الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان والعسكر أي دستور سيكتبون وأي دستور سيكبتون ؟!

أحمد محمد شهاب الدين

2012 / 3 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لكل أمة مقدسات إذا انتهكت فقدت الأمة شرعيتها وهويتها بل تصل أحيانا إلى إنسانيتها، وقياسا على قول الرسول – ص - عن إبراهيم عليه السلام أنه أمة وحده، ويقول الإمام علي بن أبي طالب وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر، ففي حياة كل فرد أمته الصغيرة التي هي نفسه، مقدسات إذا تم انتهاكها خسر نفسه، إنسانية وآدميته وهويته ومبرر وجوده على هذه الأرض.
هناك مقدسات تتشارك فيها كل الأمم، بحكم انتمائهم إلى الجنس البشري الذي نفخ الله فيه من روحه، فشعر وفكر وتخيل وأبدع، أول مقدس يتشارك فيها الأمم بمختلف انتمائاتهم الثقافية والعرقية هي الحرية، وكما يقول عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" وفي القرآن نجد الله عز وجل ترك إبليس حرا يغوي عباد الله إلى الشر ويدفعهم إلى الرذيلة، حتى يوم الدين، وأكد في غيرما آية على قيمة الحرية "لا إكراه في الدين" ويقول تعالى " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وقال تعالى "لكم دينكم ولي دين" وفي الدعوة إلى الدين لم يلمح أو يوحي باستخدام أي درجة من درجات العنف اللفظي أو البدني " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، وهذه الحرية من مقدسات الفرد الإنسان أيضا ولقد حدثتني امرأة لاتترك فرض إلا وصلته محجبة وملتزمة قالت بعد أن قرأت أحد مقالاتي إني أتمنى أن أكشف شعري واكفر ! سألتها متعجبا لماذا؟ قالت إني أشعر أني مجبرة على أن أكون مسلمة ومحجبة أريد أن يكون ديني أنا الذي أختاره بلاضغوط من المجتمع أو الأهل أو الأصدقاء، وقالت لي أنها ستخوض حربا طويلة لتحصل على أبسط حقوقها الحرية بل المقدس الأول في حياة الإنسان، الحرية ولست في حاجة أن أقول إن الحرية ليست الدعارة والكفر والعبث ولكن حرية أن تكون ماتريد أنت بصدقك مع نفسك وعقلك ومشاعرك لا مايريده لك الإخوان والعسكر .
ومن قبيل ذلك المقدس هي تلك القيم التي تتغذى على مشاعر الإنسان "النبيلة" مثل الكرامة والعدالة الإجتماعية والقضائية تلك القيم التي لا يختلف عليها اثنان ولا تتناحر أمتان في مدحها والتزلف إليها حثت عليها كل الأديان والأيديولوجيات، والقرآن يقول "ولقد كرمنا بني آدم" وفي الإنجيل نقرأ أن الله خلق آدم على صورته، وتواردت أحاديث في البخاري تقول نفس المعنى الذي تقبله المسلمون بقبول حسن.
وفي العدالة سواء في القضاء أو الرزق فالآيات والأحاديث كثيرة، إلى الدرجة التي حرم القرآن فيها الظلم حتى لو كان صاحبه مجبرا " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" وإلى الدرجة التي جعل محمد –ص- الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان ظالم، وفي القضاء يقول الرسول - ص – "إنما أهلك من كان قبلكم أنه لو سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإن سرق الشريف تركوه وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
أمام هذه المقدسات لا تحدثني عن حرمة الدخول إلى المواقع الإباحية، والفتيات الثائرات ينتهك عرضها وفي وضح النهار وأمام أعين السماء والكاميرات، لا تحدثني عن فرض الحجاب والشباب يقتلون بالعشرات والنساء تنتهك أجسادهم في السجون العسكرية وتحت مجلس الوزراء والأقباط تدهس عليهم الدبابات الإسرائيلية عفوا أقصد المصرية، لا تحدثني عن شرع الله – قطع اليد والرجم والجلد – والأمريكي يخترق العسكر والإخوان القضاء ولا تحترم كلمته من أجل عيونه الزرقاء، القضاء الذي لا يقف أمامه العسكري ببيادته وكابه ونجومه وأقماره مثل الفتاة الصعيدية الثائرة.
ماذا حدث من بعد قيام الثورة إلى الآن ؟ وماهي المواقف التي اتخذها الإخوان والعسكر نحو هذه المقدسات؟ ما موقفهم نحو المحاكمات "الآمنة" لرموز النظام السابق، والمحاكمات العسكرية للذين ثاروا على النظام السابق ؟ ما موقفهم من سميرة إبراهيم المرأة التي تعرضت لاختبارات كشف العذرية، وحكمت المحكمة الإدارية لها وأدانت الطبيب العسكري الذي أجرى هذه الاختبارات؟ ما موقفهم من الفتيات اللاتي "عراهم" العسكر في مجلس الوزراء وقاموا بالعبث بأجسادهم؟ ما موقفهم من المرأة ذات الرداء الأزرق التي عراها "خير جنود الأرض" ا وضربوها في صورة بليغة لكل معاني الكفر والانحطاط الذي يمكن أن تنحدر إليه الإنسانية؟ ما موقفهم في العدالة القضائية التي تفرق بين الأمريكي والمصري، يسافر الأمريكان في طائرة عسكرية خاصة بحراسة "خير جنود الأرض" ويقبع المصريون الذين لا يحملون الجنسية الأمريكية خلف قضبان قضائنا المصري النزيه ؟! ما موقفهم من كل الدماء التي سالت من أول شهيد في الثورة إلى آخر شهيد في استاد بورسعيد والجناة يحتفلون بمهرجان البراءة للجميع؟ في الوقت الذي تعقد فيه المحاكمات العسكرية والمدنية للمنظمات الحقوقية – المصريون فقط- والثوار وتهم من قبيل قلب نظام الحكم؟

لقد صدعتنا أقلامهم وأيما صداع بعلياء المهدي التي صورت نفسها عارية في مدونتها الشخصية، صدعتنا أقلامهم وأيما صداع بالسياحة والحجاب والهوية الإسلامية التي يكرهها الليبراليون والمثقفون، لقد صدعتنا أقلامهم وأصواتهم وأيما صداع بالانتخابات التي صوت فيها الشعب – كما كتبت صحيفة الحرية والعدالة – للهوية الإسلامية، التي هي طبعا منع الاختلاط في الجامعات وفرض الحجاب – أو تشجيعه – في الحياة العامة، وتطبيق الشريعة "الإسلامية" – رجم وجلد وقطع يد وحد الحرابة – والقضاء على البنوك الربوية، هذه هي هوية المجلس الإخواني والسلفي وهذا مشروعهم – اقرؤوا مشروع أبو الفتوح بالمرة- وهذه هي المقدسات التي يدعون الحفاظ عليها مقدسات بعيدة جدا عن مقدسات الأمة، المقدسات التي إذا انتهكت فقدت الأمة شرعيتها وهويتها بل تصل أحيانا إلى إنسانيتها، الحرية والكرامة والعدالة القضائية والاجتماعية ومن أجل هذه المقدسات قامت الثورة ومن أجل الحفاظ عليها وصيانتها ستطيح بكل من يعبث بها.
بعد كل ما عايناه وعانيناه من الإخوان والسلفيين والعسكر نتساءل : أي شريعة "إسلامية " سيطبقون ؟ وهل يدعوننا حقا إلى الهوية الإسلامية أم يسوقوننا إلى الهاوية باسم الإسلام ؟ من حقنا أن نتساءل : الإخوان والعسكر ... أي دستور سيكتبون وأي دستور سيكبتون؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر


.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا




.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت


.. 108-Al-Baqarah




.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل