الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث المسرحي في سرير بروكست

أبو الحسن سلام

2012 / 4 / 2
التربية والتعليم والبحث العلمي


في الأسطورة اليونانية القديمة ( سرير بروكرست) عندما يفد ضيف على بروكرست كان يدعوه للنوم على سريره فإذا اتضح له ان جسم الضيف أطول من السرير كان يقطع بسيفه جزء من ساقي الضيف ليتطابق طول جسم الضيف بعد قطع جزء من ساقيه مع طول السرير. أما في حالة قصر طول جسم الضيف عن طول السرير فكان يمط جسم الضيف بالقدر المطابق لطول السرير.
لقد تذكرت هذه الأسطورة وأنا ألاحظ تعامل أساتذة هذه الأيام في الجامعة يعب طالب الدراسات العليا نفسه في إعداد مشروع خطة بحثية في مجال تخصصه الذي تخرج منتميا إليه وبخاصة إذا كان التخصص تخصصا فنيا متعلقا بالإبداع المسرحي أو الموسيقي أو السينمائي - تنظيرا ا
أو تطبيقا في التمثيل أو في الإخراج أو في النقد- يبذل الطالب في إعداد الخطة التي يأمل ا
أن يتقدم بها للقسم الأكاديمي المختص بكلية ما بها قسم يدرس فنا كفن المسرح بعد ان يكون قد راجعها على خبرة احد أساتذته في فرع التخصص الذي تتوجه إليه خطة بحثه المقترحة بخاصة إذا كان الطالب قد درس على ذلك الأستاذ في ا
أثناء المرحلة الجامعية الأولى واعد رسالته للماجستير تحت إشراف الأستاذ نفسه .
ولما كان على الطالب أن يسلم عددا من نسخ خطته البحثية المقترحة لتعرض على مجلس يضم أعضاء هيئة التدريس بالقسم الأكاديمي المختص مع هيئة المساعدين من المدرسين المساعدين والمعيدين ومن يرغب من طلاب الدراسات العليا بالقسم اكتساب الخبرة في ذلك الشأن
أن فان الطالب يجلس مستعدا لسيمينار يعرض فيه خطته المقترحة أمام الهيئة المجتمعة لمناقشته في الخطة ؛حيث يطلب منه رئيس القسم عرض مشروع خطته عرضا شفهيا يكون موضع تساؤلات أعضاء المجلس العلمي أو من يشاء منهم أن يسأله . وعند الانتهاء من السيمينار يسال رئيس القسم الطالب مع من أساتذة التخصص الأكاديمي بالقسم راجعت خطتك المقترحة - على الرغم من أن اسم الأستاذ غالبا ما يكون مكتوبا على غلاف خطة الطالب - وهنا يصرف الطالب.
وعند انعقاد مجلس القسم العلمي نفسه في جلسته الشهرية المعتادة يقر مجلس القسم الخطة تحت إشراف الأستاذ الذي اختاره الطالب - أعمالا لحقه في جواز اختياره للأستاذ الذي يشرف عليه في مجال اختصاص مشروع خطته ؛ طبقا لنص المادة 8 من لائحة الدراسات العليا لطلاب نظام الساعات المعتمدة- ومن ثم تأخذ الخطة طريقها بعد توقيع الأستاذ المشرف عليها بالموافقة على الإشراف لتعرض على لجنة الدراسات العليا بالكلية لإجازتها قبل الرفع إلى لجنة الدراسات العليا بالجامعة التابع لها القسم العلمي .وهكذا يتم التسجيل بيسر ؛ بدون وجود حاجة لمثال يشبه أسطورة بروكرست !!
لكن هذا لا يحدث في مجال المسرح !! حيث يحرم الطالب من جواز اختيار موضوع البحث الذي يجد نفسه مؤهلا للسير فيه تأخيرا نفسيا وتأخيرا معرفيا وتأخيرا أكاديميا واجتهد في تحضير مادته البحثية بادئ ذي بدء ؛فرئيس القسم يضرب القانون واللائحة في عرض الحائط ويطبق قانونه الشخصي حيث الميل نحو ا
أستاذ والازورار عن أستاذ فيفرض على الطالب مقياس سرير بروكرست .. فعندما يتقدم الطالب بخطته الى سكرتيرة القسم تطالبه بتقديمها لرئيس القسم وعندما يقدمها لرئيس القسم تبدأ
أ
أ رحلة المعاناة في الصعود على سرير بروكرست بداية بسؤال متحفز ومخرج من رئيس او رئيسة القسم : " دي علشاني ؟! " وهنا يقع الطالب في الإحراج فلا يكون أمامه إلا أمر من اثنين .. أما أن يقول : " طبعا .. دا شرف كبير لي" وأما يقول بوعي يكشف عن شخصية واثقة معادة بنفسها:" بصفة حضرتك رئيس/رئيسة القسم" وهنا لا يكون له مكانة ولا نصيب في منامة بروكرست !! فالأصل عند رئيس/ رئيسة ذلك القسم -المفترض ان يكون قسما أكاديميا بحق- هو ألا يسجل طالب ما خطة تسجيل بحث للماجستير وللدكتوراه مع غيرها أو مع من تميل إليه من بعض الأعضاء المقربين .
على أن الأنكى من ذلك كله وقوع الطالب صاحب الخطة البحثية في خطيئة التصريح باختياره لأستاذه الذي اشرف عليه في ا
أطروحته السابقة للماجستير ؛فما ان نطق اسم أستاذه المتخصص في موضوع بحثه المقترح حتى ينفجر بركان غضب رئيس / رئيسة القسم في وجهه
توبيخا :" أنتوا عايزين اللى يكتب لكم .. الطالب ما يخترشي .. إحنا اللى نحدد له من يشرف عليه" ولان طالب الدراسات العليا غالبا ما يكون في سن معادل لسن رئيس/ رئيسة القسم ويكون - مصادفة- شاغلا لمركز اجتماعي أو وظيفي مميز أو مرموق ؛ وأراد استكمال دراسته العليا في التخصص الذي تأهل له ؛ لذلك يصدم بقرار رفعه على مقياس سرير بروكرست . غير أن جرأة الباحث الكامنة فيه تدفعه إلى التساؤل الذي هو حجر الزاوية بالنسبة للباحث الحقيقي فيكشف بأدب عن مذاكرته لحقوقه المنصوصة بالمادة (8) من لائحة الدراسات العليا بجامعته التي تجيز له اختيار المشرف على رسالته " ما أمكن ذلك " فيلكن برد رئيس / رئيسة القسم :" وذلك غير ممكن" ليتجرأ بتساؤل محمول على جناح استنكار مسكوت عنه : " كيف؟ وأستاذ التخصص موجود وموافق على الإشراف بعد مراجعته لخطة بحثي المقترحة ؛والعرف الجامعي يقضي بتواصل طالب الماجستير علميا مع أستاذه الذي اشرف على أطروحته تلك ليشرف علي أطروحته للدكتوراه " فيأتيه الرد لطمة قوية حادة له والأعراف واللوائح الجامعية : " الكلام ده مش عندنا !! "
على أن ( ما زاد الطين بله ) أن يكون الطالب نفسه مبتعثا من جامعة أو معهد من بلد عربي .. كمعهد الفنون المسرحية - مثلا- يتقدم بخطة بحث يقترحها ويراجعها على أستاذه الذي اشرف على أطروحته للماجستير ومنحه إياها ؛فيتلقفه أستاذ أو أستاذ مساعد آخر في تخصص مغاير لموضوع خطة بحث الطالب ؛ بزعم انه سيحل له المشكلة مع رئيس/ رئيسة القسم ؛ فإذا به يحرضه على إهمال خطة بحثه المقترحة للتسجيل للدكتوراه ويخطط له بيده خطة جديدة تدخل في تخصص النقد بينما تكون وجهة تخصص الطالب هي الإخراج المسرحي أو التليفزيوني .. وهكذا يتحول المنقذ الافتراضي من منقذ أكاديمي إلى منقض أكاديمى لديه سرير بروكرست خالية يعرضه على الطالب فإذا وجد رغبة الطالب أطول من قالب السرير قص من رغبته وإذا وجد رغبته اقل من سريره مط في الخطة المقترحة للطالب لتطابق مقاس الخطة/السرير.
وهكذا تحول طالب الدراسة العليا إلى ضيف على سرير خليفة اله الحدادة اليوناني.( بروكرست) ومن ثم يتوجب أن يكون مقاس خطته البحثية على مقاس تخصص رئيسة / القسم أو احد الأساتذة أو الأساتذة المساعدين المرضي عنه من ذلك الرئيس .. فلئن تجاوزت خطته مقاس سرير تخصصها وجب قص ساقي الخطة ولئن قصرت خطته عن سرير تخصصها مطتها حتى تناسب سرير تخصصها ز هذا ما يحدث فعليا في بعض الأقسام العلمية بالجامعة تحت عين الإدارة وبصرها ؛ ويتباكون على ترتيب جامعاتنا الأدنى قياسا على ترتيب جامعات إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا