20:22 )
ان الله وصف اليهود في التوراة انهم شعب الله المختار وانه يعلم بالغيب كما نعرف فلماذا غير رايه بهم عندما انزل القران ووصفهم بالاضافة الى الصفات التي ذكرها الكاتب بانهم اولاد القردة والخنازير؟؟؟ ان موضوعة الاديان اصبحت جزء من التاريخ الانساني للبشر فعلينا ان ننظر الى الامام ونرى ما وصلت اليه الامم من تقدم ورقي وتحضر ونحاول اللحاق بهم لا ان نضطهد مكونات شعوبنا التي سكنت واسست حضارة قبلنا تحت مسميات انت مسيحي كافر او انت يهودي كافر طيب نحن المسلمين الغير كفار ماذا فعلنا وماذا قدمنا الى شعوبنا ولماذا هم متقدمين في كافة المجالات ونحن متخلفين في كافة المجالات اما نحن العرب نردد مقولة الشاعر ليس الفتى من قال كان ابي وانما الفتى من قال ها انذا فلماذا نتهم الناس بافعال لم يرتكبوها واخيرا اشكر الكاتب على هذا المقال القيم وحسن سرده للاحداث مع تحياتي للاخرين