الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنثى في العصر الجاهلي .. قداسة وابتذال وقرابين

محيي المسعودي

2012 / 4 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



تشكل حقبة العصر الجاهلي حلقة مهمة جداً في التاريخ الانثربولوجي العربي ما بين العصر الاسلامي والعصور التي سبقته ولكن يبدو ان تلك الحقبة تعرضت للطمس والتدمير المتعمد بعد ظهور الاسلام لان معظم طقوسها وممارساتها تتنافى مع الدين الجديد الذي لابد له من القضاء على تلك الطقوس والممارسات لكي يحل محلها فيبّلغ رسالتة ويترسخ بين الناس ولكن مع كل تلك القوه التي تمتع بها الدين الاسلامي بقيت بعض العادات والطقوس لدى العرب وهي تحتمي بالصحراء حتى اعتبر الرسول ( ص ) المسلم الذي ( يتبدى ) كافراً : واستمرت بعض تلك الطقوس حتى مع العصور الاسلامية المتاخرة متخذة اشكالًا مختلفة .. ويشكل وجود الانثى بين العصرين ( الجاهلي والاسلامي ) علامة فارقة في التناقض ربما خفّ هذا التناقض قليلا قبل الاسلام . بفعل ظهورالديانات السماوية ( اليهودية والمسيحية ) تحديداً ووصولهما الجزيرة العربية ولكن التاقض ظلّ على اشدة وخاصة في العلاقة بين الرجل والمراة – اجتماعيا – دينيا – واذا كانت العرب تأد البنات في العصر الجاهلي المتأخر لاسباب اقتصادية واجتماعية فان هذا الطقس كان من قبل بمثابة القربان الذي يقدمة العربي للاله ( اد ) ابو الالهة وكبير الأرباب, الأله الذي عبدتة كل العرب ورمزت له بقرني ثور ( وهي علامة القمر الذي أصبح فيما بعد هلالاً ) والأنثى هنا تشكل ثنائية للخصب مع الأله –أد- رمز الرجل وان اتت بصيغة القربان .
كانت مكه قبل الاسلام مكانا مقدسا لدى العرب لانها تضم تماثيل الآلهة وتمارس فيها الطقوس الدينية فيقصدها العرب حجيجًا كل عام ويطوفوا حولها عراة بلا أي ثياب وبشكل دائري يمثل حركة الكواكب وتمثل الالهة – العُزى- قبلة المراة العقيم والعانس ويقول الالوسي عن هذا الاعتقاد ( كانت المراة اذا عسر عليها خاطب النكاح نشرت جانباً من شعرها وكحلت احدى عيناها مخالفة للشعر المنشور وحجلت على احدى رجليها – ويكون ذلك ليلاً – فتقول" ابغي النكاح قبل الصباح " وتعتبر العُزى الإله الأنثى عند العرب. وهي ربة الجنس والخصوبة ولها مكانه خاصة عندهم وبقي بعض العرب يعبدونها حتى القرن الخامس الهجري كما ذكر إسحاق الإنطاكي الذي عاش في بداية ذلك القرن.
لم يكن تمثال العزى يجسد امراة بعينها بل رمزاً للجسد الطافح بالشهوة والعنف والرقة والقسوة معا والتمثال يجسد امرأة عارية جميلة برزت مفاتنها واختفى وجهها وراء قناع والى جانب هذه الإلهة الأنثى كان هناك تجسيداً اخر ليس للأنثى كجسد وإنما للحظة الخصب, ويعد هذا التكوين من أشهر التماثيل التي كانت آنذاك في مكة ويمثل آساف ونائلة في لحظة جماع وفيه تبرز عبقرية الفنان العربي الذي استطاع تدوين لحظة انسانية بعينها لتكون بمثابة المضمون والشكل في آن واحد وفي ذروة ما يكون علية التوقد الجسدي والروحي ولكن هذا التمثال يثير التساؤلات لشدة تاثيره وتناقض الروايات حوله والطقوس التي كانت تؤدى له وهو بين روايتين الأولى تقول ان آساف ونائلة كانا عاشقين. وجاءا حاجين الى الكعبة وعندما كان يطوفان وجدا خلوه او غفلة من الناس فغلبها العشق فمارسا الحب داخل هذا المكان المقدس فمسخا صنمين وفي الصباح وجدهما الناس ولكن هذه الرواية تتعارض مع عبادة قريش وخزاعة والحجيج من العرب لهذا التمثال الثنائي. فكيف يكونا مخطئين فاجرين ويعاقبا بمسخهما, وفي نفس الوقت يعبدان وتقدم لهما القرابين بينما يظل فعلهما نفسه سبب التقديس.
وتقول رواية أخرى ان اساف كان في المكان نفسه بينما كانت نائلة في زمزم وقد قربتهم القبائل لتجسد ما حدث بينهما ذات يوم في البيت المقدس – أي المضاجعة- وتأكد هذه الرواية ما ذهب إلية بعض الباحثين والذي يقول بان العرب في العصر الجاهلي كانوا يمارسون الجنس في المعبد على عادة شعوب كثيرة وإذا عدنا الى الطقوس الجاهلية نجد العرب وكما ذكرنا – يخلعون ثيابهم ويطوفون حول البيت عراة ومن ثم يدخلون الى بيوت عادة ما تحمل علامات خاصة ومعروفة فتكون في المعبد او قريبة منه ..وهي بيوت " البغايا المقدسة " فيقومون فيها ردحا من الزمن وتواترت شهادات على ان وطأ الموماسات في العصر الجاهلي كان طقسا دينيا وثنيا مما يؤشر لنا ان العربي قبل الاسلام اعتبر جسد المراة اداة للذه والابداع ومصدر للجمال والخصوبة الى الحد الذي شعر معه بالقدسية والتحرر من القيود الثقافية الذاتية والجمعية وقد اوقعة هذا الشعور والممارسات في فوضى جنسية والاّ كيف ننظر الى تعدد الانكحة في العصر الجاهلي كالمضامدة والمخادنة ونكاح الصيزن ونكاح الشغار ونكاح البديل وكلها تقاليد من عصور سحيقة ابقاها العرب الى جانب الزواج المعروف آن ذاك في الجاهلية . وربما يعد نكح الاماء في الاسلام امتداداً لبعض هذه الانكحة وظلت علاقة المراة بالمكان المقدس ماثلة في العقل العربي حتى بعد الاسلام ومما يشير الى ذلك صراحة خروج شبان مكة والمدينة في العصور الاسلامية الاولى الى الكعبة في كل موسم حج للتعرض للنساء والتشبيب بهن كما كان يفعل الشاعر عمر بن ابي ربيعة والحارث بن خالد المخزومي وابو دهبلة الجمحي وغيرهم الكثير. انه امتداد لعادات وطقوس عربية جاهلية اعتادها العرب الذين وصلتهم هذه الطقوس من الحضارات المجاورة كالحضارة العراقية القديمة وربما كانت – الالهة – العزى تمثل عشتار.
ويطغى وجود الانثى في المعتقدات العربية الجاهلية فاذا نظرنا الى آلهتهم باختصار شديد نجدها تتمثل في عائلة صغيرة تتكون من ذكر وانثيين الذكر هو الاله - أد - الذي مثل القمر والانثى الالهة العزى التي تمثل كوكب الزهرة اضافة لالهة الخصب والنماء ورمز الام الكبرى ( الشمس ) ويقول مؤرخون ان المنذر ملك الحيرة كان يقدم اعداداً كبيرة من الاماء نذوراً وقرابيناً للالهة – العزى- مما يؤكد ان جسد المراة كان المكان الاسمى عند العربي في ممارسة الطقوس الدينية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكراً
yasmeena ( 2012 / 4 / 1 - 11:51 )
شكراً على المقال القيم. حبذا لو زودتنا بمراجعك التي تشير إليها أستاذي الكريم.

اخر الافلام

.. مسلسل-دكتور هو- يعود بعد ستين عاما في نسخة جديدة مع بطل روان


.. عالم مغربي يكشف الأسباب وراء حرمانه من تتويج مستحق بجائزة نو




.. مقابل وقف اجتياح رفح.. واشنطن تعرض تحديد -موقع قادة حماس-


.. الخروج من شمال غزة.. فلسطينيون يتحدثون عن -رحلة الرعب-




.. فرنسا.. سياسيون وناشطون بمسيرة ليلية تندد باستمرار الحرب على