الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكوتا الاجتماعية في مواجهة إرهاب الأغلبية

عبد العزيز نايل

2012 / 3 / 30
المجتمع المدني


في البلاد المتخلفة كبلادنا هذه تترنح الديمقراطية ضعفا وهزالا ولا تستطيع ان تنتصر او ترفع هذا الشعب المستعبد قرونا طويلة الى مستوى المشاركة الحقيقية فهي ديمقراطية معوقة وكسيحة باعتبارها غريبة و دخيلة على ثقافة القهر والغلبة والمغالبة و التي لا زالت حاكمة في منازلنا ومدارسنا ومجلسي الشعب والشورى عندنا وهذه الثقافة هي نفسها مانحة الحكام سلطات الاباطرة فامتلكوا شعوبهم امتلاك السادة للعبيد وأعطت لهم الثقافة السائدة في مجتمعاتنا الحصانة والقداسة قرونا طويلة وما جرمهم احد وهم يحتجزون شعوبهم خارج الجغرافيا والتاريخ و لهم الحصانة شرعا وقانونا وبالعرف ايضا , ولأن ثقافة الديمقراطية لم تجرؤ جراء العداء الاصيل لها على ان تشارك ما احتوت عليه رؤوس جماهيرنا المتخلفة فهي تقف اي الديمقراطية خارج حدود الحياة العربية و العقل مثلها مثل الخاطئة والمذنبة التي تخشى ان تُجلد هي وكل من والاها بالاعتقاد والمحبة فهي من جنس معرفي مخالف لمعتقداتنا المقدسة من الأجناس المعرفية الغيبية والايمان بالطبقية وتفاوت المستويات والأقرار بذلك بين الحاكم والمحكوم بين الغني والفقير بين المتعلم والجاهل بين العلم والخرافة بين الاغلبية والاقلية بين الاسود والابيض الخ , كل هذه الثوابت في ثقافتنا تحول وتقف جدارا عازلا بيننا وبين الديمقراطية وها هم الاخوان المسلمون يتشدقون بأنهم حزب الاغلبية ومعهم حزب السلفيين " النور " ولذا اصبح مشروعا في ثقافتنا ان تدهس الاغلبية كل اقلية وكأن هذا شيئ طبيعي ومنطقي ودليلنا على ذلك ان شعب مصر يقف متفرجا وهو يُستلب ويُغتصب حيث لا ترى ثقافته وما جبل عليه غضاضة في هذا الاغتصاب وهذا الاستلاب من قِبل الاغلبية وتزداد مشروعيتتها اذا ما كانت الاغلبية اغلبية دينية فسوط الفقيه وعصاه وسيفه لازال في الذاكرة الجمعية اقوى وامضى سبيلا الى رقاب المعارضة من سيف وسوط الحاكم المدني والذي دائما ما كان يستكمل ما ينقصه لأن يتفرد بالهيمنة والقداسة من دعم رجال الدين له والفقهاء على مر العصور العربية والاسلامية فعملوا دائما على اشاعة النصوص المؤكدة استعباد الرعية واخفاء كل ماجاء حول مقاومة الحاكم وتحديد صلاحياته معتمدا في هذا الفرز المخل على رجال الدين والفقهاء ومن هنا استحدث العارفون مصطلح الفقهاء الترزية " اي الذين يفصلون الشرع والنصوص لتخدم الحاكم ايما خدمة على حساب الرعية البلهاء ولذلك لم نرى في ارثنا السياسي القديم مصطلح الشعب حتى لا تعطى هوية مستقلة لهذه الرعية نافثين في وعيها يأنها لن تقوم لها قائمة الا بهذا الراعي عادلا او جائرا باعتباره قدرها المستحق كما كل الاقدار ومن علامة الايمان ان ترضى بالقضاء والقدر خيره وشره فيصبح بعد ذلك شر الحاكم قدر لابد من الرضا به حتى تتدخل العناية الالهية بمن يقتله او يأتيه الموت بغتة وهذا هو ما تتركز في مطلبه الامة كلها بالدعاء والنحيب فهل انتفت الان هذه الثقافة بالطبع لا فهي تحتاج الى عشرات السنين من الممارسة الصحيحة لتغيير هذه الثقافة , اليست مجموعات آسفين ياريس هي تعبير عن حضور هذه الثقافة وبقائها حية ترزق حتى الان , اليس الرضا الشعبي للتسلط الاخواني دليلا على حضور هذه الثقافة اذن فما الحل هل نتخلى عن الديمقراطية الدخيلة على ثقافتنا والاستجابة لكل من يجرمها باعتبارها كفرا وفسوقا ومخالفة شرعية لمنهج الله كما يصورها بعض الشيوخ ونرتضي بالعبودية تحت الانظمة العسكرية والدينية والفوضية بالطبع ليس منطقيا ان اكون داعية لهذا ولكنني متمسك بالديمقراطية وارى انها ملاذنا للخلاص من تاريخ ممتد في الازمنة العربية والذي كان سمته انه تاريخ الحكام ولم تكن الشعوب العربية والاسلامية سوى هذه الملايين من القردة فهل آن لنا الارتقاء الى مرتبة الانسان وادارة جغرافيتنا وتاريخنا بأنفسنا لننضم الى قافلة الشعوب الحاكمة لمصائرها ولكن يبدو ان هذا التحول يبدو مستحيلا بسبب هيمنة الماضي وقداسته وقدرته التي مازالت حية على تجريم المستقبل وتكفير كل من لوّح له اشتياقا وفي اطار هذه المذبحة تم تكفير نجيب محفوظ وفرج فودة على سبيل المثال حتى ان رجال هذا الماضي السحيق قد كفروا البرادعي باعتباره خارجا على السلطان او الحاكم ثم تم تكفير ثوار 25 يناير وحتى عندما تراجعوا بعد انتصار الثورة لم يراجعوا مناهجهم بل كفروا من قال لا للاستفتاء على التعديلات الدستورية ثم ارتفعت اصواتهم بقوة في ضرورة هدم الاثار المصرية وتصنيف حضارة مصر بأنها حضارة عفنة وما زال في جعبتهم الكثير من فتاوى التكفير يلاحقون بها كل من حاد عن طرائقهم وممارساتهم قيد انملة وهم يستنصرون بالعامة وبميراث الجهل والجهالة فأي ديمقراطية في هذا المناخ يمكن ان نحلم بتمكينها في مصر او في اي بلد عربي , اخلص الى ان تطبيق مثل هذه الديمقراطية التي تتطلب وعيا شعبيا وثقافة تدعم الحريات للجميع وتتساوى فيها الحقوق وتؤكد مبادئ المواطنة لهو حلم مستحيل , وما وجدت الى هذا الحلم من سبيل سوى هذه الطريقة المسماة بالكوتة الاجتماعية للأخذ بيد الاقليات والمرأة والطوائف وذلك بدراسة مكونات المجتمع المصري دراسة دقيقة لمكوناته الإجتماعية ثم تحدد الكوتة كحق للمرأة للطائفة للأقليات ولأي جماعة مهمشة الخ نمثل لهذه المسألة بانتخابات مجلس الشعب مثلا بأن نفترض حق الاقباط ان يكون نصيبهم في المجلس ممثلا بنسبة عشرين في المئة مثلا فتدار العملية الانتتخابية بينهم لاختيار نسبة الممثلين لهم في البرلمان وكذلك بالنسبة للمرأة وعلى هذا المنوال حسب ما نتج من الدراسة التي اشرنا اليها منذ قليل , وبالتالي ستمثل جميع الفئات في كل المجالات بالتوازي مع نشر ثقافة جديدة عن الحق في المشاركة اعتماد على مبدأ المواطنة ومن عيوب هذه الطريقة ان البعض قد يرى فيها انها تعمل على اشاعة الاستقطاب في المجتمع ولكنني ارى ان ثقافة المشاركة ستجعل من هذا الوضع وضعا طبيعيا اخذا بمبدأ ان تدعيم الفئات والاقليات التي كانت تدهسها الاغلبية لهوحق لهذه الفئات ولهذه الاقليات في المشاركة الكاملة مع نشر واشاعة الوعي اللازم لتدعيم هذا الحق وعندما تنتفي ثقافة الاقصاء يمكن للمجتمع ان يعود الى تطبيق العملية الانتخابية كما يحدث في الغرب والشرق وما كانت هذه الطريقة المسماة بالكوتة الاجتماعية الا نوع من حماية الاقليات والفئات المهمشة وما هي الا فترة انتقالية تؤهل المجتمع وتدخله الى مناخ الممارسة الديمقراطية متسلحا بوعي معاصر وثقافة جديدة تجعله اهلا ومستحقا لأن ينتسب لقيم الحاضر واستشراف المستقبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية تدين اعتداء إسرائيليين على مقر -الأونروا- بالقدس


.. خالد أبوبكر: أمريكا وأوربا تجابه أي تحرك بالأمم المتحدة لدعم




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأمم المتحدة تشدد على ضرورة إدخا


.. سفير إسرائيل بالأمم المتحدة: قرار واشنطن وقف بعض شحنات الأسل




.. بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد