الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لابد من مفهوم جديد للتعددية الثقافية..!!

واصف شنون

2012 / 4 / 4
المجتمع المدني


عاد ابني، 12 عاما ،في الصف السابع - من المدرسة ،سألته السؤال العادي :كيف كان يومك الدراسي وماذا درستم اليوم ؟؟، أجاب بهدوء واسترخاء :- شاهدنا فيديوهات علمية مع شرح للمدرس عن الإنفجار الكوني والمجموعة الشمسية وكيفية تكون كوكبنا الأرض وولادة القمر وباقي الكواكب السيّارة..!!، ثم أضاف مستدركاً مع إبتسامة بريئة ،لكن إحدى الطالبات إحتجت على المدرس والفيديوهات وقالت بغضب كل هذه الأفلام والمصورات عبارة عن أكاذيب وديانتي لاتقرّها وترفضها ،فقال لها المدرس يمكنك ترك الدرس إذا شئتِ ،أجابت: لا لن أترك الصفّ لكني أريد أن أدير مقعدي وأنظر الى الحائط بدلاً عن رؤية وسماع هذا الكفّر ..!! فسمح لها المدرس بأن تفعل ما تريدحتى إنقضاء الدرس،وهي تعطي الجميع ظهرها في مواجهة الحائط الخلفي في مقعد خلفي ...!!!،ضحكت بدوري وتأسفت ، فقد درست أنا شخصياً بعضاً من هذه المعلومات قبل ثلاثة عقود واكثر في العراق دون أن يحتج أحداً من زملائي على ذلك ،وبعد كل هذا التطور البشري في العلوم والتكنلوجيا وفي كافة المجالات وفي استراليا هناك مَنّ ُيربي أبناءه على رفض العلوم من أجل الإيمان الروحي،وفي استراليا هذا حق مكفول بالطبع وفقاً لسياسة التعددية الثقافية التي تسمح وتشجع كافة المواطنين الأستراليين في الحفاظ على خلفياتهم الثقافية وشعائرهم وطقوسهم الدينية والروحية ،لكن بعض الفئات تختصر مصطلح التعددية الثقافية بالحرية الدينية فقط ،علماً ان حرية العبادة مكفولة في جميع البلدان الديمقراطية الحرّة التي تعتمد دساتير مدنية تعتمد شرعة حقوق الإنسان كاملة بلا تورية ولا تعتيم ولالبس ولا التواء ولا غموض واساسها المواطنة دون تفريق بين بني البشر ،ولأن استراليا بلد ديمقراطي رائد ونموذجي فأن تلك الفتاة الصغيرة تعرف حقوقها جيداً لذلك مارستها أمام زملائها التلامذة ومدرسها أستاذ العلوم ،لكن لنتمعن قليلاَ في الأمر ،ماذا سوف تتخذ تلك الفتاة من مواقف عبر مراحلها الدراسية القادمة، فأمامها سنوات طوال من الإحتكاك والكشوفات والتجارب ، فاذا هي الأن ما زالت صغيرة وزملاءها صغار مثلها فبعد أعوام سوف يختلف الأمر تماماً ، سوف تواجه تحديات وربما سخرية وهزء من الكثيرين ،وهذا السبب أدى الى ترك العديد من مثيلاتها وأمثالها مقاعد الدراسة والعلم مبكرا ،حيث تلجأ للزواج المبكر المنظم من قبل الأهل ،فتصبح زوجة وأم وهي شابة لم تتجاوز العشرين ،ولعل الجميع على علم بالمخاطر التي تترتب جراء بعض الزواجات(القسرية – المنظمة ) التي تفشل في مراحلها الأولى .

وقبل يومين نشرت وسائل الإعلام الأسترالية خبراً مفاده ان الحكومة الأسترالية تنوي تشريع قانون تمنع بموجبه ما يسمى بالزواج المنظم (Arranged marriage) أو ما يسمى عند بعض المجتمعات زواج الأهل – الأقارب او المصالح ..الخ والذي يتم فيه الزواج دون موافقة (الزوجين ) غالباً وخاصة (البنات الصغيرات )..والسبب هو الأضرار الإجتماعية والنفسية التي يسببها والتي لاتنتهي في الحاضر الراهن بل تمتد الى المستقبل والأجيال المشوهة التي ينتجها مما يعرض المجتمع الأسترالي الواسع والحكومة الى مشاكل في غنى عنها ...وقد عارضت فئات محددة مشروع القانون ...كالعادة ..بحجج الحريات المدنية وحقوق الإنسان والتعددية الثقافية ..!!!

وهنا لابد من إعادة تعريف لمفهوم ( التعددية الثقافية ) وفقاً لشرعة حقوق الإنسان التي يضمنها الدستور الأسترالي بحذافيرها ، فليس كل عادة متخلفة أو تقليد بالٍ أوطقس روحي بدائي هو (ثقافة وإيمان روحي ) يمكن الإحتفاظ بهما وممارستهما بحجة التعددية الثقافية الذي يصونها الدستور ، فهناك الكثير من الممارسات تتنافى وحقوق المرأة والطفل والحيوان والبيئة ...!!بل ممارسات تتحدى المفهوم الواسع للحريات ،والتي تركنا بلداننا وأهلنا من أجلها ..!!انها وجهة نظر ليس إلا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المعلم ثم المناهج
سلام سمير ( 2012 / 4 / 4 - 06:58 )
استاذي العزيز اعجبني تصرف معلم الصف واسلبه الحضاري والتعليمي في معالجة موضوع الطالبة وهذا بالتأكيد لم يأتي من فراغ بل من دراسة صحيحة للمعلم في المعاهد والكليات التي ساهمت في تخريج مثل هذه النماذج وللمقارتة مع ماهو عليه اساتذتنا قبل ايام التقيت بأحد طلبة احدى الكليات العلمية وتحدث لي عن فائدة مسح الرأس عند الوضوء كما شرحها لهم الاستاذ في المحاضرة وهي تزيد نسبة الذكاء وهذه نتاج بحوث علمية وقد أيدته بأزتهزاء وقلت له متشوف جوائز نوبل كلها للمسلمين 0استاذ الظاهر مصيبتنا كبيرة مع شكري وتقديري


2 - واصف الحبيب
نيسان عيساوي ( 2012 / 4 / 18 - 04:49 )
تحية اكبار لواصف شنون
بفضل الديمقارطية هذه او لأقل بسببها فان هذه الفتاة ستتخذ في المستقبل مواقف مماثلة في قضايا اكبر من هذه القضية دفاعا عن –ايمانها- وستنتصر فيها وتحصل على ماتريده وبكل تأكيد وهذا بفضل او بالاصح بسبب الديمقراطية. هذه الفتاة بالاشتراك مع غيرها سيكملون مابدأه غيرها من –استغلال- الديمقراطية ومبدأ التعددية الثقافية لتغيير العديد من العادات والممارسات والبديهيات في هذا البلد ولانبثاق قوانين او مفاهيم جديدة تناسب –ايمان- هذه الفئة. ابدأ بمثال بسيط جدا: يسألونك في محل ما عندنا سندويتش لحم حلال هل تريد؟ الاجابة لو كانت: كلا، فان هذا يعني انك ستأكل لحم حرام. هل تلاحظ؟! مثال اخر: حين تسمع للاذاعة الاسلامية ستسمع: نحن نؤمن بإله واحد وليس كما البعض يشركون ويدعون بان له ولد والعياذ بالله. لاحظ معي كم هو التهجم والحث على التفرقة والكره وكله بفضل الديمقراطية والتعددية الثقافية.
لك محبتي واحترامي

اخر الافلام

.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان


.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو




.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ


.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا




.. فوضى عارمة في شوارع تل أبيب بسبب احتجاجات أهالي الأسرى