الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إسرائيلُ الشيعةِ هُم السِنّه..وإسرائيلُ ألسِنّةِ هُم ألشيعَه
محمد صادق
2012 / 4 / 5العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أتذكّرُ جيدا عندما تَفَتَحَت عيوني , ورأيت نفسي أعيش بين اُناس أشعر إنّهم إخوَتي وأشعرُ انني مع محيطي الطبيعي ومع عائلتي , حيث كانت الإنسانية لا زالت في برائتها , و كان الصراخ من على المنابرِ لازال هادئاّ, أدركت واقعي الحقيقي وأنا طفل بعمر تجاوز الست سنوات عندما كنت ولأول مرة طالباً في بداية المرحلة الإبتدائية , كان إحساسي هو إنني جزء حيوي من جسد المحيط الذي أعيشه , كنت أنا الكردي وأعيش بين العرب في مدينتي العريقة ومدينتي الرومانسية مدينة الموصل , التي وُلِدتُ فيها, كان التلاحم بأبهى صوره , كان الفرق بيننا يكاد ينعدمُ , وبعدها علِمتُ إنّ أبي وعائلتي كانت قد هربت من هول الصراعِ بين الشيوخ والكادحين من قريتهِ , ساعدهم ذلك عدم التوازن وكثرة المشاكل بين زوجة جدّي الثانية ووالدتي اللتانِ كانتا في صراع دائمٍ , وأعتقد هذا كان السبب الرئيسي للهجرة, والدتي هربت من الظلمِ التي كانت تشعر بها من زوجة جدّي الثانية , ووالدي هرب من سطوة الصراع بين المالك والمملوكِ , بين الشيخ والكادح , حيث كانت الشيوعية والقومية في أوجِّها وكانت تُتَوٍجُ مفاهيم التحرر آنذاك وحسب مفاهيم ذلك الزمان .
بالنسبة لي كطفل قي بداياته إندمجت مع واقعي الجديد , لأنني لم أكن أدري بعد إنني غريبٌ على هذا الواقع , ولم أحس أبدا بالغربة بين من أعيش , لازلت أتذكر النصف الثاني من ستينات القرن الماضي , أتذكر جيدا عندما كنا نتبرعُ جميعنا سواسية لفدائيي فلسطين , أتذكر يوم كانت يوميتي عشرة فلوس , وكيف كنتُ ببراءة اتبرعها بشراءِ طابع من أجل المقاومة الفلسطينية وأنا أشعر بالجوع كما كنت أشعر بالفخر ,
كانت تجمعنا القضية الفلسطينية والشعارات الرنانة ونحن صغار وأطفال , لأن الإسلام كان طبيعيا وحقيقياً وكان معنى الإسلام هو التواصل المستمر بين الله وعبده كما كنت أفهم ذلك الوقت وليس كما الآن .
لاأتذكر إنّ أحدا قال لي أنت كرديٌ , ولاأتذّكر انني سمعت إننا كرد وغيرنا عرب , سنةٌ وشيعة , أو حتى مسيحيين أو يزيديين , لااتذكر ذالك أبداً.
للأمانة فقط أتذكر الآن عندما سيطر الفكر القومي والبعثي على السلطة في نهاية الستينات , كان بعض اولاد الأئمة المسلمين في محلتنا ينعتوننا بكلام بذيء , وكانوا يقولون لنا ( كردي كردي حه مه قه حه مه قه بالبغنيي) وكانوا يتممون مقولتهم بكلام أخر لكنني مع الأسف قد نسيتهُ ومعناه أننا الكرد حمقى , وعلامة على التصغير والتقليل والتذليل .
ومما أتذكرهُ من ذلك الزمن أيضاً , عندما كنت طالبا في الصف الثالث الإبتدائي عام 1969 والبعث في بداية حُكمهِ , سلّط الحظُ السيْ مُعَلٍماً بعثيا علينا لمادة القراءة واللغة العربية , من زميلي عرفت ان المعلم الجديد هو بعثي , ولم أكن أعرف ما معنى البعثية او الشيوعية او القومية , لكنني إفتَهَمتُ من زميلي أن البعثيين شواربهم طويلة ونهايتيهما متدليتان قليلا أدنى الشفتين .
في يومٍ من الأيام ونحن ندخل الصف بعد إنتهاء الفرصة , وإذا التلاميذ يُلَوِحون الى السبورة ( لوحة خشبية سوداء كبيرة مُعَلّقة في الحائط تستخدم للكتابة عليها بالطباشير الأبيض لغرض التّعلُم)
وقد كُتِبَ عليها عبارة ( البعثُ حِمارُنا ) مِنْ قِبَلِ مجهول , وألى ألآن لاأعرف من كتبها, وفي هذه الأثناء دخل المعلم البعثي الى الصف ورأى ما كُتِبَ على السبورةِ , وإذا به يَتَعَصّب ويثور ويسأل من هو الحمار الذي كتب هذه العبارة ؟ لم يأتيه الرد من أي طالب , فقط لانعلم يا أُستاذ, وبعدها طلب من احدنا لنمسح هذه العبارة , وحينها عرفت من زميلي ذوالتربية الشيوعية , إن البعث إستلبَ السلطة في العراق وهو الذي يحكمنا لكن الشعب العراقي لا يقبل ولايريدهم , نسيتُ الموضوع لأنه كان أكبر من طاقتي وفكري آنذاك , في الأمتحانات الشفهية لنهاية السنة جاء دوري لكي أمتحن , بعد جلوسي على الرحلة , بدأ المعلم البعثي يطلب مني قراءة الكتاب ألذي أمامي , قرأت وبلسان فصيح دون أخطاء عدة عباراتِ كان يطلبُ مني قراءتها ويسألني عن الكلمات ومعانيها , وقد أجبتُ على كلها دون ان أخطأ , من كثرة أسئلتهِ شعرتُ قليلاّ بعصبيته وأستهزاءهِ بي , ثم قال لي إطْلَع بَرّه ( أي اُخرجْ من الأمتحان ) , وأنا أخرج وهو خلفي وإذا بضربة غير متوقعةٍ قوية قاسية جدا من رجله على أسفل ظهري , على أثرها ارتفع جسمي كله عن الأرض وارتطمت بقوة على الأرض , وأنا أبكي من شدة الألم قلتُ له ماذا فعلتُ انا ياأستاذ ؟ صرخ في وجهي بشدة أُطْلَع بَرّه يا كلب , تألَمت كثيرا وبَكَيتُ كثيرا , ولحد الآن أتَذَكّر ألَمَ تلك الضربةِ القاسية , ولكن المصادفة الغريبة كانت عندما إستلمتُ نتائج الأمتحان ظهر انه قد منحني 10 على 10 في هذا الدرس وكنت الثاني على صفي , وعندما كبرت علِمتُ إنه كان يشتبه بي لأنني كردي وأنا الذي كتبتُ العبارة ( البعث حمارنا ) على السبورةِ . وأنا لم أكتبها.
وعندها عرفت إن الدنيا ليست هي بتلك الرومانسية التي إعتَدتُ عليها , وبدأ الخطاب القومي العنصري وبدأت الحناجر تصرخ عالياّ وبدأت معها المتاجرة بقضية الإنسان وبقضية فلسطين , وتأكدت عند ذاك إنني غريب عن المحيط الذي أعيشه وهم الذين قالوا لي انت كردي ونحن عرب وبدأت المأساة عندي , وبدأت مأساة الإنسانية في هذه الرقعة الجغرافية الأخوية , وإنكشفت حدودنا , وإنكشفت عوراتنا , وإنكشف العداء المزمن بيننا .
وحينها عرفت إننا لسنا إخوة , إننا غرباء عن بعضنا , وإننا أعداء جمعتنا الصدفة ومَقّص التراث والتعليمات الدينية , وخيانة شيوخنا وصراخ الأئمّة وأكتشفت الحقيقة المرة , إننا مُحتلون من قبل أفكار جيراننا . ولازلنا عبيداّ في انظارهم وأفكارهم المريضة.
وتبين لي إن أسرائيل واليهود والكفار لم يحتلوا أرضي , انما الذين أحتلوا أرضي وعقلي وذبحوا الإنسانية هم جيراني بكتاب رسمي من السماء , وبأمر من الجهات العليا من السماء, لَيْتَهُمْ أخذوا كل أرضي ومملكتي وأموالي وفكّوا أسْرَ عقلي.
وكلما كَبِرتُ في السّنِّ كلما إكتشفت زيف الجيران , حتى تبين لي إنهم متفرقين الى عدة طوائف ومِللٍ , واكبر الأخوين المُزَيَفَيْن في هذا الطيفِ هم السنة والشيعة وهم دوما مختلِفَينِ في الأفكار ومتعطشبن لدماء بعضهم للآخر, وكلما إزداد صراخ المتدينين من الطرفين , كلما إزداد الشرخ بينهم , وظهرت عيوب أكبر , وسال دمٌ أكثر, وظهرت روائح كريهة أقوى وتأكّد لي كما إننّا الكرد مُحتّلين من ٌِقِيَلِهِم , فإن السماء مثلنا أسيرةٌ من قِبَلِهِم, وعندما تتحرر السماء سوف نتحرر نحن الكرد .
كُنّا في الستينات حسب عمري آنذاك متوحدّين , ولافرق بين عربي وأعجمي إلّا بالإنسانية , وعدونا واحد ,ومستقبلنا ومصيرنا مشترك , ولكننا الآن وبعد خمسين سنة ترانا متفرقين , وعلى شفا حفرة من النار بيننا وكل منّا عدو الآخر , وأسرائيل الكرد هم العرب والترك والفرس , وإسرائيل السنة هم الشيعة , وإسرائيل الشيعة هم السنة , وإسرائيل التي كانت عدونا المشترك تعيش بأمان وتبني مستوطناتها بكل هدوء , ولكن لاتنسوا إنّ أئِمتنا يصرخون بصوت أعلى من على المنابرِ , وكما تَفَرّقَ بيت الإسلام , تَفَرّقَ بيتُ والدي وجدّي وَتَفَرّقَ بّيتُنا ........ ولكن مادام إيماننا كامل , لاينقصنا شيء والحمد والثناء للعقل إنْ وِجِدْ .....
عَيبٌ على المسلمين أنْ هكذا يَعيشوا ...... الى أحلام الجنسِ والخمرِ والخُلدِ يَمشوا
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - بل نحن اخوة شاء من شاء وابى من ابى
بشارة خليل قـ
(
2012 / 4 / 6 - 05:34
)
استاذ محمد المحترم: حضرتك تتكلم بلسان حالي هكذا انا وعيت على دنيا ما زالت بخير ولم يكن الدين المختلف سبب في حرج او تصادم الى ان اتى صديق لي وزميل بالمدرسة يتهكم على اخيه كيف يجود لفظ قمر, كان هذا في منتصف السبعينات ومنذ ذلك الوقت بدأت مظاهر التنافر والطائفية تغزو الوجدان الغض, عرفت فيما بعد ان الذي يجري يسمونه صحوة اسلامية التي كانت من منظوري تبدو بوضوح عودة طائفية وصحوة عنصرية زادت من لهيبها الحرب في لبنان ذات الطابع الفئوي
تحياتي
2 - السيد بشارة خليل
محمد صادق
(
2012 / 4 / 7 - 00:02
)
بحور الدم التي سالت منذ قرون , وتسيل الآن , وستسيل مستقبلا , لا تبشر بخير ولاتبرهن أننا أخوة , إننا إخوة فقط إذا إلتزمنا بتعليمات جيراننا ودفعنا الجزية ونحن صاغرون
3 - أخي محمد
بشارة خليل قـ
(
2012 / 4 / 7 - 04:23
)
اذهلتني بجوابك
لا اعرف مأذا اقول غير انه معلق على الخشبة قال:يا ابتي لا تقم لهم خطية فهم لا يعلمون ماذا يفعلون..برحمة الرب انه في هذا الزمان يدعو اناس كثيرين اليه وكثيرون يخلصون
ربما الحياة ما هي الا رمشة عين مقارنة بالحياة الابدية
ارجو لك كل خير
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال